إن الشيء الأكثر إخافة ، هو الشيء الأقل احتمالًا في الحدوث. عندما يستحوذ عليك الخوف ، ولا سيما إذا كان هذا الخوف غير منطقي ، عندئذ يجب أن يكون لديك نوع من الحوافز النفسية.
ويعتبر الشيء الأكثر إخافة بشكل غير منطقي هو الشيء الأقل احتمالاً في حدوثه.
و لكن : كيف لي أن أعرف ذلك؟
إن السبب في ذلك ، هو أنك عندما تخاف من شيءٍ ما – و تكون خائفاً حقاً منه – فإنك تتجنبه. كما يصبح من غير الممتع التفكير فيه ، لذا فإنك لا تفعل ذلك.
وغالباً ما يكون الشيء الذي يخيفك إلى حد الهوس هو في الواقع عبارة عن حادثة أكثر حيادية تقوم فيها بتخمين مخاوفك الحقيقية بشأن شيء أعمق قليلاً.
حيث أن الشعور بالقلق هو أمر حقيقي. إلا أن الشيء غير الحقيقي هو الظروف والسياق الذي تشكله أنت في رأسك.
كما أن ما تتصور أنه "آمن" هو ما ستسمح لنفسك بالقلق بشأنه ، لأنها معركة تعلم أنك تستطيع الفوز بها. وحتى يتم تحديد الجذر الحقيقي للمعاناة و الألم ، فإنه من غير الممكن أن نشفى على نحو حقيقي .
الاستعارة metaphor :
هناك أربع طرق للتغلب على الخوف غير المنطقي. و لنبدأ بالأكثر شيوعاً:
أولاً : غالباً ما تكون المخاوف غير المنطقية استعارات أو رموز لما نخاف منه فعلاً.
فإذا كان شخص ما يشعر بالقلق من كونه راكباً أو مسافراً في سيارة ، ولكنه لا يتولى القيادة ، فإنه قد يخشى بالفعل فقدان السيطرة ، أو أن حياته "تتحرك للأمام" بطريقة لا يريدها .
أما إذا كان الشخص لديه قلق من التقيؤ ، ففي هذه الحالة فإنه من الممكن أن يكون خائفاً من فقدان السيطرة على عواطفه ، أو من الطريقة التي ينظر بها الآخرون إليه. وإذا كان شخص ما خائفاً من الحصول على الكثير من الفواتير،
فقد يكون خائفاً من فقدان الشعور بالأمان والفعالية أو الكفاءة الذاتية self-efficacy ، و التي غالباً ما يقوم بربطها بالاستقلال والحرية العاطفية.
إن الحقيقة هي أن مخاوفنا غير المنطقية تخدمنا في كثير من الأحيان كأفكار تجريدية أو غامضة تتيح لنا معرفة ما يحدث بالفعل في أعماق أنفسنا.
وبدلاً من محاولة اكتشافها على السطح ، فإنه من الممكن أن تساعدنا في محاولة معرفة و كشف ما يمكن أن تمثله ، ومن ثم إيجاد طريقة أخرى لتلبية تلك الحاجة الأساسية التي يتم إهمالها.
ثانياً: مرحلة التعمق ( الحفر ):
هناك أنواع مختلفة من المخاوف غير المنطقية.
حيث تكون بعض هذه المخاوف مجردة تماماً ، وعادة ما تكون مجازية ، كما تحدثنا عنها من قبل.
والبعض الآخر أكثر واقعية ، وهذه أصعب، من ناحية التغلب عليها و التخلص منها .
و تتمثل هذه المخاوف مثلاً في فقدان أحد الوالدين ، أو الحصول على خطاب غير متوقع من الحكومة.
نعم إن هذا ممكن الحدوث ، لذلك يكون من الصعب أن تتحدث إلى نفسك عنها بصوت مرتفع.
ومع ذلك ، عندما نصل إلى نقطة إعادة توجيه حياتنا أو السيطرة عليها بأي شكل من الأشكال ، فهناك غالباً ما يحدث أكثر مما يظهر على السطح.
وهذا هو بالضبط المكان الذي يجب أن نحفر فيه و نتعمق فيه. و هو الحفر في قلب خوفك و جوهره ، إذ يتوجب عليك و بشكل منطقي أن تقوم بإخراج ما هو خاطئ ، ومن ثم ينبغي عليك أن تقوم بكشف أو تعرية الخوف القابع تحته.
لذلك يتوجب أن تمتلك الإرادة لتستمر في الحفر حتى تتوصل إلى الشعور feeling الذي تخاف منه ، وليس الشيء thing نفسه.
و إليك مثالاً قصيراً جداً يوضح ما سبق :
أخشى فقدان العمل.
هذا لأنني خائف من الفشل.
هذا لأنني أخشى أن يرى الآخرون أنني قد فشلت.
هذا لأنني خائف من الشعور بالحرج.
وغالباً ما يتطلب الأمر طبقات كثيرة لكشف الخوف من الشعور ، ولكن بمجرد تحديده ، يمكنك البدء في العمل معه.
ودعنا نقل بأنك خائف من الشعور بالحرج . إنك بمجرد أن تعرف الخوف الحقيقي ، يمكنك البدء في تفكيك سبب هذا الأمر المخيف للغاية بالنسبة لك ، و من ثم يمكنك العمل على بناء تقديرك لذاتك ، بحيث يكون احتمال الحكم سلباً أمراً ليس مخيفاً للغاية.
ثالثاً: كشف المخاوف :
يعتبر العلاج الأكثر شيوعاً للخوف هو الكشف عنه .
و يعود السبب في ذلك لأن المخاوف غير المنطقية في معظم الوقت تتغذى ليس من خلال الإفراط في التفكير overthinking ، ولكن من خلال تدني مستوى التفكير underthinking .
فأنت عندما تخاف من شيء ما ، فأنت تتجنبه. و ما يؤدي إلى ذلك هو عملية عقلية تبدو شبيهة بالتالي : أنت تتخيل أسوأ نتيجة ممكنة على الإطلاق ، إلا أنك بعد ذلك لا تقوم بتخيل ما سيحدث بعد ذلك. إذ أنه من غير الممكن بالنسبة لك اكتشاف القرار أبداً أو كيف ستمضي قدماً.
أما عندما لا تكون خائفاً من شيء ما - حتى لو كان مخيفاً بشكل موضوعي - فذلك لأنك قد عالجت بالكامل كيفية الاستجابة له والرد عليه إذا ما حدث ذلك. وبدلاً من أن تعلق في الخوف من الشعور ، يمكنك أن تقول عندها ، نعم ، هذا من شأنه أن يكون كريهاً ، ولكن هذه هي الحياة وسأقوم بالتعامل مع الأمر إذا حدث.
هذا هو الأساس الذي تعرض نفسك فيه للتهديد و للخطر ، ثم ستقوم بتدريب نفسك على كيفية التعامل معه.
رابعاً: الاختيار :
إن الأداة الأخيرة والأبسط والأكثر فاعلية عندما يتعلق الأمر بالخوف هي أن تتذكر أن لديك دائماً خيار.
فعندما تظهر فكرة مخيفة لك ، عندئذ يمكنك أن تقول لنفسك : أو بإمكاني أن أختار عدم القلق بشأن هذا الأمر .
وعندما تنشأ لديك فكرة في عقلك ، فاعلم أن لديك أقل من خمس ثوان لاختيار عدم الرد عليها أو التجاوب معها .
و يجب أن أؤكد لك بأن معظم الناس يعملون وهم في وضعية الطيار الآلي autopilot ، و هي ببساطة إطاعة الفكر ، والسماح له بقيادتهم إلى عمق دوامة عاطفية. فإذا كان باستطاعتك أن تلاحظ الفكرة قبل أن تتفاعل معها ، عندئذ بإمكانك البدء في إطالة وقت التأخير.
وبمجرد أن تكون قد فتحت هذه الفترة إلى حوالي خمس 5 ثوانٍ ، فيمكنك البدء و بشكل فعّال في اختيار عدم التعامل معها. وهذه هي الطريقة التي نبني فيها الحرية العاطفية الحقيقية.
إنني أعلم، أن الأمر يبدو و كأنه يوحي بأنك من البديهي يمكنك اختيار عدم الخوف ، و ذلك لأن هذا المفهوم غالباً ما يكون مختلطاً بمحاولة عدم اختيار الأفكار أو المشاعر.
و من المهم أن أشير هنا إلى أن الأفكار والمشاعر ستظهر بغض النظر عن كل شيء ، ولكن أمر اختيارك لكيفية الاستجابة و الرد - واستعادة السيطرة على هذا الرد - هو المكان الذي ستستعيد فيه قوتك العقلية.
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :