وُجد أن الإستروجين Estrogen ، وهو الهرمون المسؤول عن الجوانب الفسيولوجية للإناث، قد تكون له علاقة بـ سرطان الثدي.
ربما تتعرض النساء (وكذلك الرجال) لأنواع أخرى من الإستروجين أيضاً، مثل الإستروجين الصناعي (المُستخدم في الأدوية)
والإستروجين النباتي (يدخل أحياناً في المكملات الغذائية)، والزينو-إستروجين (وهو ناتج ثانوي للمركبات الكيميائية التجارية).
و قد يؤثر كل نوع من الإستروجين على مرض سرطان الثدي بشكلٍ مختلف. إلا أنه عادةً ما تكون آثار الإستروجين على سرطان الثدي متوسطة، أو منعدمة تماماً.
وظائف الإستروجين
يقوم جسم الأنثى طبيعياً بصنع القليل من المركبات الإستروجينية المختلفة، ويتغير إنتاج وإطلاق كل نوع من الإستروجين ما بين مراحل البلوغ، والطمث، والحمل، وسن اليأس.
و لا يتوقف دور هذه الهرمونات عند تنظيم دورة الطمث للمرأة ومساعدتها أثناء الحمل، بل يمتد أيضاً إلى مجموعة متنوعة من التأثيرات الأخرى على الجسم، والتي تشمل حماية عظام النساء من الترقق والمساعدة في التحكم بمستويات الكوليسترول عند المستويات الصحية.
و الجدير بالذكر أن نسب وأنواع هرمونات الإستروجين تختلف بين سنوات قبل وبعد انقطاع الطمث.
الإستروجينات قبل انقطاع الطمث
قبل وصول المرأة لسن اليأس، ينتج جسمها أربع أنواع مختلفة من الإستروجين:
1- الإسترون Estrone )E1) :
يُنتج الإسترون بداخل المبيضين. ويقل إنتاجه أثناء الحمل وبحلول سن اليأس. له آثارٌ بسيطة على الجسم، وهي تشمل الحفاظ على سلامة العظام.
2- الإستراديول Estradiol )E2):
مثل E1، يتم إنتاجه في المبيضين. و يعد أكثر أنواع الإستروجينات انتشاراً في الجسم أثناء سنوات الخصوبة للمرأة، ويعد مسؤولاً عن ظهور الصفات الجنسية الأنثوية، كما يعمل على تهيئة جسم المرأة لاستقبال الحمل. إلا أن مستواه ينحدر أثناء هذه الفترة من الحمل.
3- الإستريول Estriol )E3):
يتواجد الإستريول بكمياتٍ قليلة لدى النساء قبل سن اليأس. وهو الإستروجين Estrogen الرئيسي الذي ينتجه الجسم أثناء الحمل، وتتولى المشيمة إنتاجه. كما أن E3هو أحد الهرمونات التي يتم قياسها عن طريق (الاختبار الثلاثي)، وهو فحص دم يتم أثناء الحمل ويُستخدم لتقدير خطر إصابة الجنين بتشوهات.
4- الإستيترول Estetrol )E4):
يتولى الجنين المتنامي انتاج هذا الهرمون ويتم انتاجه حصراً أثناء فترة الحمل. و قد يؤثر هذا الهرمون على الخصوبة، مانعاً المرأة الحامل من أن تصبح حاملاً مرةً أخرى أثناء حملها الحالي.
إستروجينات انقطاع الطمث
كلما تأخذين في الاقتراب من سن اليأس (انقطاع الطمث)، سيبدأ حجم المبيضين في التضاؤل ويأخذ انتاجهما للهرمونات في التباطؤ، ويشمل ذلك هرموني الإستروجين والبروجستيرون.
وبعد سن اليأس، يظل الإسترون الهرمون الوحيد الذي ينتجه الجسم، وإن يكن بكميات محدودة.
يحدث هذا بداخل المبيضين، كما أن بعض الهرمونات الستيرويدية يتم تحويلها إلى الإسترون كذلك بواسطة الجسم.
