الوحدة و التقدم بالعمر
الوحدة قد تنخفض مع التقدم بالعمر

إن الوحدة loneliness  قد تقل مع التقدم بالعمر، هذا ما اقترحته دراسة جديدة.

بالإضافة إلى ذلك ، يبدو أن الوحدة أقل انتشاراً في المجتمعات الجماعية منها في المجتمعات الفردية، و أقل شيوعاً لدى النساء بالمقارنة مع الرجال.

إذ تشير الأبحاث الجديدة إلى أن الشباب أكثر عرضة - للشعور بالوحدة- من كبار السن ، و أن الأشخاص في البلدان و المجتمعات الجماعية -بالمقارنة مع المجتمعات الفردية- يكونون أقل عرضة للشعور بالوحدة.

و أن الوحدة تؤثر على النساء بشكلٍ أكبر من الرجال.

و يعتمد البحث الجديد ، الذي ظهر في مجلة الاختلافات الشخصية و الفردية journal Personality and Individual Differences ، على مجموعة بيانات عالمية مهمة نُشرت حديثاً جمعتها هيئة الإذاعة البريطانية (British Broadcasting Corporation BBC) من أجل "تجربة الوحدة".

الشعور بالوحدة

الشعور بالوحدة

في السنوات الأخيرة ، أصبح الشعور بالوحدة محوراً في الأبحاث، حيث تستمر مجموعة الأدلة التي تثبت آثارها على كل من الأفراد و المجتمع في النمو و التطور.

إذ تؤثر الوحدة سلباً على رفاهية الناس و اقتصادهم ، و تزيد من احتمالية احتياج الشخص إلى رعاية طبية.

يذكر مؤلفو الدراسة الحالية أن الوحدة يمكن أن تُفهم على أنها "التناقض بين العلاقات الاجتماعية الفعلية و المرغوبة".

و وفقاً لهذا التعريف ، قد يعاني شخصان لهما نفس عدد العلاقات الاجتماعية من الشعور بالوحدة بشكل مختلف إذا كان أحدهما يرغب في المزيد من العلاقات الاجتماعية أكثر من الآخر.

و على العكس ، قد يعاني شخصان يرغبان في نفس العدد من العلاقات الاجتماعية من مستويات مختلفة من الوحدة إذا كان لدى أحدهما علاقات اجتماعية أكثر.

و بينما يعلم الباحثون أن العديد من العوامل الأخرى يمكن أن تؤثر على الشعور بالوحدة ، إلا أن القليل من الدراسات كانت كبيرة أو متنوعة بما يكفي للحصول على صورة دقيقة لما قد تكون عليه الحالات، و كيف يمكن أن تتفاعل.

و لمعالجة هذا ، اعتمد مؤلفو الدراسة الحالية على مجموعة بيانات جديدة كبيرة و متنوعة لاستكشاف الطرق التي تؤثر بها الثقافة و العمر و الجنس على الوحدة.

أكثر من 46000 مشارك

استندت الدراسة إلى مجموعة بيانات تجربة العزلة Loneliness Experiment التي أجرتها هيئة الإذاعة البريطانية.

إذ تحتوي مجموعة البيانات هذه على معلومات من حوالي 55000 شخص تتراوح أعمارهم بين 16 و 99 عاماً من 237 دولة و جزيرة و إقليم ، مما يجعلها واحدة من أكبر و أكثر تنوعاً من نوعها.

و قد ركز مؤلفو الدراسة الحالية على مجموعة فرعية من هذه البيانات ، بما في ذلك الأشخاص الذين أشاروا إلى سنهم،

و قد حددوا أنهم رجل أو امرأة. و لم تكن هناك بيانات كافية متاحة لتشمل أولئك الذين اختاروا "الآخر" كنوعهم.

و في المجموع ، استخدم الباحثون بيانات من 46،054 شخصاً.

و لتحديد مستوى الأفراد أو الجماعية لدى المشاركين ، اعتمد المؤلفون على دراسة سابقة حددت الفردية أو الجماعية النسبية لـ 101 دولة.

و قد شمل المشاركون في الدراسة الحالية فقط أولئك الذين أشاروا إلى أنهم من إحدى هذه الدول الـ 101.

لقد طرح الباحثون على المشاركين أسئلة مختلفة لتحديد حالة الوحدة التي يختبروها من خلال:

  • هل تشعر بنقص الرفقة companionship؟
  • هل تشعر بالإهمال؟
  • هل تشعر بالعزلة عن الآخرين؟
  • هل تشعر بالانسجام مع الناس من حولك؟

و قد رد المشاركون على مقياس من واحد إلى خمسة ، مشيرين إلى عدد مرات تجربة هذه المشاعر.

حيث ان رقم واحد يشير إلى "أبداً أو مطلقاً" ، و رقم خمسة يشير إلى "دائماً".

يؤثر العمر و الجنس والثقافة على الوحدة

لقد وجد المؤلفون أن الشعور بالوحدة يميل إلى الزيادة بناءً على فردية الناس أو الأشخاص، و يقل هذا الشعور  مع تقدمهم في السن.

