إننا كآباء ، من الآمن أن نقول بأن هدفنا الأول يتمحور في جعل أطفالنا يشعرون بالأمان و الحب.
و مع ذلك ، فهناك الكثير من المنطقة الرمادية و الكثير من الاختلاف حول النهج الأبوي الذي يحقق هذا الهدف.
إذ هل تعني التربية الجيدة أن تبقى بجانب أطفالك كل ثانية ، و تحذرهم من أي خطر محتمل يكمن في الزاوية؟
أم هل يتعلق الأمر باتباع نهج أكثر استرخاء ، و إعطائهم مساحة للنمو والتعلم من أخطائهم؟
و إذا كان الأمر كذلك :
- فكم عدد القواعد الكافية لذلك؟
- و كم هو العدد الكبير جداً هذا ؟
- و هل مشاركتي في أنشطتهم اليومية تعني رعاية أبوية عن بعد ؟
- أم هل قلة مشاركتي تعني إهمال؟
و الحقيقة أنه و بينما لا توجد طريقة لتكون أباً مثالياً أو أماً مثالية ، إلا أن هناك العديد من الطرق لتكون أباً/أماً صالحاً/ـةً.
و مهما كان نهجنا الفريد أو مجموعة المعتقدات المحددة ، فمن المهم أن نرى دورنا كآباء في المنظور ، كمقدمين لقاعدة آمنة يمكن لأطفالنا من خلالها الخروج و استكشاف العالم.
إن إيجاد التوازن بين حماية أطفالنا و السماح لهم بالعثور على طريقهم الخاص يشكل خطاً رفيعاً للمضي قدماً فيه في تربية الأبناء.
و لكن هناك بعض المبادئ التي يجب وضعها في الاعتبار، و التي أعتقد أنها قد تكون مفيدة لأي والدٍ/ةٍ أن يتذكراها.
1. إن أقوى أداة تعليمية تكمن في الكيفية التي تعيش بها حياتك.
عندما يتعلق الأمر بالتربية ، فإن أفعالنا أكثر أهمية من أقوالنا.
إذ أنه و منذ لحظة الولادة ، يريد أطفالنا التواصل معنا ؛ إنهم يقلدوننا.
و كوننا نموذجاً يحتذى به لأطفالنا ، فإن الأمر يتعلق بالكيفية التي نعيش بها حياتنا و علاقتنا بالناس ، و ليس في الكيفية التي نقول بها لأطفالنا أن يعيشوا حياتهم. لذا يجب أن نقود بالقدوة.
و هذا يعني أن نسأل أنفسنا:
- كيف أتحدث مع أطفالي؟
- و كيف أتحدث مع شريكي (زوج / زوجة ) أمامهم؟
- كيف أظهر التعاطف؟ و السخاء؟ و العمل الشاق؟
إذ من الممكن إنشاء صفحات من القواعد و جبال من التوقعات ،و لكن طفلنا يتعلم أكثر من رؤيته لكيفية تعاملنا مع الحياة.
لذا : يجب أن نسأل أنفسنا :
"هل أنا مرن و حيوي في كيفية التعامل مع الأمور التي تهمني؟"
كما أن امتلاك الشغف و المعنى في حياتنا يعلم أطفالنا أن يشعروا بنفس الطريقة تجاه حياتهم.
و قد لا يكون شغفهم و اهتماماتهم هي نفس اهتماماتنا و شغفنا ، إلا أن موقفهم و نهجهم تجاه شغفنا و اهتماماتنا يمكن تعلمه من المثال الذي نحن عليه أمامهم .
على سبيل المثال ، فقد أظهرت دراسة حديثة أن السمنة لدى الأطفال مرتبطة ارتباطاً مباشراً بنمط حياة الوالدين ، و أنه إذا كان الوالدان يتبعان عادات صحية ، فإن أطفالهم سيفعلون ذلك أيضاً.
2. تقديم الحرية ضمن حدود آمنة.
لا ريب أن أطفالنا يرغبون في الانطلاق و التحرك بحرية ، و لكن يمكنهم فقط الشعور بالأمان الكافي للقيام بذلك عندما نوفر لهم أساساً آمناً يمكنهم المغامرة و الخروج منه.
حيث أن جزءاً من هذا الشعور بالأمان ينبع بشكل طبيعي من كوننا منسجمين و محبين و عاطفين معهم عندما يحتاجون إلينا.
كما أنه ينبع من وجود حدود توفر كياناً و أساساً و يدل على الرعاية.