أما بعد سن اليأس، فتأخذ الأندروجينات (الهرمونات الذكرية) والتي تنتجها الغدة الكظرية في التحول أيضاً إلى E1 بمساعدة إنزيم الأروماتيز aromatase. و يتم تخزين E1 في دهون الجسم والخلايا العضلية.
تتسبب المستويات المنخفضة من E1 في نوبات السخونية المفاجئة التي تستهدف الوجه والرقبة والصدر، والحيض غير المنتظم، والتعرق الليلي، والتقلبات المزاجية، وأعراض أخرى.
كما أن المستويات المنخفضة من الإستروجين تؤدي إلى الجفاف المهبلي قبل وأثناء سن اليأس، والذي تتم معالجته عادةً عن طريق كريمات الإستروجين الطبية.
و قد يعالج الأطباء أعراض نقص الإستروجين من خلال العلاج الهرموني التعويضي (عن طريق الفم) لمدة قصيرة من الوقت، غير أن الاستخدام المطول لهذا النوع من العلاج تم ربطه بزيادة احتمالية الاصابة بـ سرطان الثدي.
الإستروجينات المصنعة خارج الجسم
توجد هناك ثلاثة أنواع رئيسية من الإستروجينات المصنعة خارج الجسم. تنتج بعضها النباتات، وبعضها الآخر، يتم انتاجه صناعياً لعلاج حالات طبية مختلفة، وغيرها يتواجد في منتجات غير طبية.
الفيتو-إستروجينات Phytoestrogens
توجد الفيتو-إستروجينات في بعض أنواع النباتات، مثل: فول الصويا، والنفل الأحمر، والبقوليات، وبعض أنواع الحبوب، وبذور الكتان. بوسع هذا النوع من الإستروجين امتلاك تأثيرات مشابهة للإستروجينات الطبيعية على الجسم.
و على الرغم من أن تأثيراتها تعد أضعف عموماً من الإستروجينات الطبيعية، إلا أن تلك التأثيرات بوسعها أن تظهر إكلينيكياً.
وللفيتو-إستروجينات إما تأثيرات مشابهة للإستروجين، أو مضادة له.
و تُستخدم المكملات الغذائية المحتوية على الفيتو-إستروجينات لعلاج أعراض انقطاع الطمث، ويمكن الحصول عليها بدون وصفة طبية.
غير أنه من المهم التحدث بشأن هذه المكملات مع طبيبك الخاص إذا كنت تنوين استخدامها.
تجدر الإشارة إلى أن هناك بعض العلاجات العُشبية التي ينبغي للنساء المُصابات بـ سرطان الثدي تجنب استخدامها، أو اللواتي يحيط بهن خطر الإصابة به.
و للعلم فإن الإستروجينات الطبيعية تستطيع الحماية من سرطان الثدي – وكذلك بوسعها أن تزيد الأمر سوءاً.
الإستروجينات الصناعية
يُنتج هذا النوع من الإستروجينات من أجل الاستعمال الطبي ويشمل بعض الإستروجينات مثل إيثينيل إستراديول (ethinyl estradiol). و بوسع هذه المركبات أن تكون أكثر فعاليةً من الإستروجينات الطبيعية، كما أنها تعد مكونات هامة لوسائل منع الحمل التي تُأخذ بالفم (حبوب منع الحمل) والعلاج الهرموني التعويضي.
و علاوةً على ذلك، تمتلك بعض الأدوية تأثيراً هاماً على الإستروجين، وليس فقط الأدوية البديلة للإستروجين. وبشكلٍ خاص، قد تتداخل الأدوية المستخدمة لعلاج سرطان الثدي مع إنتاج الإستروجين بالجسم.
و للتأكيد فإذا كان سرطان الثدي من النوع الإيجابي لمستقبلات الإستروجين، فإنتاج الإستروجين Estrogen يزيد الأمر سوءاً، وقد يتم معالجته من خلال هذه الأدوية:
1- التاموكسيفين:
يمنع هذا الدواء، الذي يُباع تحت اسم نولفاديكس Nolvadex، وسولتاموكس Soltamox، عودة سرطان الثدي قبل مرحلة انقطاع الطمث لدى النساء المصابات بـ سرطان الثدي الإيجابي لمستقبلات الإستروجين.
