عندما تشعر أن دماغك (أو عقلك) لا يسمح لك بالاستمرار في متابعة يومك ، اتبع تقنية "الوعي المزدوج dual awareness". إن الطريقة الصحيحة للعيش بهناء و صحة هو العيش في الوقت الحاضر، و الوعي بكل ما حولك، و الوعي بمشاعرك و بعواطفك و الوعي بجسدك.
تقول كارا بولينغ Kara Bolling ، المعالجة النفسية في ميريلاند: "إن الوعي المزدوج هو حالة يمتلك فيها الشخص ذاتين في الوقت نفسه:
كان بإمكاني سماع أطفالي و هم يتذمرون من أجل الحصول على الحلوى و مشاهدة العروض التلفزيونية، لكنني أشعر كما لو أنني أفتقد الخطوة العقلية التي توصل أصواتهم إلي ، و أفتقد الشخص الذي يمكنه فعل شيء حيال ذلك.
و هكذا ، بقيت في مكاني على الأريكة لأكثر من ساعة، كما لو كنت في حالة شرود. إذ كانت طاقتي الذهنية بكاملها مركزةً على شيء واحد فقط و هو : استرجاع محادثة مؤلمة أجريتها مع أحد الأقارب في اليوم السابق.
لم يكن شعوراً غريباً . بل تكرر كثيراً معي، فمهما كانت المشاعر التي تنتابني من قلق أو حزن أو انعدام الثقة، يبدو لي كما لو أنها تخترق دماغي بالكامل.
و لكن في ذلك الأسبوع، نصحتني معالجتي النفسية بمواجهة الأمر بطريقة مختلفة – أن أتقبل الضغط الناجم عن إقراري بأنني كنت حمقاء و في نفس الوقت أمارس يومي كالمعتاد. قلت لها إن هذا يعني أنها تطلب مني أن أتواجد في مكانين في الوقت نفسه، فأجابتني بأن هذا تحديداً ما تقصده.
و تُعرف هذه الطريقة بـ "الوعي المزدوج dual awareness".
ما هو الوعي المزدوج؟
إذا نجح المرء في الانتباه إلى أكثر من تجربة في وقتٍ واحد، أمكنه حينئذٍ إدراك الشعور دون الانغماس فيه.
إنها طريقة للعيش في الوقت الحاضر، و في نفس الوقت معالجة الأذى الذي مررت به في الماضي.
تقول كارا بولينغ Kara Bolling ، المعالجة النفسية في ميريلاند: "إن الوعي المزدوج هو حالة يمتلك فيها الشخص ذاتين في الوقت نفسه:
- ذات تعيش داخل التجربة
- و الاخرى تراقبها.
و يعني ذلك أن أمر بتجربة عاطفية أو جسدية في داخلي، و في الوقت نفسه أكون على دراية بتلك التجربة من خلال نفس خارجية".
و يستخدم علماء النفس، الوعي المزدوج لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من استرجاع الصدمات، غير أن هذه الطريقة بوسعها أن تنجح مع أي شخص، و تعني أن تفسح المجال لعواطفك و مشاعرك في الوقت الذي تكون فيه حاضراً بكامل كينونتك في اللحظة الحاضرة - خاصةً عندما نتعامل مع الضغوطات المختلفة مثل الوباء و وحشية الشرطة و الاضطرابات السياسية.
و إليك كيف نمارس هذه الطريقة..
استسلم لما تشعر به :
لتجنب المشاعر المتطرفة – و الانغماس داخل حالتين ذهنيتين في نفس الوقت – عليك قبول كل ما تمر به.
و لكن ماذا نعني بكلمة "قبول" في هذه الحالة؟
تقول غرايس دود Grace Dowd ، المعالجة النفسية في أوستن Austin بولاية تكساس Texas : " عادة ما يتبنى الناس أحد منظورين خاطئين، و كلاهما يندرج تحت الفكرة المبهمة لمفهوم (القبول)".
حيث يفرط بعض الناس (مثلي) في الاستجابة للمشاعر المزعجة، و الوعي بها، و التي عادة ما تبدو و كأنها نوع من العبث أو اليأس. بينما يعمل الآخرون على تكديس هذه العواطف تماماً فوق بعضها، مما يجبرهم على الشعور المزيف بالارتياح.
و المشكلة في هذا الأسلوب بالطبع، هي أن دفع الإحساس عميقاً للداخل لا يجعله يختفي؛ إنما فقط يؤخر الوقت الذي سيشق فيه طريقه مجدداً إلى السطح.
و لا تنصح دود Dowd باتباع أيٍّ من الطريقتين، و إنما تشجع عوضاً عن ذلك على الاستسلام المتعمد للعاطفة intentional surrender to the emotion ، و هو ما يسمح للمرء بخوض التجربة بالكامل مع الشعور بالتحكم في ذات الوقت.
و تضيف: "إن الحل الوسط هو أن تكون يقظاً و حساساً بشأن مشاعرك دون أن تتجنبها أو ترتبط بها كثيراً.
لأننا عندما نتقبل مشاعرنا، يكون بوسعنا المضي قدماَ ".
فعلى سبيل المثال، إذا استيقظت ذات يوم شاعراً بالقلق، فقم بتحديد مصدر هذا القلق. إذ أن تحديد ما تشعر به، و اوعي به، يمنحك القدرة على التحكم في عواطفك و يجعلها أكثر قابلية للسيطرة، حتى تتمكن من أن تكون متواجداً بكامل كينونتك أثناء اليوم.
و لعلها كذلك تكون دليلك إلى الاستراتيجيات التي تشعرك بتحسن.
