العمر
هل تريد العيش لفترةٍ أطول ؟ اكتشف هدفاً لحياتك

هل تساءلت من قبل عن السر وراء زيادة متوسط العمر لدى اليابانيين؟ إن الإجابة هي (ikigai).

فبالتأكيد سيكون الفرح و الشعور بالسعادة نتيجة كونك على قيد الحياة، و إدراك قيمة البقاء على قيد الحياة، هو ذلك السر العظيم.

تجلس مجموعة من النساء اليابانيات المسنات حول طاولة كبيرة ، حيث يغطي سطحها الكثير من الأوراق وأكوام الزهور المضغوطة.

و في جو مبهج ومليء بالمزاح الودي ، تقوم ميتشيكو Michiko، البالغة من العمر 84 عاماً، بالتنقل بين المؤن، و التقاط البتلات.

ثم تعدلها بعناية لتصنع منها تركيبةً فنية رائعة. إنها تحب المجيء إلى هنا بانتظام، إلى هذا المركز الكبير القابع في واحدة من ضواحي طوكيو العديدة – وجلسة ترتيب الزهور هي الأفضل والأشد جذباً لها.

و تخبرنا ميتشيكو أن هوايتها هذه، و الصداقات الناتجة عنها تزودها بـ ikigai، أي أن ذلك يمنحها سبباً للعيش. و على هذا النحو، فقد يكون الـ ikigai مسؤولًا على نحو جزئي على الأقل عن صحة وحيوية ميتشيكو التي تُحسد عليهما.

ماذا تعرف عن الـ Ikigai؟

إن  (Ikigai) هي كلمة تسمعها كثيراً في اليابان.

حيث ستسمع الناس يخبرونك ببساطة بجملٍ من قبيل: "أطفالي هم ikigai الخاص بي" أو "عملي هو ikigai" أو "العمل التطوعي في منطقتي هو ikigai".

من الملفت للنظر أن هناك صعوبة في ترجمة هذه الكلمة إلى اللغة الإنجليزية، إلا أنها تعني تقريباً "مغزى العيش".

و يعرّف أهم قاموس في اليابان ikigai بأنها "الفرح و الشعور بالسعادة نتيجة كونك على قيد الحياة" و "إدراك قيمة البقاء على قيد الحياة".

و بغض النظر عن التعريف الدقيق للكلمة، يعتقد العديد من اليابانيين أن ثقافة تشجيع ikigai هي أحد الأسباب وراء طول عمر اليابانيين.

و إذا علمنا أن متوسط العمر لدى المواطن الياباني يفوق متوسط عمر نظيره الأمريكي (على سبيل المثال) بنصف قرن تقريباً، فربما تكون هناك بعض الدروس الهامة التي يمكننا تعلمها هنا.

و مما شك فيه أن هناك أبحاث تدعم بالتأكيد فكرة أن ikigai يؤثر إيجابياً على صحة الإنسان و ارتفاع متوسط عمره.

فقد اكتشفت إحدى الدراسات الكبيرة و التي تعقبت أكثر من 70،000 ياباني لمدة 12 عاماً تقريباً أن أولئك الذين أعلنوا أن لديهم ـ ikigai قد تعرضوا لخطر أقل للوفاة بنسبة تصل إلى 26% لدى الرجال وحوالي 33%لدى النساء - و هو ما يُقارن بآثار اتباع الحمية الغذائية الشهيرة لمنطقة البحر الأبيض المتوسط.

و كذلك يرتبط امتلاك الإنسان لـ ikigai بانخفاض خطر الإصابة بالسكتات الدماغية، و أمراض القلب والأوعية الدموية.

و على الرغم من أن العلماء في الغرب يجدون صعوبة في دراسة الـ ikigai مباشرة، و ذلك  لأن هذا المفهوم لا يمكن ترجمته بسهولة من ثقافة إلى أخرى،

إلا أن هذا المفهوم القريب جداً - و هو وجود مغزى أو غاية من الحياة – قد خضع جيداً للدراسة في الولايات المتحدة وأوروبا. و كانت النتائج مشجعة للغاية، من الناحية الصحية.


ما الدافع للبحث حول الـ ikigai؟

إن الوحدة مدمر حقيقي لصحة الإنسان. و سيكون الأشخاص المعزولين اجتماعياً أكثر عرضة للوفاة قبل الأوان بمعدل مرتين و نصف إلى ثلاث مرات مقارنةً بغيرهم من الأشخاص الاجتماعيين، وفقاً لدراسة حديثة.

ربما يكون البحث عن الـ (ikigai) بمثابة ترياق لشعور الوحدة الناتج عن جائحة كورونا التي نعيشها اليوم.

و من الملفت للنظر أن أولئك الذين يمتلكون هدفاً في حياتهم يتمتعون بـ القدرة على النوم بشكل أفضل،

كما يحظون بأحجامٍ أكبر من المادة الرمادية في القشرة الدماغية بالمخ، و مستويات أقل من السيتوكينات المؤيدة للالتهابات، و معدلات أقل من هرمون الإجهاد (الكورتيزول) في لعابهم.

حتى أنهم يمشون بشكل أسرع و يتمتعون بقبضة يد أقوى - و كلاهما من دلائل الصحة الجيدة.

و الأهم من ذلك، أن إيجاد المعنى يقلل أيضاً من خطر الاختلال الإدراكي أو الضعف المعرفي - و حتى فيما يتعلق بمرض الزهايمر.

فإذا أصيب شخص يبلغ من العمر 90 عاماً بمرض الزهايمر و كان يمتلك هدفاً في حياته، فمن المرجح أن تستمر وظائفه في العمل بشكل جيد نسبياً على الرغم من التغيرات المرضية الحقيقية في دماغه.

و لابد من القول أن تأثيرات امتلاك الإنسان للمعنى و الهدف في الحياة، أو الـ ikigai، شديدة الوضوح على صحة الإنسان و طول عمره، و في الواقع، فقد أدرجت وزارة الصحة اليابانية ikigai في استراتيجية تعزيز الصحة الخاصة بها.

و قد اكتسب اليابانيون بالفعل خبرة في العثور على "مغزى لحياتهم" - حيث وُجد أن ما يقرب من 88% من الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً أعلنوا عن امتلاكهم لـ ikigai و هي نسبة مذهلة للغاية.

و على الرغم من عدم وجود دراسات من شأنها مقارنة انتشار الـ ikigai بشكل مباشر بين الدول المختلفة، إلا أن دراسة واحدة نجحت في الاقتراب من ذلك ؛ حيث طُلب من عدة أشخاص في 10 دول مختلفة الإجابة على أسئلة من قبيل:

"هل تعتقد أنك تقدم شيئاً مفيداً لعائلتك أو للعالم من حولك؟"

أو : "هل تعتقد عائلتك أو الآخرون بأنك قادر على فعل شيء مهم لهم؟". والجدير بالذكر أن اليابان كانت قد سجلت  أعلى نسبة من حيث معدل الأشخاص الذين أجابوا على هذين السؤالين بـ "نعم، كثيراً "

و كانت النسبة 27% و 26% على التوالي. أما في الولايات المتحدة، فقد كانت الأرقام 11% للسؤال الأول و8% فقط للسؤال الثاني.

و لا ريب أن لدينا جميعاً فرصاً للتحسن - و خاصة الآن حيث تبقينا جائحة كورونا معزولين اجتماعياً.

فالوحدة مدمر حقيقي لصحة الإنسان. حيث أظهرت إحدى الدراسات بجامعة كاليفورنيا أن الأشخاص المعزولين اجتماعياً يكونون أكثر عرضة للوفاة قبل الأوان بمعدل مرتين و نصف إلى ثلاث مرات مقارنةً بغيرهم من الأشخاص الاجتماعيين.

تعمل الوحدة على رفع معدلات ضغط الدم، و تجعلنا أكثر عرضة للإصابة بالعدوى (و بالتأكيد الأمر غير المفيد تماماً في أوقات الجوائح).


و أخيراً …

لم يعد التواصل الاجتماعي خياراً في هذه الأيام، غير أن هناك شيء واحد قد يحل محل العناق المفقود و هو إيجاد معنى للحياة.

و يبدو أن اتباع نصيحة اليابانيين، و البحث عن الـ ikigai يمكن أن يكون بمثابة ترياق لشعور الوحدة الناجم عن جائحة كورونا – و ذلك بغض النظر عما إذا كان الـ ikigai الخاص بك هو الكفاح في سبيل قضية تؤمن بها، أو الاعتناء بأسرتك، أو ببساطة تشكيل الزهور المضغوطة.



عزيزي القارئ

لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.

كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.  


 ننصحك بقراءة المقالات التالية :

طول العمر : هل يمكن أن تساعدنا هذه الصفات النفسية في العيش لفترة أطول؟

من الممكن إنتاج الخلايا العصبية جديدة مع التقدم في العمر

وصفة حساء الهليون الصحية لمكافحة الشيخوخة و التقدم بالعمر

.


المصادر


الوسوم



المؤلف

هدفنا إغناء المحتوى العربي لأن القارئ العربي يستحق المعلومة الصحيحة والمفيدة، و التي تنشر الآن في أهم المواقع العالمية ،


التعليقات

    • الأن