الوعي
سؤال مهم في الوعي : إذا لم تكن أنت ، فمن أنت؟

إن كل شيء موجود هو جزء من لعبة الوعي لأنه يحول نفسه إلى ما لا نهاية.

و عندما تكون يقظاً، يمكنك المشاركة بالكامل في هذه اللعبة.. الرقصة الكونية للخلق.

سواءً أكنت تطلق عليها حياتك الروحية ، أو رحلتك الداخلية أو البحث عن قوة أعلى أو أسمى ، فهناك عملية ضرورية تعرف باسم اليقظة waking up.

و هي تتوقف على أنك لم تعد شخصاً جاهلاً .

إذ أنك و من خلال زيادة وعيك ، ستتخلى عن العديد من الأشياء التي كنت تعتبرها أمراً مفروغاً منه أو أنها أمور مسلم بها .

كما أنك ستدرك أنها كانت أوهاماً ، و افتراضات غير مثبتة ، و آراء مستعملة، و هذه مرحلة مهمة في الوعي.

 و الآن، و في هذه اللحظة يمكنك اتخاذ خطوة كبيرة نحو اليقظة . و كل ما عليك فعله هو الإجابة عن سؤال واحد: من أنت؟  

إذ أن هذا السؤال يتعلق بهويتك ، و التي يعتبرها الجميع أمراً مسلماً به - لدرجة أننا نفقد أنفسنا في وهم دون أن ندرك ذلك.

و لنبدأ بدون أي افتراضات..

كل ما عليك فعله هو أن تقوم بالتخلص من افتراضك بأنك تعرف مسبقاً من أنت ، لأن ما يعرفه الناس بالفعل ليس من هم حقاً، و لكنهم يعرفون قصتهم.

و ما قصتك إلا نتاج كل ما  جمعته في الماضي من خلال الخبرة و المعتقدات و النجاحات و الفشل و الأشياء التي تعجبك و التي لا تعجبك.

كما أنك حين تُعرِّف نفسك من خلال هذه الأشياء ، عندها قد تلتبس عليك الأشياء التي انقضت في الماضي بما أنت عليه في الحقيقة .

و قد تكون قصتك جيدة أو سيئة ، شيء تفخر به أو لا تفخر به ، و مليئة بالتجارب التي ترغب بالتمسك بها وغيرها من الأشياء التي تفضل نسيانها.

و لكن لا شيء من هذا يهم حقاً عندما تريد أن تعرف من أنت حقاً . فأنت أكثر من قصتك (أي أنك تتجاوز حدود قصتك بكثير) .


إذاً : أين يمكنك أن تجد هويتك الحقيقية؟

 لمعرفة من أنت في الحقيقة ، يجب أن تنظر إلى العقل البشري ، فهناك حيث يبدأ كل شيء يتعلق بك .

و من المعروف أن معظم الناس يتركون العقل البشري للخبراء ، إلا أن ذلك يخلق مشكلة.  و هذه المشكلة تتعلق بنكتة قديمة تسير على هذا النحو: هناك شرطي يمشي باتجاه رجل يبحث -عن شيءٍ ما- تحت ضوء الشارع.

و هنا يبادر الشرطي الرجل بالسؤال : "عما تبحث؟"

يجيبه الرجل: عن مفاتيحي.

الشرطي :  و هل هذا هو المكان الذي فقدتهم فيه ؟

الرجل: لا ، لكن الإضاءة هنا أفضل.

و هنا ستجد نفسك تنهي هذه النكتة في منتصفها إذا حاولت تحديد موقع العقل البشري في ضوء العلوم الفيزيائية أو الطبيعية  ، و التي تركز على الدماغ.

لذا فمن الأنسب البحث عن العقل داخل الدماغ لأن الدماغ هو عبارة عن شيء ، قطعة تزن ثلاثة أرطال يتم تشريحها و فحصها ؛ كما أن نشاطه يومض عند إجراء فحوصات الدماغ ، و وجود كدريليون من  الروابط داخل الدماغ يعطي مجالاً كبيراً لعلم الأعصاب.

و قد أصبح رسم خريطة الدماغ بالكامل الآن في متناول اليد، و سيثبت أنه أعظم إنجاز في علم الأحياء منذ رسم خريطة الجينوم البشري.

لسوء الحظ ، فالدماغ هو المكان الخطأ للبحث عن إيجاد نفسك.

و إذا تركت كل الافتراضات جانباً ، فلا يمكنك إنكار أنك تعيش حياتك من خلال تجربتها. فأنت تشعر؛ و تفهم و تنتبه إلى أنك تجد المعنى و الهدف في تجاربك.

و لا يقوم دماغك بأي من هذه الأشياء.

إذ أنه  لا يوجد نموذج للدماغ ، مهما كان معقداً ، يُظهر أن الدماغ يخلق أي تجربة.

و حقيقة أن دماغك ينشط في كل تجربة فهذا لا يعني أن لديه خبرة ، ليس أكثر من البيانو ، الذي تتحرك مفاتيحه باستمرار أثناء الأداء أو العرض  ، و هو يختبر الموسيقى.

