يكشف بحث جديد كيف أن أمراض اللثة قد تؤدي إلى تفاقم الالتهاب في أماكن أخرى من الجسم.
و من ناحية أخرى تساعد النتائج في تفسير الارتباط بين أمراض اللثة و العديد من الحالات الأخرى التي تنطوي على التهاب مفرط.
ففي أمراض اللثة gum disease، أو التهاب دواعم السن ، تثير البكتيريا الموجودة في لوحة الأسنان هجوماً من قبل جهاز المناعة.
و يؤدي هذا إلى حدوث التهاب يؤدي بمرور الوقت إلى تآكل الأنسجة الرخوة و العظام الداعمة للأسنان.
وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC the Centers for Disease Control and Prevention) ، يعاني ما يقرب من نصف البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 30 عاماً في الولايات المتحدة (على سبيل المثال) من أمراض اللثة.
و تشير الأبحاث إلى أنه يساهم في مجموعة واسعة من الحالات الأخرى التي يلعب فيها الالتهاب المزمن chronic inflammation دوراً.
و تشمل القائمة الطويلة التهاب المفاصل و أمراض القلب و السكري و السرطان و أمراض الجهاز التنفسي و الخرف.
و مع ذلك ، فإن آلية ربط هذه الحالات بأمراض اللثة كانت غير واضحة حتى الآن.
الخبر المهم أن التجارب التي أجراها باحثون في كلية طب الأسنان في جامعة تورنتو بكندا، كشفت أن أمراض اللثة تهيئ خلايا الدم التي تسمى العدلات ، و التي بدورها تبالغ في رد الفعل اتجاه العدوى في أماكن أخرى من الجسم.
و تُطلق النيتروفيل أو العدلات Neutrophils ، و هي جزء من الدفاعات المناعية الفطرية للجسم ، تطلق جزيئات إشارات تسمى السيتوكينات cytokines التي تؤدي إلى تفاقم الالتهاب.
(العدلات هي نوع من خلايا الدم البيضاء. و في الواقع ، معظم خلايا الدم البيضاء التي تقود استجابة الجهاز المناعي هي العدلات.
و من ناحية أخرى هناك أربعة أنواع أخرى من خلايا الدم البيضاء. إذ تعتبر العدلات هي النوع الأكثر وفرة ، و تشكل 55 إلى 70 بالمائة من خلايا الدم البيضاء).
يقول كبير مؤلفي الدراسة ، البروفيسور مايكل جلوجوير Michael Glogauer:
"يبدو الأمر كما لو أن خلايا الدم البيضاء هذه في المرحلة الثانية عندما يجب أن تكون في المرتبة الأولى" ،
و يضيف جلوجوير: "إن [العدلات] هي أكثر عرضة لإطلاق السيتوكينات بسرعة أكبر ، مما يؤدي إلى نتائج سلبية."
و للعلم تظهر نتائج البحث الجديد في مجلة أبحاث طب الأسنان Journal of Dental Research.
الاستجابة المناعية الجهازية
عندما تسبب الباحثون في أمراض دواعم الأسنان في الفئران ، أدى ذلك إلى تكاثر العدلات في نخاع عظام الحيوانات ، مما يشير إلى استجابة مناعية واسعة النطاق أو "جهازية".
و على النقيض من ذلك ، فإن الفئران المصابة بالتهاب الصفاق peritonitis - وهي عدوى في الصفاق ، الغشاء المبطن للبطن - لديها أعداد متزايدة من العدلات في دمائها بالقرب من موقع الإصابة.
و مع ذلك ، فإن الفئران التي أصيبت بالفعل بأمراض اللثة عندما أصيبت بالتهاب الصفاق كان لديها عدد أكبر بكثير من العدلات في موقع الإصابة.
كذلك و بعد إجراء مزيد من التحقيقات ، وجد الباحثون أن العدلات من الحيوانات المصابة بأمراض اللثة و التهاب الصفاق لها علامات جزيئية في أغشيتها الخارجية تشير إلى أنها "مهيأة" لتسبب الالتهاب.
و مع ذلك ، فإن الفئران المصابة بالتهاب الصفاق، و لكن ليس بها أمراض اللثة لم يكن لديها العدلات معدة بنفس الطريقة.
لتحديد ما إذا كانت هناك تغييرات مناعية مماثلة تحدث لدى الأشخاص ، طلب العلماء من متطوعين أصحاء عدم تنظيف أسنانهم بالفرشاة أو الخيط لمدة 3 أسابيع. حيث أدى ذلك إلى التهاب اللثة ، و هو شكل خفيف من أمراض اللثة.
و عندما حلل العلماء عينات الدم من المشاركين في المختبر ، وجدوا العدلات مهيأة لإحداث الالتهاب ، و ذلك تماماً مثل تلك الموجودة في تجاربهم السابقة على الحيوانات.
و قد عادت العدلات -بعد أن عاد المتطوعون إلى تنظيف أسنانهم بالفرشاة و الخيط- في دمائهم إلى حالتها السابقة الأقل تفاعلاً.
لقد استنتج المؤلفون ما يلي:
"تُظهر هذه النتائج معاً أن التهاب الأنسجة اللثوية له تأثيرات جهازية تؤدي إلى تفاقم الاستجابة المناعية الفطرية. يشير هذا إلى أن [العدلات] يمكن أن تستجيب بشكل تآزري لمحفزات الالتهاب المتزامنة و البعيدة، و بالتالي تساهم في التفاعل بين [أمراض اللثة] و الحالات الالتهابية الأخرى. "
هجوم السيتوكينات و كوفيد 19
حذر الباحثون من أن عملهم كان به بعض القيود. و على وجه الخصوص ، يرغبون في تكرار تجاربهم في نماذج أخرى من أمراض اللثة ، سواءً في الفئران أو الرئيسيات غير البشرية.
بالإضافة إلى ذلك ، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الالتهاب الناجم عن العدلات المستعدّة بهذه الطريقة يساهم في نتائج أسوأ في الحالات الالتهابية ، مثل أمراض القلب.
و وفقاً لإحدى الدراسات ، قد يكون كوفيد 19 COVID-19 حالة من هذا القبيل.
ففي حالات العدوى الشديدة ، يمكن أن يؤدي رد الفعل المناعي المفرط an immune overreaction أو "عاصفة السيتوكينات" cytokine storm إلى انهيار الأوعية الدموية و فشل الجهاز التنفسي و مشاكل في الأعضاء الأخرى ، مثل الكلى.
و في هذا الخصوص، يقول البروفيسور جلوجوير:
"هناك دليل على أن المرضى الذين يعانون من أمراض اللثة قد يكونون أكثر عرضة لنتائج سلبية مع كوفيد 19 COVID-19".
و يؤكد جلوجوير أيضاً أن: "العدلات هي الخلايا المعرضة لخطر كبير للتسبب في عواصف خلوية.
و هذه هي الخلية الدقيقة التي تظهر أنها مهيأة في الأشخاص المصابين بأمراض اللثة ".
و لزيادة الاطلاع، يقترح مقال حديث في مجلة الفرضيات الطبية the journal Medical Hypotheses أن فحص أمراض اللثة يمكن أن يساعد في تحديد الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بعدوى كوفيد 19 الشديدة.
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
البكتيريا المسببة لأمراض اللثة يمكن أن تحفز مرض ألزهايمر