و قد كانت الوحدة أكثر انتشاراً بين الرجال أكثر من النساء. و مع أخذ الشروط مجتمعة ، فقد تنبأ تفاعل العمر والجنس و الخلفية الثقافية بالوحدة.

و كذلك لاحظ المؤلفون أن دراستهم كانت غير قادرة على تفسير سبب ذلك. على سبيل المثال ، في حين أن العمليات التنموية يمكن أن تفسر انخفاضاً في الشعور بالوحدة مع تقدم الناس في العمر ، فإن التغيرات التاريخية في الشعور السيء المحيط بالحديث عن الوحدة، يمكن أن تكون مسؤولة عن ذلك أيضاً.

و وفقاً للأستاذة مانويلا باريتو Manuela Barreto من جامعة إكستر University of Exeter، المملكة المتحدة ، و المؤلفة الأولى للدراسة:

"فإنه على عكس ما قد يتوقعه الناس ، فإن الوحدة ليست شأن فريد مرافق لكبار السن. إلا أنه في الواقع ، يُبلغ الشباب عن شعور أكبر بالوحدة ".

"و نظراً لأن الشعور بالوحدة ينبع من الشعور بأن الروابط الاجتماعية ليست جيدة كما هو مرغوب فيه ، فقد يرجع ذلك إلى التوقعات المختلفة التي يحملها صغار العمر و المسنين. إذ يبدو أن نمط العمر الذي اكتشفناه ينتشر في العديد من البلدان والثقافات " حيث تضيف باريتو.

و في حين وجد المؤلفون أنه من المرجح أن تؤدي الفردية ، إلى الشعور بالوحدة ، فإن الكثير من البيانات من الدراسة جاءت من دول يعتبرها الناس أكثر فردية.

و مع ذلك ، يشتبه المؤلفون أنه من المرجح أن تعزز الفردية الوحدة ، خاصة إذا كانت هناك عوامل أخرى في اللعبة.

و يسلط المؤلفون الضوء أيضاً على أن عوامل أخرى يمكن أن تؤثر على النتيجة التي من المرجح أن يكون الرجال أكثر شعوراً بالوحدة من النساء.

على سبيل المثال ، قد يشعر الرجال بتشجيعٍ خاص لمناقشة الوحدة الخاصة بهم في هذه الدراسة ، نظراً لأن القوالب النمطية الجنسانية تدفعهم بشدة إلى أنهم مترددين في مناقشة عواطفهم.

و من ناحية أخرى فقد دعا المضيفون الإذاعيون والمستمعون الآخرون، الرجال للمشاركة بنشاط حيوي في هذه الدراسة.

و اقترح المؤلفون أن استخدام استطلاع عبر الإنترنت زودهم بالظروف التي يحتاجونها لمناقشة عواطفهم.

تشير البروفيسورة باميلا كوالتر Pamela Qualter، من جامعة مانشستر University of Manchester، المملكة المتحدة ، و هي المؤلف المشارك للدراسة ، إلى أنه:

"فيما يتعلق بالجنس ، فإن الأدلة الموجودة مختلطة. و هناك وعي بأن الاعتراف بالشعور "بالوحدة" يمكن أن يكون وصماً (صفة سلبية) خاصاً للرجال. "

"ومع ذلك ، عندما لا يتم استخدام هذه الكلمة في التدابير ، فإن الرجال يفيدون أحياناً بالوحدة أكثر من النساء. وهذا ما وجدناه بالفعل " تضيف كوالتر.

و أخيراً..

 لاحظ المؤلفون ، فإن نتائجهم لم تكن تمثيلية ، و أن تأثيرات المتغيرات التي حددوها كانت صغيرة نسبياً. و مع ذلك ، دفع حجم الدراسة و تنوعها المؤلفين إلى الاعتقاد بأن

"هذه الآثار حقيقية واضحة، و أن الوحدة هي تجربة عالمية إلى حدٍ ما، عبر الفئات السكانية".

أما بالنسبة إلى البروفيسورة باريتو ، فإن دراستهم لها آثار على الشباب الذين يعانون من جائحة سارز كوفيد-2 SARS-CoV-2 pandemic. إذ تقول:

"على الرغم من حقيقة أن الأشخاص الأصغر سناً، هم أكثر قدرة على استخدام التكنولوجيا للوصول إلى العلاقات الاجتماعية .

إلا أنه يُعرف للباحثين، أيضاً، متى يتم استخدام هذه العلاقات الافتراضية كبديل - بدلاً من امتدادها - كعلاقات حقيقية، و أن ذلك لا يخفف من الشعور بالوحدة. "

عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.

 كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.   


ننصحك بقراءة المقالات التالية :

6 طرق للتعامل مع الوحدة

العواقب الصحية لـ الوحدة

التقدم في العمر : كيف يختلف التقدم في العمر بين الرجال و النساء؟

مكافحة الشيخوخة و التقدم بالعمر


المصادر


الوسوم



المؤلف

هدفنا إغناء المحتوى العربي لأن القارئ العربي يستحق المعلومة الصحيحة والمفيدة، و التي تنشر الآن في أهم المواقع العالمية ،


التعليقات

    • الأن