تشويه سمعة الخبز Bread على نطاق واسع لا يدعمه البحث العلمي القوي.
كل أسبوع سنحاول تخطي الأساسيات، حيث سنقدم نظرة عميقة وبحثية حول أحدث العلوم والخبرات المتعمقة حول موضوع صحي مثير للغاية.
الخبز في ميزان السُمنة obesity
لطالما كان الخبز جزءاً أساسياً من النظام الغذائي للإنسان ، ولكن التمرد ضده، تم الاعتماد عليه منذ سنوات، ويبدو أنه وصل إلى ذروته. إذ أن الكثيرين اليوم يعتبرون أن الخبز بمثابة شرير الحمية الغذائية؛ وهو سبب في زيادة محيط الخصر، وربما الأصل المحتمل للمخاوف الصحية الأكثر خبثاً.
وتزعم الكثير من الكتب الشائعة (الشعبية)، و"أباطرة" الصحة، أن الخبز والبروتينات التي يحتوي عليها يمكن أن يسبب أو يساهم في التفكير الضبابي (ضعف في التركيز) والتعب fatigue والاكتئاب depression والأمراض التي تتراوح بين مرض الزهايمر Alzheimer والسرطان Cancer.
ولكن بعد أن تبحث عن الأدلة المنشورة والمراجعة من قبل أطراف مختلفة، حول الخبز وصحة الإنسان، فإن معظم ما ستجده يوحي بأن الخبز إما "غير ضار"، أو في حالة الحبوب الكاملة فإنه سيكون مفيد جداً.
ويقول الباحث في مرحلة ما بعد الدكتوراه في كلية الصحة العامة في جامعة إمبريال كوليدج في لندن School of Public Health at Imperial College London داجفين آون Dagfinn Aune: " لقد أجرينا العديد من التحليلات التلوية (فحص البيانات من عدد من الدراسات المستقلة لنفس الموضوع ، من أجل تحديد الاتجاهات العامة) حول استهلاك الحبوب الكاملة والنتائج الصحية مثل السكري من النوع 2 Type 2 diabetes وأمراض القلب والأوعية الدموية cardiovascular والسرطان cancer والوفيات المبكرة، وعند النظر إلى مصادر محددة من الحبوب كان خبز الحبوب الكاملة وحبوب الإفطار الكاملة، والأرز البني، ونخالة القمح، وجدناها -كلها- مرتبطة بتقليل المخاطر".
إن الخبز ليس شريراً و لكنه يُعرَض ليكون كذلك
يقول آون -عندما سئل عن إمكانية اعتبار الخبزُ غذاءً "غير هام"-: " إن العكس هو الصحيح إذ أن خبز الحبوب الكاملة الصحي، والكميات الكبيرة من الحبوب الكاملة، مرتبطٌ بمجموعةٍ كبيرةٍ من الفوائد الصحية"، مستشهداً في ذلك بعلاقته في انخفاض معدلات الإصابة بأمراض القلب والسرطان والوفيات. وفي الواقع وجد بحثه أن تناول ما يعادل 7.5 شريحة من خبز الحبوب الكاملة يومياً يرتبط بالنتائج الصحية "المثالية".
وبالرغم من أن آون لا يرى "فائدةً كبيرةً" في تناول الخبز الأبيض إلا أنه يقول، أن الأدلة التي تربط الخبز بزيادة الوزن أو غيرها من النتائج الصحية السلبية، هي أقلُ قوةً من البيانات المتعلقة بالتأثيرات الإيجابية للحبوب الكاملة.
ومن بين الأشخاص الذين يدرسون الخبز والحبوب الكاملة يعتبر آون ليس متطرفاً.
وفي هذا الخصوص تقول العالمة نيكولا ماكيون Nicola McKeownو التي تعمل في مركز أبحاث التغذية البشرية بجامعة تافتس للشيخوخة Tufts University’s Human Nutrition Research Center on Aging: "إن الخبز بحد ذاته ليس هو الجاني"، وتقول إن الخبز المكرر (الأبيض) هو "ضعيف المغذيات" وتضيف إلى ذلك، أن زيادة الوزن لا يمكن أن تعزى عادةً إلى طعامٍ واحدٍ.
كما أنها تشير إلى أن معظم الأميركيين يستهلكون أقل من وجبةٍ واحدةٍ يومياً من الحبوب الكاملة وأن 90% منهم لا يتناولون ما يكفي من الألياف، إذ أن تناول المزيد من الخبز كامل الحبوب، يعتبر طريقة جيدة لتعويض هذا النقص".
النظام الغذائي الصحي لا يخلو من الألياف و الحبوب الكاملة
ويتفق الآخرون في ذلك حيث تقول أستاذة علوم الأغذية والتغذية بجامعة مينيسوتا جوان سلافينJoanne Slavin: "إذا نظرت إلى دراسات النظام الغذائي التي أجريت على الأشخاص الذين يعيشون أطول فترة مع إصابتهم بأقل الأمراض فإن الألياف والحبوب الكاملة هي دائماً مكونات رئيسية.
وأن الألياف الموجودة في الأطعمة كاملة الحبوب، والخبز، تبطئ امتصاص الأمعاء الدقيقة للدهون والكربوهيدرات بطرق تحسن الشعور بالشبع وتحد من طفرات السكر في الدم. إلى جانب دور هذه الألياف في الجهاز الهضمي، والتي تغذي بكتيريا الأمعاء النافعة gut bacteria وتحسن من صحة القولون".
