تُظهر الخلايا النجمية Astrocytes، وهي خلايا دماغية تنظم التواصل العصبي ، تدهوراً طويل الأمد بسبب التوتر و الإجهاد.
تقول الدكتورة سي تشيونغ يونيو ليو Si-Qiong June Liu من كلية الطب بجامعة LSU Health New Orleans: "إن تجربة الأحداث المؤلمة يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات نفسية عصبية ، بما في ذلك القلق و الاكتئاب و إدمان المخدرات".
و الدكتورة ليو هي المؤلف الرئيسي لدراسة جديدة على الفئران تكشف عن طريقة واحدة على الأقل يمكن أن يغير فيها التوتر من الناحية الفسيولوجية طريقة عمل الدماغ.
و للعلم فإن الدراسة قد نشرت في مجلة علم الأعصاب JNeurosci الدراسة.
لقد وجدت دراسة ليو -في بحثها على الفئران- أنه حتى حدث واحد مرهق (يؤدي إلى التوتر) يمكن أن يتسبب بسرعة في حدوث تغييرات طويلة الأمد في الخلايا النجمية.
فعندما تعاني من التوتر ، تنكمش الخلايا النجمية عن المشابك synapses مما يؤدي إلى تعطيل الاتصال العصبي. و المشابك هي هياكل بين كل خليتين عصبيتين ، تتكون من فجوة دقيقة تمر عبرها النبضات عن طريق انتشار ناقل عصبي ، وهي التي تسمح بمرور المعلومات من خلية إلى أخرى عبر الناقلات العصبية.
و بالتأكيد سيحتاج الباحثون إلى إجراء مزيد من الدراسات لمعرفة ما إذا كان تأثير التوتر على الفئران هو نفس تأثيره على البشر. و مع ذلك فقد لاحظت ليو ، أن هناك فرصة جيدة لوجود المسارات الجزيئية التي ينطوي عليها بحثها أيضاً في البشر.
"إن التوتر يغير وظائف المخ و ينتج تغييرات دائمة في فيزيولوجية البشر و سلوكهم. و يمكن أن يكشف التحقيق في علم الأحياء العصبي للتوتر، كيف يؤثر التوتر على الروابط العصبية، و بالتالي كيف يؤثر على وظيفة الدماغ. و هذه المعرفة ضرورية لتطوير استراتيجيات لمنع، أو علاج الاضطرابات العصبية المرتبطة بالتوتر "... سي كيونغ جون ليو Si-Qiong June Liu
الخلايا النجمية و الخلايا العصبية و المشابك الثلاثية
ليست كل خلايا الدماغ من الخلايا العصبية. فما بين 33٪ و 66٪ منها ، هي خلايا دبقية glial cells. و هذا الاسم يأتي من الكلمة اليونانية "glía" ، و التي تعني "الغراء".
و قد اعطى العلماء لهذه الخلايا هذا الاسم لأنهم اعتقدوا في البداية أن الخلايا الدبقية تجمع (تصل) ببساطة الخلايا العصبية في الدماغ معاً.
و بالفعل تشير الأبحاث اللاحقة إلى أنها (أي الخلايا الدبقية) تقوم بعمل أكثر من ذلك بكثير. فقد حدد العلماء أربعة أنواع رئيسية من الخلايا الدبقية: الخلايا الدبقية الصغيرة microglia و الخلايا قليلة التغصُّن oligodendrocytes و خلايا NG2-glia و الخلايا النجمية astrocytes.
و للعلم فإن الخلايا النجمية هي النوع الأكثر وفرة من الخلايا الدبقية، و هي أساسية في تشكيل و صيانة الاتصالات المشبكية. و تحتوي هذه الخلايا (التي تكون على شكل نجمة) على فروع أو "عمليات دقيقة" fine processes تمتد للخارج من مركز الخلية.
