أحد أهم الدروس التي أفدتها من قراءة الكتب، و عمل مقابلات مع الأشخاص الأذكياء، و إجراء محادثات مع المعلمين و الناصحين لي، هو أن الأسئلة أكثر أهمية من الإجابات. على الرغم من أن هذا يتعارض مع كل ما تتعلمه في المدرسة، حيث تُكافأ على مهارة إجاباتك لا على أسئلتك.
و مع ذلك، ليست الإجابات هي ما تحدد مهارة الشخص، وإنما الأسئلة التي ينبثق عنها ذهنه، يقول فولتير Voltaire :
"احكموا على المرء بأسئلته لا بإجاباته".
قال لي أحد أصدقائي و الذي يعمل كمستشار في واحدة من أكبر ثلاث مؤسسات للاستشارات الإدارية:
"وظيفتي أن أكون جاهلاً." و كان يشير بذلك إلى بيتر دراكر Peter Drucker، الذي يمكن القول إنه أحد أعظم المستشارين الإداريين في كل العصور، و الذي قال ذات مرة:
"أعظم قوة تميزني كمستشار هي أن أكون جاهلاً و أن أطرح القليل من الأسئلة".
فإذا ما طرحت على نفسك السؤال المناسب في الوقت المناسب، فبوسع ذلك أن يجعلك تحصل على الجواب المناسب الذي يغير حياتك، و لقد اختبرت ذلك بنفسي على مدار السنوات القليلة الماضية.
لقد اعتدت على طرح الأسئلة على نفسي طوال الوقت. و في هذه المقالة، أرغب في مشاركة 21 سؤالاً، تتعلق بأربعة مجالات مختلفة، و التي اعتقد أن لديها القدرة على تغيير كل شيء حولك. هيا بنا نبدأ.
الحياة بشكلٍ عام
لنبدأ ببعض الأسئلة التي يكون الجواب عليها إما بنعم أو لا لتقييم ما تشعر به.
و مثل جميع الأسئلة في هذا المقال، فإنني أجيب عليها في مفكرتي.
لقد قمت بسهولة بتدوين ملاحظة في تطبيق الملاحظات الخاص بي على هاتفي الذكي و تشمل هذه الأسئلة الـ 21.
و خلال بضع مرات في الشهر، أقوم بفتح الملاحظة و ألقي نظرة على الأسئلة (لقد أضفت الملاحظة إلى اختصاراتي في تطبيق Evernote حتى يتم تذكيري كثيراً بالأسئلة). و من ثمَّ أقوم بالإجابة بشكل عشوائي على عدد قليل من الأسئلة في كل مرة.
و أنا أتحداك أن تستخدم هذا التطبيق بنفس الطريقة. بيد أنه يمكنك أيضًا الإجابة على كل شيء بترتيب زمني إذا كنت تفضل ذلك.
1- هل أنا سعيد؟
2- هل أنا ممتن؟
3- هل أحب عملي؟
4- هل أشعر أنني بحالة جيدة؟
5- هل أخصص لدراستي وقتاً كافياً؟
و كما ترى، فإن السبب وراء أهمية هذه الأسئلة البسيطة هو أنك سترغب في تعديل حياتك بطريقةٍ ما إذا كانت الإجابة على أي منهم بـ (لا).
في كثير من الأحيان، نمر بأوقاتٍ نكون فيها غير سعداء، و غير ممتنين لأي شيء، و يلازمنا الشعور بالسوء لمدة طويلة جداً. و لذا، إذا كان هناك خطأ ما في حياتك، اعترف به بسرعة، ثم ابحث عن الحل.
و مما يجدر ذكره أن هذه الأسئلة لا تتعلق بك فقط؛ فحينما تكون سعيداً, وفي حالة مزاجية جيدة، يكون بوسعك التأثير إيجابياً على من حولك. لهذا السبب فأنا أركز على سعادتي أولاً. خلاف ذلك، لا يمكنك أن تجعل زوجتك أو عائلتك أو الآخرين سعداء.
اعتبر الأسئلة الخمسة الأولى تقييماً سريعاً. كن صادقاً. فليس هناك من تسعى لإبهاره. فكّر فيما تشعر بكل صراحة.
لقد قرأت مؤخراً تعليقاً من شخص يقول إن الأشخاص الذين يفكرون في أنفسهم أنانيون - و أننا سنعيش بداخل عالم أناني إذا تصرف الجميع بهذه الطريقة. و أريد أن أخبركم كم أن هذا المنظور محدود و جاهل للغاية. فعندما تعتني بنفسك و تتأكد من أنك سعيد، ستحظى بحياة جيدة. لن تغار من الآخرين.. سوف تبتسم كل يوم. و الأهم من ذلك، سيكون لديك الموارد و الوقت الكافيين لمساعدة الآخرين.
هكذا تعمل الحياة. النجاح يولد النجاح. و البؤس يولد البؤس.
الحياة المهنية
دعنا ننتقل إلى مجال هام في حياتنا. إنك تقضي معظم ساعات صحوك في العمل. لذا، فمن الضروري أن يجعلك عملك شاعراً بالرضا.
و في الواقع، إن اشتغالك بعمل تستمتع به لهو أكثر أهمية من العوامل الأخرى مثل الدخل، و السلامة المهنية، و الموارد، و موقع العمل، و ما إلى ذلك. إنه أحد الدروس التي تعلمتها من كتاب كلايتون كريستنسن Clayton Christensen، كيف تقيس حياتك؟ , How Will You Measure Your Life?.