إن إخراج عواطفنا إلى الضوء يساعدنا على استعادة السيطرة عليها حتى نتمكن من القيام بشيءٍ ما حيالها. كما تؤكد دود Dowd
ضع مشاعرك على قائمة المهام الخاصة بك :
تقول دود : في حين أن التخلص من مخاوفك بشكل دائم قد تكون له بعض التداعيات، إلا أن القدرة على دفع هذه المخاوف بعيداً لفترة قصيرة قد يكون مفيداً للغاية، خاصة إذا لم يكن هناك شيء يمكنك القيام به لحل المشكلة في الوقت الحالي.
و تتابع قولها :" إذا كنت في الحديقة مع أطفالك و بدأ القلق يتسلل إليك، فقد يكون من المفيد أن تقول لنفسك: "لا يمكنني أن أهتم بهذا الشعور الآن، لذلك سأتعامل معه لاحقاً ".
و تضيف: "أنت تعلم أنه لا يمكنك معالجة هذا الشعور الآن، لذا فإنك تمنعه من أن يفسد عليك بقية اليوم".
فلا فائدة تذكر من إخبار نفسك بعدم القلق حيال أمرٍ ما، لكن عندما تخبر نفسك أنك ستقلق حيال هذا الأمر لاحقاً ، عوضاً عن هذه اللحظة، فإنك ستشعر أن الأمر أكثر قابلية للتنفيذ؛ و هي تعتبر طريقة لتجزئة مشاعرك دون إنكار صحتها.
و تقول دود: "حاول ملاحظة أي أحاسيس جسدية قد يسببها هذا الشعور، و أخبر نفسك أن أياً كان ما تشعر به فلا بأس به، حيث ستُتاح لك فرصة التعمق فيه لاحقاً ، ثم أعد توجيه نفسك إلى اللحظة الحاضرة".
رسّخ نفسك في محيطك :
بمجرد تأجيلك للمشاعر التي تشتت الانتباه ، توجه إلى جسمك. حيث تُعد إعادة توجيه الانتباه إلى حواسك الخمسة طريقة قوية لترسيخ نفسك في اللحظة الحالية، حتى لا تستولي عليك فكرة ما و تشتت انتباهك من جديد.
و تقول هنا دود : "يُعد التنفس العميق أحد أكثر الطرق فعالية لترسيخ نفسك في الوقت الحاضر . فكما ترى، إذا كان انتباهك منصباً على هذا النفس، لا يمكنك أن تنشغل بأي نفسٍ قبله أو بعده".
و تعد ملاحظة التفاصيل في محيطك طريقة أخرى لترسيخ نفسك. فبإمكانك مثلاً أن تعد الألوان التي تراها أو الأصوات التي يمكنك سماعها. و تقول دود : "يمكن أن يكون التركيز على العوامل الخارجية مفيداً حقاً عندما يتحول تركيزك إلى داخلك".
افسح المجال لمشاعرك :
تقول دود : "إن سعيي لمواجهة قلقي بمفردي كان أسوأ طريقة لمعالجة أي مشكلة واجهتني". و تضيف: "بمجرد أن تكون مستعداً لإعادة النظر في تلك المشاعر السلبية، افعل شيئاً لإخراجها من عقلك إلى العالم - اكتب عنها، اتصل بصديق، تحدث إلى معالجك النفسي.
فكر في الأمر كما لو كنت تخرج هذا الشعور من زاويته المظلمة وتحمله إلى النور: فيكون بوسعك حينئذٍ التعمق فيه ومن ثمّ تتوصل إلى وجهة نظر حاسمة حياله ".
و من ناحيةٍ أخرى ، تعتقد بولينغ Bolling أن النهج الجسدي قد يساعد أيضاً. لذا انتبه لأي أحاسيس جسدية غير مريحة، ثم قم بمعالجتها.
و إذا لاحظت أن كتفيك مشدودان، تنفس بعمق ، و ذكّر نفسك بأن تبقيهما مسترخيين. أما إذا كنت تشعر بالكثير من الطاقة و الحيوية، فاذهب في نزهة حول الحي الذي تسكن فيه.
سيطر على المشاعر المتضاربة في نفس الوقت :
يمكن للمشاعر المتطرفة أن تكون عقبةً في طريق العيش و العمل في الحياة اليومية.
و تقول كيلسي ماكلولين Kelsey McLaughlin، المعالجة المختصة بشؤون الزواج و الأسرة في ولاية مينيسوتا : "إنه من الممكن - و من المفيد كذلك- تجنب الحالات المتطرفة من خلال الإقرار بالعواطف أو التجارب التي تبدو متباينة".
و تضيف ماكلولين McLaughlin، : "يمكنك أن تقضي يوماً صعباً وفي الوقت نفسه تمتلك المهارات التي تحتاجها لاجتياز هذا اليوم دون أن تنهار. لذا، بقدر ما قد تجد الأمر غير مريح، حاول تقبل الضغوطات.
و بوسعك أن تكون غاضباً أو حزيناً أو خائفاً - حول حالة العالم، أو حول علاقة تسبب لك المتاعب، أو حول مستقبل عملك – ولكنك لا تزال تتعايش مع ما يحدث خلال اليوم، بل وبوسعك أن تكون فرحاً أثناء ذلك أيضاً.
و قد يبدو الأمر واضحاً لك، غير أن تهجئة الأمر بنفسك يعد تذكيراً مفيداً عندما تجد نفسك منغمساً في عاطفة واحدة على حساب كل شيء آخر".
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
الوعي الخالص : سكون الوعي هناك تستطيع اكتشاف حقيقتك
مقال مهم و مفيد جداً