إن السعادة الحقيقية بطبيعتها تعتبر جزءاً مهماً من ذواتنا الداخلية. و يمكن الشعور بها في أي وقت وفي أي مكان بغض النظر عمّا إذا كان الشخص يمتلك كل شيء أو لا شيء على الإطلاق.
و بمعنى آخر، فإن السعادة تعني أن نكون في تصالحٍ مع أنفسنا، الأمر الذي ينعكس بدوره على تصالحنا وتسامحنا مع الآخرين.
ومع ذلك، فالحقيقة التي لا مفر منها، هي أن للسعادة جانب آخر حتمي لا يستطيع أيٌّ منا التمّلص منه – التعاسة، الحزن، خيبة الأمل، المتاعب، إلخ.
و بالتأكيد فإن الطريقة التي نعيش بها حياتنا اليوم، تجعلنا أكثر عرضة للتعاسة. ويرجع ذلك إلى أنماط حياتنا المتغيرة ومشاكل العلاقات وضغوط العمل وسوء إدارة الوقت.
و إذا كنت تمر بهذه التعقيدات في حياتك بسبب تلك العوامل، فإن هذا هو الوقت الأفضل للتخلص من هذه الفوضى وتبسيط الأمور. فالمثالية تكمن في الأشياء البسيطة، و بالطبع فإن الحياة البسيطة هي الأسعد دوماً.
و يذكرني ذلك باقتباس رائع لـ جيم رون Jim Rohn الفيلسوف ورجل الأعمال الأمريكي الشهير، والذي يقول "السعادة ليست شيئاً تؤجله للمستقبل؛ إنه شيء تخلقه في الوقت الحاضر".
فالنقطة المهمة هي أن "الآن" هو الوقت المناسب لجعل حياتك غنية بالمشاعر الإيجابية والعلاقات المتطورة، و خلق إحساسٍ بالغائية، وإضفاء ابتسامة على وجهك. فإنك لن تظل الشخص نفسه بعد اليوم.
و في مقالنا هذا، سوف ترشدك النصائح الموثوقة التالية إلى خلق حياة أكثر سعادةً و إرضاءً.
تخلّص من المشاعر السلبية
إن للسلبية قدرةٌ خارقة على سحبك للوراء. إذ بدلاً من الشعور بالامتنان والاعتراف بالمنح التي تمتلكها، ترغمك السلبية على التشكي من الأشياء التي تظن أنها لا تسير بشكلٍ صحيح.
و تذكّر دائماً أن المشاعر السلبية مثل الخوف والقلق، هي مشاعر مؤقتة، إذ أنها تنشأ من الاحساس بانعدام الثقة فيما يتعلق بأشياءٍ تفقد أهميتها على المدى البعيد.
و لذا، بدلاً من التركيز على الأشياء الضائعة، ركز فقط على الأشياء الإيجابية وتخيل أنها بحوزتك بالفعل.
و المسألة -بالطبع- تتعلق بالوقت الذي بذلته في إتقان غايتك ووجهتك، لأن هناك مثلاً قديماً يقول "الأفكار الإيجابية تولّد نتائج إيجابية". وعلاوة على ذلك، و وفقاً "لقانون الجذب"، كلما زاد تفكيرك في حدوث أمور سلبية، كلما حدثت المزيد من الأشياء السلبية لك.
اتبع شغفك
استمتع بالأشياء التي تحبها أكثر من غيرها، والتي تعطيك الشعور بأن هناك شيئاً ما، يمكنك الاستناد عليه. فهذا هو الوقت المناسب لاتباع شغفك أكثر من أي وقت مضى.
و إذا كنت شغوفاً بالغناء أو الرقص أو السفر أو المشي لمسافات طويلة أو ممارسة الرياضة، فما عليك سوى المواظبة على ذلك.
بعض الناس شغفون بكتابة مشاعرهم وصراعاتهم، وبوسعهم استخدام مثل هذه المواقف لتدوين تجاربهم حتى يتمكنوا من مشاركتها مع الآخرين.
و إذا كنت تشعر -أيضاً- بالحاجة إلى مشاركة أفكارك، فيمكنك بسهولة العثور على وظيفة للكتابة الحرة على الانترنت (freelance writing)، حيث يمكن لقلبك أن يفيض بدواخله وأن تنشر ما في جعبتك من الحكايا.
كن صادقاً لكن لا تفقد تفاؤلك
إن النظر إلى الجانب الأكثر إشراقاً من أي أمرٍ، لا يعني -بالضرورة- أنك تتظاهر كما لو أن المشكلة غير موجودة على الإطلاق. فنحن نقول فقط أنه إذا كان هناك شيء يؤذيك، فلا تحتفظ به لنفسك.
و بالتأكيد، فإنك بحاجة إلى إظهار الشجاعة للدرجة التي تجعلك تختبر الأزمة بكامل عنفوانها، وتظل مؤثراً للتعامل بعقلية إيجابية.
و في الوقت الذي تقوم فيه بتقييم نفسك وموقفك بشكلٍ صريح؛ فإنك تكتسب قوة داخلية لمواجهة جميع الصعوبات التي تمر بك.
