يعتبر التركيز كالعضلة تماماً ، إذ يتطلب تمريناً منتظماً لتقويته. و بالفعل فقد يولد بعض الأطفال "أقوى" في هذا المجال من الآخرين
و لكن يمكن لجميع الأطفال تعلم الاستراتيجيات المناسبة
و الانخراط في ممارسات تساعد على تحسين قدرتهم على التركيز، و الحفاظ على انتباههم.
و بالتأكيد فإن هذه ، بعد كل شيء ، مهارة مهمة جداً للأطفال لاكتسابها - إذ تتطلب المدرسة أن يركز الطلاب لفترات طويلة من الزمن
و مع تقدم الأطفال في العمر، سيصبح لديهم أنشطة متزايدة تتعلق بالمنهج بعد المدرسة تتطلب المزيد من التركيز.
و كما نعلم جميعاً يستطيع معظم الأطفال التركيز على الأنشطة المرحة والممتعة بشكل جوهري.
أما النشاطات المملة أو الصعبة أو الأقل إمتاعاً تشكل بالنسبة للطلاب تحدياً بالفعل .
و مع ذلك ، تعتبر هذه القدرة على التركيز و الحفاظ على الانتباه على جميع أنواع المهام أمراً مهماً للغاية
و ذلك لأنها تساعد الأطفال على التعلُّم و التطور، مما يؤدي إلى الثقة بالنفس و احترام الذات الإيجابي.
و يشبه التركيز إلى حد كبير اليقظة الذهنية ، وهو مفهوم حصل على قدر كبير من الاهتمام مؤخراً في علم النفس والثقافة الشعبية.
فاليقظة هي في الأساس القدرة على الانتباه إلى شيء واحد في الوقت الحالي
و قد ثبت أن لها فوائد لا تحصى للصحة العقلية ، من زيادة السعادة وإدارة الإجهاد إلى تحسين الأداء الأكاديمي والاختباري.
ولكي يعمل الذهن ، يجب عليك التركيز.
و نحن نعرض هنا في مقالنا بعض النصائح لمساعدة أطفالك على بناء عضلات تركيزهم:
1- خصص قدراً معقولاً من الوقت لطفلك من أجل ممارسة التركيز على مهمة معينة.
يمكن للأطفال الصغار (الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و 5 سنوات) التركيز في المعتاد لمدة تتراوح بين 5 و 20 دقيقة
و ذلك اعتماداً على المهمة - حيث يستغرق الأطفال وقت أقل مع المهام الجديدة و الصعبة
بينما يستغرق الأطفال المزيد من الوقت مع تلك الأنشطة الممتعة جوهرياً .
2- افعل شيئاً واحداً في كل مرة.
ربما نمتدح القدرة على القيام بمهام متعددة في حياة البالغين ، إلا أن البحث واضح : فتعدد المهام يقلل من التركيز ويقلل من أدائنا.
و تماشياً مع مفهوم اليقظة الذهنية ، عليك أن تفعل شيئاً واحداً في هذه اللحظة.
أما بالنسبة للأطفال الصغار جداً ، فيمكنهم ببساطة غناء الأبجدية معاً أثناء النظر إلى الحروف.
و بالنسبة للأطفال الأكبر سناً قليلاً ، على سبيل المثال ، الصف الرابع ، يمكنكم إكمال مسألة تقسيم طويلة في وقت واحد معاً .
و أنصحك هنا ألا تنظر للأمام في جميع المسائل الأخرى ، فقط عليك التركيز على مسألة واحدة في كل مرة.
3- خصص وقتاً ومكاناً للواجب المنزلي.
نظراً لأن تعدد المهام يضعف التركيز ، فمن المهم تقليل عوامل التشتيت الدخيلة. وعلى سبيل المثال
يمكن للأطفال القيام بالواجب المنزلي على مكتب أو طاولة مخصصة في غرفة هادئة مع إيقاف تشغيل التلفزيون
والهاتف في غرفة أخرى ، وإغلاق الكمبيوتر المحمول ما لم تكن هناك حاجة لإكمال واجب منزلي معين .
