نحن كائنات مدمنة على أشياء كثيرة، و ذلك بفعل العادة.
فكل عادة هي بمثابة إدمان، وكل إدمان هو بمثابة عادة.
فعاداتنا هي إدماننا على مادة ما، أو نشاط معين، أو عملية مكررة.
و غاية إدماننا هو الحصول على المتعة المؤقتة و الوهمية، و التي تصرفنا عن الواقع و مشاكله، و تحدياته، و تخدر أحاسيسنا و مشاعرنا.
و هي التي تُبعدنا عن فهم حكمة و رسائل مشاعرنا الحقيقية، و تُلهينا عن احتياجاتنا الحقيقية، و واجباتنا اتجاه انفسنا، و اتجاه من هم في رعايتنا، و كذلك اتجاه عملنا و بيئتنا.
و هي تتراوح ما بين ( المخدرات والكحول-القمار -التسوق - الانفاق - السفر - الطعام - الجنس، و القهوة و الشاي و المتة- العصائر و المشروبات الغازية- و العادات السرية- الإثارة الجنسية- و العلاقات و الألعاب الالكترونية- وسائط التواصل الاجتماعي - و مشاهدة التلفزيون، و الرياضة- الأدوية و العقاقير - العنف القهري- و الدين السياسة).
ما هي أهم أسباب تشكيل عاداتنا وادماننا؟
- الشعور بالملل. (عدم وجود اهداف صحيحة في الحياة والعمل).
- الشعور بالتوتر والضغط. (زيادة أعباء الحياة والعمل).
- الشعور بالإحباط وخيبة الامل. (عدم نجاح مساعينا في الوصول الى ما نريد).
كيف تنشأ العادة الإدمانية، وكيف تشكل سلوكاً خطيراً؟
عندما تواجهك مشكلةٌ أو موقف صعب أو حالة نفسية سيئة أو مشاعر سلبية، فمن المفترض أنك ستتصرف وفق أحد الخيارين التاليين:
- إما أن تقوم بتغيير الظروف المحيطة بك، و التي أدت الى وجود الحالة النفسية السيئة، و المشاعر السلبية، و ذلك بالاعتماد على أسلوب حل المشكلات، والتفاوض، والتواصل الهادف، والتعاون الإبداعي.
- أو أننا سنتصرف من خلال تغيير أنفسنا، أو تغيير علاقتنا مع الظروف.
و لسوء حظنا، فنحن لم نتلق التدريب و التعلم الكافيين حول هذين الخيارين، فنعمد بطريقة غريزية الى التخفيف من وطأة الألم والحالة النفسية السيئة، والمشاعر السلبية، من خلال اللجوء الى المُلهيات والمشتتات ( أنظر أسفل المقالة عن المُلهيات والمشتتات).
و التي هي موضوع العادة و الإدمان كما تم ذكرها سابقاً ليعملا معاً أو منفردين بالترويح و التنفيس عن المواقف الصعبة و الحالات النفسية السيئة.
و ليقدِّما لنا راحة مؤقتة على المدى القصير من زاوية، و مشكلة كبيرة و جديدة على المدى الطويل من زاوية أخرى. و التي ستضاف إلى حقيبة مشاكلنا السابقة... إنها العادة و الإدمان.
و هي بدورها تسبب لنا متاعب جديدة، عبر إضافة مشاعر سلبية أخرى تبدء بالشعور بالذنب، و النقص والعار والانعزال والقلق والخوف والوسواس، وصولاً إلى حالة من الكآبة و الاكتئاب و اليأس.
و بالتأكيد فإن فهم هذه الآلية سيساهم إلى حدٍ كبير في علاج العادات السلبية و في علاج الادمان.
كيف يتم التغلب على العادات السلبية والادمان؟
إليك خمس نقاط مهمة لفعل ذلك:
- الوعي والفهم للعادة التي ترغب بتغييرها. افتح سجلاً و راقب نفسك، و سجل فيه كم مرة تقوم بهذه العادة، و تحت أي ظرف تقوم بها. و ما هي المشاعر المتشكلة قبل و بعد القيام بهذه العادة. و كذلك ما هي الأشياء التي تحاول الهروب منها. و عليك الاستمرار بذلك لمدة عشرة أيام حتى تصبح واعٍ بالعادة التي تقوم بها تماما.
