أظهرت الأبحاث أن التأمل Meditation يعالج الأمراض البدنية والعقلية، حيث وجدت الدراسات أن التأمل يمكن أن يساعد الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب depression واضطرابات الألم pain disorders والقلق anxiety والأرق insomnia وارتفاع ضغط الدم ، وذلك وفقا للمعاهد الوطنية للصحة.
ويستخدم مصطلح "التأمل" لوصف العديد من الممارسات المختلفة، مثل التركيز الذهني أو اليقظة الذهنية Mindfulness وجميع الحالات التي تحتاج لفترات من التركيز بهدوء أو على الأقل فترة جزئية تساعد في تعزيز التركيز. وتشير معظم الأبحاث إلى أن 15 إلى 20 دقيقة في اليوم هو الحد الأدنى من الوقت المطلوب للتأمل، وذلك من أجل الحصول على الفوائد اللازمة من التأمل للصحة والعافية.
وبالنسبة للمتخصصين في التأمل وحتى بالنسبة لبعض الأشخاص الذين لديهم خبرة ، فإن اقتطاع الوقت لممارسة التأمل يمكن أن يكون أمر بالغ الصعوبة.
يقول مايكل مرازيك Michael Mrazek ، مدير الأبحاث في مركز اليقظة الذهنية والإمكانات البشرية في جامعة كاليفورنيا سانتا باربرا، أن المرة الوحيدة التي استطاع فيها ممارسة التأمل كانت قبل أن يغفو ليلاً لينام،
وتابع مرازيك Mrazek: حتماً هناك على الأقل بضع دقائق بعد أن قبلت زوجتي وتمنيت لها ليلة سعيدة، حيث لا توجد مطالب خارجية تستحوذ على انتباهي، لقد حولت تلك الدقائق إلى فرصة مناسبة للغاية لممارسة التأمل.
ويقول Mrazek أن ممارسة التأمل meditation -كما هو الحال مع ممارسة الرياضة- فإن الشيء الأكثر أهمية هو أن يقوم الشخص بهذا في الوقت المناسب، حتى ولو كان هذا يعني ممارسة التأمل في صباح يوم واحد وقبل النوم التالي، فلا بأس بذلك.
ممارسة التأمل في وقتٍ محدد يعزز أهميتها لدى الممارِس
ومن ناحية أخرى، يعتبر التأمل في وقتٍ محددٍ كل يومٍ، وسيلة رائعة لأي شخص يرغب في تعزيز ممارسته في روتين حياته ليصبح عادة.
ويقول Miles Neale مايلز نيل، أستاذ علم النفس في الطب التكاملي والطب النفسي في كلية الطب بجامعة ويل كورنيل Weill Cornell Medical College ، ومؤلف كتاب "الصحوة التدريجية" Gradual Awakening عن الممارسات التأملية البوذية: "إن تخصيص وقت محدد للتأمل يعزز من أهمية هذه ممارسة التأمل في حياة الشخص".
ولكن هل هناك وقت مثالي من اليوم للقيام بذلك؟
يعتمد هذا حسبما يقول مرازيك "على سهولة الحفاظ على تركيزك إذا كنت تتأمل في وقتا ما من اليوم، حيث لا يكون عقلك منشغلاً باهتمامات concerns الأخرى".
وبالنسبة لكثيرٍ من الأشخاص، يكون التأمل أول شيءٍ يمارسونه في الصباح حيث يكون العقل في راحة من العمل، والمدرسة، والالتزامات الأخرى.
أما بالنسبة لبعض الأشخاص الآخرين، فقد يكون ذلك مناسباً لهم خلال فترة الظهيرة حيث الهدوء، أو بعد العشاء بعد انتهاء الأعمال اليومية.
"ممارسة التأمل كما هو الحال مع ممارسة الرياضة.. الشيء الأكثر أهمية هو أن يمارس الشخص التأمـل في الوقت المناسب."
التأمل أثناء فترات الهدوء.. قد يكون أمراً مفيداً نسبياً خاصة بالنسبة للأشخاص المبتدئين في ممارسة التأمـل وحتى الأشخاص الأكثر خبرة حيث يحصلون على فوائد إضافية، أكثر من التأمـل في تلك اللحظات التي تكون فيها الحياة فوضوية حيث تتسابق أفكارهم.
و ننتقل إلى الممارسة في وقت يكون فيه ملهيات
يقول مرازيك "في التأمل ، نستطيع تطوير مهارات التركيز skill of focusing والتخلص من المُلهيات. و يضيف مرازيك: " لا يمكننا التحرر من الملهيات بدون التعرض لها، بالإضافة فإننا نتعلم كيفية تحديد مخاوفنا بشكل دوري، حتى في خضم يوم مزدحم".
إن التأمـل يوفر لك بعض الأفكار الشخصية المفيدة، وذلك عندما تتسابق أفكارك وينشغل عقلك، يقول الدكتور udson Brewer جودسون بروير ، مدير البحث والابتكار بمركز براونفيلس لجامعة براون: "إن التأمـل يمكن أن يساعدك في التعرف على الأفكار غير المفيدة أو غير المنتجة، والتخلص منها، وهي لاتزال في مهدها".
أما إذا كنت تعاني من القلق أو أن ذهنك غائب، و أردت أن تمارس التأمـل في هذه الأوقات، فإن الدكتور جودسون بروير يوصي، بممارسة التأمـل خلال فترات قصيرة نسبيا أي ألا تزيد عن 20 دقيقة، فمثلما يكون رفع الأوزان الثقيلة متعباً للعضلات فإن التأمل يكون أمراً مرهقاً عقلياً حين يكون ذهنك منشغلاً.
وفي الواقع، لا يوصي جودسون بروير بممارسة التأمـل الرسمي للمبتدئين. إذ يقول في هذا الخصوص: إن التركيز الذهني ومحاولة البقاء أكثر وعياً وادراكاً لفترات قصيرة طوال اليوم هي خطوة أولى جيدة، وأن التطبيقات ( بما في ذلك التي قام بتطويرها) مثل معالجة القلق، يمكن أن تساعد في ذلك.
التأمل الصباحي علاجٌ فعالٌ لمن يعاني من القلق
يقول الدكتور بروير، بالتأكيد إن التأمل كأول عملٍ تقوم به في الصباح هو الطريق الوحيد بالنسبة للأشخاص الذين يكون هدفهم الأساسي هو مكافحة القلق، حيث "يمكن أن تساعدك الجلسة الصباحية على وضع خط أساس وغرس الهدوء خلال اليوم".
كما يشير نيل Nealeإلى أن جلسات التأمـل ، تكون أقل عرضة للانقطاع في الصباح الباكر ، مثل رنين جرس الباب، أو رسالة قصيرة من زميل ما.
كما أن نصوص التأمـل "الكلاسيكية" توصي بالساعة التي تكون قبل شروق الشمس تماماً، كوقتٍ مثاليٍ لممارسة التأمل.
وقد تكون جميع هذه الأمور معاً ، هي البداية، لوضع استراتيجية لأولئك الذين يريدون معرفة كيفية إدارة ممارسة جلسات التأمل خلال لحظات الحياة الفوضوية، وذلك من أجل الحصول على المزيد من الفوائد الإضافية.