مشاعرك
هل أنت تقمع مشاعرك ، أم تتحكم بها؟

في عملية التشافي ، هناك خيط رفيع بين أن تقمع مشاعرك (عواطفك) و بين أن تتحكم بها.

يؤمن البوذيون -تماماً- بأن التحكم بـ العقل هو الطريق الحقيقي إلى التنوير.

و التنوير ، الذي يقصدونه هو ، السعادة happiness التلقائية والحقيقية.

إن الفكرة بسيطة من الناحية النظرية و لكنها معقدة في الممارسة العملية: 

فإننا من خلال استكشاف كلٍ من:  فهمنا للعقل، وتدريبه على التصرف بطريقة معينة ، نُطهِّر أنفسنا نوعاً ما، لنختبر الطبيعة الأساسية لما نحن عليه، و التي هي كما يعتقد البوذيون أنها: البهجة و الفرح joy.

كيف تتحكم بعقلك؟

إذا كنت قد انتظمت يوماً في مجموعة التأمل ، فستعرف أن المبدأ الأول للتحكم بـ العقل هو، عكس ما تفكر فيه: إنه يتعلق بالسماح بالرحيل letting go.

و للسيطرة الحقيقية على العقل ، يمارس البوذيون عدم التعلق non-attachment ، حيث يجلسون بهدوء ، ويتنفسون بثبات ، ويسمحون للأفكار بالظهور ، ومن ثم التماسك ، وبعد ذلك يسمحون لها بالمرور و الذهاب.

إن نهجهم الواضح و الوحيد هو، أن السيطرة على العقل هي في الواقع مسألة استسلام للعقل ، والسماح له بالتصرف كما يحلو له ، في حين أنهم يقومون بتنظيم ردود فعلهم عليه (على العقل).

كيف يمكنك معرفة ما إذا كنت تقمع مشاعرك ، أم أنك تتحكم بها؟

إن القمع العاطفي Emotional suppression هو إستراتيجية تنظيمية (ضابطة) يستخدمها الناس عندما لا يكون لديهم آليات تكيف مناسبة مع مشاعرهم feelings.

وغالباً ما يكون النمط هو: 

إن الأشخاص الذين ينكرون أو يتجاهلون ردود أفعالهم الحقيقية تجاه موقف ما أو تجربة معينة ، يعتقدون أنها سيتبدد -ببساطة- إذا استمروا في تجاهلها ،هم أنفسهم يكتشفون أن حياتهم اليومية تتعطل و تتأذى إلى حد ما بسبب الشعور بعدم الارتياح. ويوماً ما سيصل الأمر إلى نقطة الانهيار. و ستنشأ لديهم فورة عاطفية لا يمكنهم التحكم بها.

لا تقمع مشاعرك ... تعرَّف عليها

إن العلاج Therapy يهدف إلى مساعدة المرضى على عدم معاودة قمع الآلية التي يشعرون بها. وبدلاً من قمع مشاعرهم ، يتم تشجيعهم على التعرف على هذه المشاعر و تمييزها، و اختيار الطريقة المناسبة للاستجابة لها.

فهناك خيط رفيع جداً -في عملية التشافي- بين قمع suppressing المشاعر و التحكم controlling بها.

وهنا أريد أن أسألك مجموعة من الأسئلة، و ستجد الإجابة عليها في آخر المقال (إن لم تجب عليها بنفسك).

  • عندما تكون في سياراتك ويقوم شخص ما بتجاوزك في طريق، و تختار عدم الصراخ عليه من نافذة سياراتك ، هل أنت في هذه الحالة تقمع مشاعرك أم أنك تتحكم بها؟ 
  • وإذا كان شريكك يقول شيئاً -آخر- غامضاً ، وتختار عدم الرد عليه ، فهل أنت تقمع ما تشعر به أم تتحكم به؟
  • وإذا كان زميلك في العمل يثير غضبك باستمرار بشأن مشروعٍ ما، و تختار عدم قول أي شيء ، فهل أنت تقمع مشاعرك أم  أنك تتحكم بها؟

القمع حالة من اللاوعي ، و التحكم والسيطرة واعية conscious.

إن العواطف المكبوتة تعمل بشكل مشابه للانحيازات اللاواعية unconscious biases. 

و يعتبر أحد هذه الأنواع من التحيزات هو تأكيد التحيّز ، حيث يفرز دماغك المنبهات و المحفزات، ليجذب انتباهك إلى الحقائق أو الخبرات التي تدعم ما تؤمن به بالفعل. وعلى الرغم من أنك لست على علم بالتحيز ، إلا أنه لا يزال يؤثر عليك.

و من ناحية أخرى ، فقد أصبحت سيطرتك على عواطفك و مشاعرك في الواقع أكثر وعياً بما تشعر به. 

وبالتأكيد -حينها- أنت تدرك -تماماً- أنك غاضب أو حزين أو متذمر ، لكنك تختار ما تفعله حيال ذلك. فهنا -في الحقيقة- أنت لا تتحكم بعواطفك و مشاعرك، ولكنك تتحكم بسلوكك behavior.

وعندما تقوم بقمع مشاعرك ، فأنت لا تعرف -تماماً- شعورك، ويبدو -في هذه الحالة- أن سلوكك خارج عن السيطرة. 

أما عندما تتحكم بـ مشاعرك ، فأنت تعرف ما تشعر به ، ويظهر للمراقب الخارجي أن سلوكك يبقى ضمن سيطرتك.

إن الجواب هو أنه..

إن وعيك لمشاعرك .. هو مفتاح التحكم بسلوكك

فعندما تكون في ازدحام مروري ، أو في جدالٍ مع أحد ، أو أنك تتعامل مع زميل عمل صعب ، فإنه يتوجب عليك أن تكون مدركاً لما تشعر به ، وفي نفس الوقت تستطيع التحكم بكيفية الرد على هذه المشاعر. 

فالعواطف Emotions مؤقتة... ولكن السلوكيات دائمة. 

وكما تعلم جيداً فأنت دائماً مسؤولٌ عن الطريقة التي تختار بها رد الفعل تجاه الموقف.

المصدر


الوسوم



المؤلف

هدفنا إغناء المحتوى العربي لأن القارئ العربي يستحق المعلومة الصحيحة والمفيدة، و التي تنشر الآن في أهم المواقع العالمية ،


التعليقات

    • الأن
إشترك الآن

احصل على أحدث المواضيع و تواصل و اترك تأثير.

تسجيل الدخول مع فيسبوك تسجيل الدخول مع جوجل