إن قلة النوم، أو عدم الحصول على حصة كافية من النوم كل ليلة، هي قضية جوهرية فيجميع تشخيصات الصحة العقلية تقريباً.
و قد بحثت دراسة في آثار الذهاب إلى الفراش بعد ساعتين من المعتاد و لكن الاستيقاظ في الوقت المعتاد.
و وجدت أن الناس لم يصبحوا أكثر اندفاعاً، و أكثر عرضة للأخطاء في اليوم التالي، فحسب ، بل شهدوا أيضاً تبهيت و زوال للمشاعر الممتعة الإيجابية عادةً.
يُعد عدم النوم جيداً في الليل سبباً معروفًا للمشاكل المعرفية و العاطفية، و يجعل الناس أكثر عرضة للحوادث في اليوم التالي.
و على مدى فترات أطول ، يرتبط الحرمان من النوم، بصحة نفسية و جسدية أسوأ.
قلة النوم لها آثار مهمة على الوظيفة اليومية و على نوعية الحياة ، مثل التفاعل الاجتماعي و كفاءة العمل و السلامة المرورية ، خاصة في الصباح الباكر من اليوم.
و توصي مؤسسة النوم الوطنية The National Sleep Foundation في الولايات المتحدة بأن يحصل المراهقون على 8-10 ساعات من النوم كل ليلة، و أن يحصل البالغون تحت سن 65 سنة على 7-9 ساعات.
و مع ذلك ، أفاد ما يقرب من ثلث البالغين الذين استجابوا لمسح مقابلة الصحة الوطنية لعام 2012 أنهم ينامون أقل من 6 ساعات في الليلة.
و للعلم، تتضمن معظم الأبحاث حول التأثيرات المعرفية و العاطفية للحرمان من النوم، المتطوعين الذين يقضون عدة ليال في محيط غير مألوف لمختبر النوم.
و من ناحية، فقد أراد علماء النفس في النرويج التحقيق في الآثار في ظل ظروف طبيعية أكثر ، بينما كان الناس في المنزل و ينامون في أسرتهم.
و اكتشفوا أن قلة النوم جعلت المشاركين يشعرون بالسوء في اليوم التالي ، و لكن ليس مشاعر من قبيل الشعور بالإحباط أو الاكتئاب. و بدلاً من ذلك ، فقد عانوا من المشاعر الإيجابية بشكلٍ أقل.
يقول إنجفيلد ساكسفيك-ليويلييه Ingvild Saksvik-Lehouillie، أستاذ علم النفس المساعد في الجامعة النرويجية للعلوم و التكنولوجيا ، الذي قاد البحث: "شعروا بفرح أقل ، و حماسٍ ، و انتباهٍ ، و إنجاز أقل".
يقول علماء النفس أن النتائج التي توصلوا إليها تشير إلى أن البقاء مستيقظاً في وقت متأخر من العمل أو ليالي المدرسة يمكن أن يضعف قدرة الناس على إدارة التوتر، و أحداث سلبية في الحياة.
يقول ساكسفيك ليهولييه: "نحن نعلم بالفعل أن المشاعر الإيجابية الأقل لها تأثير كبير على الصحة العقلية". و يضيف "و نعلم أيضاً أن قلة النوم مشمولة في جميع تشخيصات الصحة العقلية تقريباً".
و بعد نوم أقل من المعتاد ، تصرف المشاركون في الدراسة أيضاً بشكل أكثر اندفاعاً، و كانوا أكثر عرضة لارتكاب الأخطاء في الاختبار القياسي.
و للعلم فقد ظهر البحث في مجلة النوم the journal Sleep.
النوم الطبيعي و النوم المتقطع
تتبعت الدراسة 52 من البالغين الأصحاء الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 35 سنة على مدى 11 يوماً.
و لمراقبة النوم ، طلب الباحثون من المتطوعين ارتداء أجهزة استشعار الحركة على معصميهم و ملء "مذكرات النوم" كل صباح.
و تضمنت اليوميات أسئلة عن الوقت الذي ذهب فيه الشخص للنوم و متى استيقظ ، و كم من الوقت استغرق للغرق في النوم ، و أي فترات من الأرق أو اليقظة أثناء الليل.
