ملخص : من الطبيعي بالنسبة للأطفال و المراهقين أن يشعروا بالحزن ( أو بالقلق أو بالغضب ) من وقت لآخر , لكن عندما تكون هذه الأمزجة حادة لدرجة أن تخلق المشاكل ، فقد يكون السبب الإكتئاب .
التعرف على الإكتئاب مهم جداW لأن الحصول على المساعدة و الدعم في البداية يخلق فارقا كبيرا .
ما هو الإكتئاب ؟
من الطبيعي أن يشعر الطفل أو المراهق بالحزن من وقت لآخر . هذا الشعور لا يعيقه من القيام بمهامه اليومية ، و عادة ينتهي بالاختفاء بشكل طبيعي .
الاكتئاب بعكس ذلك ، يتميز بكونه حزنا عميقا لدرجة أنه يخل بنظام الحياة اليومية .
في العموم ، فإن أعراض الاكتئاب ( أو ما يطلق عليه كذلك الإكتئاب الاكلينيكي أو الاضطراب الإكتئابي الأساسي )هي كالتالي :
- حزن ، قلق ، هيجان ، غضب
- غياب بهجة الحياة أو صعوبة الإحساس بالفرح
- فقدان الأمل و تدني تقدير الذات
- صعوبة في تنفيذ المهام اليومية ( بيت ، مدرسة ، عمل )
- اضطراب في النوم و الشهية و التركيز ، غياب الطاقة
يرافق الاضطراب الحاد أحيانا هلوسة سمعية (سماع أصوات ) او الرغبة بالإيذاء ( الذات أو الآخر ) . و الاكتئاب أقوى من الحزن .
فالشخص المكتئب لا يستطيع التخلص من حالة الاكتئاب لذلك هو يتأرجح .
و تظهر بعض الدراسات أن الأشخاص المكتئبين لديهم تغيرات كيميائية في الدماغ .
ما هي درجة تكرار حالات الإكتئاب ؟
الإكتئاب عبارة عن عاطفة عادية ، حيث قدر الباحثون أنه ما يعادل واحد من كل خمسة شباب معرضون للمرور بحالة من الإكتئاب قبل بلوغهم سن 18 ، كما أن بعض الأبحاث أظهرت أنه و في كل وقت ، هناك من 4 إلى 8 % من الأطفال و المراهقون يعانون من اكتئاب حاد .
و للأسف ، فإن أغلبية الذين يعانون من الاكتئاب لا يتلقون أية مساعدة رغم أنها مهمة جداً لأن هناك علاجات فعالة ، إضافة إلى أن المساعدة الأولية تساهم في منع تكرار حالات الاكتئاب .
ما هي أسباب الاكتئاب ؟
قد يشعر الوالدان بالذنب لأنهما يعتقدان أنهما مسؤولان عن كآبة طفلهما .
و على كل حال ، فإنه لا يوجد سبب واحد للاكتئاب ، بل هناك عوامل كثيرة قد تساهم في نشوئه .
و في الغالب يظهر الاكتئاب بسبب توليفة من عوامل مختلفة في وقت واحد منها:
- أسلاف من العائلة : إذا عانى أحد الوالدين أو أحد أفراد العائلة القريبين فترات من الاكتئاب ، فإن احتمال تعرض الطفل للاكتئاب كبير .
- الإجهاد : بعض العوامل التي يمكن أن تؤثر عميقاً في الشاب مثل :
- النزاعات بين الوالدين أو الإخوة
- الوالدين المصابين بالاكتئاب
- انفصال أو طلاق الوالدين
- تعرضه للسخرية (منه)
- النزاعات أو المشادات بين الأصدقاء أو الرفاق في الصف
- النتائج المدرسية السيئة أو الإحساس بضغوط مرتبطة بالآداء المدرسي
و أحياناW يصعب على الوالدين تفهم وجهة نظر أطفالهما , و ما قد يعتبرانه غير هام أو ربما ضار قد يكون ساحقاً بالنسبة للفتى . بالإضافة إلى أن بعض الأطفال لديهم حساسية أكثر من غيرهم .
ما العمل إذا بدى ابنك مكتئباً ؟
بالتأكيد, إذا كسر ابنك ذراعه أو اشتكى من ألمٍ ما ، فإنك ستأخذه فوراً إلى الطبيب ، أليس كذلك ؟
فكما أن هذا يعد ألماً جسدياً ، فإن الاكتئاب يسبب ألماً نفسياً كبيراً ، و من الضروري أن تساعد ابنك للحصول على مسكِّن لما يعانيه من آلام نفسية .
فإذا لاحظت أن ابنك يعاني من اكتئاب فيجب عليك أخذه للطبيب ( طبيب العائلة أو طبيب أطفال ) و عليك أن تشرح للطبيب التغيرات التي لاحظتها في تصرفاته ، مزاجه أو مشاعره .
و بدوره سيفحص الطبيب الطفل و يبحث عن المشاكل الجسدية التي يمكن أن تفسر حالة كآبته أو قد يوجهك نحو أقسام الصحة العقلية أو إلى طبيب نفسي أو محلل نفسي أو مختص اجتماعي .
أما إذا شعرت أن الطفل يلوم نفسه فيجب عليك الاتصال بـ:
- طبيب الأطفال
- قسم الطوارئ
- الهاتف المخصص لحالات الطوارئ
نظرة سريعة حول أنواع العلاج لحالات الاكتئاب :
يوجد أنواع مختلفة من العلاج لحالات الاكتئاب التي يمكن إعطاؤها متفرقة أو مجتمعة حسب الحالة.
و تختلف العلاجات من حالة إلى أخرى. و في حال لم تعالج حالة طفلك بنوع معبن من أنواع العلاج (بعد محاولة جادة طبعاً ) فسيقوم مختص في الصحة العقلية بالتحدث معك و مع الطفل لاختيار طريقة علاجية أخرى.
و إليك أنواع العلاج لحالات الاكتئاب:
١ - العلاج بالكلام ، أو العلاج النفسي . و هناك عدة طرق للعلاج النفسي :
- العلاج السلوكي المعرفي ( la cognitivo-comportementale TCC ) و تهدف هذه الطريقة لتغيير الأفكار و السلوك السلبي -الذي يغذي حالة الكآبة- إلى أفكار و سلوك إيجابي و بناء.
- علاج العلاقات الشخصية ( la therapie intrpersonnelle T.I.P ) تهدف هذه الطريقة لتقليص الضغط و حل النزاعات المرتبطة بالاكتئاب.
- العلاج الذي يركز على إيجاد حلول : و هذه الطريقة تستهدف نقاط القوة لدى الشخص لمساعدته على التركيز على التغيرات التي يرغبها في حياته و الطريقة التي سيحقق بها ذلك .
- الأدوية ( مضادات الاكتئاب )
- تتيح للطبيب النفسي إمكانية تخفيف حالة الاكتئاب
- ممكن أن تسهل عملية العلاج النفسي
- ليست ضرورية في كل حالات الاكتئاب .
لابد لك من التفكير ملياً ! فيما لو كان طفلك يشتكي من الربو ، هل كنت ستتركه يقاوم مرضه من دون علاج ؟
هل مضادات الاكتئاب هي أدوية مضمونة ؟
بعض الأشخاص يتساءلون لمعرفة إن كانت مضادات الاكتئاب آمنة ، حيث أظهرت بعض الأبحاث فعالية هذه الأدوية إذا تم استخدمها بشكل صحيح و تحت إشراف الطبيب. كما يجب أن تكون الوصفة الطبية دقيقة حسب حالة كل طفل . و من المعلوم أن الأدوية ليست بالضرورة كلها سيئة و لكنها ليست ضرورية دائماً.
- الخدمات المتقدمة و المرضى المنومون في المستشفى
يعالج عادة الأطفال و المراهقون المصابون باكتئاب عبر مراجعات خارجية أو في مراكز محلية للصحة العقلية. أما في حالات الاكتئاب الحادة فقد يحتاج طفلك لدعم متقدم ضمن برنامج مكثف على مدار الساعة ، أو للتنويم في المستشفى .
مساعدة طفل أو مراهق مكتئب
إن عملية فهم أو دعم طفل أو مراهق مكتئب ليست بالأمر السهل .
و هنا نورد بعض النصائح في هذا الخصوص :
- عليك بالتحدث إلى الطفل إذا لاحظت أي خلل في سير الأمور. مثل: "لاحظت أنك تتصرف بشكل مختلف هذه الأيام " ، " هل أستطيع عمل شيء لمساعدتك " ، " أنت تعلم أنك تستطيع الاعتماد على مساعدتي " .
- عبر عن قلقك "أنا قلق من أجلك " ، أخشى أن هناك أمراً ما غير مريح " .
- قدم مساعدتك " هل أستطيع عمل شيء لمساعدتك " ، " أنت تعرف أنه يمكنك الاعتماد على مساعدتي "
- تناقش مع الطفل ، و لكن عبر تقديم خيارات ، من المهم التحدث إلى الطفل ، و كذلك إيجاد طرق لتقديم هذه الخيارات " يجب علينا حقيقة أن نتناقش ، هل تريد أن نتحدث الآن أم لاحقاً ؟ " .
- لا تنس أن تسترخي و أن تمرح . تأكد من تخصيص وقت للاسترخاء و المرح مع أطفالك . " أرغب أن أتقاسم معكم أوقاتاً سعيدة ، لدي أفكار صغيرة ، لكن هل هناك أي نشاط محدد يمكن أن يسعدكم " .
- حدد المشاكل و حاول إيجاد حلول . ساعد طفلك في تحديد مصدر الضغوط و طرق معالجتها . و الهدف كذلك هو تخفيف الضغوط في حدود الإمكان ، و أن تريه طرق إدارة مواقف التوتر . و في حالة المراهقين ، نلاحظ رفضاً لنصائح الأبوين ، حاول أن يكون الحديث معهم باستخدام عبارات مثل : " لدي أفكار ممكن أن تساعدك في إدارة ضغوطك ، هل ترغب في سماعها ؟" .
- اهتم بنفسك . فأحياناً ، مشاهدة الطفل وهو يمر بحالات من الاكتئاب تسبب ضغوطاً كبيرة عليك. قد تفيدك شبكات الدعم ( مثل الأصدقاء ، العائلة... ) . و في حال شعرت بالانهيار ، استشر مختصاً مهنياً . و أفضل طريقة للاهتمام بطفلك تبدأ بالعناية و الاهتمام بنفسك .
بعض التصرفات لا تساعد الطفل المكتئب:
نورد هنا بعض التصرفات التي يجب تفاديها :
- لا تؤنب طفلك ، فإن عملية التأنيب و التوبيخ لن تساعد في شيء ، بل على العكس من ذلك، يمكن لهذا السلوك أن يزيد من توتره و إرهاقه ،و قد تدفعه لإغلاق أي تواصل معه .
- لا تنتظر من طفلك المكتئب أن يخرج من حالته بقوة إرادته ، تماماً كما مريض السكري أو الربو فهو لا يستطيع الشفاء من مرضه عبر شبك أصابعه .
- تحاشى فرض السلطة عليه و حاول أن تشعر ابنك بأنك متفهم لحالته و أن لديه حق الاختيار ضمن حدود و ضوابط . مثال : تستطيع أن تصر على ضرورة مراجعة مختص لكن مع اعطائه حرية اختيار التوقيت ، أو تخصص المستشار .
- لا تتوقف عن إيجاد طرق لمساعدة ابنك . فأحياناً يكون من المحبط عدم الحصول على الدعم المناسب للطفل ( لائحة انتظار طويلة أو خدمات محدودة ) . على كل حال، إذا شعرت أن هناك شيئاً ليس على ما يرام ، فأنت على حق . استمر بالإصرار للحصول على الدعم المناسب .
نمط حياة صحي يخلق فارقا
يمكن أن تساعد الحياة الصحية النظيفة ابنك في التحسن بشكل كبير. فكر سليم و جسم سليم .
لذلك تأكد أن ابنك :
- ينام بشكل كافي . فنوعية النوم تؤثر على المزاج و مستوى الطاقة
- يحصل على تغذية صحية تتألف من فواكه و خضار بكميات جيدة . و تشير بعض الدراسات إلى أن نقصاً في فيتامن أوميغا3 يمكن أن يفاقم حالة الاكتئاب .
- أن يكون نشيطاً .الأطفال و المراهقون يحتاجون لساعة تقريبا من النشاط الجسدي و في الشمس إن أمكن . و أظهرت الدراسات أن التمارين الرياضية ( التي ترفع تردد النبض و التنفس ) لها مفعولاً إيجابياً ضد حالة الاكتئاب .
- يتعرض كفاية للشمس . فالتعرض غير الكافي للشمس (نقص في فيتامين D ) يمكن أن يسبب الإكتئاب الفصلي للأشخاص الذين لديهم استعداد لذلك .
- يتفادى الكحول و المخدرات . في البداية يشعر الشباب بالانتشاء و تحسن حالتهم عندما يتعاطون المخدرات أو الكحول رغم أن هذه تفضي إلى المزيد من المشاكل و تزيد الحالة سوءاً على المدى البعيد .
التعاون مع المدرسة
تحدث مع المسؤولين في المدرسة فيما لو كانت المدرسة تفاقم من حالة اكتئاب ابنك ، أو فيما إن كان مرضه يؤثر على تردده على المدرسة أو تحصيله التعليمي . خذ موعداً مع الأستاذ ، أو المرشد, أو المدير لبحث الوضع .
و إذا كان من الصعب عليك الاعتراف بمرض ابنك ، اشرح فقط أنه يعاني في التعامل مع التوتر و أنه يشعر بالعجز . تعاون مع المدرسة لمساعدة ابنك في إدارة التوتر و تقليل الضغوط عليه. و عندها قد يعدل الأساتذة منهجية التعليم و طريقة التعامل مع الطفل .
الكتاب :تمت مراجعة المقال الأصلي باللغة الفرنسية من جمعية المعلومات للصحة العقلية في المركز الصحي للأطفال في شرق أونتاريو (CHEO ) و من قبل أعضاء شبكة المعلومات للصحة العقلية للأطفال و المراهقين (www.cymhim.ca )
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
الاكتئاب : العلماء يجدون علامة حيوية جديدة للاكتئاب