النظام الغذائي
النظام الغذائي هل يؤثرعلى الصحة العقلية؟

هل يمكن أن يؤثر النظام الغذائي Diet على الصحة العقلية؟

لدينا مراجعة جديدة تلقي نظرة على الأدلة حيال ذلك. و بشكلٍ عام ، يستنتج المؤلفون أنه على الرغم من أن التغذية الصحية بالتأكيد لها تأثير ، فإنه لا يزال هناك العديد من الفجوات في معرفتنا لاستكمال الموضوع.

تعتبر التغذية أمراً مهماً للغاية ، و يزداد اهتمام الجمهور بكيفية تأثير الغذاء و النظام الغذائي، على الصحة. و في الوقت نفسه ، أصبحت الصحة العقلية محط تركيز كبير للعلماء و الناس على حد سواء.

و ليس من المفاجئ إذن أن الاهتمام بتأثير الطعام على الصحة العقلية أو "الطب النفسي التغذوي Nutritional psychiatry" يكتسب زخماً كبيراً في جميع الأوقات.

و كما نلاحظ فإن المتاجر الكبرى  والإعلانات تقوم بتسويق كبير للأطعمة الفائقة، و البروبيوتيك probiotics والبريبايوتك prebiotics ،و الوجبات الغذائية البديلة، و المكملات الغذائية. و يخبروننا أيضاً أن كل ما سبق سيعزز صحة أجسادنا وعقولنا.

وعلى الرغم من ثقة المديرين التنفيذيين للتسويق و مصنعي المواد الغذائية ، فإن الأدلة التي تربط بين الطعام الذي نأكله، و حالتنا الذهنية تعتبر أقل وضوحاً، و لا تقترب في أي مكان من الدقة مثلما قد تخبرنا به بعض الشعارات الإعلانية.

و في نفس الوقت ، يشرح مؤلفو المراجعة الجديدة ، "أن الاضطرابات العصبية و النفسية تمثل بعضاً من التحديات الاجتماعية الأكثر إلحاحاً في عصرنا." و إذا كان من الممكن منع أو علاج هذه الحالات من خلال تغييرات غذائية بسيطة ، فستكون الحياة أفضل لملايين الأشخاص.

و هذا الموضوع معقد و صعب جداً ، لكن محاولة فهم الفروق الدقيقة تعتبر عملاً حيوياً.

و في الآونة الأخيرة ، استعرضت مجموعة من الباحثين البحوث الحالية في مجال التغذية و الصحة العقلية. و قد نشروا الآن نتائجهم في مجلة علم الأدوية العصبية و النفسية الأوروبية journal European Neuropsychopharmacology.

و في نفس الوقت قام المؤلفون بتقييم الأدلة الحالية للحصول على فهم أوضح للتأثير الحقيقي للغذاء و النظام الغذائي على الصحة العقلية. و قد بحثوا أيضاً عن الفجوات في معرفتنا  حيال هذا الأمر، و كشفوا المجالات التي تحتاج إلى مزيد من الاهتمام العلمي.


يبدو أن الأمر معقولاً

إن النظام الغذائي قد يؤثر على المزاج و ذلك يعتبر منطقياً إلى درجة ما. 

فأولاً و قبل كل شيء ، تحتاج أدمغتنا إلى العناصر الغذائية لتعمل بشكل جيد. و كذلك ، فإن الطعام الذي نأكله يؤثر بشكل مباشر على العوامل الأخرى التي يمكن أن تؤثر على المزاج و الإدراك ، مثل بكتيريا القناة الهضمية gut bacteria والهرمونات، و الناقلات العصبية.

و مع ذلك ، فإن الحصول على معلومات حول كيفية تأثير أنواع معينة من النظام الغذائي على مسائل معينة تتعلق بالصحة العقلية يعد تحدياً لا يصدق.

و وجد المراجعون ، على سبيل المثال ، أن هناك عدداً كبيراً من الدراسات السكانية المستعرضة تُظهر وجود علاقة بين بعض العناصر الغذائية و الصحة العقلية. و مع ذلك ، من المستحيل ، على هذا النوع من الدراسات ، تحديد ما إذا كان الطعام نفسه يقود هذه التغييرات في الصحة العقلية أم لا.

فو ي الطرف الآخر من المقياس ، تميل دراسات التدخل الغذائي التي يتم التحكم فيها جيداً، و التي تكون أفضل في إثبات العلاقة السببية إلى تجنيد أعداد أقل من المشاركين و لا تعمل إلا لفترة قصيرة من الزمن.

و تشرح المؤلف الرئيسي البروفسورة سوزان ديكسون Suzanne Dickson، من جامعة غوتنبرغ University of Gothenburg في السويد ، الموضوع الرئيسي لنتائج الفريق:

"لقد وجدنا أن هناك أدلة متزايدة على وجود صلة بين سوء التغذية و تفاقم اضطرابات المزاج mood disorders، بما في ذلك القلق و الاكتئاب. و مع ذلك ، فإن العديد من المعتقدات الشائعة حول الآثار الصحية لبعض الأطعمة لا تدعمها أدلة قوية."


بعض التفاصيل

إن النظام الغذائي الذي قد تلقى قدراً كبيراً من الاهتمام خلال السنوات القليلة الماضية، هو النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط حمية البحر المتوسط Mediterranean diet.

