اكتشف الباحثون وجود خلل في كميات الجزيئات الدهنية المسماة الدهون داخل خلايا الدماغ للأشخاص المصابين بمرض باركنسون.
و قد يؤدي تراكم الدهون في الخلايا العصبية إلى حدوث التهاب.
مرض باركنسون هو اضطراب حركي يزداد سوءاً بمرور الوقت.
يتسبب موت الخلايا العصبية المنتجة للدوبامين في منطقة المادة السوداء في الدماغ بالمرض.
و كما هو معروف فالدوبامين Dopamine هو ناقل عصبي يلعب عدة أدوار حيوية ، بما في ذلك تنظيم الدافع و المكافأة و الحركة.
و مع ذلك ، فإن التسلسل الدقيق للأحداث التي أدت إلى موت الخلايا المنتجة للدوبامين لا يزال غير واضح.
حيث ركز الباحثون الكثير من اهتمامهم على الشكل الخاطئ من بروتين يسمى ألفا سينوكلين alpha-synuclein كمحفز لمرض باركنسون.
إذ وجدت الدراسات تكتلات أو تكتلات سامة من البروتين غير المطوي في أدمغة المصابين بهذا المرض
و مع ذلك ، تقترح نظرية بديلة أن عدم تنظيم الدهون و الالتهاب يلعبان دوراً أكثر أهمية ، على غرار الدور الذي تلعبه اللويحات الدهنية و التهاب جدران الشرايين في أمراض القلب و الأوعية الدموية.
و من خلال البحث الجديد اكتشف الباحثون في معهد التنكس العصبي Neuroregeneration Institute في مستشفى ماكلين في بلمونت ، ماساتشوستس ، في الولايات المتحدة، الآن تراكماً للدهون في الخلايا العصبية المنتجة للدوبامين في أدمغة الأشخاص المصابين بمرض باركنسون بعد الوفاة.
يؤكد البحث الحالي، ارتباط الكميات الزائدة من الدهون في هذه الخلايا العصبية بالتغيرات في مستويات الدهون في الخلايا المجاورة المسماة الخلايا الدبقية الصغيرة microglia و الخلايا النجمية astrocytes. و وجد الباحثون أيضاً دليلاً على وجود التهاب.
فعندما قام الباحثون بمحاكاة انهيار الاستقلاب الغذائي للدهون في نموذج حيواني للمرض ، رأوا تغييرات مماثلة بشكل ملحوظ.
و كما يقول المؤلف الكبير الدكتور أولي إيزاكسون Ole Isacson، المدير المؤسس لمعهد التنكس العصبي و أستاذ علم الأعصاب في كلية الطب بجامعة هارفارد في بوسطن ، ماساتشوستس: "هذه النتائج تدعم فرضيتنا حول التهاب الدهون في التسبب في بدء مرض باركنسون و تطوره" ،
و يضيف إيزاكسون قائلاً:
"قد تساعدنا [النتائج] في اكتشاف و تطوير علاجات جديدة من خلال ترك التفكير التقليدي حول أمراض [داء باركنسون] ، و الذي اقتصر إلى حد ما على الخلايا العصبية و تجمعات البروتين".
و للعلم فقد نُشرت الدراسة في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences.
عينات الأنسجة بعد الوفاة
قارن العلماء أنسجة دماغية بعد الوفاة مأخوذة من 26 فرداً مصاباً بمرض باركنسون مع 23 ضوابط مطابقة للعمر بدون المرض.
و استخدموا جزيئات ربط الدهون الفلورية لتحديد مستويات الدهون في خلايا الدماغ المختلفة في المادة السوداء.
و قد كان هناك في أنسجة المخ من الأشخاص المصابين بمرض باركنسون، تراكم للدهون داخل الخلايا العصبية الدوبامين ، و الذي يقابله نقص في الدهون داخل الخلايا النجمية في نفس العينات.
الخلايا النجمية هي خلايا على شكل نجمة تدعم الخلايا العصبية من الناحية الهيكلية و من خلال تبادل العناصر الغذائية و نواتجها الثانوية.
كذلك، لاحظ الباحثون في ورقتهم البحثية أن الخلايا العصبية لديها قدرة محدودة على استخدام الدهون للحصول على الطاقة ، مع نقل كميات زائدة إلى الخلايا النجمية المجاورة لتجنب تراكم المنتجات الثانوية السامة.
و لا يبدو أن هذا يحدث بشكل صحيح في أدمغة الأفراد المصابين بمرض باركنسون.
من ناحية أخرى، و بالمقارنة مع أنسجة المخ السليمة ، وجد العلماء أيضاً كميات زائدة من الدهون داخل الخلايا الدبقية الصغيرة ، و هي الخلايا المناعية للدماغ.
و اكتشفوا أيضاً مستويات عالية من جزيء الإشارة يسمى GPNMB. و يعرف العلماء أن الخلايا النجمية تنتج هذا الجزيء استجابة للالتهاب الناجم عن تراكم الدهون.
بإضافة لما سبق، وجد العلماء أن مستويات هذا الجزيء مرتبطة بكمية الدهون الإجمالية في أنسجة المخ للأفراد المصابين بمرض باركنسون.
نموذج الفأر لمرض باركنسون
أخيراً ، درس العلماء ما إذا كان بإمكانهم إعادة إنتاج هذه التأثيرات في الفئران عن طريق تعطيل الاستقلاب الغذائي للدهون في أدمغة الحيوانات.
إن أحد أهم عوامل الخطر الجيني لمرض باركنسون هو حدوث طفرة في جين أحد الإنزيمات التي تكسر الدهون.
لقد ود الباحثون، عندما حقنوا الفئران بمادة كيميائية تثبط هذا الإنزيم، نفس نمط التغيرات في توزيع الدهون التي رأوها في أنسجة المخ لدى الأشخاص المصابين بمرض باركنسون.
و للتأكيد على ذلك وجدت الأبحاث السابقة، رواسب منبهة من ألفا سينوكلين في الفئران المحقونة بمثبط الإنزيم.
و أخيراً، استنتج العلماء في ورقتهم:
"يمكن للعلاجات و العوامل التي تعكس توزيع الدهون لنوع الخلية المرضية في [المادة السوداء substantia nigra للأشخاص المصابين بمرض باركنسون]، أن تعمل على منع و تقليل تطور [مرض باركنسون] و الاضطرابات التنكسية العصبية ذات الصلة."
و مع ذلك ، يحتاج الباحثون إلى إجراء المزيد من الأبحاث لتأكيد النتائج و ترجمتها إلى علاجات فعالة و آمنة.
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
مرض باركنسون أو الشلل الرعاشي: قد يبدأ قبل الولادة