إن ما يبدو و كأنه موهبة أو مهارة هو في كثير من الأحيان عبارة عن ممارسة مستمرة.
ذلك أن هناك ساعات من التكرار و الممارسة المستمرة وراء كل مهارة أو موهبة .
و تعتبر المثابرة واحدة من أكثر المهارات التي تم التقليل من شأنها في سبيل أن تصبح بارعاً فيما تفعله.
إذ أنه لا وجود لشيء أكثر قيمة من المثابرة و العزيمة و الالتزام.
الممارسة تؤدي إلى المثالية
قد تبدو عبارة "الممارسة تولد المثالية " واضحة جداً ، إلا أن قلة من الناس فقط يمكنهم دفع أنفسهم إلى هذا الحد لحصاد الفوائد الرائعة للممارسة.
كما أنه من السهولة بمكان التقليل من قيمة الممارسة. و من أجل أن تصبح مهارة جديدة أمراً تلقائياً عندك أو لتصبح المعرفة الجديدة طويلة الأمد ، فإن الممارسة المستمرة والمكثفة ضرورية للغاية .
و قد قال بابلو بيكاسو Pablo Picasso ذات مرة:
"لقد استغرقت أربع سنوات لأرسم مثل رافائيل Raphael، لكني قد أستغرق عمري لأرسم مثل طفل." .
و من الممكن أن يكون التكوين الجيني لبعض الأشخاص هو الذي يتسبب في اكتسابهم موهبة لأداء أشياء معينة.
إذ لا يتعين عليهم اتخاذ عدد الخطوات ذاتها التي سلكها بقيتنا للحصول على نتائج مبشرة.
و لكن عندما تبدأ في الاعتقاد بأن الموهبة هي القطعة الأهم في لغز النجاح ، عندها ستكون قد بنيت حاجزاً لن يؤدي إلا إلى الفشل في الحياة.
و لم يكن بإمكان كالفن كوليدج Calvin Coolidge قول ذلك بشكل أفضل عندما قال ذات مرة: "لا شيء في هذا العالم يمكن أن يحل محل المثابرة.
ولا الموهبة ، لا شيء أكثر شيوعاً من الأشخاص الفاشلين ذوي المواهب.
ولا العبقرية ، لأن العبقرية غير المثمرة هي مجرد هراء. ولا التعليم، فالعالم مليء بالمتعلمين المشردين.
إذ أن المثابرة والتصميم وحدهما هما كفتا ميزان القدرة على الإنجاز.
و قد قامت تلك القيم سابقاً بحل وستحل دائماً مشاكل البشرية".
و يمكنك أن تكون جيداً أو محترفاً في شيء ما دون أن تكون موهوباً فيه بصورة طبيعية.
و عندما تتساوى موهبة شخصان في شيء ما ، فإن الجهد أو الممارسة فقط هي ما يصنع الفرق بينهما.
" مع وجود يديك في جيوبك لا يمكنك تسلق سلم النجاح! فالموهبة لا تستطيع فعل أي شيء بدون المثابرة! - قول مأثور
و قد قال جون وودن John Wooden ذات مرة: "لا تحكم علي بما حققته، ولكن بما كان يجب أن تحققه بالموهبة الموجودة تحت يديك".
و من الممكن أن يكون أكبر فرق بينك و بين بيكاسو Picasso أو أينشتاين Einstein ، أو أكثر العقول إبداعاً في عصرنا هو أنهم سلكوا الطريق الطويل للإتقان.
و من المعروف عنهم أنهم قد أمضوا المزيد من الوقت في تدريب عقولهم و أرواحهم على الشيء الذي أرادوا القيام به. فعندما تجعل كل شيء مهارة و ممارسة جيدة بدلاً من كونه موهبة ،ينفتح العالم بأسره لك.
و من خلال استخدام أسلوب تفكير العقلية السليمة ، تكون مستعداً للنصف الآخر من المعركة.
و قد كتب دانييل كويل Daniel Coyle في كتابه " الشيفرة الموهوبة The Talent Code" :
" إن الممارسة العميقة ليست مجرد صراع ، فالأمر يتعلق بالسعي إلى صراع معين، كما أنه يتعلق بإنجاز سلسلة مميزة من الأفعال".
وراء كل مهارة ، هناك ساعات من التكرار المستمر :
يقول توماس أديسون Thomas A. Edison: " الأساسيات الثلاثة لتحقيق أي شيء يستحق العناء هي :
- أولاً ، العمل الجاد.
- ثانياً، التمسك به.
- ثالثاً ، الفطرة السليمة. "
و تأتي قيمة المثابرة من رؤية مقنعة للمستقبل لدرجة أنك ستقوم بالمقايضة بالوقت الكافي لتجعله حقيقياً، كما أن استمرار العمل يأتي من الاصرار على تلك الرؤية.
عندما تكون واضحاً بصورة كبيرة بشأن ما تريده بحيث لا تتغير رؤيتك كثيراً ، ستكون أكثر اتساقاً واستمرارية في أفعالك. و هذا الاتساق في العمل سيؤدي إلى اتساق في النتائج.
و تعتبر الممارسة الواعية والمتناسقة فرضاً و ليست خياراً إذا كنت تريد أن تصبح كاتباً أو رياضياً أو مندوب مبيعات محترف أو فناناً أو مطوراً أو رائد أعمال أفضل.
إذ أن الأمر لا يتعلق بتزاحم الأفكار فحسب ، بل يتعلق بالبحث عن تحدي محدد لتنجز ما تريد ، والذي يتضمن سلسلة من الإجراءات المتميزة.
فأنت تختار الهدف الأكبر، وتطمح للوصول إليه ، وتستمر في قياس مدى الوصول إليه وتحسنه قد المستطاع لتصبح أكثر ذكاءً في السير نحو هدفك.
و من المحزن أن معظم الناس يتخلى عن أهدافهم مبكراً لأن لديهم توقعات خاطئة لأنفسهم وللنتيجة النهائية. فهم يتوقعون أن يكون الطريق سهلاً ، و يفاجأون عندما يجدون الحقيقة عكس ذلك. حيث يتبخر حماسهم بسرعة و يفقدون العزيمة.
لذا ، تذكر عزيزي القارئ أنه لا يوجد شيء اسمه نجاح رخيص الثمن. بل عليك أن تتوقع طريقاً صعباً، وليس سهلاً ، وستكون ناضجاً عقلياً عندما تواجه الواقع.
و من المعرف أن الممارسة تجعل العلم مثمراً أيضاً. و قد أصر أينشتاين و ظل يعاني من المشاكل لفترة أطول للتحقق من أنه وجد بالضبط ما كان يبحث عنه. حيث قال ذات مرة:
"ليس الأمر لأنني ذكي جداً ، إنه مجرد أنني أمتلك القدرة أن أبقى مع المشاكل لفترة أطول." .
الاستمرار و المثابرة نتيجته النجاح
المثابرة تتيح لك الاستمرار في اتخاذ الإجراءات اللازمة حتى عندما لا تشعر بالدافع للقيام بذلك ، و هكذا فإنك تستمر في حصد النتائج الجيدة.
و يذكر التاريخ أنه في 10 ديسمبر 1914 ، اندلع انفجار هائل في ويست أورانج ، نيو جيرسي West Orange, New Jersey.
حيث اشتعلت النيران في عشرة مبانٍ في مصنع المخترع الأسطوري توماس إديسون Thomas Edison، والتي كانت تشكل أكثر من نصف الموقع.
و قد تعرضت آلات تقدر قيمتها بالملايين و جميع الأوراق المتعلقة بأبحاثه التي استمرت طوال حياته للحرق وتحولت إلى رماد.
و ثم و في وقت لاحق ، في مكان الحريق ، نُقل عن إديسون في صحيفة نيويورك تايمز قوله :
"على الرغم من أن عمري أكثر من 67 عاماً ، إلا أنني سأبدأ غداً من جديد." .
و قد تجسد إصرار توماس إديسون في اقتباسه الشهير :"العبقرية هي إلهام بنسبة 1٪ و 99٪ جهد."
و قال إيه إتش ويلسون A.H. Wilson ، نائب الرئيس و المدير العام الخاص بالمصنع ،لصحيفة The Times بعد أن خمدت النيران: "هناك شيء واحد فقط يجب القيام به ، وهو البدء على الفور وإعادة البناء مباشرة".
كلمة أخيرة ...
إن أسماء مثل بيكاسو ، و موزارت، و أبراهام لينكولن ، و ستيف جوبز ، و بيل جيتس و إيلون ماسك يجب أن توحي إليك بأهمية المثابرة. و لماذا من المفيد الاستمرار في المحاولة المرة بعد الأخرى.
يقول ديل كارنيجي Dale Carnegie : "لقد تم إنجاز معظم الأشياء المهمة في العالم من قبل أشخاص استمروا في المحاولة عندما بدا لهم أنه لا يوجد أمل على الإطلاق."
لذلك ، و لتحسين أدائك في أي مهارة تقريباً ، عليك أن تتدرب كثيراً ، و أن تحصل على الكثير من الملاحظات التي يمكن أن تساعدك على الممارسة بشكل صحيح ، والقيام بالمزيد من الأمور الناجحة والاستمرار في تحسين الأشياء الصحيحة للمضي قدماً.
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
المهارات الناعمة (اللينة) Soft Skills
أسرار النجاح: 8 أشياء يقوم بها الأشخاص الناجحون باستمرار
تخيّل المستقبل و النجاح : كيف تكون أكثر نجاحاً فقط عن طريق إغلاق عينيك؟