إذ يتحد التاموكسيفين مع مستقبلات الإستروجين بالثدي، مانعاً الإستروجين من التسبب في تدهور حالة الورم. و كذلك بوسع التاموكسيفين أن يعمل على تقوية العظام بذات الطريقة التي يتّبعها الإستروجين الطبيعي.
2- مثبطات الأروماتيز:
تُستخدم عقارات الأروماسين (Exemestane)، والأريميديكس (anastrozole)، والفيمارا (letrozole)، من قبل النساء المصابات بـ سرطان الثدي الإيجابي لمستقبلات الإستروجين واللاتي تجاوزن سن اليأس. حيث تتدخل هذه العقارات مع عمل إنزيم الأروماتيز، حتى تمنع إنتاج الإستروجين.
الزينو- إستروجينات Xenoestrogens
يأتي هذا النوع من الإستروجينات كنواتج ثانوية لبعض المركبات في بيئتنا، وبوسع الزينو-إستروجينات أن تكون أشد فعالية من تلك التي ينتجها الجسم. وعلى الرغم من وجود الكثير مما نجهله بشأن كيمياء هذه الإستروجينات، إلا أنه من المتوقع أن الاستخدام المتزايد لها قد يسبب آثاراً عكسية على الصحة.
تنتمي الزينو-إستروجينات إلى مجموعة العوامل المثبطة للغدد الصماء، وهي بعض المواد الكيميائية التي تنعكس سلباً على نمو وتطور جسم الإنسان، وكذلك تتداخل مع النمو الجنسي والصحة الإنجابية، وتُفاقم من خطر الإصابة بـ سرطان الثدي.
و يمكن وجود الزينو-إستروجينات في بعض أنواع البلاستيك، والإلكترونيات، والأدوية، والأطعمة، والصابون، والمبيدات الحشرية. و قد أجمع العلماء على أن البيئة (الماء، الهواء، التربة، النباتات) تتعرض للتلوث بواسطة الزينو-إستروجينات الناتجة عن جريان المياه الاصطناعي والتخلص من النفايات.
خطر الإستروجين على سرطان الثدي
يُزيد كلٌ من الإستراديول، وربما الإسترون كذلك، من خطر الإصابة بـ سرطان الثدي. وترتبط المستويات المنخفضة لكليهما خلال حياة المرأة بانخفاض احتمالية اصابتها بـ سرطان الثدي.
و يكون لبعض العوامل مثل الحمل والرضاعة دوراً في تغيير مستويات الإستروجين بطريقةٍ يُعتقد أن لها تأثيراً دفاعياً. فإنجاب الطفل الأول قبل عمر الثلاثين، وإنجاب عدد أكبر من الأطفال، والرضاعة الطبيعية ترتبط جميعها بانخفاض احتمالية الإصابة بـ سرطان الثدي، ويرجع ذلك إلى الإنتاج المنخفض للإستروجين أثناء فترة الحمل وإنتاج اللبن.
و يُحتمل أن وسائل منع الحمل التي تؤخذ عن طريق الفم والعلاج الهرموني التعويضي يعملان على زيادة خطر الإصابة بـ سرطان الثدي لدى بعض النساء.
بينما نعلم أن سرطانات الثدي من النوع الإيجابي لمستقبلات الإستروجين تتدهور بالتعرض للإستروجين، كذلك تصيب أنواع أخرى من سرطان الثدي عادةً النساء اللواتي تعرضن لمستويات أعلى من الإستروجين خلال فترة حياتهنّ مقارنةً بغيرهن.
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
دور هرمون الاستروجين في سرطان الثدي ؟
حالة العقد الليمفاوية و سرطان الثدي
سرطان الثدي : إسكات الجين الالتهابي قد يعالج الأورام العدوانية