كما يمكن لبرامج المراقبة الأبوية إيقاف الوصول إلى الإنترنت تلقائياً بعد فترة محددة من الاستخدام. و مع تقدم الأطفال في العمر
يمكن للوالدين التحول إلى استخدام برامج المراقبة الذاتية حتى يتمكن المراهقون من إدارة وقتهم بشكل مستقل.
و بهذه الطريقة لن ينغمس الأطفال في دوامة زمنية على تطبيق الانستغرام Instagram أو السناب تشات Snapchat.
4- إنشاء فترات راحة مخطط لها بعناية.
يحتاج الأطفال للنهوض والتنقل هنا و هناك والقيام بشيء مختلف وليس إرهاقهم بعد قضاء بعض الوقت في التركيز على موادهم الدراسية .
حيث أنهم سيستفيدون من أخذ بعض الوقت من أجل الراحة وتجديد حيويتهم و نشاطهم ، خاصة خلال وقت الواجبات المنزلية بعد المدرسة.
و يمكن للأطفال الصغار أخذ وجبة خفيفة أو استراحة للعب ، بينما يمكن للمراهقين اغتنام الفرصة للتحقق من رسائل أصدقائهم أو تبادل الرسائل النصية مع أقرانهم.
5 - ممارسة التنفس البطني belly breathing.
يؤدي التنفس البطني الثابت diaphragmatic breathing إلى إبطاء معدل ضربات القلب ، كما أنه يصفي أذهاننا حتى نتمكن من التركيز.
و تعتبر هذه مهارة مهمة للأطفال من أجل اكتسابها خاصة عندما يواجهون مهاماً صعبة ، مما يؤدي إلى جعلهم قلقين و يزيد من معدل ضربات قلوبهم.
حيث أن القلق يؤدي إلى فعل تجنب الأمور ،و هو عكس التركيز. لذا من المهم إيجاد طرق لجعل المهام أكثر قابلية للتنفيذ ، و تهدئة الجسم هي واحدة من تلك الاستراتيجيات.
6- قسّم المهام الكبيرة إلى أجزاء أصغر وأكثر قابلية للإدارة.
وتعتبر هذه إستراتيجية أخرى لمساعدة الأطفال في معالجة المهام الصعبة. فإذا كان طفلك يتعلم ربط حذائه على سبيل المثال
فاجعل الهدف الأول يتمحور حول إتقان العقدة الأولية ، و من ثم انتقل إلى عمل حلقتين مع الأربطة حتى يعرف بالضبط كيفية القيام بذلك ، و هكذا.
و هناك إستراتيجية أخرى يطلق عليها استراتيجية "التدرج piecemeal " لبناء التركيز، وهي تدور حول استخدام المؤقت لمساعدة الأطفال على تنظيم أنفسهم ، و على سبيل المثال يمكنك القول:
"إليك كتاب عن الخيول. سأقوم بتعيين هذا المؤقت لمدة 15 دقيقة ، و أريدك أن تكتب أكبر قدر ممكن من الحقائق المتعلقة بالخيول في هذا الوقت ".
7- تدرب على مراقبة الأشياء في الوقت الحالي.
يمكن أن يتعرض الأطفال للتشتت بفعل "المنبهات الداخلية internal stimuli " ، مثل الأحاسيس الجسدية أو الذكريات المسلية.
و في حين يعتبر أن خيال الطفل شيء رائع ، إلا أننا نريدهم أيضاً أن يكونوا قادرين على التخلص من عوامل التشتيت وبناء القدرة على التركيز.
لذا يمكنك أن تلعب معهم : "أنا أتجسس بعيني الصغيرة ..." و من ثم يتناوبون في تدوين الملاحظات لأشياء مختلفة في الغرفة
أو الاستماع عن كثب إلى كلمات الأغنية معاً ، أو القيام ببعض وضعيات اليوغا و الانتباه إلى الكيفية التي يشعر بها الجسم خلال هذه الوضعيات .
ننصحك بقراءة المقالات التالية :