إن التوقعات Expectations هي كلمة تتغير مع تغيرنا ، والسر الذي يكمن وراء تحقيق توقعاتك ، أولاً وقبل كل شيء ، هو استيعاب هذه الحقيقة.
إنك لست الشخص الذي كنت طفلاً أو مراهقاً.
فهذا واضحٌ جداً لك ، ولكن الشيء الأقل وضوحاً هو، أنك لست حتى الشخص الذي كنت بالأمس.
فالحياة اليومية المعاشة تقدم لنا تجارب لا حصر لها ، وبالتأكيد فإن كل تجربة منها تعطي انطباعاً فريداً. و بالتالي فلن تكون مضطراً إلى استخدام مصطلح الكارما Karma لتدرك أن هذه الانطباعات، قد شكلتك من يوم لآخر.
ولكن ما علاقة هذا بـ التوقعات ؟
ما لم تكن متمركزاً حول إحساس موثوق به بالذات ، فإن حالتك القديمة ، ووضعك العائلي ، وانطباعاتك القوية ، وخلفيتك الاجتماعية - والتي تأتي جميعها من الماضي - هي التي توجه توقعاتك ، وليس أنت.
إن توقع شيء ما، هو عملية التنبؤ به في المستقبل ، وقد خلص علماء النفس الذين يقومون بإجراء أبحاث حول السعادة إلى أن الناس سيئون للغاية في التنبؤ بما سيجعلهم سعداء بالفعل. فـ التوقعات Expectations في كثير من الأحيان لا ترقى إلى مستوى ما تجلبه اللحظة الراهنة present moment.
لذلك ، فإن أفضل طريقة للحصول على ما تريده حقاً من الحياة هي أن تتكيف باستمرار مع الحاضر ، لأن هناك حكمة تكمن في عدم اليقين. فعندما يتوقع الناس أن يكونوا سعداء للغاية عن طريق الزواج ، وإنجاب الأطفال ، وتحقيق مستقبل مهني ناجح ، وما إلى ذلك ، فإنهم يستبدلون القواعد الاجتماعية بشيء أعمق.
وبالطبع يمكن أن لحالات الرضا الخارجية أن تجعلك سعيداً ، ولكن مرة أخرى تشير الأبحاث النفسية إلى أنه لا يمكن الوثوق بها إلى حد كبير – فعلى سبيل المثال، واحدة من أكثر التجارب المجهدة في الحياة هي، رعاية طفل رضيع، و التي ستاتي على شكل مفاجأة لكثير من الأمهات الجدد.
و يمكن أن نسرد هنا، الطرق الأكثر شيوعاً التي لا تتنبأ بها توقعات الحياة وهي:
- وضع توقعات منخفضة جداً.
- التمسك بعناد بالآمال والأحلام و انتظار احتمالية أن تتحقق.
- التمسك بتوقعات أسرتك، حول من أنت، أو حول ما ينبغي أن تكون.
- الانهزام جراء التجارب السيئة ، والنكسات، والتي تخنق نموك.
- التورط في عمل أو علاقات غير مرضية.
ويمكن أن يصبح أي من هذه الأشياء عبئاً نفسياً ، وغالباً ما تكون النتيجة هي نفس الشيء: الوعي المقيد constricted awareness.
فكلما سمعت صوتاً في رأسك يقول أشياء مثل: "إن الأشياء دائماً تصير إلى شكل سيء" ، "أنا لست جيداً بما فيه الكفاية" ،" يجب أن أستقر فقط ، " ، " إن الأشياء العظيمة تحدث لأشخاص آخرين ، وليس لي.".
لابد لك من أن تنتبه إلى أن الصوت الذي في رأسك، يأتي من الماضي ، لقد اكتسبت الذات القديمة البالية فرصة ثانية في الحياة، في نشاط عقلي منفصل عن اللحظة الحالية.
لا تضف شيئاً إلى قصتك.. لا ترفع توقعاتك
لذلك ، فقط هو الوعي اللامحدود (الخالد) والذات العليا الموجودة في الوعي الخالد هي الحقيقية فعلاً.
والحقيقة التي اكتشفها الحكماء القدامى في الهند ، و عرفوا من خلالها هذه النقطة -والتي تعتبر أساسية لفيدانتا Vedanta – لا تزال غير معقولة. وبعد كل شيء ، يكافح عدد لا يحصى من الناس لرفع التوقعات في حياتهم ، لتحقيق السعادة المثالية، وتجربة العيش دون قيد أو شرط ، ومع ذلك يدرك عدد قليل جداً أن هذه الأشياء لا يمكن أن تتحقق في مجال الوقت على مدار الساعة العادية. وهذا ليس لأن الحياة مزورة بطريقة أو بأخرى، لتبقينا غير منجزين ، ولكن الآن ، حيث يتم تجربة، كلاً من الحب والسعادة والوفاء ، فلا بد من إدراكها على أنها صالحة بشكل غير محدود زمنياً.
لقد طرح -ذات مرة- المعلم الروحي ج. كريشنامورتي J. Krishnamurti سؤالاً محدداً: "هل لاحظت أنه بمجرد أن تقول لنفسك ،" أنا سعيد " فإن السعادة تبدأ بالتلاشي؟"
إن ما كان يدركه هو، أننا في اللحظة التي نضع فيها التجربة في الكلمات - ليس فقط السعادة ولكن أي تجربة – فإننا نضيف شيئاً ما إلى القصة، تلك القصة التي نستمر في بنائها حول حياتنا. و بعد ذلك تحاول هذه القصة تجميد اللحظة الحالية ، وهو أمر مستحيل.
إن ما يحدث في الواقع هو إضافة القليل من الماضي إلى الركام.
ومع أخذ هذه المعرفة في الاعتبار ، فإنه يوجد هناك طرق عملية لمراجعة ورفع توقعاتك ، ابتداءً من الآن..
لنبدأ بـ :
1- أنشئ نفسك في واقعية و حقيقة الآن the reality of now من خلال التأمل. فالتأمل meditation يجلب العقل أقرب وأقرب إلى تجربة مصدره .. اللامحدودة زمنياً.
2. ضع قيمة واضحة وهي، أن تصبح مستقلاً و متحرراً. فنفسك الحقيقية ستكون شاهداً على ألا تلتصق و ترتبط بالدراما، أو أن ينصرف انتباهك، من خلال النظر من كثب للتجارب اللحظية القوية.
3. لا تصغي و تنهار أمام الصوت الذي في رأسك. وبغض النظر عن ما يقوله لك ليؤثر عليك... فقط كرر هذه الكلمات: "هذا هو الماضي. لم أعد هذا الشخص بعد الآن".
4. لا تؤمن بالآراء المستعملة.
5. لا تقبل قصص الآخرين عنك و حولك. سواءً أكانت القصة جيدة أم سيئة (لا يهم الأمر) - عادة ما تكون مختلطة - فإن التأثير الكلي هو وضعك في صندوق (قالب) ، والذي سيكون من أجل راحة للآخرين أكثر من أي شيء آخر.
وفي النهاية ،
فإن أفضل شيء يمكنك القيام به هو الهروب من سخافة التوقعات ، واختيار أن تعيش حياتك بدونها بدلاً من ذلك. فهناك شعورٌ عميق بالرضا في الآن (الوقت الحالي) ، والذي يجدد نفسه إلى الأبد بدلاً من اللهث وراء الأوهام التي تأتي من الماضي ولا تستحق إلا أن تبقى هناك (في الماضي).
بقلم البروفسور ديباك شوبرا