وجدت دراسة جديدة جزيءًا يمكن أن يعمل كمؤشر حيوي لتحديد الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالخرف (و أحد أشكاله مرض ألزهايمر) في الحياة اللاحقة.
و يمكن أن يساعد العلماء ذلك أيضاً في تطوير العلاجات الوقائية.
و الخرف dementia هو حالة موهنة تنطوي على التدهور التدريجي للذاكرة و التواصل و التفكير، كدلالة على التدهور المعرفي.
و على الصعيد العالمي ، زاد عدد الأشخاص المصابين بهذه الحالة بأكثر من الضعف ، حيث ارتفع من 20.2 مليون في عام 1990 إلى 43.8 مليون في عام 2016.
و من أكثر أشكال الخرف شيوعاً هو مرض ألزهايمر ، و الذي يمثل 60-70٪ من جميع الحالات. و مع تقدم العمر ، من المتوقع أن يستمر انتشار مرض ألزهايمر و أشكال الخرف الأخرى في التزايد.
أما في الوقت الحالي ، فإنه بمجرد ظهور الأعراض ، فلا يمكن عكسها. و مع أخذ ذلك في الاعتبار ، يستكشف الباحثون طرقاً لتشخيص الحالة لعدة سنوات أو حتى لعقود قبل أن تتطور ، و يجدون الأدوية لمنع تقدمها.
و يعتبر أحد العلامات الحيوية الواعدة لمرض ألزهايمر هو الجزيء الذي يدور في الدم ، و المعروف باسم ثنائي ميثيل أرجينين غير المتماثل (ADMA asymmetric dimethylarginine).
و من خلال تثبيط إنزيم يسمى سينثاز أكسيد النيتريك nitric oxide synthase، سيقلل ADMA من كمية أكسيد النيتريك التي يتم تصنيعها بواسطة الخلايا البطانية التي تبطن الأوعية الدموية.
و للعلم يكون دور أكسيد النيتريك هو توسيع الأوعية الدموية و زيادة تدفق الدم. إذ أنه عندما تكون المستويات منخفضة بشكل غير طبيعي ، فإنه يقيد تدفق الدم إلى الأنسجة ، و يحرمها من الأكسجين و يسبب الالتهاب.
أهمية ذكاء الطفولة
ترتبط المستويات المنخفضة من أكسيد النيتريك بتطور تصلب الشرايين و أمراض القلب والأوعية الدموية و مرض ألزهايمر.
و قد وجدت بعض الدراسات الصغيرة أيضاً رابطاً بين تركيزات عالية من ADMA و بين التراجع المعرفي لدى كبار العمر.
و مع ذلك ، لم يتم تعديل أي من هذه الدراسات لتأثير انخفاض الذكاء في مرحلة الطفولة ، و هو ما يمثل ما يصل إلى 50 ٪ من التدهور المعرفي في الشيخوخة.
و قد وجد الآن ، باحثون في جامعة أبردين و جامعة أكسفورد في المملكة المتحدة ، و جامعة فليندرز في ملبورن ، أستراليا ، اختراقة مهمة في هذا المجال.
إذ قاموا بتحليل بيانات من اشخاص بعمر 63 عاماً ، و الذين خضعوا جميعاً لاختبار القدرة العقلية نفسه في المدارس الاسكتلندية في عام 1947 عندما كان عمرهم 11 عاماً.
و من قبل عقدين من الزمان ، تأسست مجموعة Aberdeen Birth Cohort 1936 من قبل باحثين طبيين لمتابعة هذه المجموعة الفريدة من الناس.
و بين عامي 2000 و 2004 ، شارك 93 منهم في مشروع بحثي لدراسة الشيخوخة المعرفية و الصحة. و قد تم أخذ عينات الدم في عام 2000 ، و خضع المشاركون لسلسلة من الاختبارات المعرفية على فترات منتظمة على مدى السنوات الأربع المقبلة.
