إن ممارسة الجنس تضيف نكهة مميزة لليالينا و أيامنا ، بمتعة و إثارة لذيذة، و بالتأكيد فإن الجنس يساعدنا على تخفيف التوتر و القلق. و بالطبع ، كان الجنس -و لا يزال- مفتاحاً لضمان استمرار الجنس البشري.
و هنا في مقالنا نحاول أن نسأل ، "كيف يؤثر الجنس على ما يحدث في الدماغ؟"
من المعروف أن الجنس يؤثر على الطريقة التي يعمل بها باقي الجسم.
فقد أظهرت الدراسات الحديثة أنه يمكن أن يكون لـ الجنس تأثير على كمية الطعام التي نأكلها و مدى جودة عمل القلب.
و كما ذكرنا في مقالات سابقة ، فإنه قد تم الاستشهاد بـ الجنس كوسيلة فعالة لحرق السعرات الحرارية ، حيث لاحظ العلماء أن الشهية appetite تنخفض في أعقاب ذلك.
أيضاً ، فقد وجدت دراسة نُشرت في مجلة الصحة و السلوك الاجتماعي Journal of Health and Social Behavior في عام 2016 أن النساء اللواتي يمارسن الجنس المُرضي (و الممتع) قد يكُنَّ -في وقت لاحق من حياتهن- أكثر حماية ضد خطر ارتفاع ضغط الدم.
و ترتبط العديد من تأثيرات الجنس على الجسم في الواقع بالطريقة التي تؤثر بها هذه التسلية pastime على نشاط الدماغ، و إفراز الهرمونات في الجهاز العصبي المركزي.
و هنا ، نشرح ما يحدث في الدماغ عندما نتحمس جنسياً ، و سننظر في الكيفية التي يمكن أن يؤدي بها هذا النشاط إلى تغيرات في المزاج mood ، و الاستقلاب metabolism في الجسم ، و كذلك في إدراك الألم.
نشاط الدماغ و التحفيز الجنسي Sexual stimulation
بالنسبة لكلٍ من الرجال والنساء ، تم إثبات التحفيز و الرضا الجنسيين، كعامل مؤثر في زيادة نشاط شبكات الدماغ المتعلقة بالألم و الحالات العاطفية ، بالإضافة إلى نظام المكافأة reward system في الدماغ.
و قد أدى هذا ببعض الباحثين إلى تشبيه الجنس بالمنشطات الأخرى التي نتوقع منها "رفعاً" فورياً للتحفيز و التنشيط، مثل المخدرات و الكحول.
الدماغ و تحفيز / تنشيط القضيب
استخدمت دراسة أجراها باحثون عام 2005 في المركز الطبي بجامعة جرونينجن University Medical Center Groningen في هولندا، عمليات التصوير المقطعي بانبعاث البوزيترون لمراقبة تدفق الدم في الدماغ، للمشاركين من الذكور بينما تم تحفيز أعضائهم التناسلية من قبل شركائهم من الإناث.
و قد أظهرت عمليات المسح أن تحفيز القضيب المنتصب، يزيد من تدفق الدم في المنطقة الخلفية العميقة من قشرة الدماغ posterior insula، و القشرة الحسية الجسدية الثانوية في النصف الأيمن من الدماغ ، بينما ينقصه (ينقص تدفق الدم) في اللوزة في القسم الأيمن من الدماغ.
و للعلم فإن الإنسولا insula -المنطقة العميقة من القشرة الدماغية- هي جزء من الدماغ مرتبط بمعالجة العواطف ، بالإضافة إلى أحاسيس الألم و الدفء و الحماسة pain and warmth. و بالمثل ، فإنه يعتقد أن القشرة الحسية الجسدية الثانوية تلعب دوراً مهماً في ترميز أحاسيس الألم encoding sensations of pain.
أما اللوزة ، فمن المعروف أنها تشارك في تنظيم العواطف ، و قد ارتبط اختلال نشاطها بتطور اضطرابات القلق.
و كذلك فقد وجدت دراسة أقدم من نفس الجامعة – و التي كانت قد ركزت على مناطق الدماغ التي تم تنشيطها في وقت القذف ejaculation - أن هناك زيادة في تدفق الدم إلى المخيخ cerebellum ، و الذي يلعب أيضاً دوراً رئيساً في معالجة العواطف.
و يشبّه الباحثون تنشيط المخيخ أثناء القذف، باندفاع المتعة الذي تسببه الأنشطة الأخرى، التي تحفز نظام المكافأة في الدماغ.
و يؤكد الباحثون أن نتائجهم "تتوافق مع تقارير عن تنشيط المخيخ أثناء اندفاع الهيروين heroin rush، و الإثارة الجنسية ، و الاستماع إلى الموسيقى الممتعة ، و المكافأة المالية."
الدماغ و النشوة الجنسية لدى الإناث female orgasm
في دراسة عن النشوة الجنسية لدى النساء التي أجريت العام الماضي 2019، فقد قام علماء من جامعة روتجرز Rutgers University في نيويورك ، نيوجيرسي ، بمراقبة نشاط الدماغ لعشر 10 مشاركات عندما حققن ذروة سعادتهن - إما عن طريق التحفيز الذاتي أو عن طريق التحفيز من قبل الشركاء.
و قد وجد الفريق أن المناطق التي "تم تنشيطها بشكلٍ كبير" أثناء النشوة الجنسية ، تضمنت جزءاً من القشرة المخية قبل الجبهية ، و القشرة الجبهية المدارية ، و الإنسولا insula ، و التلفيف الحزامي cingulate gyrus ، و المخيخ.
و تشارك مناطق الدماغ هذه بشكل مختلف في معالجة العواطف و الأحاسيس للألم ، و كذلك في تنظيم بعض عمليات الاستقلاب، و صنع القرار.
و كذلك فقد اقترحت دراسة أخرى، أن التحفيز الإيقاعي و الممتع المرتبط بالنشوة الجنسية، يضع الدماغ في حالة تشبه الغيبوبة. و يقارن مؤلف الدراسة آدم سافرون Adam Safron تأثير النشوة الجنسية لدى النساء على الدماغ، بالتأثير الناجم عن الرقص أو الاستماع إلى الموسيقى.
ويضيف سافرون Safron : "قد تكون الموسيقى و الرقص هما الشيئان الوحيدان اللذان يقتربان من التفاعل الجنسي في قدرتهما على بدء الإيقاع العصبي و إنتاج الامتصاص الحسي sensory absorption و الغيبوبة".
و يؤكد أيضاً: "أن هذا هو الذي يفسر أن الأسباب التي نستمتع بها بالتجارب الجنسية قد تتداخل بشدة مع الأسباب التي نستمتع بها بالتجربة الموسيقية ، سواءً من حيث التقارب (أي الانغماس العصبي و تحريض الحالات الشبيهة بالغيبوبة) و من حيث النهائي (أي اختيار الشريك و الارتباط به) في المستويات السببية ".