الوقت هو أثمن هدية يمكن أن تقدمها للآخر.
و بالطبع كلنا نعرفهم ، مجتاحي الأماكن، و مصاصي الوقت.
و للتعامل مع الأشخاص الذين يضيعون وقتك، لابد لك من أن تصبح ماهراً للغاية في خلق (و الحفاظ) على حدود صحية.
و للعلم فالحدود هي "الخط" الجسدي و العقلي و العاطفي بيننا و بين الآخرين ...
حيث تكون حدود بعض الأشخاص جامدة للغاية و هم يدفعون الناس بعيداً، و البعض الآخر مهمل للغاية و هذا يسمح للآخرين بانتهاك حدودك و الدخول إلى مساحتك الشخصية.
و الخبر السار هو أنه بمجرد أن تدرك و تعي ذلك، فإنه يمكنك فعل شيء ما، لفرض حدودك و لتعليم الآخرين أن يعاملوك بشكل مناسب و خصوصاً في مسألة إضاعة الوقت.
مددت يدي داخل خصلات شعري المبعثرة محاولاً البحث عن خطوط الطيران للمرة الحادية عشرة و دخلت الاجتماع.
و قد بدت الفرصة مثالية - كنت في مرحلة جمع التبرعات الأولية مع شركتي الناشئة ، و كان هذا المستثمر نشطاً في مساحتنا، و أظهر الكثير من الحماس بشأن مهمتنا.
و بالتأكيد فإن الإمساك بمستثمر رئيسي لن يضمن لنا التمويل فحسب ؛ بل من شأنه أيضاً إضفاء الشرعية على أعمالنا لصناديق رأس المال الاستثماري الأخرى التي تتطلع إلى الاستثمار.
أذكر أنني وقفت في مقدمة الغرفة و قدمت عرضي ، و قبل أن نفترق في ذلك اليوم ، قال مدير الصندوق إنهم سيرسلون لي بريداً إلكترونياً قريباً، حول "الخطوات التالية".
و بالكاد استطعت احتواء حماسي.
وصل البريد الإلكتروني الأول مباشرةً في الوقت المحدد - و هو طلب بسيط لبيانات المبيعات و حركة مرور الويب - و قمت بالامتثال بسرعة.
ثم تحول الأمر من البريد الإلكتروني إلى بريد آخر ، و آخر ، حيث كان التعقيد يتصاعد مع كل طلب ، إلى أن وصلت في النهاية لبناء نموذج مالي شامل لهم.
و إدراكاً لما كان على المحك ، قفزت بسعادة عند كل شيء جديد بدا في الأفق .
و قلت لنفسي سنعقد الصفقة في أي يوم .
و لكن و لسوء الحظ ، لم تأت هذه الرسالة أبداً. و بعد مرور الكثير من الوقت -شهرين مليئين بتدفق مستمر من الطلبات الجديدة- انتهت رسائل البريد الإلكتروني فجأة. كما توقف الردود أيضاً .
لقد أصبحت فجأة كالشبح بالنسبة لهم .
و عدت إلى لوحة الرسم ، مرتبكاً ، مرهقاً ، و الأهم من ذلك كله ، محبط.
لاشك أن الحياة مليئة بالتفاعلات التي لا تؤدي إلى أي مكان، و تؤدي إلى إضاعة الوقت بلا طائل.
حيث يتصرف الكثير من الأشخاص بدون نية ، و يقدمون عروضاً لا يهدفون إلى تحقيقها ، و يقدمون فرصاً لا يخططون لتحقيقها.
إنهم يفعلون الأشياء ببساطة من باب الفضول أو السعي وراء التحقق من الصحة أو الإهمال الواضح، في حالة من إضاعة الوقت.
و في حين أن هؤلاء الناس ممتلئون بالإهمال الواضح بالتأكيد ، إلا أنهم ليسوا بالضرورة كاذبين.
و هذا ما يجعل اكتشاف الأمر شيئاً صعباً للغاية: إذ غالباً ما تخذلنا كاشفات BS القياسية في غياب المراوغة أو التلاعب أو وجود أجندة غامضة.
و ننشغل بما هو موجود على الطاولة .
و لكن :
- كيف تعرف أنك لا تستطيع التعامل مع شخص ما على محمل الجد؟
- و كيف يمكنك معرفة ما إذا كان من المحتمل أن يضيِّع شخص ما، يتمتع بالكفاءة و السمعة الطيبة و الجديرة بالثقة، وقتك؟
إن المفتاح يتمثل في البحث عن اتصالات و روابط منخفضة الجودة. لذا إليك الأشياء الثلاثة التي لا يفعلها الناس عندما لا يكونون جادين بشأنك :
1- إنهم لا يظهرون فضولًا بشأن الأشياء التي شاركتها.
هؤلاء الناس يقومون بطرح الأسئلة عليك ، و لكن فقط لجمع المعلومات التي يحتاجونها لأغراضهم الخاصة.
و هذه المعلومات ليست عنك. و ربما يريدون التعرف على سوق معين. و ربما يريدون معايير مرجعية مقابل فرصة أخرى يسعون وراءها.
و بغض النظر ، فهم لا يتعمقون في العناصر التي شاركتها أو لا يتابعونها ، فهم لا يفحصون ، و لا يقومون بالتحليل أو التقييم.
لذا فإن الأسئلة غالباً ما تبقى سطحية ، و ما ينقصك هو فضول حقيقي حول قصتك، لتعلم أنه نوعٌ من إضاعة الوقت.
أما عني ، فقد ظل المستثمر الذي خدعني يطلب المزيد ، لكنه لم يتعمق أبداً.
بل على النقيض من ذلك ، فقد طرح المستثمرون الذين انتهى بهم الأمر لكتابة الشيكات أسئلة متابعة ثاقبة ، مثل :
"لقد نظرنا إلى اقتصاديات وحدتك ؛ و وجدنا أنها جيدة للأعمال التجارية في مراحلها المبكرة ، و لكن ما هي خططك لتحسينها أثناء التوسع؟ "
فإذا لم يكن شخص ما فضولياً ، فهو ليس جاداً .
2- إنهم لا يتبعون عروضهم بخطوات العمل :
" إن جاري يعمل كمحرر في مجلة طعام و شراب Food & Wine ،و يجب أن تظهر له وصفات الكب كيك الخاصة بك!" .
"زميلتي القديمة في الكلية هي رئيس قسم البحث و التطوير في شركة لتطوير المنتجات! يجب أن تتحدثوا يا رفاق عن التطبيق الذي تنشؤونه ، فقد يكون مناسباً".
"يجب عليك مشاركة رسومات لباسك مع مصمم - إن لدي صديق يعمل في Oscar de la Renta ، يجب أن أقدمك له !"
لا شك أننا سمعنا جميعاً نسخاً من هذا الكلام من الزملاء أو الأصدقاء. فالتحذير من أن هذه المقدمات ربما لن يعد أمراً بسيطاً : أي لم يتم اتخاذ أي إجراء من خلال هذه العبارات.
و لكن يمكنك أن تكون أكثر ثقة إذا كان العرض يبدو مثل هذا: "إن جاري يعمل كمحرر في مجلة طعام و شراب Food and Wine ، تعال إلى حفلة الشواء الخاصة بي في نهاية الأسبوع المقبل ، و سأقدمك له"، فهذا يدل على أهمية تحديد الوقت لدى الطرف الآخر.
أو : "صديقتي تعمل في Oscar de la Renta ، سأرسل لها بريداً إلكترونياً بعد ظهر اليوم و أسألها عما إذا كان يمكنها التحدث معك."، كذلك في هذه الحالة تبرز أهمية الوقت في تفعيل المساعدة.
3- إنهم لا يتذكرون الأشياء التي تهمك :
من السهل على شخص ما أن يجعلك تشعر بالخصوصية أثناء المحادثة مع الكثير من المديح و التواصل البصري. و لكن يمكنك أن تعلم أنهم مهتمون بك حقاً إذا قاموا عن قصد بإنشاء مساحة في عقولهم لما يهمك من باب قيمة الوقت لديك و لديهم.
فهم سيتذكرون أن لديك حدثاً مهماً قادماً ، أو أنك كنت تخوض صراعاً ما ، و سيسألونك عنه.
و هذا يدل على النية، لأن ذلك يتطلب العمل. كما أنهم يستثمرون طاقتهم فيك للمساعدة في الاستفادة من الجهد و الوقت.
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
إدارة الوقت : 18 طريقة لاستخدام وقتك بشكل أفضل