- اوجد سلوك بديل ايجابي عن العادة التي ترغب بالتخلي عنها، لتحل محلها، و قم بالتركيز عليها، و استخدمها في كل مرة تجد فيها عقلك يلح عليك بتنفيذها. عل سبيل المثال، قم بتمرينٍ رياضي، أو قم بالغناء. و بالتأكيد تستطيع أن تجد بديلاً ملائماً، و ببعد ذلك قم بالتركيز عليه. إذ أن هذا يعتبر خطوة مهمة جداً، فالسلوك القديم لا يتغير مالم نوجد سلوكاً جديداً يحل محله.
- ناقش الفكر الذي يتواجد في الذهن، و الذي يسبق قيامك بالعادة. و قم بالسخرية منه و جداله.. قل له لن اسمح لك بعد الآن بدعوتي إلى تنفيذ هذه العادة،.و قل له أنا أصبحت مدركاً للسبب الذي دفعني لفعل هذا، و لن تنجح دعواتك لي. و حاول أن تضحك منه، بأن تقوم بهز رأسك إلى الأعلى و الأسفل، و أنت تردد "أنا أفهمك و أقدرك، إنما أنا الآن في طريقي إلى شيء جديد". و استمر في ذلك مع كل مرة يأتي إليك فكر العادة. كما يمكنك تسجيل هذه الأفكار على سجلك لتناقشها لاحقاً بطريقة منطقية و عقلانية.
- قبل أن تبدأ في مكافحة العادة الإدمانية و استبدالها ضع في عين الاعتبار كل العواقب والخيارات والاحتمالات التي سوف تواجهك، و كن واعياً بها و متحملاً لها، كأعراض الانسحاب و الشعور بالحزن والكآبة. و عليك أن توجد خيارات مناسبة لمواجهتها من خلال الفهم و الصبر و بذل الجهد، و التركيز على النتيجة النهائية، و الآثار الإيجابية للعملية بأكملها.
- قم بتحسين شروط البيئة المحيطة بك و التي تبعدك عن ممارسة العادة الإدمانية. على سبيل المثال، ابعد الأطعمة السكرية من ثلاجتك، و أبعد كافة الأطعمة التي تستهويك، إذا كنت مدمناً على الطعام.
و إذا كنت مدمن وسائط اجتماعية اغلق هاتفك تماماً.
إن نجاحك في ترك العادة الإدمانية متوقف على إدارة بيئتك.
و كذلك فإن مفتاح نجاحك في القضاء على العادة السلبية الإدمانية يكمن في جهودك و مثابرتك و صبرك و إصرارك على تحقيق ما تريد. ابق مستمراً حتى تتخلص من عاداتك الادمانية. و تذكر أن النصر هو صبر ساعة، و أن ما يتوجب عليك فعله يجب أن يكون بصورة مستمرة و ليس ما تفعله بين فترة و اخرى.
ما هي المُلهيات والمشتتات في الحياة؟ وماهي وظيفتها و غايتها؟
هي عبارة عن إجراءات و أفعال، نقوم من خلالها بإبعاد و صرف انتباهنا وتشتيته، و الهاءه عن المواقف الصعبة، و تحديات الحياة، و الحالات النفسية السيئة، والمشاعر السلبية. و ذلك من خلال استخدام مادة ما( كحول – مخدرات – ادوية – عقاقير – مكيفات) او تفعيل أنشطة تتمثل في( التسوق – العمل المستمر – الطعام – القمار – الرياضة الادمانية – مشاهدة التلفزيون بصورة مستمرة – الألعاب الالكترونية – وسائط التواصل الاجتماعي – الطقوس الدينية والأنشطة السياسية......ألخ) او عمليات تتمثل في( الجنس – والادمان على العادات السرية والعلاقات – جراحات التجميل المتكررة – الاثارة الجنسية والاستعراض – العنف القهري).
و بالتأكيد فوظيفة المُلهيات و غايتها تحقيق الامتاع و الراحة الوهمية المؤقتة للهروب من مواجهة مشاكلنا و مشاعرنا و اخطائنا، و كلما فعلنا ذلك، زادت معاناتنا.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
5- طرق للتخلص من العادات العقلية السيئة التي تمنعك من الوصول إلى أهدافك