و بعد ذلك تبدأ الشمس بالإشراق، ومن ثمَّ يتملكك الاعتقاد بأنك ستختبر الأشياء الجيدة وحدها من الآن فصاعداً. و هذا هو ما نطلق عليه قوة التفاؤل.
اصغ لقلبك
استمع فقط لما يقوله لك قلبك. إنك تسمع صوت قلبك عندما يتوقف صوت الحياة. و صحيح ما يُقال بأنك عندما تتبع قلبك تتوقف عن الشعور بالندم، و تكتسب الثقة في حدس غريزتك بأنك على طريق المعافاة، كما أنك تبدأ في إدراك أن طريق الإنجاز يمتد مباشرةً عبر قلبك.
و علاوة على ذلك، عندما تستمع إليه (أيّ صوت قلبك) فإنك تتخلص من المشاعر السلبية مثل الغيرة والطغيان والفخر. فلن يقودك قلبك إلّا إلى السلام الداخلي والشغف واكتشاف الذات.
لذا، خذ برهةً واستمع إلى ما يحاول قلبك إخبارك به كل يوم.
مارس رياضة التأمل
يقول الخبراء: إن التأمل هو فن تبديد الأفكار للوصول إلى الإدراك الخالص. و بينما يعتقد آخرون أنها عملية تختبر فيها النفس السلام الداخلي في خضم الاضطرابات الدنيوية.
و على كل حالٍ، و بأي طريقة كانت، يساعدك التأمل على تصفية ذهنك والتركيز على الهدوء والسكينة. فهو يعزز الإيجابية الشاملة من حولك.
و يعمل بالأساس على تجديد ذهنك وجسدك وروحك، مما يوفر مساحة لمزيد من السعادة. و إذا مارست التأمل بانتظام؛ فسوف يتعاظم رضاك عن الحياة وستقل أعراض الاكتئاب.
و من الحقائق العلمية المثبتة اليوم أن التأمل يعزز مستويات بعض المواد الكيميائية كالإندورفين والسيروتونين، مما يجعلك أكثر سعادة ويقلل من القلق والسلبية في الوقت ذاته.
ركز على مسرّات الحياة الصغيرة
تمهل وعش كل لحظة من حياتك على أكمل وجه.
ما نقوله ليس مجرد كليشيهات مبتذلة؛ بل إنها الحقيقة إذا كنت ترغب أن تشعر بـ السعادة طوال الوقت.
و ليس من الصواب الاعتقاد بأن كثرة التفكير دائماً ما ستجلب لك المزيد من السعادة.
بل صُنع مفاجآت وملذات صغيرة هو الذي قد يجلب لك بهجةً هائلة. و كذلك قضاء الوقت الممتع مع عائلتك وأصدقائك المقربين سوف ينعش بالتأكيد ذكرياتك الذهبية عن الماضي.
و يمكنك خلق ذكريات لا تنسى مع أصفيائك المقربين؛ سيكون من الجيد تنظيم حفل ودعوة أصدقائك والاحتفال بصحبتهم.
و سيكون بوسعك منحهم الهدايا والهبات التي يفضلونها لخلق المزيد من البهجة.
لا تتوقع أي شيء من أي شخص.
لا تنتظر من الأمور أن تسير بطريقة معينة ولا تتنبأ بالكيفية التي ينبغي للمواقف أن تنتهي بها. و بالفعل، فإن تخمين التوقعات على الأشخاص والمواقف على حدٍ سواء قد يؤدي إلى إصابتك بانتكاسات.
قم -فقط- بتحرير نفسك من رابطة التوقعات على الأقل لبعض الوقت؛ وسترى كيف سيعينك ذلك على أن تصبح أكثر واقعية.
و في الواقع دائماً ما تؤلم التوقعات، لذلك فمن الأفضل أن تفاجأ بدلاً من أن تصاب بخيبة الأمل.
و لهذا السبب،
قال ويليام شكسبير William Shakespeare ذات مرة، "إن التوقع هو أصل كل الآلام".
وعلاوة على ذلك، فإيمانك بقدراتك الخاصة لن يُخيب ظنك أبداً، لذا لا تتوانى عن الانطلاق في حياتك مسلحاً بالثقة.
و لا تنسَ أن لديك حياة واحدة فقط، فلماذا تضيعها بالسقوط في فخ الأزمات الكئيبة.
فأنت تستحق أن تكون سعيداً حتى لو وجدت نفسك في خضم المشاكل التي تبدو كما لو أنها نهاية العالم.
تابع المسير واحتضن الحياة..
تجاوز العقبات..
تخلص من السلبية وكن إيجابياً دوماً..
و اهتم بالأشياء الصغيرة التي تثمّنها.
وفي النهاية، تحلّ بالعزيمة، و اخلق الحياة التي تطمح إليها لأنك أفضل شخص لنفسك.
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
السعادة : هل هناك أنماط مختلفة من السعادة؟
السعادة و الاكتئاب: العلاقة المفاجئة بين الاكتئاب و السعي خلف السعادة