لماذا تكون منزعجاً جداً من كل شيء؟ هل تشعر بـ الغضب في الكثير من الأحيان؟ إنك بالتأكيد لست وحدك كذلك .
أنا منزعج من أقنعة الموضة الحديثة ، كما أنني منزعج من الذين لم يلتزموا بإجراءات الحجر الصحي ، إنني منزعج من رجال الشرطة الذين يبتعدون عن علاقاتهم الاجتماعية .
و لكن ليس بقدر ما أشعر بالغضب من هؤلاء المعترضين على إجراءات التباعد الاجتماعي Social distancing.
في هذا الصباح ، بينما كنت أقوم بتنظيف آثار الصناديق الفارغة التي تم ألقائها أمام مبنى شقتي من قبل رواد الحفلة، و التي قامت بتنظيمها جارتي البالغة من العمر 22 عاماً (التي تعيش في الطابق العلوي) ، فكرت كيف يمكنني إخبارهم بانزعاجي البالغ و بمقدار الغضب الذي يتملكني جراء ذلك .
و في مكالمات على تطبيق زووم Zoom مع الأصدقاء ، قمت بمقارنة المصادر الحديثة التى تتسبب فى إزعاجنا و تملؤنا بالغضب.
و من المثير لـ الغضب أيضاً أنه عندما أكتب حرف "M" على محرك البحث في هاتفي هذا الأسبوع ، فقد كان من المدهش أن يقترح كلمة motherfuckers ) ) ( اللعنة ) .
أنا أطلق عليها : أننا قد وصلنا إلى مرحلة الذروة من هذا الوباء ، ( يقصد كاتب المقال، وباء الإنزعاج من كل ماهو حولنا) .
و سواءً أكنت قلقاً بشأن الحفاظ حالة جيدة أو ببساطة حالة تكون في تناسب صحي مع الواقع اليومي، الذي يقوم بتدمير الأعصاب و المتمثل في العيش في ظل جائحة وباء و ركود اقتصادي ، فإن القلق المستمر يجعلك على حافة الخطر.
و قد تختلف الطريقة التي سيظهر بها هذا الشعور المتزايد بالقلق حسب هويتك أو ظروفك أو شكل يومك. بيد أنه إذا لاحظت أن حالتك المزاجية قد تحولت مؤخراً إلى الانزعاج و الغضب مما يجري حولك ، فتأكد أنك لست وحدك .
التفاعلات العاطفية هي مؤشر ٌ جيدٌ على إحساس الشخص بالتوازن . و بشكلٍ خاص الانفعال القوي هو السمة المميزة للعقل القلق دائماً .
لماذا يبحث عقلك عن قتالٍ ما ؟
قد يبدو من الغريب أن القلق بشأن شيئٍ ما يجعلنا غاضبين للغاية ، و لكن هناك سببٌ يجعل التفاعل داخل الدماغ جزءاً من رد فعل.
و من وجهة نظر علم النفس العصبي ، سيكون من المقبول عموماً أنه عندما يتفاعل الناس مع ضغوط متوقعة بطريقة لا تتناسب مع أي تهديد جسدي مباشر ، فإن المناطق تحت القشرية و الأطراف في الدماغ تقوم بمحاولة معالجة هذا الضغط.
و بدون الكثير من المساعدة من قشرة الفص الجبهي و الذي يعد أكثر تطوراً من ناحية الاستجابة لهذه الاستثارة العصبية المتزايدة ، فإن الدماغ يُطلق استجابات عاطفية لمجاراة ذلك مثل الغضب أو الانفعال .
و على عكس ما هو متوقع ، فهذه آلية يستخدمها الدماغ لتهدئة نفسه و محاولة التعامل مع الأمر.
و كما أخبرتنا عالمة النفس و المؤلفة كاثلين سميث Kathleen Smith : لأول وهلة ، لا يبدو الصراع داخل دماغك أسلوباً جيداً لمحاولة تهدئتك ، بيد أن الدماغ فى الواقع مستعدٌ للتكيف بشكلٍ كبير.
و إذا كنت مقتنعاً بأن الشخص الآخر مزعج أو مخطئ و يحتاج إلى تغيير سلوكه ، فبالتأكيد لن تكون أنت المشكلة ، لذلك يمكنني أن أهدأ قليلاً عندما أقول لنفسي أن الشخص الآخر هو الذي يحتاج إلى تغيير رأيه ، و الاعتذار و محاولة معالجة تلك السلوكيات .
تقول سميث Smith : لذا فإن الشعور بالانفعال المزعج داخل ذهني يتزايد عندما أرى صورة رغيفٍ من العجين على تطبيق انستغرام ، محاولاً بذلك تهدئة نفسي .
إن الشعور بالقلق و الغضب أو الانفعال هو أحد الأساليب التي يستخدمها الدماغ للتخلص من الضيق و التوتر ، نحن نلوم أو نركز على العيوب التى نتصورها في الآخرين كوسيلة لتهدئة أنفسنا .
كيفية إخماد الانفعال و التهيج
كيف يمكن التحكم فى رد الفعل الذي يعزز شعور القلق ؟
إن الحل الأكثر وضوحاً هو العمل على معالجة قلقك بشكل مباشر و محاولة التخلص منه .
يمكننا التخفيف من الشعور بالقلق من خلال العمل على تقبل المجهول. و في هذا الخصوص يوصي الطبيب النفسي جود بروير Jud Brewer بمزيج من:
- التنفس بشكل عميق
- و بممارسة التأمل لتهدئة جهازك العصبي و مساعدته على العمل بشكل أفضل .
ثم هناك أشياء أخرى :
- مثل معرفة حقيقة مشاعرك
- و الحصول على أكبر قدر ممكن من النوم
- و ممارسة الرياضة
- و تناول الطعام الجيد
- و لا تنسى شرب الماء.
تذكر أن الكحول و المواد الأخرى التي تقوم بتغيير الحالة المزاجية قد تجعلك أكثر عرضة لتقلبات المزاج و اضطراب المشاعر و منها الشعور بالغضب و القلق.
و يمكنك أيضاً الحرص على أن التعامل بلطف مع من هم حولك بدلاً من الاصطدام السريع مع الأخرين.
تحدث إلى شخص تثق به بشأن ما يدور في ذهنك ، حتى و لو كان الأمر بسيطاً مثل الحديث حول ( أنك منزعج جداً من كل شيء اليوم ، أو أن هذا السلوك يسبب نوعاً من الإزعاج و الغضب لي ) .
و لا تنسَ...
أن تضع في اعتبارك أن الشعور -السيء- بالانزعاج ينتشر في أدمغة الآخرين أيضاً ، لذلك قد لا يكونون في أفضل حالاتهم. و بالتالي فالمزيد من التسامح مع الآخرين قد يكون أفضل شيء فى الوقت الحالي، قبل أن تقوم بالرد أستمع جيداً.
و لا تحاول أن تكون على حق طوال الوقت ، إذ تشير الدراسات إلى أن التصرف برفق و لطف له تأثير مباشر و إيجابي على الصورة الذاتية و على العلاقات مع الآخرين.. و بالتالي على الشعور بالارتياح النفسي .
انصحك بان تمنح نفسك بعض الارتياح و الاسترخاء أيضاً، و ستشعر بتحسنٍ كبير عندما تتوقف عن تغذية الغضب و القلق بداخلك .
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
كيفية التعامل مع الغضب وإيجاد السلام
الغضب و ما هي العلاقة بـ الاكتئاب ؟
كيف ينشأ الغضب ؟ و كيف تسيطر عليه؟