و بعد تعديل درجات اختبار ذكاء طفولتهم ، وجد مؤلفو الدراسة الجديدة وجود صلة بين تركيزات ADMA المرتفعة في الدم، و انخفاض الأداء المعرفي بعد أربع سنوات.
و قد نشر الباحثون الآن هذه النتائج في دراسة نشرت في المجلة الدولية لطب الشيخوخة النفسي International Journal of Geriatric Psychiatry.
هل يعتبر هذا علامة تحذير مبكر؟
يُعد الأداء المعرفي الضعيف المتأخر في منتصف العمر عامل خطر ثابت لتطور الخرف.
يقول مؤلف الدراسة البروفيسور أردوينو مانجوني Arduino Mangoni، رئيس الصيدلة الإكلينيكية clinical pharmacology في جامعة فلندرز:
"تشير نتائج هذه الدراسة إلى أن ADMA (و هو مؤشر يمكن قياسه بسهولة لتصلب الشرايين ومخاطر القلب والأوعية الدموية) يمكن أن يكون مؤشراً مبكراً على التراجع المعرفي في الشيخوخة – و ربما الخرف".
و مع ذلك ، فإن الدراسة تمثل عدداً قليلاً جداً من المشاركين لاستخلاص استنتاجات نهائية.
و تقول الكاتبة الرئيسية الدكتورة ديبورا مالدن Deborah Malden، من قسم نوفيلد لصحة السكان في جامعة أكسفورد:
"يجب أن نكون حذرين بشأن التأكيد على النتائج من خلال نتائج المشاركين الـ 93 المتوفرة هنا".
و تضيف مالدن "سنعرف أكثر من ذلك بكثير بعد تكرار هذه الدراسة في مجموعة واسعة النطاق ، إذ يحتمل أن تكون عشرات الآلاف من الأفراد."
و يمكن أن يتضمن البحث المستقبلي معلومات جينية عن المشاركين و يتضمن قياسات متكررة لـ ADMA على فترات منتظمة ، بدلاً من التحليل الوحيد المستخدم في هذه الدراسة.
و من الناحية المثالية ، ستكون هناك أيضاً متابعة مع المشاركين لمدة تزيد عن 4 سنوات.
بالإضافة إلى ذلك ، لم تستطع الدراسة الحالية استبعاد إمكانية السببية العكسية.
و بعبارة أخرى ، قد يكون الأفراد المصابون بالخرف المبكر قد غيّروا سلوكهم الناتج ، و الذي قد يؤثر بدوره على مستويات ADMA الخاصة بهم.
مسار مشترك
إذا أكدت الأبحاث المستقبلية نتائج هذه الدراسة الأولية ، و مع ذلك ، يمكن نشر الأدوية الموجودة كعلاجات وقائية.
يكتب المحققون:
"و الأهم من ذلك ، يمكن تعديل تركيزات ADMA من خلال التدخلات الدوائية ، و بالتالي قد تثبت ADMA أنها قيمة كاستراتيجية وقائية مستقبلية للخرف و مرض ألزهايمر."
و من المثير للاهتمام أن الدراسات السابقة تشير إلى أن المستويات العالية من ADMA في مجرى الدم تعد عاملاً مشتركاً في تطور مجموعة واسعة من الأمراض ، كما يقول الباحثون.
و من ناحية أخرى ترتبط التركيزات العالية بمرض السكري من النوع 2 ، و مرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD chronic obstructive pulmonary disease) ، و الاكتئاب ، بالإضافة إلى أمراض القلب و الأوعية الدموية و الخرف (ألزهايمر).
و هذا يشير بدوره إلى أن دواءً واحداً، يمكن أن يساعد في معالجة مجموعة واسعة من الحالات الطبية التي تتطور من هذا المسار الأيضي المشترك.
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
ألزهايمر: قد يشير قلة النوم العميق إلى تطور مرض ألزهايمر
ألزهايمر : انخفاض تناول الفلافونويد مرتبط بخطر الإصابة بمرض ألزهايمر
النوم السيئ لليلة و احدة قد يؤدي إلى زيادة مستويات بروتين ألزهايمر