" العادات هي المصلحة المركبة لتحسين الذات"
أثناء تقديم سيث غودين Seth Godin لكتابه المعنون بـ Linchpin، قام بعرض صورة لمضرب بيسبول يطير فوق المقاعد.
حيث استخدم سيث Seth الصورة ليتحدث عن مخاوفنا غير المنطقية، إلا أنه في بعض الأحيان، تتحقق هذه المخاوف.
و بالنسبة ل جيمس كلير James Clear ، فقد تحققت هذه المخاوف بالفعل. فعندما كان في المدرسة الثانوية، حطم مضرب بيسبول وجهه. وتركه هذا الحادث بأنفٍ مكسور، وتورمات دماغية خطيرة، وخلع في العينين - واستغرق شفاؤه شهوراً.
و لإعادة مسيرته في لعبة البيسبول إلى المسار الصحيح، لم يكن لدى كلير Clear خيار سوى الاعتماد على قوة المكاسب الصغيرة.
حيث طوّر في أثناء دراسته بالجامعة، و ببطء العديد من العادات الجيدة والتي مكنته في النهاية من أن يصبح واحداً من 33 لاعباً في فريق All-American Academic. و بذلك فقد حقق نجاحاً باهراً !
و يُعد كلير اليوم، أحد الباحثين في العادات الشائعة، ونجح في الوصول إلى الملايين من خلال مدونته على (JamesClear.com).
كما أصبح كتابه الأول "العادات الذرية Atomic Habits " الدليل النهائي للموضوع الآن، وبات من أكثر الكتب مبيعاً وفقاً لجريدة نيويورك تايمز.
و لمساعدتك على استخدام كل ما تعلمه كلير للتخلص من العادات السيئة و تطوير عادات جيدة..
إليك عزيزي القارئ فيما يلي 3 دروس مهمة..
1- تستند جميع العادات إلى نمط يتشكل من أربع خطوات :
في عام 1776، وضع آدم سميث Adam Smith أسس علم الاقتصاد الحديث في أعظم إبداعاته، وهو كتاب ثروة الأمم The Wealth of Nations . و تتمثل أكثر ملاحظاته شهرةً في أنه و في نظام السوق الحرة، يقوم جميع العمال بشكل طبيعي بتعظيم رفاهية مجتمعهم، حتى لو كان ذلك لأجل تعزيز مصلحتهم الخاصة فقط:
"... و هو في هذا الأمر، كما في العديد من الحالات الأخرى، يُقاد بيد خفية لتعزيز غاية لم تكن جزءاً من نيته".
عندما يتعلق الأمر بالعادات، يعتقد جيمس أن البيئة هي اليد الخفية التي تشكل السلوك البشري.
و هذا هو السبب في أن المحفز دائماً ما يعتبر الخطوة الأولى وراء ممارسة أي عادة. و قد لا يأتي المحفز دائماً من مصدر خارجي، غير أنه خارجي في معظم الأحيان. و بعد ذلك، تأتي ثلاث مراحل أخرى لإكمال نمط الخطوات الأربع:
-
الإشارة Cue:
وهي جزء من المعلومات يشير إلى وجود مكافأة تنتظرنا، مثل رائحة كعكة لذيذة أو غرفة مظلمة تنتظر حلول النور.
-
الشغف Craving :
وهو الدافع وراء تغيير شيء ما للحصول على المكافأة، مثل تذوق الكعكة اللذيذة أو القدرة على الرؤية.
- الاستجابة Response :
و هي التفكير أو الفعل الذي تحتاج إلى القيام به للحصول على المكافأة.
-
المكافأة Reward :
و هي الشعور المُرضي الذي تحصل عليه جرّاء القيام بالتغيير، إلى جانب الدرس المتعلق بإعادة القيام بذلك مرة أخرى أم لا.
كما أن هناك العديد من المنهجيات الشائعة التي تحاول التنبؤ بكيفية و سبب فعل ما نفعله ، كـ "حلقة العادة habit loop " عند تشارلز دويج Charles Duhigg ، أو " الميول الأربعة four tendencies " لـ غريتشين روبين Gretchen Rubins ، أو " نموذج سلوك العادات الصغيرة Tiny Habits behavior model " لـ بي جي فوغ BJ Fogg .
إلا أن جيمس يقدم نسخةً أكثر دقة مما وصفه دويج في كتابه "قوة العادة The Power of Habit " وعلى الرغم من اختلاف كل هذه الأساليب، إلا أن أياً منها لا يتعارض مع الآخر.
2-ينبغي أن تجعل العادات واضحة و جذابة و سهلة و مرضية.
بالنسبة للعادات الجيدة: اجعلها، واضحة و جذابة و سهلة و مُرضية. و على العكس بالنسبة للعادات السيئة اجعلها اجعلها غير مرئية و غير جذابة و صعبة و غير مُرضية.
