يمكن أن يساعدنا فهم التحكم في النفس و ضبط النفس، و كذلك ما لا يمكن اعتباره ضبط نفس، في تحسين التعامل مع الذات.
لقد مررنا جميعاً بتجربة الإفراط في تناول الطعام في مرحلة ما من حياتنا.
و لكن هل يكون هذا الفشل في ضبط النفس ناجم عن عدم امتلاكنا لمقدار "كافٍ" من ضبط النفس ، أو هل يمكن لعوامل أخرى أن تكون أكثر أهمية؟
أبث لكم ما جرى لي في إحدى أمسيات تناول العشاء لحفلة مهمة مع بعض أصدقائي و أقاربي.
ما هو ضبط النفس؟
الرأي الذي يحمله الكثير من الناس هو أن ضبط النفس هو مقدار من الجودة تبقى مستقرة طوال حياة الشخص ، مثل الذكاء أو الشخصية.
و قد تبنّى البحث في علم النفس أيضاً هذا الرأي بشكل عام ، على سبيل المثال ، من خلال التجربة الشهيرة و التي تقول:
أن الأطفال الذين كانوا قادرين على مقاومة تناول قطعة حلوى المارشميلو (الخطمي) لفترة وجيزة من الوقت لصالح قطعتين في وقت لاحق، استمروا في أداء أفضل في المدرسة و في المجالات الهامة الأخرى ، مقارنة بالأطفال الذين لم يتمكنوا من مقاومة إغراء القطعة الأولى.
و مع ذلك ، عند الفحص الدقيق ، تبدأ فكرة ضبط النفس كصفة مستقرة، في الانهيار. أولاً ، يميل مستوى ضبط النفس لدى الشخص إلى الاضمحلال و التلاشي على مدار اليوم .
مما يشير إلى أن التحكم في النفس أقل، مثل القدرة العقلية، و مثل الذكاء و أكثر من ذلك، مثل الموارد المتقلبة للشخص، مثل الطاقة الجسدية.
و في الواقع ، حتى الباحثون الذين أجروا تجارب المارشميلو الكلاسيكية فسروا النتائج التي توصلوا إليها من حيث الاستراتيجيات المكتسبة بدلاً من أن القدرات الفطرية ، تشير إلى أن سبب تأخر الأطفال في الأداء في وقت لاحق في الحياة هو أنهم تعلموا متى، و كيف يتم التوسع في تقنيات ضبط النفس الفعالة.
لماذا نفشل في ضبط النفس أحياناً و لا نفشل في أوقات أخرى؟
في ضوء الطبيعة المتقلبة للتحكم في النفس ، فإن مسألة الفشل ليست حول من و ما هو جيد أو سيئ في ضبط النفس ، بل حول متى أو في أي ظروف يكون ضبط النفس أكثر أو أقل نجاحاً.
نحن نعلم ، على سبيل المثال ، أن عوامل مثل المزاج السلبي و الإرهاق و عادات شرب الكحول، قد تلعب دوراً كبيراً في فشل ضبط النفس. لذلك، غالباً ما أخبر أقاربي أن عاداتي في المزاج السيء -على سبيل المثال- قد ساهمت على الأقل في شراهتي للطعام، و ليس بسبب ضعف في الإرادة.
وأن أحد العوامل المدروسة جيداً، و التي تقلل من ضبط النفس هو الجهد السابق.
إذ من المرجح أن تفشل محاولة ثانية للتحكم في النفس بعد محاولة أولية من تلك التي تأتي بعد فترة مريحة نسبياً.
و التأثير المتناقص لمحاولة واحدة للتحكم في النفس على الآخرين شائع جداً لدرجة أنه تم تسميته باسمه ، "نضوب أو استنفاد الإيجو" ego depletion.
إذ أنه بسبب نضوب الإيجو ، فإن أقاربي الذين أمضوا معظم المساء و هم يعضون ألسنتهم لتجنب إيقاظ بعض الحجج القديمة، بالتأكيد سيكونون أكثر عرضة للإفراط في تناول الطعام أثناء الوجبة، بالمقارنة مع أولئك الذين بثوا شكاواهم.
ما الذي يمكننا القيام به لتحسين ضبط النفس؟
على الرغم من أن الباحثين في علم النفس بدأوا سعيهم لفهم ضبط النفس من خلال تتبع العوامل التي خففته ، فقد غيروا المسار مؤخراً للبحث عن طرق لتحسينه.
مثلما يمكن للمزاج السلبي أن يقلل من التحكم في النفس ، فإن المزاج الإيجابي يمكن أن يعززه.
و تماماً كما تقلل ممارسة ضبط النفس في البداية من القدرة على القيام بذلك في وقت لاحق ، فإن الأنشطة التصالحية مثل الصلاة و التأمل و تأكيد الذات تزيد من ضبط النفس.
و كما هو الحال مع العديد من المفاهيم النفسية ، فإن ضبط النفس حساس للغاية لمعتقداتنا عن أنفسنا.
على سبيل المثال ، إن الأشخاص الذين دفعوا إلى الاعتقاد بأن لديهم طاقة وافرة - على الرغم من أنهم قد أكملوا للتو مهمة ضبط النفس الصعبة التي تسببت في "نضوب الإيجو" في الآخرين - قاموا بعمل جيد في مهام ضبط النفس اللاحقة.
و بالمثل ، فإن الأشخاص الذين يعتقدون أن ضبط النفس غير محدود بدلاً من "استنزافه" لا يتوافقون مع نمط استنفاد الإيجو.
إن الآثار المترتبة على الإفراط في تناول الطعام هي أن ضبط النفس حول الطعام قد يكون نبوءة تتحقق ذاتياً:
المستوى "الفعلي" للتحكم في النفس أقل أهميةً -بكثير- في تحديد نجاحك، من مقدار التحكم في النفس الذي تعتقد أنه لديك، أو من مقدار إيمانك بنفسك -بشكلٍ فعال- في أنه بإمكانك استخدامه.
فهم دقيق لضبط النفس
رأيي الواضح في هذه المرحلة هو أن ضبط النفس هو بالفعل مصدر ، و لكنه مصدر متجدد و نفسي.
لقد عرفنا منذ فترة طويلة أن الأهداف المحفزة من الداخل - لأسباب مهمة بالنسبة لنا شخصياً - من المرجح أن تنجح أكثر من تلك المحفزة من الخارج.
و يبدو أن هذه القاعدة العامة تنطبق على ضبط النفس على وجه التحديد في حالة الرغبات للأغذية غير الصحية و غيرها من الأشياء التي نتساهل بها.
إن الإغراءات التي نريد التغلب عليها أسهل بالفعل في التغلب عليها من تلك التي نشعر بأن علينا التغلب عليها.
و بالتأكيد فالنجاح في ضبط النفس يتعلق أكثر بالرغبة و ليس بالمهارة الفنية للقيام بذلك.
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
إدمان الطعام : إليك 8 أعراض شائعة