كما أن الأشياء المادية ليست مُجَرِّباً أو تمتلك خبرة معينة ، لكنك أنت كذلك (مُجَرِّب و ذو خبرة). إذاً : من أنت؟ أنت ممارس أو مجرِّب experiencer.

و هذه بداية جيدة ، لكنها ليست سوى خطوة أولى. و بمجرد أن ترى بأنك من ذوي الخبرة (مجرِّب) ، ستظهر صفتان أخريان على الفور.

أنت موجود؛ و أنت مدرك.

و من خلال هذه الأشياء الثلاثة:

  1. الوجود existence

  2. و الخبرة و التجربة experience

  3. و الوعي  awareness 

ستكون قد أجبت على السؤال "من أنا؟" و ستكون قد بدأت عملية الاستيقاظ بشكل جدي.

و سيكون الطريق الذي أمامك هو طريقك الخاص. و لن يختبر أحد الحياة تماماً كما ستختبرها أنت  ؛ و لن يدرك أحد بالضبط نفس الأشياء التي ستدركها أنت .

و لكن هناك لحظات من اليقظة و الوعي التي تم الإبلاغ عنها على طول الطريق  و لقرون عديدة.

إن الغرض من حياتك هو -بكل ما للبساطة من معنى- أن تستيقظ.

ومن أهم هذه الأشياء :

  • لا يمكن  إقصاءك من الوجود. إذ أن عدم الوجود أمر مستحيل.

  • أنت لست مقيداً داخل حدود جسمك و امتداد عمرك.

  • أنت لا حدود لك تماماً مثل الوعي نفسه ، بلا حدود مثل الوجود ، خالدٌ مثل الأبدية.
    و هذه الصفات أساسية ، و ليست مفاهيم ميتافيزيقية اخترعت في نوع من الفضاء الفلسفي الفائق.

  • الغرض من حياتك هو -بكل ما للبساطة من معنى- أن تستيقظ.
    و قد تم نقل هذا المفهوم و الهدف إليك في اللحظة التي اتخذت فيها خطوتك الأولى نحو الاستيقاظ أو اليقظة .
    إذ أنك و في خطوتك الأولى تخلصت من الوهم الذي يقول ما أنت إلا  قصتك.
    و هناك المزيد من الأوهام التي  ينبغي عليك أن تنبذها و تتخلص منها ، و لن تكون مدركاً و واعٍ بشكل كامل إلى أن تختفي تماماً

  • الوجود (الكينونة) واعٍ دائماً.

  • كل شيء موجود هو جزء من لعبة الوعي لأنه يحول نفسه إلى ما لا نهاية.و عندما تكون يقظاً، يمكنك المشاركة بالكامل في هذه اللعبة ، الرقصة الكونية للخلق  the cosmic dance of creation .

و يجب أن ندرك أن هذه الأنواع من الوعي تأتي بشكل طبيعي و بدون عناء.

و لا يجب أن يعمل الشخص من أجل الوصول إليها . كما أنك -أنت- لا تحتاج هدايا خاصة من أي نوع. و الشرط الوحيد هو أن تبدأ بعدم الإيمان بقصتك.

لأنك و من خلال التركيز عليها بشكل حصري ، فإنك تقوم ببناء دُرج من الرسائل الميتة.

و ليس عليك الانتظار حتى تموت ، إذ أن قصتك  تتكون من تجارب ميتة تتصنع الحياة من خلال التكرار.

و في الحقيقة ، أنت على حي مثل اللحظة التالية ، و التصور التالي ، و التجربة التالية. و لا يوجد شيء و لا يمكن لأحد أن ينتزع منك أو حتى يلمس من أنت (ماهيتك) حقاً . و هكذا سيكون كل من الوجود و الخبرة و الوعي ملكك إلى الأبد ، و ستتجاوز الماضي و الحاضر و المستقبل. 

و أخيراً …. 

إن جمال اليقظة يكمن في أنها متوفرة هنا و الآن Here and now. و ما عليك عزيزي القارئ إلا أن ترمش بعينيك ، و ستكون موجوداً (أنت) هناك.


عزيزي القارئ

لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.

كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.  


 ننصحك بقراءة المقالات التالية :

الوعي الخالص : سكون الوعي هناك تستطيع اكتشاف حقيقتك

أيهما أفضل الوعي أم الذكاء؟ ديباك شوبرا

القبول بوابة الوعي : ما هو الفارق بين القبول و الموافقة؟


المصادر


الوسوم



المؤلف

هدفنا إغناء المحتوى العربي لأن القارئ العربي يستحق المعلومة الصحيحة والمفيدة، و التي تنشر الآن في أهم المواقع العالمية ،


التعليقات

    • الأن
إشترك الآن

احصل على أحدث المواضيع و تواصل و اترك تأثير.

تسجيل الدخول مع فيسبوك تسجيل الدخول مع جوجل