يرسم الباحثون خريطة القلق في الدماغ و يحاولون فهم ما يبدو عليه القلق في الدماغ.
حدد الباحثون في إيطاليا الاختلافات الهيكلية و الوظيفية في أدمغة الأشخاص الذين يعانون من القلق المؤقت و القلق المزمن.
و قد تعمل هذه الاختلافات على تحسين تشخيص القلق و علاجه.
بالتأكيد فالشعور بالقلق هو أمرٌ شائعٌ. فقد شعر معظمنا ، في وقت أو آخر ، بالقلق من النتائج المستقبلية ، سواءً أكنا نختبر النتائج أو الاحتياجات المالية أو الأهداف المتعلقة بالعمل.
و لكن عندما تستمر هذه المشاعر و لا تتعلق بقلق واحد محدد ، فيمكن أن يصبح القلق حالة طويلة الأمد.
على الرغم من أنه ينشأ في الدماغ ، إلا أن القلق يمكن أن يكون جسدياً للغاية ، مما يؤدي إلى خفقان القلب ، و صداع الرأس، و الدوخة ، و آلام في المعدة.
و قد تؤدي ضغوط العالم الحديث إلى زيادة اضطرابات القلق ، و التي تعد حالياً الشكل الأكثر شيوعاً من اعتلال الصحة العقلية في أنحاء العالم.
و نتيجة لذلك ، يحاول الباحثون بنشاط فهم ما يبدو عليه القلق في الدماغ حتى يتمكنوا من تطوير طرق أفضل للتشخيص و العلاج.
ففي دراسة جديدة ، فحص باحثون من جامعة ترينتو University of Trento في إيطاليا أدمغة 42 شخصاً يعانون من أنواع مختلفة من القلق .
و وجدوا اختلافات قابلة للقياس في تشريح الدماغ، و النشاط بين الأشخاص الذين يعانون من أشكال مؤقتة و مزمنة من حالة القلق.
و النتائج التي توصل إليها الباحثون ، و التي يمكن أن تثري الممارسة السريرية ، تظهر في دورية Nature Journal Scientific.
قلق الحالة مقابل القلق كسمة
لاحظ الباحثون أنه من الممكن تصور الأشكال المختلفة للقلق – الخاص بحدث معين مقابل القلق المزمن - كقلق الحالة و قلق السمة state and trait anxiety.
و يتم وصف قلق الحالة state anxiety القلق على المدى القصير ، بينما يصف قلق السمة trait anxiety شكلاً أكثر استمراراً من القلق.
و يشرح المؤلف الكبير للدراسة ، د. نيكولا دي بيسابيا Nicola De Pisapia، أن "قلق الحالة هو حالة مؤقتة ، في حين أن القلق الناتج عن السمة عادة ما يكون سمة مستقرة للشخص."
بعبارة أخرى ، يمكن للناس أن ينظروا إلى قلق السمة على أنه سمة شخصية للفرد.
و على الرغم من أن الاختلافات في تجربة هذين الشكلين من القلق موصوفة جيداً ، إلا أن شكلها في الدماغ هو أكثر من لغز.
و إلى جانب فريقه ، يعد دي بيسابيا De Pisapia واحداً من أوائل من قام بالتحقيق في هذا بدقة ، باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي MRI - magnetic resonance imaging ، و الذي يمكن أن يوفر صوراً للدماغ في المستيقظين.
و أجرى الباحثون فحوصات دماغية هيكلية و وظيفية لـ 42 شخصاً يعانون من قلق الحالة أو قلة السمة.
كذلك فقد قام الباحثون بتقييم نوع القلق الذي يعاني منه كل شخص باستخدام اختبار القياس النفسي الذي يطلب من المشاركين تقييم أنفسهم في عبارات مختلفة ، مثل:
- "أشعر بالهدوء" ،
- "أنا قلق حالياً" ،
- و "أنا قلق للغاية بشأن شيء ما، لا يهم ".
شبكة الوضع الافتراضي The default mode network
حدد الباحثون الاختلافات التشريحية الدائمة في أدمغة الأشخاص الذين يعانون من القلق كسمة ، و خاصةً في المناطق المرتبطة بتنظيم العاطفة ، مثل القشرة الحزامية الأمامية.
و يقول الباحثون، أن هذه الاختلافات التشريحية يمكن أن تكمن وراء الأفكار السلبية المتكررة repetitive negative thoughts التي يعاني منها الأشخاص الذين يعانون من القلق.
و في المقابل ، وجدوا أن الأشخاص الذين يعانون من قلق الحالة لديهم اختلافات وظيفية في الدماغ ، وهي تغييرات مؤقتة في نشاط الدماغ.
و تتعلق العديد من هذه التغييرات بشبكة الوضع الافتراضي ، و هي شبكة من مناطق الدماغ تنشط عندما يكون العقل في حالة راحة و يتجول - على سبيل المثال:
- عندما يفكر الشخص في نفسه أو الآخرين ،
- أو عندما يتذكر الماضي ،
- أو عندما يخطط للمستقبل .
يرتبط فرط نشاط شبكة الوضع الافتراضي باجترار الأفكار و بـالقلق الشديد ، في حين أظهرت الأبحاث أن أنشطة مثل التأمل تهدئ الشبكة.
أدوات تشخيصية جديدة؟
يمكن للأطباء ، في يوم من الأيام ، استخدام توصيف أنواع القلق التي يقدمها المؤلفون في ورقتهم لتشخيص الأشخاص الذين يعانون من القلق بشكل أكثر دقة، و اختيار العلاج الأنسب لهم.
يقول الدكتور نيكولا دي بيسابيا: "قد تؤدي هذه النتائج إلى إنشاء أدوات و علاجات تشخيصية جديدة تهدف إلى التخفيف من أعراض اضطرابات القلق، وعلاجها قبل أن تصبح مزمنة."
و يسلط الباحثون الضوء على أهمية الحد من القلق - باستخدام تقنيات الاسترخاء ، على سبيل المثال - بمجرد ظهورها لمنعها من أن تصبح مزمنة.
يقول دي بيسابيا: "توضح دراستنا أنه من الضروري علاج الأفراد الذين يعانون من قلق الحالة حتى لا يتطور الوضع لديهم القلق كسمة".
و يناقش الباحثون استخدام اليقظة الذهنية و العلاج السلوكي المعرفي (CBT cognitive behavioral therapy) و التحفيز المغناطيسي للدماغ كطرق مفيدة للتخفيف من القلق.
و هناك بعض القيود المهمة على هذه الدراسة ، بما في ذلك حجم العينة الصغير نسبياً، و حقيقة أن الفريق استخدم اختباراً نفسياً واحداً، فقط ، للتمييز بين قلق الحالة و القلق كسمة.
و يمكن أن تساعد الدراسات المستقبلية في التحقق من صحة هذه النتائج من خلال قياس القلق مباشرة أثناء إجراء مسح الدماغ.
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :