يمارس الكثير من الناس اليوغا، و على سبيل المثال يمارس أكثر من 50 مليون أمريكي بعض أشكال اليوغا. و لكن هل يمكن أن تحسن اليوغا من صحة العقل و الجسم بالفعل؟
إذا كنت مهتماً بتجربة اليوغا ، فهنيئاً لك الصحبة الجيدة. و يعرف عن اليوغا بأنها كانت ذات يوم عبارة عن ممارسة هامشية وصلت إلى الولايات المتحدة في أوائل الستينيات من القرن الماضي ، و مالبثت أن ارتفعت شعبيتها بشكل كبير.
و تمتلك هذه الممارسة حالياً ما يقدر بنحو 55 مليون من المصلين(الممارسين) في الولايات المتحدة وحدها ، و ذلك وفقاً لإدارة أبحاث ستاتيستا Statista Research Department .
و غالباً ما يشهد اليوغيون على الفوائد الجسدية والعقلية والروحية لممارسة اليوغا المنتظمة.
و لكن : ما الذي يحدث بالفعل في الجسد والعقل لدى ممارسة اليوغا ؟
لقد تبين أن البحث العلمي يدعم فكرة أن هذه الممارسة الروحية يمكن أن تكون مفيدة لصحتك الجسدية والعقلية بطرق مختلفة.
فقدان الوزن :
تقول ريبيكا إروين ويلز Rebecca Erwin Wells ، طبيبة الأعصاب في كلية ويك فوريست للطب Wake Forest School of Medicine :
" لقد قمنا في الولايات المتحدة ، بتحويل اليوغا حقاً إلى تمرين بدني يربطه العديد من الأشخاص بالوضعيات الجسدية".
و لهذا السبب ، فإنه غالباً ما تُستخدم اليوغا كعنصر في برامج إنقاص الوزن ، حيث يبدو أنها تحقق بعض النجاح.
و قد حللت مراجعة واحدة أجريت في عام 2013 من المركز الوطني للصحة التكميلية والتكاملية (NCCIH) 17 برنامجاً للتحكم في الوزن على أساس اليوغا و وجدت أن معظمها أدى إلى انخفاض "تدريجي و معتدل" في الوزن على مدى عدة أسابيع.
ومع ذلك، فإنه من المهم أن نلاحظ أن اليوغا كانت فقط أحد مكونات برامج إنقاص الوزن.
و شملت البرامج التي حققت أفضل النتائج أيضاً تغييرات في النظام الغذائي والإقامات السكنية.
لقد أظهرت التجارب السريرية أن اليوغا تقلل من مؤشر كتلة الجسم (BMI) أيضاً ، و تقلل من دهون الجسم و تقلص محيط الخصر أيضاً.
و يمكننا القول أن أكبر دعم حتى الآن ربما كان مصدره دراسة فردية بين عامي 2000 و 2002 تسمى بدراسة فيتال VITAL study.
حيث شملت أكثر من 15000 مشارك تتراوح أعمارهم بين 53 و 57 عاماً. إذ أن المشاركين الذين كانوا يتمتعون بوزن طبيعي والذين مارسوا اليوغا لمدة أربع سنوات على الأقل كانوا أقل عرضة لاكتساب الوزن بمرتين إلى أربع مرات مع تقدمهم في العمر ، و ذلك مقارنةً بمن لم يمارسوا اليوغا على الاطلاق حسب النتائج.
صحة القلب والأوعية الدموية :
أظهرت بعض الدراسات الصغيرة أن اليوغا يمكن أن تفيد القلب أيضاً. و يعود هذا إلى حد كبير لأنه بالإضافة إلى الوضعيات الجسدية ، فإن اليوغا تتضمن أيضاً تنفساً عميقاً ومستداماً ، يسمى التنفس breathwork .
إذ من الممكن أن يكون لاستخدام الوضعيات الجسدية وعملية التنفس معاً تأثيراً تأملياً مريحاً .
و هذا لا يساعد فقط في التوسط في التوتر والقلق ، ولكن يمكنه أيضاً تقليل الهرمونات مثل الكورتيزول والأدرينالين ، اللذين يعملان على تضيق الشرايين وزيادة ضغط الدم - وهما أمران يمكن أن يؤديا إلى أحداث قلبية عكسية.
تم ربط اليوغا أيضاً بمستويات منخفضة من علامات الدم للالتهابات ، و التي يمكن أن تسهم في أمراض القلب والسكتة الدماغية ، و ذلك وفقاً لمعلومات مصدرها جامعة جونز هوبكنز Johns Hopkins University.
الصحة النفسية :
أظهرت دراسات لا حصر لها كيف يمكن أن تؤثر اليوغا على صحتنا العقلية أيضاً.
حيث يكشف البعض منها أنه يمكن أن تنظم اليوغا الاستجابة للتوتر وتساعدنا على الاسترخاء بطرق مماثلة للتمرين والتأمل والاسترخاء مع الأصدقاء.
و قد أظهرت دراسة نشرت عام 2018 في المجلة الدولية للطب الوقائي International Journal of Preventative Medicine أن النساء اللواتي شاركن في دروس يوغا الهاثا hatha yoga على مدار أربعة أسابيع قد "قللن بشكل كبير" من مستويات القلق والتوتر والاكتئاب بحلول الوقت الذي انتهى فيه الفصل .
إذن : ما الذي يجعل اليوغا مفيدة بشكل خاص للقلق والاكتئاب؟
إننا نعلم أن اليوغا ومن الناحية الفيزيولوجية ، تساعد في الحد من هرمونات التوتر التي تنتجها أجسادنا ، مثل الكورتيزول والأدرينالين.
ولكن يمكن لممارسة اليوغا أن تساعد أيضاً في زيادة يقظتنا - أو وعينا - لأجسامنا ، والتي يمكن أن تشعر بالقوة وتقليل القلق والاكتئاب في حد ذاته.
تقول ويلز Wells :
"تعتبر اليقظة على وجه التحديد بالنسبة للاكتئاب والقلق ، ممارسة يمكن أن تكون مفيدة جداً لكثير من الناس . فعندما نصبح أكثر ارتباطاً بأجسادنا ، يمكننا أن نكون أكثر انغماساً في أنفسنا وما نحتاجه.".
و يمكن أن تمنح اليوغا إحساساً بالقوة والتحكم للأشخاص الذين ربما لم يشعروا بخلاف ذلك. و تؤكد ويلز بأن المكافأة الإضافية هي أنه نظراً لأن اليوغا بسيطة جداً ويمكن الوصول إليها ويمكن تعديلها بسهولة ، فإن الناس عادة ما يكون لديهم وقت سهل لدمجها في حياتهم وجعلها روتينية.
حيث يتيح لهم ذلك الاستفادة بسرعة وبشكل متكرر من فوائد اليوغا للصحة العقلية - دون ندب أو آثار جانبية يمكن أن يجلبها الدواء.
الرفاهية العامة Overall well-being :
على الرغم من أن الأبحاث تظهر أن اليوغا يمكن أن تكون مفيدة من أجل الحصول على فوائد صحية محددة ، إلا أن ويلز تقول بأنها مفيدة أيضاً لمساعدة المرضى على الشعور بالتحسن عموماً.
تقول ويلز:
" إن الرفاهية العامة مهمة جداً، ففي الطب ، نميل إلى التركيز على المرض وعلاجه ، ولكن من المهم أن ندرك أننا نريد أيضاً تعزيز الصحة بشكل عام ومساعدة الأشخاص على الشعور بتحسن في سياق المرض.لذا يمكن لممارسة اليوغا أن تكون حقاً جانباً رئيسياً لذلك ".
و قد اختبرت ويلز هذه النظرية في بحثها الخاص،عندما قادت دراسة حول اليقظة القائمة على الحد من التوترMindfulness Based Stress Reduction (MSBR ، وهو برنامج مدته ثمانية أسابيع يتضمن اليوغا وقد ثبت أنه يقلل من القلق والتوتر والاكتئاب والألم المزمن.
و قد لاحظ المشاركون في الدراسة - 14 بالغاً يعانون من فقدان الذاكرة ، تسعة منهم تلقوا تدخل MSBR - تحسناً في جودة حياتهم بشكل عام ، بالإضافة إلى تقليل التوتر وزيادة الأمل والتفاؤل.
تقول ويلز: " لقد شعر معظم المرضى أنها كانت مفيدة لرفاهيتهم بشكل عام". كما أظهرت الدراسة أيضاً علامات تحسن في الذاكرة والانتباه ، وهو أمر تعتقد أنه سيكون ذا دلالة إحصائية مع تجربة أكبر.
تقول ويلز:
"تساعدنا اليوغا واليقظة حقاً على العيش في الداخل والتواصل مع أجسادنا". وعندما نتمكن من الاتصال بطرق مفيدة ، يمكننا بالفعل تحسين رفاهيتنا بشكل عام."
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
اليوغا و الجنس: كيف يمكن لليوغا أن تحسن حياتك الجنسية؟