لهذا أسأل نفسي بانتظام:
6. ما هي الأشياء الجديدة التي أتعلمها؟
هذا هو أهم شيء بالنسبة لي. عندما أتعلم، أشعر أنني أمضي قدماً. و عندما أمضي قدماً، أشعر أنني بحالة جيدة.
7. إلى أين تسير حياتي المهنية؟
إنك بحاجة إلى امتلاك رؤية عن المستقبل. و بالتالي إذا لم يكن لديك واحدة – اخلقها الآن.
8. ما مدى أهمية عملي؟
أريد أن أشعر بالرضا عن عملي في نهاية كل يوم.
9. ما الذي يمكنني فعله ولا أفعله حالياً؟
دائماً ما أبحث عن أشياء للقيام بها في المكتب و في المنزل. و هكذا أتعلم أموراً جديدة.
10. كيف يمكنني تحسين جودة ما أفعله؟
عندما تتحسن في عملك، سيكون بوسعك إحداث تأثيرات أعظم، و حلّ مشكلات أكبر. و بالطبع من شأن ذلك أن يمنحك المزيد من الرضا.
و كذلك المزيد من الدخل.
العمل التجاري
بصفتي أحد روّاد الأعمال، فإنني أحتاج كثيراً للاهتمام بعملي.
و من غير ذلك، لن يكون هناك دخل و لا أموال تُدفع للموظفين. و بالتأكيد بوسعك زيادة رأس المال أو اقتراض قرض.
غير أني أعتقد أنه يجب أن تكون قادراً دوماً على جني المال من عملك.
الأمر بسيط: إذا كان عملك لا يدر المال، فهو ليس عملاً - بل هواية.
و للتأكد من أن أعمالنا تدر لنا الربح، يمكننا أن نسأل أنفسنا الآتي:
11. ما هي أكبر المشاكل التي يشكو منها عملاؤنا؟
إننا نحل فقط المشاكل الفعلية التي يعاني منها الأشخاص أو الشركات الأخرى.
12. ما هو الحل المثالي الذي يرضي عملاءنا؟
امنح الناس ما يريدونه حقاً.
13. كيف يمكننا تقديم المزيد من القيمة دون فرض رسوم أكبر؟
بالشحن المجاني و ما إلى ذلك.
14. أين يمكننا الوصول إلى عملائنا المهمين؟
ابحث عن الأماكن التي يتواجد بها عملاؤك، و اذهب إليها مباشرةً.
15. كيف يمكننا تخفيض تكاليفنا؟
إننا دائماً ما نقدم خدماتنا بتكاليف منخفضة. ونتفاوض على أسعار كل شيء - حتى الأشياء البسيطة مثل اللوازم المكتبية.
فهذا أفضل لنا و لعملائنا.
الإنتاجية
لا ريب أن جميع الأشياء المذكورة أعلاه تبدو رائعةً و أنت تقرأها، أليس كذلك؟
و لكنها لا تعدو أن تكون شيئاً مهماً إذا لم تدخل حيز التنفيذ، أنا و أنت نعلم ذلك جيداً.
و لكن لا يزال هناك فرق بين مدى فاعلية كلٍ منا. و يرجع هذا لشيءٍ واحد: ما مدى مهارتك في تنفيذ الأمور؟
يمكن أن تساعدك هذه الأسئلة في معرفة ذلك:
16. ما هي أولويتي الأولى الآن؟
17.كيف يمكنني تحقيق أولويتي الأولى بشكل أسرع؟
لا يتعلق الأمر بكونك نافذ الصبر بقدر ما يتعلق بدفع نفسك إلى التفكير في طرق إبداعية للحصول على النتائج بشكل أسرع.
18. ما هي المهام التي يجب أن أتوقف عن القيام بها؟
كلنا نضيع الوقت. حدد هذه المهام و توقف عن القيام بها.
19. ما هي المهام التي أقوم بتأجيلها؟
استغل الوقت الذي تضيعه في الإجابة عن السؤال السابق لهذا السؤال. إننا جميعاً نتجنب المهام الضرورية - و الأشياء التي ينبغي أن نقوم بها هي تحديداً الأشياء التي نتجنبها.
20. ما هي الأسئلة التي لا أطرحها على نفسي؟
في الكون الكثير من الأشياء التي لا نعرفها. لذا حاول دائماً البحث عن المجهول. و اجعل ذهنك منفتحاً لكل شيء.
و بالفعل هناك الكثير من الأسئلة التي لا أطرحها على نفسي. لهذا السبب سأستمر في التشكيك في كل شيء - طوال الوقت. و الشيء الوحيد الذي أعرفه هو أن الحياة تكتسب معنىً أكبر عندما يزداد عطاؤك. لهذا السبب أريد أن أختتم مقالتي بهذا السؤال:
21. كيف يمكنني مساعدة شخص واحد في اليوم؟
حتى الإيماءة البسيطة تكفي. اتصل بأفراد عائلتك. شارك صديقك الشعور بالبهجة. ابدأ بمساعدة الناس من حولك. ثم اطلب منهم أن يفعلوا الشيء ذاته مع الآخرين من حولهم.
و كما ترى، يبدأ كل شيء بسؤال. لا تندهش إذا نلت كل ما تريد. و يذكرني هذا بالقول الشائع لـ مايا أنجيلو Maya Angelou :
"اسأل عما ترغب به، و كن مستعداً للحصول عليه!"
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
اسأل نفسك هذه الأسئلة العشرين لتحسين وعيك الذاتي
بناء الثقة بالنفس و احترام الذات
حقق توازن الشخصية : 3 أنواع من الكمالية (السعي لـ الكمال) - فقط واحدٌ منها جيد