من المعروف عالمياً ازدياد نسبة السمنة أو البدانة بين أفراد المجتمع في جميع دول العالم، و إن كانت بدرجات متفاوتة، و خصوصاً في العقود الأخيرة.
إذ تشير تقديرات الاتحاد الدولي للسكري International Diabetes Federation-IDF الى أن عدد المصابين بالسمنة حول العالم وصل الى ٦٥٠ مليون شخص، و أن نسبة المصابين بالسمنة بين البالغين تصل الى أكثر من الثلث في عدد من الدول، و أن الأرقام في تصاعد مستمر مما يدعو الى القلق.
سيما و أن البدانة تترافق مع كثيرٍ من الأمراض المزمنة، و تزداد هذه الامراض بزيادة عدد حالات البدانة كارتفاع الضغط و السكري و أمراض التنفس و أمراض المفاصل و غيرها.
و يرجع ارتفاع معدلات السمنة إلى تناقص النشاط الفيزيائي و زيادة الاعتماد على الأجهزة الحديثة في إنجاز المهام اليومية، و التي كانت تتطلب قدراً كبيراً من النشاط الجسدي.
بالإضافة إلى انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، و الاتصالات الإلكترونية، و التي تجعل الناس يقضون أوقاتاً طويلة أمام أجهزة الموبايل و الكومبيوتر و الألعاب الالكترونية و شبكة الانترنت. مما يسرق الوقت و يقلل الحركة الضرورية لصحة أجسامنا.
و بالإضافة الى انتشار الوجبات السريعة fast food على حساب الطعام المحضر في المنزل و ازدياد الاعتماد على المنتجات المصنعة و المعلّبة على حساب الأغذية الطبيعية و الطازجة.
إن زيادة تناول الأطعمة من جهة، و نقص النشاط الفيزيائي من جهة أخرى يكسر عملية التوازن الطبيعة، و يُدخلنا في دوامة البدانة أو ما يعرف بمرض العصر.
هل مرضى البدانة معرضون للجلطات؟
يشير مصطلح venous thromboembolism VTE أو التخثر الوريدي الي حصول جلطات ناجمة عن تخثر الدم في الأوردة العميقة لجسم الانسان كأوردة الساقين أو الذراعين أو الحوض العميقة deep venous thrombosis (DVT)وحصول كتل دموية متخثرة قد تنطلق لتسد أوعية الرئة الدموية وحصول ما يسمى بالصمامة الرئوية pulmonary embolism (PE).
و من المؤكد طبياً أن مرضى السمنة بمختلف درجاتها، لديهم نسبة أعلى من الخطورة للإصابة بالجلّطات المختلفة و التي قد تتطور لحالات مرضية خطيرة كالصمامة الرئوية و جلطات القلب و جلطات الدماغ، مقارنةً بالأشخاص ذوي الأوزان العادية.
و للعلم فإن معدل حدوث التجلطات في الجسم يتعلق بسبب ثلاثة عوامل رئيسة هي:
- تغير في مكونات الدم الجائل في الأوعية الدموية بحيث تصبح لزوجة الدم أعلى من الطبيعي.
- تأذي جدران الأوعية الدموية بحيث لا تكون طبيعية أو تكون ملساء من الداخل مما يقود إلى التصاق الصفائح الدموية و باقي مكونات الدم.
- تغير معدل جريان و تدفق الدم داخل الأوعية الدموية كما هو الحال عند عدم الحركة لفترة طويلة.
و الواقع أن تأثير السمنة المباشر و الضارّ على جميع أجهزة الجسم، يتمثل في العوامل الثلاثة السابقة جميعها.
هل هناك عوامل أخرى غير البدانة تزيد من مخاطر الجلطات؟
نعم هناك الكثير من العوامل الأخرى. و هذه العوامل تزيد المخاطر إذا ما ترافقت مع السمنة، أو مع العوامل الأخرى. و من أهم هذه العوامل:
- التدخين
- أمراض الدم المختلفة الوراثية و المكتسبة
- العوامل الوراثية و الجينية
- تقدم العمر
- تناول بعض الأدوية كالهرمونات و مانعات الحمل
- العمليات الجراحية
كيف يمكن الوقاية من الجلطات؟
إذا كانت الوقاية من الإصابة بالجلطات على درجة عالية من الأهمية، لدى عموم المرضى، فإن هذه الأهمية تزداد لدى مرضى البدانة خصوصاً بعد العمليات الجراحية
و فيما يلي بعضا من وسائل الوقاية المعتمدة عالمياً لتقليل حدوث التجلطات الوريدية.
- أهمية الحركة و المشي المبكر بعد العمليات الجراحية، و في وقت مبكر (عادة بضع ساعات بعد الجراحة) ، و مباشرة بعد تمام الإفاقة من تأثير التخدير العام.
- الوسائل الميكانيكية و التي تتمثل في وضع أجهزة يتم لفها حول الفخذين و الساقين، و تحوي مساحات قابلة للنفخ الهوائي المتقطع يتم وصلها بمضخة كهربائية تقوم بضخ الهواء و إفراغه دورياً، و بالتالي ضخ الدم بانتظام من الأوردة الطرفية.
و بذلك تساهم في الوقاية من التجلطات في الأوردة العميقة للساقين.
و يمكن الاستفادة من هذه الأجهزة قبل وأثناء وبعد الجراحة حسب ظروف المريض
- مسيلات الدم: BLOOD THINNERS
يوجد بعض الأدوية التي تساعد في الوقاية من حدوث التجلطات و التي تعتمد على منع تخثر الدم داخل الأوعية الدموية و على رأس هذه الأدوية الهيبارين.
و الأنواع الحديثة من الهيبارين (مثل اينوكسيبارين) يتم استخدامها حقناً قبل و أثناء العملية الجراحية. و يستمر المريض عليها بعد العملية لفترات معينة قد تصل لأسابيع حسب حالة المريض، و لا تعطى هذه الأدوية إلا تحت إشراف طبي دقيق و ضمن بروتوكولات علاجية معتمدة.
- تجنب الجفاف DEHYDRATION
من الأهمية بمكان المحافظة على توازن السوائل في الجسم و تجنب الجفاف الذي يؤدي الى زيادة لزوجة الدم. و الذي بدوره يرفع خطر تشكل الجلطات في الأوردة العميقة للجسم و لذلك يتم إعطاء المريض الكمية المناسبة من السوائل الوريدية قبل أو اثناء أو بعد العملية الجراحية.
و يتم تثقيفه بخصوص كمية السوائل و طريقة تناولها للمحافظة على وظائف الجسم و منع المضاعفات المختلفة كالتجلط و الجفاف.
كما يتم تشجيع المريض على تناول السوائل عن طريق الفم في أقرب وقت ممكن بعد العملية الجراحية حسب تعليمات الجراح.
و في النهاية
إن مرضى السمنة أكثر الناس عرضة لحدوث التجلطات الوريدية و ما تحمله من مخاطر صحية جسيمة قد تكون قاتلة.
و لكن هناك طرق و وسائل مختلفة للوقاية من الجلطات الوريدية و في حال تطبيقها حسب القواعد العلمية عند مرضى السمنة يتم تقليل هذه المخاطر الى الحدود الدنيا، و يجعل العمليات الجراحية آمنة إلى حدٍ بعيد لدى هذه الفئة من المرضى.
المراجع
• The ASMBS Textbook of Bariatric Surgery
• The SAGES Manual of Bariatric Surgery- second edition- springer-2018
• Obesity TREATMENT MANUAL- KSA- MOH – 1436 H/2015
جزيء الهيبارين
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :