لدينا هنا بعض إرشادات و خدع و أدوات المبدعين الرائعين للحفاظ على تدفق الأفكار و إعادة الحياة إلى الأذهان في أوقات الركود.
و بالتأكيد جميعنا يعلم أن الإبداع ليس ضربة حظ خاطفة.
بصفتي مسوِّق محتوى و كاتب، فقد تمثل الأفكار أكبر عدوٍ لي.
فأنا أكتب أحياناً ما يزيد عن 5000 كلمة في اليوم، ما بين حياتي المهنية، و العمل الحر (freelancing).
و تمر بي أيام أشعر فيها أنني أستطيع الكتابة لساعات وربما أيامٍ متتالية، حيث تتدفق الأفكار إلى رأسي بكل سهولة، ثم تأتي أيام تكون فيها مخيلتي كالصحراء المقفرة.
و سيخبرك أي كاتب أو مصمم أو مسوق أو فنان كم هو محبطٌ أن تتوقف الأفكار عن التدفق إلى رأسك، ففي كثير من الأحيان لا يسعنا إلا أن ننتظر بيأسٍ شديد أن تنمو الأفكار الخاطفة داخل أذهاننا لتمدنا بالإلهام.
غير أن هذه الطريقة في التفكير هي تحديداً السبب وراء تضليل كثير من المبدعين.
و في حين أن الإبداع يبدو أحياناً و كأنه ضربة حظ غامضة، إلا أنه غالباً ما يكون نتيجة عملك الخاص.
وكما كتب المؤلف ريان هوليداي Ryan Holiday : " قد يبدو الإبداع مثل السحر، لكنه ككل خدعة سحرية، قائم على طريقة حقيقية."
و قد طور بعض المبدعين الرائعين إرشادات وخدع و أدوات خاصة بهم للحفاظ على تدفق الأفكار و إعادة الحياة إلى أذهانهم في أوقات الركود. كما أنني تعاملت مع الكثير منها على مدى سنوات عدة.
و في سعينا لتزويدك ببعضها ، إليك عزيزي القارئ بعض الاستراتيجيات التي تناسبني كثيراً عندما تمر مخيلتي بفتراتٍ من الجمود:
1. اقرأ :
بصفتي محترف تسويق صغير السن؛ فقد تعلمت في وقت مبكر جداً أن أكثر الأشخاص نجاحاً يقضون جزءاً كبيراً من يومهم في تعليم أنفسهم.
و يقال أن بيل جيتسBill Gates يقرأ 50 كتاباً في العام.
بينما يخبرنا رجل الأعمال الشهير وارن بافت Warren Buffet أنه يقضي ما يقرب من 80% من يومه في القراءة.
أما فيل نايت Phil Knight أحد مؤسسي شركة "نايكي" Nike فكانت لديه مكتبة شخصية خلف مكتبه الرسمي في المقر الرئيسي لشركة نايكي – و للدخول إليها، كان على المرء خلع حذائه و الانحناء.
لذا ، و عندما تجد نفسك مشغولاً و مستنفد الأفكار، فربما تكون جرعة صحية من تحفيز الدماغ هي أفضل مخرج لك.
أما بالنسبة لي، في حالةٍ كهذه فإنني عادة ما أتوجه لقراءة المقالات الرائجة على موقع لينكدإن LinkedIn حول التسويق والعلامات التجارية أو أقوم بفتح اليوتيوب YouTube للاستماع إلى حوار شيق بين قادة الفكر.
و في بعض الأحيان، ألتقط كتاباً حول موضوع عشوائي مثل البدائل المستدامة للقهوة ، أو أقرأ فقرة من مذكرات كتبها أحد الأشخص المفضلين إلي.
و تذكر دوماً أن بضع دقائق من التعلم تعيد ترتيب الأفكار داخل رأسك و تمنح ذهنك الصفاء.
و الشاهد هنا هو أنك لا ينبغي أن تتجه بدون وعي إلى توتير Twitter مثلاً، و لكن عوضاً عن ذلك يجب أن تستهدف المحتوى الذي سيساعدك على التقدم.
فهذه اللحظات من التعلم حريٌّ بها أن تربط الأفكار التي تبدو متباينة مع بعضها البعض في الوقت الذي تزرع فيه بذور التفكير الإبداعي داخل رأسك.
2. توقف عن الكتابة لبعض الوقت :
قال الكاتب تيم فيريس Tim Ferris ذات مرة في هذا الشأن:
"إن حالة جمود الكاتب تكاد تكون مكافئة للعجز الجنسي.
فالضغط الذي تفرضه على ذاتك يكون كبيراً للغاية". و حتى أكثر العقول إبداعاً في العالم تعاني من حالة جمود الكتابة.
و في النهاية قد يصيبك الإجهاد العقلي في أي وقت وبشكلٍ خارج عن إرادتك.
و قد تشعر بأن رأسك فارغ من الأفكار تماماً كرسائل البريد الإلكتروني التي تملأ بريدك الوارد أثناء محاولتك إنهاء مشروع ما قبل عطلة نهاية الأسبوع.
و أحد أسوأ الأشياء التي يمكنك القيام بها في هذه الحالة هو أن تدفع عقلك دفعاً لتجاوز قدراته من خلال إجباره على أن يكون مبدعاً.
لذا و عوضاً عن إرهاق ذاتك في التفكير بشيء ما، فإن أفضل علاج يتمثل غالباً في الحصول على استراحة قصيرة.
بل حتى إن قضاء عشر دقائق في أحضان الطبيعة أو التجول حول الحي سيمنحانك بدايةً جديدة منعشة.
و تتمثل أحد الجوانب الإيجابية في العمل من المنزل أثناء الحجر الصحي هو أنني أستطيع ممارسة اليوغا لمدة خمس دقائق أثناء كتابة مدونة أو الصعود إلى السطح لاستنشاق الهواء النقي.
و أنصحك بألا تفكر في الإبداع كمورد غير متجدد – فالإبداع على العكس من ذلك لا نهاية له، فقط إذا كنت تعرف كيف ومتى تستخدمه.
و تذكر، إذا كانت صحتك العقلية تعاني الويلات، فمن المؤكد أن عملك سيعاني أيضاً.
3. احتفظ بمذكرة للملاحظات :
هل سبق و برقت في ذهنك "فكرة سريعة" أثناء ممارستك للتمارين الرياضية أو التسوق من البقالة، و سرعان ما نسيتها عند وصولك إلى المنزل؟
إنني أعاني من الأمر ذاته، و أشعر بالكثير من الإحباط بسبب ذلك.
و لحسن الحظ، فقد صادفت العام الماضي ما يُعرف بـ "نظام بطاقة الملاحظة notecard system " لـ روبرت غرين Robert Greene، و كان لها كبير الأثر في بناء أفكاري الخاصة.
الأمر جد بسيط: إذا برقت في ذهنك فكرة جيدة، أو موضوع مثير للاهتمام، أو إذا وجدت اقتباساً رائعاً، أو سؤال يشغل ذهنك، قم بتدوينه فوراً على بطاقة ملاحظة صغيرة.
و إليك بعض الأمثلة على الأشياء التي دونتها:
- "لكم يجد البشر الشغف أمراً ساحراً!"
- " مصطلح Shoshin يعني (عقلية المبتدئين). فنحن بحاجة إلى تقبل فكرة أننا لا نعرف كل شيء - و أننا لسنا خبراء و بوسعنا على الدوام أن نكون أفضل".
- "لن أتوقف أبداً عن الرسم - إنها مسألة تتعلق بالطاقة و الحيوية . و لم يكن بإمكاني التوقف أبداً.
فالرسم جزء لا يتجزأ من ذاتي كتناول الطعام.
و عندما أتلقى فكرةً ما فلا بد أن تخرج للعلن – الأمر أشبه بكونك مريض، وظيفة جسدية "- جيرالد سكارف Gerald Scarfe
لذا ، فعندما تبدأ في تنمية مجموعتك من بطاقات الملاحظة، أوصيك بتطوير نوع من نظام الملفات للحفاظ على كل شيء منظماً. فقد قمت بإنشاء فواصل جدولة ملونة مرتبة أبجدياً مع أقسام للكتب و الأهداف و الاقتباسات و ما إلى ذلك.
و في كل مرة أجد فيها شيئاً مثيراً للاهتمام، أقوم ببساطة بإضافته إلى بطاقة جديدة.
و بعد ذلك، عندما أحتاج إلى فكرة ما، يمكنني مراجعة كل هذه الملاحظات الصغيرة لأجد إلى الإلهام سبيلاً.
وتذكر أنه لا توجد طريقة معينة للقيام بذلك. و كل ما عليك فعله هو أن تصنع نظاماً خاصاً بك ومن ثم اكتشف أفضل ما يناسبك منها.
أفكار أخيرة ...
مما لاشك فيه، أننا و في نهاية اليوم، تعمل عقولنا جميعاً بشكل مختلف بعض الشيء عن الآخرين.
لذا ، علينا أن نذكر أنفسنا باستمرار بأنه كان على المفكرين و المبدعين الاستثنائيين العمل بجد ليصبحوا مبدعين بارزين.
إذ لم يقم إيلون ماسك Elon Musk ببناء العديد من الشركات التي تبلغ قيمتها المليارات من الدولارات -فقط- عن طريق الجلوس و انتظار الأفكار الجديدة لتتدفق إلى رأسه. بل قام بتخصيص ساعاتٍ لا نهاية لها للتعلم.
و قد درس الكثير من الأشياء عوضاً عن التركيز المفرط على مجموعة واحدة من الموضوعات، و قد قام بتطبيق ما تعلمه عبر مختلف التخصصات.
و هكذا ساعده هذا النهج الأساسي على تطوير الأفكار التي تغير العالم - و ليست شرارات الإبداع العشوائية.
و لذا، و بدلاً من أن يتملكك الشعور بالإحباط في المرة القادمة التي تصادف فيها حالة جمود الكتابة، حاول تعلم شيء جديد، و اترك عملك جانباً وامنح ذاتك استراحةً مثمرة، أو توجه إلى صندوق ملاحظاتك وحدد البطاقة التي ستعيدك إلى المسار الصحيح.
و لقد نجحت هذه الوسائل معي بشكلٍ جيد وآمل أن تفيدك أيضاً .
فقط تذكر أن الإبداع ليس ضربة حظ خاطفة.
وبغض النظر عن مدى رغبتك في الإيمان بعشوائية الإلهام، كن على يقينٍ أن أفضل المبدعين في العالم قد أثبتوا أن هناك نهجاً ما وراء تألقهم.
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
الأفكار تؤثر على المشاعر و السلوك بشكلٍ متبادل
معضلة الأفكار : توقف عن هدر الكثير من الوقت في رأسك
هل تعرف ماذا يعني النجاح ؟ 10 أكاذيب يعتقد الناس بإنها تصل بهم إلى النجاح