و تشكل الخلايا العصبية في الدماغ، الاتصالات ، أو "المشابك" ، و التي تتبادل المعلومات كيميائياً من خلالها. و يُطلق العصبون أو "ما قبل المشبكية" presynaptic الخاص بالخلية العصبية، الناقلات العصبية التي ترتبط بالمستقبلات في العصب الثاني التالي ، أو "ما بعد المشبكية" postsynaptic.
و مع ذلك ، فإن الخلايا النجمية هي الشريك الثالث في هذه العملية. و هنا تظهر الأبحاث أنه عندما تكون الخلايا النجمية غير متاحة للخلايا العصبية ، فإن الخلايا العصبية تتحلل و تموت في النهاية.
و بالتالي فإن مشاركة الخلايا النجمية في التواصل بين خليتين عصبيتين مهم للغاية ، و يصف العلماء هذا الاتصال بأنه "مشبك ثلاثي".
و لا يزال العلماء يحققون في الدور الكامل للخلايا النجمية في الاتصالات المشبكية ، على الرغم من أنهم يدركون بعض إسهاماتها.
فعندما توسع الخلايا النجمية عملياتها الدقيقة إلى الخارج للمس شركاء الخلايا العصبية المشبكية ، فإنها تنظم انتقال المشابك عن طريق التفاعل مع المواد الكيميائية المثبطة و الخلايا العصبية.
كما أنها تزيل تراكم الناقلات العصبية التي لم تعد هناك حاجة إليها بعد توصيل رسالتها.
و توفر الخلايا النجمية أيضاً العناصر الغذائية للخلايا العصبية، و تساعدها في الاحتفاظ باللدونة ، بالإضافة إلى المساعدة في الحفاظ على حاجز الدم في الدماغ.
الفئران المتوترة
رأى فريق ليو أنه عندما قاموا بتعريض الفئران لرائحة حيوان مفترس و لو لمرة واحدة ، نتج عن هذا التوتر، تغير طويل الأمد في الخلايا النجمية.
إذ أنه رداً على لاتوتر ، تفرز الفئران هرمون التوتر "نوربينفرين" norepinephrine ، و الذي بدوره ، قمع مسار جزيئي ينتج بروتين يسمى GluA1. و يتحكم بروتين GluA1 في تشكيل و مرونة الخلايا النجمية. و على وجه الخصوص ، يتحكم في تمديد العملية الدقيقة للخلايا النجمية.
لاحظ فريق ليو أن العمليات الدقيقة للخلايا النجمية تراجعت استجابة لـ التوتر، و انسحبت من الاتصال و التواصل مع الخلايا العصبية و المشابك. و هذا جعل الاتصالات المشبكية أكثر صعوبة أو مستحيلة.
أهمية الدراسة
تقول ليو: "إن التوتر يؤثر على بنية و وظيفة الخلايا العصبية و الخلايا النجمية".
و تضيف ليو، "نظراً لأن الخلايا النجمية يمكنها تعديل النقل المشبكي مباشرة، و تشارك بشكل كبير في السلوك المرتبط بالتوتر ، فإن منع أو عكس التغيير الناجم عن التوتر في الخلايا النجمية هو طريقة محتملة لعلاج الاضطرابات العصبية المرتبطة بالتوتر.
حددنا مساراً جزيئياً يتحكم في تخليق بروتين GluA1 ، و بالتالي إعادة تشكيل الخلايا النجمية أثناء التوتر".
و في النهاية، تأمل ليو في أن يحدد فريقها التفاعل بين التوتر و هرمون النورادرينالين norepinephrine (هرمون تفرزه الأنسجة الكظرية يعمل كناقل عصبي،
كما يستخدم كدواء لرفع ضغط الدم) و بروتين GluA1 سبيلاً علاجياً جديداً لاستكشافه، قائلةً: "يشير هذا البحث إلى أهداف دوائية جديدة للوقاية المحتملة أو لعكس التغييرات الناتجة عن التوتر".
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
فوائد الحد و التخفيف من التوتر القائم على الوعي
إدارة التوتر باستخدام التخيل الموجه أو الصور الموجهة
إدارة التوتر الناتج عن وسائل التواصل الاجتماعي ( السوشال ميديا)