المسافر الجيد هو تلميذ الحياة. يتأرجح، و يتحرك، و يتدفق مع ما تجلبه له الحياة بشكلٍ مرن و سلس.
يقول لاو تزو Lao Tzu: "المسافر الجيد ليس لديه خطط ثابتة ، و ليس لديه نية للوصول".
من المفاهيم الخاطئة الشائعة لدى غالبية الناس أن هناك "خط نهاية" أو "وجهة"، عندما يتعلق الأمر بالحياة.
أرجو أن تفهم:
أنك لن تصل إلى شيءٍ ما في الحياة أبداً، لأن الحياة عملية مستمرة، و سلسة لتحسين الذات.
و في نفس الوقت يتم التلاعب بنا باستمرار و إخبارنا أن القناعة أو السعادة تكمن في نهاية الطريق.
و لكن الحقيقة هي أن طريق الحياة لا ينتهي أبداً. إنه يستمر حتى يوم وفاتك.
إن الوجهة -في الحياة- لا تجلب المعنى، بل إن الطريق هو الذي يحمل المعنى.
لماذا وقعنا في هذا الفخ؟
لقد أقنعنا المجتمع الحديث أنه إذا حصلنا على هذه السيارة الجديدة أو المنزل الجديد ، فسوف نصل إلى الوجهة النهائية و بعد ذلك فقط ستنطلق و تكمل المشوار.
و هذه هي الفكرة التي يمكننا التخلي عنها بمجرد أن نحقق ما أردناه و نتوق إليه.
لا شيء يمكن أن يكون أبعد عن الحقيقة.
هل تعتقد حقاً أن التأمل في الحياة هو الطريق نحو المعنى و الإنجاز؟
إنه على العكس تماماً ، يكمن الطريق نحو المعنى و الإنجاز في إعادة ابتكار نفسك باستمرار و تحسين تلك المجالات التي تعاني فيها من خلل وظيفي في حياتك.
و الفكرة القائلة بأن الأمر كله يتعلق بالرحلة بدلاً من الوجهة ليست مجرد كليشيهات جذابة. فلهذه الفكرة قدر عميق من الحكمة، إذ يمكن أن تغير حياة المرء إذا تم أخذها على محمل الجد.
و بالعودة إلى الاقتباس الذي أخذناه من لاو تزو، و الذي بدأنا به هذا المنشور ، "المسافر الجيد ليس لديه خطط ثابتة ، و ليس لديه نية للوصول."
فإن المسافر الجيد ليس عازماً على الوصول، لأن لديه فهماً عميقاً أن جوهر الحياة يدور حول العملية (السيرورة) - الرحلة، و ليس "الوجهة". إنه لا يرتبط بفكرة أنه سيصل يوماً ما، و نتيجة لذلك لا ينخرط في المعاناة المتأصلة التي يجلبها هذا الارتباط.
المسافر الجيد يفهم ما يلي:
- الحياة تدور حول الرحلة و ليس الوجهة
- الوجهة لا تجلب المعنى. و بدلاً من ذلك ، فإن العملية تجلب المعنى
- الانفصال عن الوجهة هو الجودة و المهارة الرئيسية التي يتحقق بها هذا الفهم
- المسافر الجيد هو تلميذ الحياة و يتأرجح و يتدفق مع ما تجلبه له الحياة.
كيف يُظهِر هذا الفخ نفسه؟
يتجلى و يظهر هذا الفخ في التفكير بوجود غاية في الحياة بالطرق التالية:
- التوقف و الاستسلام المبكر
- الميول العصبية
- المعاناة
- عدم إدراك المعنى و الإنجاز
فمثلاً:
لنفترض أنك تعتقد أن شراء سيارة أحلامك سيجلب لك المعنى و الإنجاز.
فذات يوم ، سينتهي بك الأمر في وضع يمكنك فيه شراء سيارة أحلامك و ينتهي بك الأمر بشرائها.
و بالنسبة لك الوجهة: "أن تشتري سيارة الأحلام هذه"، و لكن ماذا يحدث بعد شرائها؟
نعم ، ستشعر بالارتياح خلال المراحل الأولى لامتلاك تلك السيارة، و لكن بعد ذلك يبدأ الواقع.
و تبدأ في فهم أن الرضا المؤقت يتبدد و يتركك تشعر بالفراغ.
و بالطبع لم تكن وجهة شراء هذه السيارة الجديدة وجهة على الإطلاق.
لقد كانت مجرد إنجاز آخر في حياتك. و من الجيد أن تكون ممتناً لمثل هذه الأشياء ، و لكن يجب أن يكون هناك فهم بأن التنمية الذاتية تتطلب مداً و جزْراً مستمراً بين الإنجاز و النمو و التأمل.
ماذا يمكننا أن نفعل للالتفاف على هذه العقبة؟
هناك نوعان من التحولات العقلية الرئيسية التي يمكننا إجراؤها للالتفاف على هذه العقبة الذهنية المتمثلة في التفكير في أن هناك وجهة في الحياة:
1.العملية >>>>> النتيجة
التركيز على العملية بدلاً من النتيجة هو أفضل طريقة للالتفاف حول عقبة التفكير فيما يتعلق بالوجهة في الحياة.
و كذلك تطوير عقلية أن تصبح موجهاً نحو العملية بدلاً من التوجه نحو النتائج. فإذا كان لديك هدف ، ركز على الأشياء التي ستوصلك بالفعل إلى هذا الهدف بدلاً من التركيز على الهدف نفسه.
على سبيل المثال ، إذا كان لديك هدف يتمثل في فقدان الدهون في الجسم و اكتساب العضلات ،
فعليك بالتركيز على ما يلي كل يوم بدلاً من الهدف:
- الحصول على نوم جيد
- تناول أطعمة عالية الجودة
- ممارسة الرياضة بشكل صحيح
و بالتالي إن كونك موجهاً نحو العملية ينبع من التركيز على الإجراءات العملية التي ستوصلك إلى المكان الذي تريده.
2.التركيز الكامل للذهن Mindfulness
إن الانتباه إلى اللحظة الحالية هو ثاني أفضل طريقة لتجنب التفكير فيما يتعلق بالوجهات في الحياة.
فاللحظة الحالية هي كل ما لديك ، و بالتالي إذا ركزت عليها بوعي دائم ، فستختفي كل مفاهيم الماضي و المستقبل. و هذا بدوره سيؤدي إلى التحرر من القيود، و الذي يسمح لك بالتركيز على العملية في أنقى صورها.
و كذلك تأتي اليقظة و التركيز الكامل للذهن مع مجموعة من الفوائد الأخرى، إلى جانب تطوير مهارة التواجد في الوقت الحاضر.
و أخيراً..
لشرح الأمر بأكثر الطرق إيجازاً ، أقول: إن التركيز على العملية هو التحرر. إنك تتحرر من قيود الماضي و المستقبل، و تدخل في بركات "الآن".
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
عيش الحياة بطريقة صحيحة : كيف تتوقف عن العيش بطريقة آلية؟
فكرة جديدة في الوعي .. كيفية حل مشاكل الحياة؟ الدكتور ديباك شوبرا
توكيدات الحب وقوتها في تغيير الحياة