و وفقاً للمراجعة الأخيرة ، فهناك بعض الأدلة القوية نسبياً و التي تشير إلى أن النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط ​​يمكن أن يفيد الصحة العقلية.

وفي استعراضهم ، يشرح المؤلفون "المراجعة المنهجية التي تضم ما مجموعه 20 دراسة طولية و 21 دراسة مقطعية قدمت أدلة دامغة على أن اتباع حمية البحر المتوسط ​​يمكن أن يمنح تأثيراً وقائياً ضد الاكتئاب".

و وجدوا أيضاً أدلة قوية تشير إلى أن إجراء بعض التغييرات الغذائية يمكن أن يساعد الأشخاص الذين يعانون من حالات معينة. فعلى سبيل المثال ، يعاني الأطفال الذين يعانون من الصرع المقاوم للعقاقير من نوبات أقل عندما يتبعون نظاماً غذائياً مثل حمية الكيتو ، وهو غني بالدهون و قليل الكربوهيدرات.

أيضاً ، يعاني الأشخاص المصابون بنقص فيتامين ب 12 Vitamin B12 من مشاكل الخمول و التعب و الذاكرة.

و ترتبط أوجه القصور هذه أيضاً بالذهان (اضطراب عقلي شديد يكون فيه الفكر و العواطف ضعيفة جداً بحيث يتم فقد الاتصال مع الواقع الخارجي.) psychosis و الهوس (مرض عقلي يتميز بفترات من الإثارة الكبيرة ، و النشوة ، و الأوهام ، و فرط النشاط.) mania.

و لهؤلاء الناس ، يمكن أن تحسن مكملات فيتامين ب12 B-12 الرفاه العقلي، بشكل كبير.

ومع ذلك ، كما يشير المؤلفون ، ليس من الواضح على الإطلاق ما إذا كان فيتامين ب 12 سيحدث فرقاً كبيراً للأشخاص الذين لم يتم تعريفهم سريرياً على أنهم يعانون من نقصه.


مواضيع ذات صلة :


بقي الكثير لنتعلمه

بالنسبة للعديد من الأسئلة التي بحثها الباحثون في هذه المراجعة ، لم يكن من الممكن التوصل إلى استنتاجات قاطعة تماماً.

على سبيل المثال ، في حالة فيتامين (د) VitaminD، خلصت بعض الأبحاث إلى أن المكملات تعمل على تحسين الذاكرة العاملة، و تحسين الانتباه لدى كبار السن. و قد وجدت دراسات أخرى أن استخدام مكملات فيتامين (د) قد يقلل من خطر الاكتئاب.

و مع ذلك ، فإن العديد من هذه الدراسات كانت ضئيلة ، و غيرها من الدراسات المماثلة خلصت إلى أن فيتامين (د) ليس له أي تأثير على الصحة العقلية.

و قد اشار مؤلفو المراجعة على ذلك – و لأن "نسبة كبيرة من عامة الناس يعانون من نقص فيتامين دال- فإن فهْم دورها في الصحة العقلية يعتبر أمراً مهماً.

و بالمثل ، كان الدليل على الدور الغذائي في اضطراب فرط الحركة و نقص الانتباه (ADHD attention deficit hyperactivity disorder) مختلطاً تماماً.

كما يوضح البروفيسور ديكسون Dickson: "يمكن أن نرى أن زيادة كمية السكر المكرر في النظام الغذائي قد تزيد من اضطراب فرط الحركة و نقص الانتباه و فرط النشاط ، في حين يبدو أن تناول المزيد من الفواكه و الخضروات الطازجة يحمي من هذه الحالات. و تعتبر هذه الدراسات قليلة نسبياً ، و كثير منها لا يدوم طويلاً بما يكفي لإظهار آثار طويلة المدى ".

و يواصل المؤلفون شرح بعض الصعوبات المتأصلة في دراسة تأثير النظام الغذائي على الصحة العقلية ، و يقدموا بعض الأفكار للمستقبل. و بشكلٍ عام ، يخلص البروفيسور ديكسون إلى:

"إن الطب النفسي التغذوي Nutritional psychiatry  يعتبر مجالاً جديداً. و الرسالة المهمة في هذه الورقة هي أن آثار النظام الغذائي على الصحة العقلية حقيقية ، لكننا بحاجة إلى توخي الحذر بشأن القفز إلى الاستنتاجات على أساس الأدلة المؤقتة. و نحن بحاجة إلى مزيد من الدراسات على المدى الطويل الآثار المترتبة على الوجبات اليومية."




عزيزي القارئ

لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.

 كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.  


 ننصحك بقراءة المقالات التالية :

ما هو النظام الغذائي المتوازن ؟

كيفية تعزيز نظام المناعة من خلال تغيير النظام الغذائي ونمط الحياة

النظام الغذائي النباتي يعزز الشيخوخة الصحية


المصادر


الوسوم



المؤلف

هدفنا إغناء المحتوى العربي لأن القارئ العربي يستحق المعلومة الصحيحة والمفيدة، و التي تنشر الآن في أهم المواقع العالمية ،


التعليقات

    • الأن
إشترك الآن

احصل على أحدث المواضيع و تواصل و اترك تأثير.

تسجيل الدخول مع فيسبوك تسجيل الدخول مع جوجل