و بعد الحفاظ على عادات نومهم الطبيعية لمدة 7 أيام ، ذهب المشاركون إلى الفراش بعد ساعتين من المعتاد في آخر 3 ليال من الدراسة و لكنهم استيقظوا في وقتهم المعتاد.
يقول إنجفيلد ساكسفيك-ليويلييه : "في مرحلة الحرمان من النوم المفروضة ، دخل المشاركون تحت أغطيتهم بعد ساعتين مما فعلوا عادةً، و كان عليهم الاستيقاظ في وقتهم المعتاد".
و في صباح الأيام 1 و 4 و 8 خلال مرحلة النوم المعتادة ، و الأيام 9 و 11 خلال مرحلة الحرمان من النوم ، أجروا اختباراً في المختبر في حوالي الساعة 9 صباحاً.
و قد تضمن الاختبار القياسي ، المسمى اختبار الأداء المستمر لـ Conners-3 ، الضغط على مفتاح المسافة على لوحة المفاتيح كلما ظهر أي حرف من الأبجدية - بصرف النظر عن الحرف "X" - في مواقع عشوائية على الشاشة.
و تم تصميم الاختبار لتقييم قدرة الفرد على الانتباه و اليقظة المستمرة. و للعلم تستمر هذه التجربة لمدة 14 دقيقة ، و خلال هذه الفترة ، يظهر 360 حرفاً على فترات غير منتظمة على الشاشة.
و بعد اختبار الانتباه ، قام المشاركون بملء استبيان قياسي يسمى جدول الآثار الإيجابية و السلبية ، و الذي يقيم الحالة العاطفية.
و يتطلب هذا الاختبار منهم تسجيل أنفسهم في 10 أنواع من المشاعر الإيجابية ، مثل الإثارة و الحماس و التنبه ، بالإضافة إلى 10 أنواع من المشاعر السلبية ، مثل الخوف و الذنب و العصبية.
و بشكلٍ حاسم ، لم يُسمح للمشاركين بتناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين من الوقت الذي خرجوا فيه من الفراش حتى بعد إجراء الاختبارات.
استجابات مندفعة
في الصباح بعد الليالي الثلاث المتأخرة ، انخفضت أوقات استجابة المشاركين في اختبار الانتباه ، مما يشير إلى أنهم أصبحوا أكثر اندفاعاً.
و مع ذلك ، فقد ارتكبوا المزيد من الأخطاء بشكل تدريجي على مدار 3 أيام.
يقول ساكسفيك ليهولييه: "لم نجد فروقاً واضحة عندما يتعلق الأمر بالمشاعر السلبية ، و لكن كانت هناك اختلافات ملحوظة عن المشاعر الإيجابية".
و يضيف: "لقد سجلت المشاعر الإيجابية أسوأ بعد ليلة واحدة فقط من انخفاض النوم و انخفضت أكثر بعد 3 ليال."
و يكتب علماء النفس أن النتائج التي توصلوا إليها قد تكون انعكاساً أكثر دقة لتأثيرات الحرمان من النوم على الحياة اليومية من تلك التي توفرها التجارب المعملية. ففي المختبر ، يقصر الباحثون عادةً نوم المشاركين على 4 أو 5 ساعات فقط في الليلة.
يستنتج المؤلفون:
تسلط هذه النتائج الضوء على أنه حتى ساعة أو ساعتين أقل من النوم لبضع ليالٍ يرتبط بالعواقب السلبية.
كذلك ، تُظهر هذه النتائج أنه حتى قلة النوم قد يكون لها آثار مهمة على الوظيفة اليومية و نوعية الحياة ، مثل التفاعل الاجتماعي و كفاءة العمل و السلامة المرورية ، خاصة في الصباح الباكر.
و قد لاحظ المؤلفون أن أحد القيود المحتملة على دراستهم هو أن 79 ٪ من المشاركين كانوا من الإناث ، الأمر الذي كان من الممكن أن يؤدي إلى تحيز جنساني للنتائج.
و تشير الأبحاث السابقة إلى أن الإناث قد يكن أكثر عرضة من الذكور لآثار الحرمان من النوم و أنهن قد يواجهن أيضاً مشاكل أكثر في النوم.
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
ديباك شوبرا - 5 عادات جوهرية حاسمة لـ النوم المريح