تشير دراسة إلى أن الثقة في الآخرين هي واحدة من أفضل الطرق لدرء الاكتئاب ، بينما فإنه من الممكن أن تزيد كل من القيلولة أثناء النهار وقضاء الكثير من الوقت في مشاهدة التلفزيون من خطر الإصابة بهذه الحالة.
و يذكر أنه في عام 2017 في الولايات المتحدة ، كان هناك ما يقرب من حوالي 17.3 مليون بالغ يعانون من نوبة اكتئاب كبرى واحدة على الأقل ، و ذلك وفقاً للمعهد الوطني للصحة العقلية National Institute of Mental Health .
على الصعيد العالمي ، فإن منظمة الصحة العالمية (WHO) تفيد بأن الاكتئاب سبب رئيسي للإعاقة ، كما أنها تقدر أن هناك أكثر من 264 مليون شخص يعانون من هذه الحالة.
و لذلك فقد كان تحديد العوامل البيئية و عوامل نمط الحياة التي يمكن للناس تغييرها لتقليل مخاطر الإصابة بهذه الحالة من الأولويات الرئيسية.
و قد أصبح الباحثون في مستشفى ماساتشوستس العام Massachusetts General Hospital في بوسطن Boston الآن أحدث فريق يحاول ذلك.
حيث قاموا بتحليل بيانات تعود لأكثر من 100,000 مشارك في برنامج البنك الإحيائي Biobank البريطاني ، وهو برنامج بحث يراقب صحة ورفاهية نصف مليون متطوع في المملكة المتحدة منذ عام 2006.
و تقول المؤلفة الرئيسية البروفيسورة كارميل تشوي Karmel Choi ، و الباحثة في الطب النفسي في مستشفى ماساتشوستس العام Massachusetts General Hospital و جامعة هارفارد T.H.
مدرسة تشان للصحة العامة Harvard T.H. Chan School of Public Health : " تقدم دراستنا الصورة الأكثر شمولاً حتى الآن للعوامل القابلة للتعديل و التي من الممكن أن تؤثر على خطر الاكتئاب" .
عوامل قابلة للتعديل :
ركزت تشوي Choi وزملاؤها على 106 عوامل قابلة للتعديل قد تؤثر على خطر إصابة الناس بالاكتئاب. حيث تندرج هذه العوامل ضمن ثلاث فئات:
-
العوامل المتعلقة بنمط الحياة Lifestyle ،
بما في ذلك التمارين ، وأنماط النوم ، واستخدام المنصات الاجتماعية وكل ما له علاقة بالصحافة و الإعلام والنظام الغذائي.
-
العوامل الاجتماعية ،
بما في ذلك شبكات الدعم والمشاركة الاجتماعية.
-
العوامل البيئة
بما في ذلك التلوث والوصول إلى المساحات الخضراء.
و قد حدد الباحثون أولاً المشاركين الذين كانوا بالفعل معرضين لخطر الاكتئاب بسبب الجينات أو الصدمات في طفولتهم.
ثم أجروا "مسحاً للارتباط على نطاق التعرض exposure-wide association scan" لقاعدة البيانات لتحديد أي من العوامل القابلة للتعديل البالغ عددها 106 والتي ارتبطت بتطور الاكتئاب خلال فترة المتابعة.
و أخيراً ، قاموا باستخدام تقنية إحصائية تسمى التوزيع العشوائي المندلي Mendelian randomization لتضييق المجال بشكل أكبر إلى العوامل التي من المرجح أن تسبب أو تمنع الاكتئاب لدى المشاركين ، بدلاً من مجرد الارتباط به.
و يفترض التوزيع العشوائي المندلي الميراث العشوائي لجينات معينة ، مثل تلك التي تؤثر على خطر إصابة الشخص بالاكتئاب.و يستخدم هذا التوزيع لتحديد مدى احتمالية تسبب العوامل الأخرى في حدوث مرض أو مشكلة ما .
و انطلاقاً من هذا ، يبدو أن هناك العديد من العوامل القابلة للتعديل تحمي من الاكتئاب.
و يقول المؤلف الرئيسي جوردان سمولر Jordan Smoller ، الحاصل على درجة الدكتوراه في الطب ، و الباحث في الطب النفسي في مستشفى ماساتشوستس العام :
" بعيداً عن ذلك ، فقد كان أبرز هذه العوامل هو تكرار الثقة في الآخرين ، و قد كانت أيضاً الزيارات مع العائلة والأصدقاء كلها تسلط الضوء على التأثير الوقائي المهم للتواصل الاجتماعي والتماسك الاجتماعي" .
و يضيف: "لقد كانت هذه العوامل ذات صلة وثيقة بالموضوع الآن من أي وقت مضى في وقت التباعد الاجتماعي والانفصال عن الأصدقاء والعائلة" .
وفقاً للدراسة ، يبدو أن الثقة في الآخرين تقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب بنسبة 24%.
حيث يوفر الاتصال الاجتماعي بعض الحماية للأشخاص الذين كانوا بالفعل أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بسبب الجينات أو الصدمات في الحياة المبكرة.
و الجدير بالذكر أن هذا البحث قد تم نشره في المجلة الأمريكية للطب النفسي The American Journal of Psychiatry .
وكلاء لأسلوب حياة مستقر؟
وجدت الدراسة أيضاً أن القيلولة أثناء النهار و قضاء الكثير من الوقت في مشاهدة التلفزيون يزيدان من خطر الإصابة بالاكتئاب بنسبة 34% و 9% على التوالي.
ومع ذلك ، فقد لاحظ العلماء أن هناك حاجة إلى إجراء المزيد من البحث لتحديد ما إذا كانت مشاهدة التلفزيون و القيلولة يزيدان من خطر الإصابة بالاكتئاب على نحو مباشر ، أو ما إذا كانا يعكسان ببساطة نمط مستقر لحياة الشخص.
و مما لا شك فيه فإن التمارين البدنية تعتبر طريقة مثبتة للوقاية من الاكتئاب وعلاجه.
و يختتم جوردان سمولر Jordan Smoller بقوله :
" إن الاكتئاب يتسبب في خسائر فادحة للأفراد والعائلات والمجتمع ، و مع ذلك فإننا لا نزال نجهل الكثير عن كيفية الوقاية منه.
و لقد أظهرنا أنه من الممكن الآن معالجة هذه الأسئلة ذات الأهمية الواسعة للصحة العامة من خلال نهج واسع النطاق قائم على البيانات لم يكن متاحاً حتى قبل بضع سنوات.
و نأمل أن يحفز هذا العمل المزيد من الجهود لتطوير استراتيجيات قابلة للتنفيذ لمنع الاكتئاب " .
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
الاكتئاب : العلماء يجدون علامة حيوية جديدة للاكتئاب
السعادة و الاكتئاب: العلاقة المفاجئة بين الاكتئاب و السعي خلف السعادة