قد يعتقد الناس أن إعطاء قيمة لـ السعادة يؤدي إلى حياة أكثر سعادة. ومع ذلك ، فقد وجد بحث جديد أن الرغبة في الشعور بـ السعادة يمكن أن يكون لها أيضاً نتائج سلبية.
حيث خلصت دراسات سابقة إلى أن تقدير السعادة بشكل مفرط يمكن أن يسبب شعور الشخص بالسعادة على نحو أقل . و قد يرتبط في بعض الحالات ، أيضاً بأعراض الاكتئاب.
ومن المثير للاهتمام ، أن هناك نظرية مفادها أن هذه العلاقة السلبية تحدث فقط في العالم الغربي - وخاصة في الولايات المتحدة United States .
ومع ذلك ، فقد وجدت إحدى الدراسات التي أجريت عام 2015 في مجلة علم النفس التجريبي Journal of Experimental Psychology وجود علاقة إيجابية بين قيمة السعادة والرفاهية بين السكان الروس وشرق آسيا.
قد يكون أحد أسباب هذا التباين الثقافي هو أن الثقافات الغربية لديها عادة في إسناد و تركيز مستويات سعادتها على الإنجازات الفردية ، بدلاً من الأهداف العالمية.
كما أن الأبحاث الحديثة ، التي تظهر الآن في مجلة دراسات السعادة ، نظرت بشكل أعمق في هذه العلاقة.
دراسة الناس في المملكة المتحدة
مع التركيز على المملكة المتحدة ، وهي مجموعة سكان غربية أخرى ، استخدم مؤلفو البحث الجديد دراستين منفصلتين لاستقصاء الأسباب المحتملة لهذا الارتباط السلبي.
وتراوحت نظريات الباحثين من ضعف التحكم في الانتباه impaired attentional control ، والذي يرى أن الناس يركزون بشدة على الأحداث العاطفية السلبية وكذلك الإيجابية ، إلى اختيار استراتيجيات التنظيم العاطفي غير المناسبة.
حيث يميل الناس إلى تصور هذه الاستراتيجيات على أنها تتطلب بذل جهد أقل. وهي تستند إلى آليات أو استراتيجيات "غير قادرة على التكيف maladaptive " ، مثل الإبطال ( استراتيجية التجنب avoidance ) أو القمع (الكبت )suppression .
و لاختبار هذه النظريات ، سلم الباحثون العديد من الاستبيانات إلى عدد من الطلاب الجامعيين المقيمين في المملكة المتحدة.
و قام الفريق بتقييم إجاباتهم باستخدام عدد من مقاييس الصحة النفسية (العاطفية ) والعقلية ، والتي تم اختيارها لموثوقيتها.
و تضمنت الدراسة الأولى قياس 151 مستوى من مستويات التحكم في الانتباه للطلاب عند مواجهة مجموعة متنوعة من الأحداث العاطفية.
كما قام الباحثون أيضاً بتقييم القمع أو الكبت وإعادة التقييم ، وهما استراتيجيتان مختلفتان للتنظيم العاطفي.
و أظهرت النتائج وجود صلة معنوية بين قيمة السعادة والأعراض الاكتئابية من خلال ضعف التحكم في الانتباه واستخدام الكبت لتنظيم المشاعر.
الغوص على نحو أعمق :
شاركت عينة أكبر من الطلاب في الدراسة الثانية ، حيث أنها كانت تتألف من 299 طالباً . و قد ذهب الفريق في محاولة لتكرار النتائج السابقة ، خطوة إلى الأمام من خلال الإشارة إلى جنسيات المشاركين.
حيث كان ما يقرب من ثلاثة أرباعهم بريطانيين ، و 7% يحملون جنسية مزدوجة . أما في المجموعة غير البريطانية ، فقد كان هناك ما يقرب من 51% منهم أوروبيين و 40% آسيويين و 7% أفريقيين و 2% أستراليين.
وبحث الباحثون أيضاً في قدرة المشاركين على تقدير المشاعر الإيجابية ، وتطلعوا إلى معرفة ما إذا كانت أعراض الهوس mania تلعب دوراً في الارتباط بين قيمة السعادة والاكتئاب أم لا.
و مرة أخرى ، وجد التحليل وجود صلة كبيرة بين أعراض الاكتئاب والسعي لتحقيق السعادة. حيث أن التركيز المفرط على السعادة يقلل أيضاً من قدرة الشخص على تذوق التجارب الإيجابية.
ومع ذلك ، فإن الفريق لا يرى نفس العلاقة مع أعراض الهوس mania symptoms .
مفاجأة ثقافية :
بالرغم مما سبق ذكره ، تشرح الباحثة الدكتورة جوليا فوجت Julia Vogt أن : "أحد أكثر الأشياء إثارة للاهتمام التي وجدناها هو مدى خصوصية المشاركين في المملكة المتحدة الذين شاركو في الدراسة ا".
وتضيف الدكتورة فوجت Vogt ، وهي طبيبة نفسية في جامعة ريدينغ University of Reading في المملكة المتحدة U.K :
" إن العلاقة بين تقييم (تقدير) السعادة وأعراض الاكتئاب كانت أكثر أهمية بكثير في المشاركين في المملكة المتحدة من أولئك الذين ينتمون إلى جنسيات أخرى أو المواطنين ممن لديهم جنسية مزدوجة".
و تتابع الدكتورة جوليا فوجت Julia Vogt : " إننا لا نذهب إلى أبعد من ذلك لاختبار مدى هذه الاختلافات ، ولكن يبدو أن هناك فجوة كبيرة بين الثقافات الغربية الناطقة بالإنجليزية والثقافات الأخرى عندما يتعلق الأمر بكيفية قيام قيمتنا الداخلية لتجربة السعادة بتشكيل تجاربنا ومزاجنا. ""
كما دونت الدكتورة إحدى ملاحظاتها قائلة : " إنها المرة الأولى التي ندرك فيها أن تجربة المملكة المتحدة لتقييم السعادة قد تم النظر فيها."
و هكذا ، فإن الدراسات الإضافية التي تركز على المدى الطويل ستحتاج إلى تكرار النتائج قبل أن يتمكن الباحثون من استخلاص أي استنتاجات حول السبب والنتيجة.
و هناك أيضاً حاجة إلى تضمين المزيد من وجهات نظر الذكور ، حيث أن كلتا الدراستين الحديثتين كانت لديهما أقلية من الذكور. و مع مرور الوقت ، يمكن لهذا المجال من البحث أن يساعد في منع وعلاج حالات مثل الاكتئاب.
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
السعادة : كيف يمكنك أن تكون سعيداً ؟