هل الأنا أقوى كلما ازداد وعي الشخص
ربما يُعتَقد أنه مع تزايد الوعي -إذا جاز التعبير- يبدأ بعض الناس بالتفكير بأنهم "يزدادون سوءاً" ،و لكنهم -ببساطة- أصبحوا أكثر وعياً بما كان موجوداً لديهم منذ سنوات عديدة.
و غالباً ما يسألني الناس إذا ما كانوا "يزدادون سوءاً" لأنهم لا يزالون قادرين على اكتشاف الأنماط المضطربة أو التفاعلية داخل أنفسهم.
و للإجابة على هذا السؤال لابد من التأكيد على أن هذه الأنماط ستختفي ببساطة مع نمو الوعي, و الأمر الأهم من اختفائها هو أنك ستكون أكثر وعياً بها.
في نهاية المطاف عندما تصبح أكثر وعياً بالأنماط التفاعلية ، ستتمكن من رؤيتها في حين أنك في السابق كنت هي (أي كنت أنت النمط التفاعلي نفسه).
و بالتأكيد فإن هناك فرق كبير بين رؤية النمط داخل نفسك و أن تكون أنت النمط نفسه- أو أن تُستَخدم -أنت- من قبل هذا النمط نفسه
أو يتم الجمع بينكما (أنت و النمط) ، أو أن تتصرف بالنمط بشكل كلي تماماً.
ويمكننا أن نؤكد أن الأنماط المشروطة - أو السلوكيات الأنوية (من الأنا) - لا تختفي فوراً عندما تصبح حاضراً و موجوداً في اللحظة.
فقد يكون لديها (الأنماط) زخمها - خاصة الأنماط المرتبطة بالرواسب العاطفية و التي نسميها بـ "جسم الألم" pain-body, و يمكن لها أن تتصرف لبعض الوقت ، حتى و لو كان الحضور في ازدياد.
عادةً ما يكون التسلسل هو أنه بعد أن يغضب الشخص - أو أن يتصرف و يبدي أي تفاعل غير واعي مرتبط بالجسم العاطفي أو بنمط عقلي معين – فإن الوعي سيلحق بذلك بعد قليل بعد أن يهدأ هجوم طاقة "جسم الألم".
و بالنسبة لبعض الناس قد يأخذ هذا السلوك بعض الوقت, فربما يكون ساعة , ساعتين , أو ثلاث ساعات قبل أن يستيقظ ويحدث نفسه قائلاً "ماذا كان كل ذلك؟"!
و لحسن الحظ ، فإن الفجوة الزمنية بين الحدث الحقيقي (الفعلي) وعودة الوعي تميل إلى أن تصبح أقصر كلما أصبحت أكثر حضوراً - وفي نهاية المطاف ستظهر فوراً بعد حدوثها ، أو حتى عندما تكون الطاقة (طاقة جسم الألم) لا تزال موجودة ولكنها لم تعد في أعلى مستوياتها – ففي هذه النقطة ستكون -أنت- بالفعل على علم تام بما يحدث.
و لكن الخطوة العظيمة التي ستنجزها هي عندما تصبح مدركاً تماماً في منتصفها.
ففي منتصفها ، هناك وعي حقيقي بينما لا تزال طاقة "جسم الألم" تحدث. و الوعي موجود هناك -بالفعل- في لحظة بروز الغضب ، و تماماً قبل أن يُبرِز نفسه أو قبل أن يعبّر عن نفسه. فعندما تنطلق شرارة الغضب ، يكون الوعي موجوداً و حاضراً, وفي تلك اللحظة ، سيكون لديك الخيار في كيفية التعبير عنه - وليس الاحتفاظ به - ولكن عندها يمكنك أخذ نَفَس (شهيق) عميق واعي ، أو المشي قليلاً ، أو ببساطة كن موجوداً هناك و اسمح له (للغضب) بالمرور و الرحيل من خلالك.
ثم بعد ذلك ، قد تجد أن دافع الغضب لن يكون قوياً كما كان من قبل ، وأنك الآن تلاحظ ذلك تماماً كما يحدث - وعلى الفور ستكون هناك كوجود و حضور تام. و عندما يلاقي الدافع (السلبي) ضوء الحضور البرّاق سيذوب و يختفي, لذا كن صبورا مع نفسك!
و قد يحدث -أيضاً- أنه عندما يبدأ الحضور في التدفق إلى مناطق أخرى من حياتك وعلاقاتك وما إلى ذلك , فإن الأنا ستنضم - إذا جاز التعبير- إلى جسم الألم ،. فستنسحب -الأنا- إلى زاوية ما من حياتك حيث تقبع هناك , و تتمكن وتقول: "لن أذهب من هنا".
عندها يبدو الأمر كما لو أن كامل حياتك تشهد تحسناً كبيراً ، ولكن هناك منطقة ما في زاوية ما صغيرة و عميقة حيث تلجأ و تختبئ هناك الأنا مع جسم الألم.
وعلى سبيل المثال ، هناك شخص ما في حياتك لا تستطيع كظم غيظك تجاهه. فكل شيء على ما يرام
و تبدي محبة و غفراناً لأي شخص آخر! ولكن ذلك الشخص لا تستطيع فعل ذلك معه، فعندما تفكر فيه أو مجرد أن يُذكر أسمه ، فإن دفقاً ضخماً من "فقدان" الوعي يتملكك.
و ليس من الضروري أن يكون شخصاً, بل يمكن أن يكون مجموعة من الناس, أو قد يكون فكرة حول المال. "فأنا بخير تماماً مع أي شيء ، طالما لا أحد يذكر المال!"
لذلك ،
كلما اكتشفت نمطاً مضطرباً أو غير واعٍ في نفسك ، فإن ذلك لا يعني أنك قد فشلت, بل إنه يعني تماماً أنك هناك حاضر و متواجد بالفعل, من الرائع دائماً أن تلحظ ذلك في نفسك فهنيئاً لك☺
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
موازنة المشاعر و العواطف السلبية - إيكهارت تول
سأُعلِّمُك الكثير عن المال ... فاديم زيلاند
اتخاذ القرار – فاديم زيلاند
شكراً جزيلاً استاذي الكريم
"العفو! شكرًا لك على تعليقك الرائع. يسعدني أن المقال نال إعجابك وأتمنى أن تكون المعلومات مفيدة لك