وبينما لا تناصر سلافين Slavin الاستهلاك غير المقيد للخبز الأبيض، فهي تشير إلى أن الخبز الأبيض مع الكربوهيدرات النشوية الأخرى، مثل الأرز الأبيض والمعكرونة والبطاطا، تشكل الأساس لمعظم الأنظمة الغذائية في جميع أنحاء العالم، ولا تعتبر قضية واضحة إذا كنت تراقب إجمالي السعرات الحرارية التي تتناولها.
وكما يقول مدير مركز أبحاث الاضطرابات الهضمية في مستشفى ماساتشوستس العام أليسيو فاسانوAlessio Fasano : " بالطبع يحدث الخبز مشاكل خطيرة للأشخاص الذين يعانون من مرض الاضطرابات الهضمية أو حساسية الغلوتين gluten غير المرتبطة بالجهاز الهضمي (حساسية ناتجة عن تناول الغلوتين مما يؤدي إلى أعراض معوية و / أو خارج الجهاز الهضمي، و تتحسن بمجرد إزالة المواد الغذائية المحتوية على الغلوتين من النظام الغذائي).
وفي حين أن البعض يعتبر أن هذين الشرطين مثيرين للجدل، وأن الأعراض تبقى صعبة، إلا أن حوالي 6% من البالغين قد يعانون من واحدة أو أخرى من هذه الاضطرابات المرتبطة بالغلوتين.
ولكن بالتأكيد فإنه بالنسبة لـ 94% الآخرين، فإن الخبز مادة غذائية سيئة و ليس شريراً بالشكل الذي يُعرَض للناس.
وفي حين أن زيت الزيتون والسمك الدهني لها الحظ الأوفر من الانطباع الإيجابي ، فإن الخبز (وليس فقط أنواع الحبوب الكاملة) يعتبر مكوناً "رئيساً" في النظم الغذائية لنمط حوض البحر الأبيض المتوسط، والذي تم ربطه مراراً بالصحة وطول العمر. فقد وجدت الدراسات التي نظرت بالتحديد إلى الخبز في سياق هذه النظم الغذائية، أن الأشخاص الذين يتناولون أكثر أنواع الخبز كامل الحبوب (بما يقدر بست شرائح أو أكثر يومياً) هم الأقل عرضة لفرط الوزن أو السمنة.
"ليس هناك العديد من الأسباب المقنعة لاستبعاد الخبز كأحد الخيارات الغذائية".
الدليل غير مكتملٍ لربط الخبز الأبيض بالسمنة
حتى وعندما يتعلق الأمر بالخبز الأبيض فإن الدليل الذي يربطه بالسمنة والمشاكل الصحية غير مكتملٍ.
وقد ربطت الأبحاث بين الكربوهيدرات المكررة -وهي مجموعة تضم الخبز الأبيض ، وكذلك الكعك والكيك والصودا - مع ارتفاع خطر الإصابة بداء السكري من النوع 2 والسمنة. لكن الدراسات التي قيمت التأثيرات الصحية للخبز الأبيض والحبوب المكررة بغض النظر عن الوجبات الخفيفة والمشروبات السكرية أظهرت نتائج إيجابية وسلبية.
بالإضافة إلى ذلك فقد أكدت إحدى النشرات العلمية الشاملة (حول الخبز والسمنة) -و التي قُدِّمت في المجلة البريطانية للتغذية British Journal of Nutrition - أن استهلاك الخبز الأبيض قد "يُحتمل" أن يؤدي إلى زيادة الدهون في البطن. ولكن هناك حاجة إلى مزيدٍ من الأبحاث كما يقول مؤلفو هذه النشرة.
وتدعم الغالبية العظمى من الأدلة، الإرشادات الغذائية الأمريكية U.S. Dietary Guidelines الأخيرة والتي تنص على أن النظام الغذائي "الصحي" من 1,800 إلى 2,000 سعرة حرارية يمكن أن يشمل ست شرائح من الخبز يومياً - بما في ذلك ما يصل إلى ثلاث شرائح من الخبز الأبيض "الحبوب المكررة"
المعيار هو نسبة الكربوهيدرات إلى الألياف
وإذا كنت تتساءل عن كيفية شراء الخبز كامل الحبوب، فقد وجدت دراسة أجريت عام 2015 من كلية الصحة العامة بجامعة هارفارد Harvard School of Public Health أنه يمكن تحديد المنتجات "الأكثر صحة" من خلال إجمالي نسبة الكربوهيدرات إلى الألياف.
وتقول دراسة في جامعة هارفارد ينبغي أن تبحث عن الخبـز الذي تقل فيه نسبة الكربوهيدرات إلى الألياف عن 10:1. (لذلك إذا كان الخبز يحتوي على 15 جرام من الكربوهيدرات الكلية لكل شريحة أو لكل وجبة، فلابد من أن يحتوي الخبز على أكثر من 1.5 جرام من الألياف الغذائية).
وباختصار لا يوجد العديد من الأسباب المقنعة لاستبعاد الخبز كأحد الخيارات الغذائية المفضلة. و بالتأكيد فإن تناول الخبز الأبيض طوال اليوم ليس طريقة محببة للبقاء نحيفاً، ولكن إذا كنت تتجاهل جميع أنواع الخـبز - بما في ذلك أنواع الحبوب الكاملة - بدافع الاعتقاد بأنها تزيد الوزن، و أنها وغير صحية، فإن الأدلة الموجودة تشير إلى أنك تضر بصحتك أكثر مما تفيدها.