حقق توازن الشخصية : 3 أنواع من الكمالية (السعي لـ الكمال) - فقط واحدٌ منها جيد

الكمالية
حقق توازن الشخصية : 3 أنواع من الكمالية (السعي لـ الكمال) - فقط واحدٌ منها جيد

الكمالية Perfectionism.. هي رفض قبول أي معيار أقل من الكمال، و الشخصية الكمالية تتمثل بالشخص الذي يرفض قبول أي معيار قد يقيمه بأقل من الكمال.

"ما هي أكبر نقاط ضعفك؟" لعلك قد سمعت بإن الإجابة على هذا السؤال الشهير الذي كثيراً ما نسمعه في مقابلات العمل بقول "حسناً، إنني من الساعين للكمال نوعاً ما" لم تعد بالإجابة الحكيمة.

إنَّ كون الشخص منظماً ومنضبط ذاتياً -الأمر الذي كان يعد ميزةً مرغوبة فيما مضى- بات اليوم نوعاً من المذمَّة و الاتهام، بل ربما إشارة تحذيرٍ لأرباب العمل أنفسهم.

صحيحٌ أن الدراسات الحديثة تربط بين أنماط الكمالية سيئة التكيّف، وبين المعدلات المرتفعة من الاكتئاب depression والقلق anxiety ، إلا أن هذه الدراسات تكشف حصراً عن الجانب المظلم لنتائج بلوغ الحد الأقصى من الوعي والسيطرة.

بيد أنَّ هناك جانبٌ آخر للقصة. كما يتضح لنا، فقد أثبتت الأبحاث وجود أنواع متباينة من الكمالية، ويمكن لبعضها أن يدعم نجاحك ويرتقي بمسيرتك المهنية.

الأنواع الثلاثة للكمالية

من المهم دحض المفاهيم الخاطئة التي تصم الكمالية بأنها إما بيضاء أو سوداء، وذلك قبل أن تُخمد هذه المفاهيم طموح الناس إلى القيادة القوية والبصيرة.

وبالفعل فإنني كثيراً ما أسمع من القادة البارعين (وخاصةً النساء اللواتي يواجهن المعضلات مزدوجة الصعوبة) أنهن يعشن في خوفٍ متزايد من أن يحثنَّ أنفسهن والآخرين على الوصول للمعايير العالية، خشية أن يتم تصنيفهن ضمن النوع الأول لمنشدي الكمال والمعروفين بتزمتهم وصعوبة التعامل معهم.

و يمكن للإفراط في الاعتماد على أية صفة شخصية أن يتجاوز حدوده. وكذلك الكمالية.

فإيجاد حل وسطي مناسب هو الخيار الأمثل للاستفادة من إيجابيات التمسك بالمعايير العالية، والتخفيف في الوقت ذاته من آثارها السلبية التي قد تنعكس على سلامتك الذهنية، وسعادتك، وعلاقاتك.

و حتى تتمكن من تسخير سعيك لأهدافٍ إيجابية يجدر بك أولاً أن تدرك موقعك على طيف الكمالية، ومن ثم القيام بتطبيقه كمصدرٍ للقوة بطريقةٍ أكثر سلامة ومرونة.

و قد عكف عالما النفس الكنديان د.بول هويت Dr. Paul Hewitt و د.غوردون فليت Dr. Gordon Flett على دراسة الظلال الرمادية للكمالية لمدة تزيد عن العشرين عاماً.

و يكشف هذا البحث أن للكمالية، كما لمعظم الصفات الأخرى، طيفاً واسعاً.

إليك الأنواع الثلاثة للكمالية التي يُفسرها مقياس الكمالية متعدد الأبعاد الخاص بهما.

الشخصية الكمالية المُوجّهة من المجتمع (Socially prescribed perfectionists)

يكون هؤلاء الأشخاص دائمي النقد لأنفسهم. و يشعرون بإلحاحٍ هائلٍ لأن يكونوا الأفضل على الدوام، و ينتابهم القلق المستمر من رفض الآخرين لهم. فالمعايير التي يرونها بالخارج (والتي قد تأتي من العائلة، وثقافة محيط العمل، والمجتمع .. إلخ) يمكن أن تصيبهم بالقلق النفسي و ضعف الثقة confidence بأنفسهم.

الشخصية الكمالية المُوجّهة نحو الآخرين (Other-oriented perfectionists)

إنَّ منشدي الكمال الموجهين نحو الآخرين - الذين يُلزمون الآخرين بالمعايير العالية، بالإضافة إلى طبيعتهم الانتقادية وسريعة الحكم - عادةً ما يخلّفون وراءهم الكثيرمن الدمار. من الصعب الحفاظ على علاقات ناجحة في ظل هذه الظروف، وهو أحد الأمور التي تفسر الضرر الذي ينطوي عليه هذا النوع.

الشخصية الكمالية المُوجّهة نحو الذات (Self-oriented perfectionists)

يعدّ أصحاب هذه الفئة من النوع المنظم والمثابر. فهم يضعون لأنفسهم معايير عالية في حياتهم وأعمالهم، لكنهم يعجزون عن السعي وراء أهدافهم. و ترتبط الكمالية الموجّهة نحو الذات بالسمات الأكثر تكيّفية، و التي بدورها تكون مرتبطة بزيادة الإنتاجية والنجاح، وتشمل سعة الحيلة و الحزم. و يُظهر أصحاب هذه الشخصية معدلاتٍ أعلى من العاطفة الجيدة، والدافعية motivation.

الإنتقال نحو الكفاح المُتزن

إنَّ الكثير من منشدي الكمال يكونون على درايةٍ كبيرة بميولهم، الأمر الذي يعد خطوة أولى مهمة في تقدير مواقعهم من الطيف. و قد يشعر البعض أنهم ينتمون بصرامةٍ إلى أحد الأنواع، بينما قد يكتشف الآخرون أن دواخلهم تنطوي على القليل من كل نوع.

وبغض النظر عن النوع الذي ينتمون له، يدرك معظم الساعين للكمال عند لحظةٍ ما، أن ترقّب المزيد منهم (أو من الآخرين) لم يعد بالشيء الناجح. فلعلهم يشعرون بالتدمير الشديد في العمل الذي يدفعهم لمغادرة المكتب كل يوم وبداخلهم رغبة في تقديم استقالتهم في اليوم التالي، أو كثرة التفكير التي تغشيهم أثناء الاجتماعات والتي تجعلهم يدخلون في دوامةٍ من القلق.

اتبع نهجاً جديداً: 

يعدّ الكفاح المُتزن الحل الوسطي المستجد بين الأداء العالي وبين أضرار المبالغة في الإنجاز. مقارنةً بالساعين إلى الكمال، يميل منشدو الكفاح المتزنون إلى:

  • يجابهون المشاعر غير المريحة مثل: انعدام الثقة والخوف لتجنب التسويف والنتائج السلبية.
  • يستمتعون بأطوار العمل بغض النظر عن المردود، عوضاً عن التركيز على النتائج فقط.
  • يضعون أهدافاً واقعية وعظيمة في الوقت ذاته فيما يتعلق بمسيرتهم المهنية، ولا يتوانون عن تعديلها عند الضرورة.
  • يعترفون بعدم مقدرتهم على فعل كل الأشياء، ويفوّضون بعض الأمور إلى الآخرين عند الحاجة.
  • يتمتعون بحسٍ متزن من تقدير الذات ويتعافون بشكلٍ أسهل بعد الأخطاء والإخفاقات الثانوية.

اكتشاف التوازن "المثالي"

إن تحقيق الكفاح المتزن عمليةٌ تمر بالكثيرمن الخطوات، إلا أنها شيءٌ أساسيّ للراغبين في الاحتفاظ بعقولهم و اتزانهم بينما يدفعون ذواتهم إلى تحقيق المزيد. و يمكن لهذه الخطوات أن تدفعك إلى تجريد الكمالية سيئة التكيف، و مساعدتك بمرور الوقت على الوصول إلى شكلٍ أكثر اتزاناً واستدامةً للنجاح:

  • تعرّف على الفائدة الخفية للكمالية

لا يمكن للناس عادةً المداومة على اتباع أحد السلوكيات ما لم يخرجوا منها بفائدة إيجابية (مثلاً: تجنب مسؤوليات جديدة، لفت الأنظار، الحماية من الفشل).

  • صارح نفسك بالثمن الذي تبذله 

هل تستحق الفائدة التي تعود عليك من التمسك بمعايير غير واقعية ما تضحّي به؟ على الرغم من استحالة تحديد الثمن الذي يستحقه الحفاظ على صحتك الذهنية وسعادتك، إلا أنك تستطيع بسهولةٍ تحديد الثمن الذي يكلفك إياه السعي إلى الكمال من حيث الوقت الضائع، والإنتاجية، والفرص الجديدة.

  • تخلّص من عقلية الكل أو لا شيء

عن حصولك على ردود فعل سلبية أو تأخيرك لمشروعٍ ما، لا يجعل منك فرداً فاشلاً. ابدأ الآن بمراقبة نفسك عندما تنزع إلى التفكير في أسوأ السيناريوهات التي يمكن أن تحدث. و إذا وجدت نفسك قلقاً بشأن أحد الأخطاء أو الإخفاقات، فحاول أن تنظر إلى الأمر بطريقة غير انحيازية. و يمكن لك أن تجرّب التحدث إلى أحد المرشدين أو الداعمين الذي يمكن لهم أن يساعدوك على العصف الذهني للوصول إلى طرقٍ بديلة لرؤية الموقف.

  • أعد توزيع أهدافك الكبيرة على خطواتٍ أصغر وأكثر واقعية

يمنحك وضع العديد من المعالم، و نقاط المراجعة فرصة التقييم المستمر لما تفعله والتركيز عليه.

  • احتفل بنجاحاتك

اقتطع وقتاً للاحتفال بانتصاراتك ونجاحاتك والاستمتاع بها قبل السعي إلى الهدف التالي.

فالكفاح المتزن يعلمك كيفية تقدير نفسك، و كذلك تقدير المحيطين بك على حدٍ سواء. و لا تبخل على نفسك بطلب المساعدة.

و امنح المحيطين بك التفويض لتحمل المسؤولية عوضاً عن الاعتقاد بأن النجاح يقع على عاتقك وحدك.

و في النهاية، بينما يمكن للكمالية أن تكون عائقاً كبيراً، فإن الكفاح المتزن من شأنه أن يحوّل عاداتك إلى الأفضل. ومع الوقت، ربما تصبح سعيداً بالتخلص من وسام شرف الساعين إلى الكمال لصالح شيءٍ آخر يخدمك في النهاية بشكلٍ أفضل.

المصدر


الوسوم



المؤلف

هدفنا إغناء المحتوى العربي لأن القارئ العربي يستحق المعلومة الصحيحة والمفيدة، و التي تنشر الآن في أهم المواقع العالمية ،


التعليقات

    • الأن
إشترك الآن

احصل على أحدث المواضيع و تواصل و اترك تأثير.

تسجيل الدخول مع فيسبوك تسجيل الدخول مع جوجل