و يمكن أن تشمل هذه معايير معينة للسلوك مثل معرفة أن هناك طرقاً محددة نتعامل بها مع الآخرين ، و نتشارك من خلالها بالمسؤوليات ، و نعتني فيها ببعضنا البعض.
أما عندما نتعامل مع أطفالنا كمركز للعالم أو ننغمس على الفور في كل رغباتهم ، فإننا في الواقع نخلق الكثير من عدم الأمان في نفوسهم، و قلة تحمل الإحباط التي تعمل على تقييدهم في حياتهم لاحقاً .
لذا ..
فنحن نقدم لأطفالنا خدمة رائعة من خلال تعليمهم كيفية التعامل مع خيبات الأمل و الإحباط وكيفية القيام بالأشياء لأنفسهم وللآخرين.
يجب أن يكون هدفنا الأوسع هو تشجيع استقلال أطفالنا و الاحتفال به ، مع توفير قاعدة آمنة و محبة، على الدوام.
حيث يمكننا أن نظهر لأطفالنا أننا موجودون من أجلهم دون التطفل المفرط من خلال دعم اهتماماتهم الفريدة المنفصلة عن اهتماماتنا.
و يمكننا تشجيعهم على الاستكشاف و الخوض في مغامرات دون دفعهم بشدة.
و عندما يتأذون ، يمكننا تهدئتهم بطرق تظهر لهم أنهم بخير وتعلمهم كيفية الاعتناء بأنفسهم عندما تسوء الأمور ، حتى يطوروا إحساساً بمرونتهم.
و بهذه الطريقة ، فنحن نعلمهم أن يتحرروا منا ، بينما نظهر لهم أن شعورنا تجاههم موجود دائماً.
3. السعي بجد لفهم ماهية أطفالنا .
من الصعب علينا كآباء ، ألا نسقط مفهومنا لأنفسنا، على أطفالنا. كما أنه من الصعب عدم توجيه تمنياتنا لهم بالأفضل من خلال الضغط عليهم بشكل كبير .
إلا أنه من غير الممكن لنا أن ننصف أطفالنا إلا عندما ندرك بأنهم:
- ليسوا نحن، فهم بالنسبة لأنفسهم، يملكون الانفصال التام كأناس متحررين من كل قيد. و مصالحهم ليست بالضرورة هي مصالحنا.
- و هم يشقون طريقهم الخاص بهم ، و قد لا نعرف دائماً الكيفية التي يمكننا من خلالها ربط أنفسنا بهذه الرحلة.
و لكن يمكننا أن نكون فضوليين و نبدي اهتماماً بالتعرف عليهم من أجل الأفراد الذين هم عليه.
كما يمكننا مراقبتهم في مواقف وتفاعلات مختلفة و تجربة ما يلهمهم أو يجذبهم. و بالطبع ، فإن هذا لا يعني أننا يجب ألا نفرض أي قواعد أو قيود على طول الطريق.
لا شك أن تزويد أطفالنا بإحساسهم الخاص بالمسؤولية جزء من مسؤوليتنا كآباء.
إنه في الواقع عرض بتقديم الاحترام لهم مقابل توقع أشياء معينة منهم. فتعليمهم طرقاً للعناية بأنفسهم أو بمنزلهم أو بعملهم المدرسي يجعلهم يشعرون بالكفاءة و الرضا عن أنفسهم.
و سيساعد ذلك في منحهم إحساساً بالهدف وبناء احترامهم لذاتهم. و مع ذلك ، يجب أن نوازن بين توقعاتنا منهم مع الدعم الصادق لمشاعرهم أو اهتماماتهم الفردية.
كما يجب أن نوفر دائماً مساحة لأطفالنا للبحث عما ينير بصيرتهم، و العثور على المكان الذي ينتمون إليه.
و يمكننا دعمهم من خلال تقديم المساعدة عند الحاجة و التراجع عندما يحتاجون إلى استقلالهم.
إذ أن السماح بوجود هذه المساحة يظهر لأطفالنا أننا نحترمهم كأشخاص متفردين و منفصلين.
كما أننا و من خلال قبولهم و تشجيعهم على أن تكون لهم اهتماماتهم الخاصة ، نقدم لأطفالنا إحساساً أكثر واقعية بالحب و القبول.
و بغض النظر عن الإرشادات التي نفرضها على أنفسنا كآباء ، فإن هذا الشعور الحقيقي بالحب و القبول لماهية أطفالنا حقاً هو أهم هدية يمكننا تقديمها لهم .
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
الإكتئاب لدى الأطفال أو المراهقين وما المساعدة التي يجب تقديمها