طول العمر : هل يمكن أن تساعدنا هذه الصفات النفسية في العيش لفترة أطول؟

طول العمر
طول العمر : هل يمكن أن تساعدنا هذه الصفات النفسية في العيش لفترة أطول؟

هل يمكن أن يكون التفاؤل ، و الإصرار (العناد) ، و أخلاقيات العمل الجيدة ، و الرابط العائلي القوي - هي مكونات لحياة طويلة سعيدة ( طول العمر )؟ نقدم لكم اليوم دراسة جديدة تشير إلى أنها قد تكون مكونات مهمة في طول العمر.

لقد وجد العلماء أن هذه الصفات النفسية كانت شائعة في مجموعة من كبار السن من إيطاليا ، و أن هؤلاء البالغين لديهم رفاهية عقلية أفضل من الأفراد الأصغر سناً في أسرهم.

و يعتقد مؤلف الدراسة الرئيسي الدكتور ديليب ف. جيستي Dr. Dilip V. Jeste - الذي يعمل في مركز الشيخوخة الصحية the Center of Healthy Aging في جامعة كاليفورنيا University of California في كلية الطب في سان دييغو – و زملاؤه أن النتائج التي توصلوا إليها تساعد على تسليط الضوء على الخصائص النفسية التي قد تفيد الصحة النفسية و العقلية في كبار العمر.

وقد أبلغ الباحثون مؤخرًا نتائجهم في مجلة International Psychogeriatrics.

و كما هو معلوم فإن عدد البالغين الذين يعيشون حتى سن 65 عاماً أصبح أعلى من أي وقت مضى ، وهو مستمر في النمو. و وفقاً لمكتب المراجع السكانية ، يوجد في الولايات المتحدة حوالي 46 مليون من البالغين من العمر 65 عاماً فما فوق ، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا العدد بحلول عام 2060 إلى أكثر من 98 مليون.

فلماذا نعيش أطول؟ 

حسناً..  وفقاً للدكتور جيستي Jeste وزملاؤه ، ركزت معظم الدراسات التي حققت في الأسباب الكامنة وراء زيادة عمر الإنسان على علم الوراثة – و بشكل أكثر تحديداً ، كيف يمكن لجينات معينة أن تحمينا من الأمراض المرتبطة بـ العمر و تزيد من طول العمر.

"ومع ذلك ،" يؤكد الباحثون على وجود "حاجة أيضاً إلى البحث النوعي لتمكين هؤلاء البالغين من العمر بشكل استثنائي من توصيل تجاربهم، و وجهات نظرهم الشخصية، و استراتيجيات حياتهم من خلال حديثهم عن ذلك".

و بمعنى آخر ، هل هناك سمات نفسية معينة يمكن أن تساعدنا على العيش في سن مبكرة ناضجة؟

المقابلة مع مجموعة من كبار السن من إيطاليا

للمساعدة في الإجابة على هذا السؤال ، قام الدكتور جستي وزملاؤه بتسجيل 29 من كبار السن من تسع 9 قرى نائية في جنوب إيطاليا. تتراوح أعمار البالغين بين 90 و 101 ، و هم عشرة 10 رجال و تسعة عشر 19 امرأة.

و شملت الدراسة أيضاً أفراد الأسرة الأصغر سناً لكل من هؤلاء البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 51 و 75 عاماً.

و بالنسبة للدراسة ، تم إجراء مقابلة مع جميع البالغين من قبل طبيب نفساني ، سألهم عن شخصياتهم، و تاريخ حياتهم ، بما في ذلك ثقافتهم، و تقاليدهم، و خبراتهم في الحزن، و الصدمات. كما طُلب من البالغين الأصغر سناً تقديم آرائهم حول "السمات الشخصية لأقاربهم الأكبر سناً".

و قد تم تقييم الصحة البدنية و النفسية و العقلية لكل مشاركٍ باستخدام مجموعة متنوعة من الاستبيانات ، بما في ذلك مقياس الإجهاد المتصور Perceived Stress Scale و استبيان صحة المريض المكون من تسعة بنود nine-item Patient Health Questionnaire.

و قد كان كبار العمر أفضل في صحتهم العقلية..

على الرغم من أن البالغين المسنين كانوا يتمتعون بصحة جسدية أقل من أفراد أسرهم الأصغر سناً ، إلا أن الفريق وجد أن لديهم صحة نفسية أفضل.

و من المثير للاهتمام ، فقد حدد الباحثون بعض الخصائص الشائعة المرتبطة بتحسن الحالة العقلية لدى البالغين المسنين. و قد شملت هذه السمات الإيجابية ، أخلاقيات العمل الجيد ، و الروابط القوية مع أسرهم ، و الصلات القوية مع الدين و الوطن (الأرض).

و تشرح مؤلفة الدراسة الأولى آنا سكيلزو  Anna Scelzo من قسم الصحة العقلية و إساءة استخدام المواد المخدرة Department of Mental Health and Substance Abuse  في إيطاليا قائلة : إن  موضوع حب المجموعة لأرضهم هو موضوع شائع و يمنحهم هدفاً في الحياة ، و ما زال معظمهم يعملون في منازلهم ، وعلى أرضهم ، وهم غالباً ما يخاطبون أنفسهم  : "هذه هي حياتي ولن أتخلى عنها".

و قد لاحظ الباحثون أن الثقة بالنفس و مهارات صنع القرار القوية، و العناد كانت من السمات الشائعة الأخرى بين كبار العمر.

و تتابع سكيلزو Scelzo قائلة : " لقد اكتشفنا أيضاً أن هذه المجموعة كانت تميل إلى الاستبداد و العناد، و تحتاج إلى شعور بالسيطرة ، و التي يمكن أن تكون سمة مرغوبة لأنها صحيحة في قناعاتها، و لا تهتم بما يعتقده الآخرون" ، و تضيف : " إن هذا الاتجاه للسيطرة على البيئة يوحي بعزم ملحوظ متوازن من خلال الحاجة إلى التكيف مع الظروف المتغيرة."

و يخطط الفريق -الآن- لمراقبة هؤلاء كبار العمر على مدى فترات أطول، و البحث عن علامات بيولوجية للصحة النفسية و الجسدية.

و قد كتب الباحثون بهذا الشأن ما يلي :

"إن مثل هذه الدراسات قد تمهد الطريق لتطوير تدخلات بيولوجية، و سلوكية جديدة لتعزيز الصفات النفسية الإيجابية لدى الأفراد الأصغر سناً أيضاً ، و بالتالي تعزيز ليس فقط طول العمر ، و لكن أيضاً الصحة النفسية، و الرفاهية، و السعادة في الحياة اللاحقة".

و يخلص الفريق في النهاية  إلى أن :  "دراسة استراتيجيات الأفراد الذين عاشوا حياة طويلة بشكل جيد ، والذين لم يتمكنوا من البقاء على قيد الحياة فحسب بل يزدهرون ويزدهرون ، يعزز فهمنا للصحة والقدرات الوظيفية في جميع الفئات العمرية".

و يخلص الفريق إلى أن "دراسة استراتيجيات الأفراد الذين عاشوا حياةً طويلة بشكل جيد ، و الذين لا يعيشون فحسب بل ينجحون، و يزدهرون ، يعزز فهمنا للصحة و القدرات الوظيفية في جميع الفئات العمرية".

المصدر



المؤلف

هدفنا إغناء المحتوى العربي لأن القارئ العربي يستحق المعلومة الصحيحة والمفيدة، و التي تنشر الآن في أهم المواقع العالمية ،


التعليقات

    • الأن