اشتق جيمس من نمط الخطوات الأربع الذي اقترحه بعد ذلك أربعة قوانين لتغيير السلوك، والتي تتبع جزءاً واحداً من كل حلقة.
و لتسهيل السلوكيات الجيدة و جعل السيئة أكثر صعوبة ، إليك عزيزي القارئ هذه القوانين بالإضافة إلى بعض الأفكار حول كيفية استخدامها:
-
اجعلها واضحة.
لا تخفي فاكهتك في ثلاجتك، ضعها في المقدمة وفي المنتصف.
-
اجعلها جذابة.
ابدأ بتناول الفاكهة التي تحبها كثيراً ، بحيث ترغب في تناول واحدة منها في كل مرة تراها.
-
اجعلها سهلة.
لا تخلق صعوباتٍ لا داعي لها بالتركيز على الفاكهة التي يصعب تقشيرها. فعلى سبيل المثال، فإن كلاً من الموز والتفاح فاكهتان سهلتا التناول كثيراً.
-
اجعلها مُرضية.
فإذا كنت تحب الفاكهة التي اخترتها، فستحب تناولها وستشعر بصحة أفضل نتيجة لذلك!
و يمكنك تطبيق هذه القوانين على جميع أنواع العادات الجيدة، مثل الجري، و العمل على مشروع جانبي، و قضاء المزيد من الوقت مع العائلة، و ما إلى ذلك.
و على الجانب الآخر، افعل العكس مع العادات السيئة.
و اجعلها غير مرئية و غير جذابة و صعبة و غير مرضية. فعلى سبيل المثال، يمكنك إخفاء سجائرك وغراماتك المالية والتخلص من جميع القداحات والسماح لنفسك فقط بالتدخين بالخارج في البرد.
3-استخدم متتبعات العادات للالتزام بسلوكياتك الجديدة :
إذ أنك و باتباع أسلوبٍ كهذا، سيغدو تبنّي العادات، و التخلص منها أمراً ممتعاً . و سترغب على الأرجح في معالجة عدة أمور عاجلاً وليس آجلاً، ولكن من المهم ألا ترهق نفسك بالكثير من المهمات في نفس الوقت.
و من الطرق السهلة لإبقاء نفسك على الطريق الصحيح دون أن يصيبك الارتبكاك أن تتبع عاداتك باستخدام متتبع العادات.
و تتمثل هذه الفكرة بسيطة بما يلي:
ستقوم بالاحتفاظ بسجل لجميع السلوكيات التي تريد تطويرها أو التخلي عنها، و في نهاية كل يوم، ستحدد السلوكيات التي نجحت فيها. و من الممكن أن يكون هذا السجل عبارة عن قطعة واحدة من الورق أو دفتر يوميات أو تقويم أو أداة إلكترونية مثل أحد التطبيقات.
و تعتمد هذه الإستراتيجية على ما يسمى أحياناً بـ "خدعة إنتاجية سينفيلد Seinfeld productivity hack ". إذ يبدو أن الممثل الكوميدي جيري سينفيلد Jerry Seinfeld كان يقوم بوضع علامة "X" كبيرة على تقويمه في نهاية كل يوم يأتي فيه بمزحة. وسرعان ما أصبح هدفه عدم كسر السلسلة. إنها إستراتيجية بسيطة ولكنها فعالة لمساعدتك على تطوير عادات جيدة.
و بما أن العادات هي المصلحة المركبة لتحسين الذات، فهذه عملية يجب أن نشرع بها جميعاً بدءاً من اليوم.
و يعتبر كتاب "العادات الذرية Atomic Habits" الدليل النهائي للتخلص من السلوكيات السيئة و تبني السلوكيات الجيدة في أربع خطوات، و هو يوضح لك كيف يتراكم الروتين اليومي الصغير والمتزايد ويؤدي إلى تغيير هائل وإيجابي بمرور الوقت.
و في نهاية المطاف .. إليك أهم ثلاثة دروس يجب تذكرها و هي على التوالي :
- في كل مرة نتبع فيها عادةً ما، فإننا نقوم بتنفيذ نمط من أربع خطوات: الإشارة، الشغف، الاستجابة، المكافأة.
- إذا أردنا تطوير عادات جديدة، يجب أن نجعلها واضحة وجذابة وسهلة ومرضية.
- يمكنك استخدام متتبع العادات كطريقة ممتعة لقياس تقدمك والتأكد من أنك لا تتخلّف عن الدرب.
و يختتم جيمس كلير قائلاً بأن :"العادات هي المصلحة المركبة لتحسين الذات." .
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
العادات الأربع الأكثر غرابة للأشخاص الأكثر نجاحاً
العادات الصحية : لماذا يجب عليك أن تعتني بجسمك عندما تشعر بـ التوتر؟
5- طرق للتخلص من العادات العقلية السيئة التي تمنعك من الوصول إلى أهدافك