وجدت دراسة أن 10 دقائق من التدليك أو المسَّاج أو الاسترخاء يمكن أن تنشط نظام الجسم للتغلب على التوتر.
و كما هو معلوم فإن الآثار الضارة للتوتر معروفة جيداً للجميع ، و لكن لحسن الحظ ، تمتلك أجسامنا نظاماً مدمجاً للتحكم فيه و التعافي منه.
يسمى هذا النظام بالجهاز العصبي السمبتاوي (PSNS parasympathetic nervous system).
و في حين أن هناك الكثير من الأدلة القصصية الشخصية anecdotal evidence على أن أخذ بعض الوقت للاسترخاء - خاصة عندما يتعلق الأمر بالتدليك - يمكن أن ينشط PSNS ، فإن الدراسة الجديدة التي أجراها علماء النفس في جامعة كونستانز في ألمانيا قامت بقياس هذا التأثير و تأكيده علمياً.
و قد خلص الباحثون في ورقتهم البحثية إلى أن فترات الاسترخاء القصيرة قد تكون متجددة نفسياً و فيزيولوجياً و أن التأثير يكون أكثر وضوحاً مع التدليك (المسَّاج).
و يوضح المؤلف الرئيسي للدراسة هو البروفيسور جينس بروسنر Jens Pruessner من مختبر علم النفس العصبي بالجامعة ، و هو عضو في مجموعة التميز "مركز الدراسة المتقدمة للسلوك الجماعي" Centre for the Advanced Study of Collective Behaviour، أهمية البحث الجديد، قائلاً:
"للحصول على معالجة أفضل للآثار السلبية للتوتر ، نحتاج إلى فهم نقيضها – الاسترخاء relaxation. إذ تظهر علاجات الاسترخاء واعدة كطريقة شاملة لعلاج التوتر ، و لكن هناك حاجة إلى تقييم علمي أكثر منهجية لهذه الأساليب. "
و للعلم تظهر الدراسة في عدد سبتمبر 2020 من التقارير العلمية Scientific Reports.
الدراسة
لدراستهم ، قسم الفريق المشاركين إلى ثلاث مجموعات.
تلقت المجموعة الأولى تدليكاً للرأس و الرقبة لمدة 10 دقائق مع ضغط معتدل يهدف إلى تحفيز العصب المبهم لـ PSNS. و يحتوي هذا العصب على حوالي 75٪ من الألياف العصبية PSNS ، و التي تتفرع إلى العديد من أعضاء الجسم التي يتفاعل معها النظام.
و تلقت المجموعة الثانية من الأفراد تدليكاً أكثر ليونة للرقبة و الكتفين لمدة 10 دقائق كوسيلة لتحديد تأثير تنشيط PSNS للتلامس اللمسي البسيط.
في حين جلست مجموعة التحكم الثالثة ببساطة على طاولة جانبية، مسترخية لمدة 10 دقائق.
كما استخدم الباحثون كلاً من القياسات الفيزيولوجية و النفسية لتقييم الدرجة التي أدى بها كل تدخل أو نقص في تنشيط PSNS للمشاركين.
و قد قادت طالبة الدكتوراه في علم النفس العصبي ماريا ماير Maria Meier الفريق ، الذي قيم التأثير الفيزيولوجي للاختبارات من خلال قياس معدل ضربات قلب المشاركين ، بالإضافة إلى تقلب معدل ضربات القلب.
heart rate variability HRV و تقلب ضربات القلب هو قياس الاختلافات في الفترات الزمنية بين ضربات القلب.
على سبيل المثال ، عندما يكون الجسم في وضع القتال أو الهروب fight-or-flight mode ، يكون هناك اختلاف طفيف جداً لأن القلب ينبض بسرعة بمعدل ثابت.
و سيوفر هذا قيمة منخفضة HRV. أما عندما يرتاح الجسم ، ستحدث درجة أكبر من التباين ، مما يؤدي إلى ارتفاع معدل ضربات القلب.
و قد كان لدى جميع المشاركين مستويات أعلى بشكل ملحوظ في HRV بعد ذلك. و مع ذلك ، فإن الزيادات الأكثر دراماتيكية في HRV تعود لأولئك الذين تلقوا التدليك و المسَّاج. و للعلم فإن نوع المسَّاج لا يهم.
أثبت الاتصال اللمسي البسيط فعاليته في مساعدة الفرد على الاسترخاء مثل المسَّاج المصمم خصيصاً لتنشيط PSNS.
من الناحية النفسية ، أبلغ جميع المشاركين عن شعورهم بتوتر أقل و استرخاء أكثر بعد الاختبارات.
و بشكلٍ عام ، أكدت التجارب أن مجرد قضاء بضع لحظات للاسترخاء يمكن أن يساعد الشخص في إدارة التوتر. حيث تؤدي إضافة المسَّاج إلى الاسترخاء، إلى تنشيط PSNS و تخفيف الآثار الجسدية و العقلية للتوتر.
إدارة التوتر
تختتم ماير قائلةً: "لقد شجعتنا كثيراً، النتائج التي تفيد بأن فترات فك الارتباط القصيرة لا تكفي لاسترخاء العقل فحسب ، بل الجسد أيضاً.
و لا تحتاج إلى علاج متخصص من أجل الاسترخاء.
إذ إن قيام شخص ما بضرب كتفيك بلطف ، أو حتى إراحة رأسك على الطاولة لمدة 10 دقائق ،
سيكون وسيلة فعالة لتعزيز المحرك الفيزيولوجي للاسترخاء في جسمك ".
و بنفس القدر من الأهمية، فإن نتائج الدراسة هي تطوير لنظام تقييم علاجات الاسترخاء بموضوعية.
نظراً لأن الخبراء غالباً ما يشيرون إلى التوتر باعتباره المحرك لأمراض مثل الاكتئاب ، فمن الواضح أن الوسيلة الموثوقة للتحقق من صحة تقنيات الاسترخاء لها قيمة.
و في هذا السياق تقول ماير ، "كان التدليك و المسَّاج، باعتباره علاج استرخاء شائع الاستخدام ، أول دراسة لنا.
و ستكون خطوتنا التالية هي اختبار ما إذا كانت التدخلات القصيرة الأخرى ، مثل تمارين التنفس و التأمل ، ستظهر نتائج استرخاء نفسية و فيزيولوجية مماثلة ".
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
تقنيات مهمة في إدارة التوتر .. لحياة أكثر صحة