علينا أن نعترف بأن مشروبات الطاقة عادةً ما تكون مريحة إلى حدٍ كبير. فإذا شعرت بالإرهاق بعد ممارسة التمارين الرياضية، أو بالتعب في نهاية يوم طويل في العمل، أو تحتاج إلى شحنة من الطاقة لمساعدتك أثناء محاضرة دراسية أو اجتماع طويل
كل ما عليك فعله هو إزالة غطاء هذا المشروب السحري وستشعر بتدفق الطاقة إلى جسدك في لمح البصر. غير أن المشكلة تكمن في أنك تحصل على أكثر من مجرد شحنة من الطاقة.
حيث يقول صانعو مشروبات الطاقة أن منتجاتهم تحتوي على مكونات طبيعية تعمل على تحسين مستويات التركيز والطاقة والانتباه والأداء الرياضي.
و من أبرز المكونات لمشروبات الطاقة هي الكافيين والسكر (بالإضافة إلى بعض المنتجات مثل المحليات الصناعية)؛ و قد تشمل المكونات الأخرى الجنسنغ ، والتورين (حمض أميني)، وفيتامينات ب، ومستخلص الجوارانا (التي تحتوي على الكافيين).
و لكن العنصر الذي يمثل المشكلة الأكبر هو الكافيين، و ذلك على الرغم من أن السكر ليس صحياً كذلك.
لماذا يجب أن تبتعد عن هذه المنتجات عالية التركيز من الكافيين؟
إليك أبرز الأسباب لذلك:
مشروبات الطاقة ليست مضبوطة بشكل جيد :
تُباع بعض مشروبات الطاقة - وليس جميعها - كمكملات غذائية، مما يعني أنها لا تخضع للتنظيم أو الضبط الجيد من قبل إدارة الغذاء والدواء (FDA). حيث لا يرغب المنتجون في وضع ملصق بالحقائق الغذائية على منتجاتهم، حتى يتسنى لهم ترك المستهلكين جاهلين بما يشربونه.
وحتى من بين مشروبات الطاقة التي تُدرج كمشروبات، لا تطالب إدارة الغذاء والدواء الشركات المصنعة بالكشف عن كمية الكافيين والمنشطات الأخرى الموجودة في المشروبات.و تقول روث ليتشفيلد Ruth Litchfield ، الأستاذة المساعدة في قسم علوم الغذاء والتغذية البشرية في جامعة ولاية آيوا Department of Food Science and Human Nutrition at Iowa State University : "يمكن أن يمثل هذا الأمر مشكلة، لأن المنتجين لا يكشفون عن إجمالي جرعة المنشطات المضافة للمنتج حتى يتسنى للمستهلكين اتخاذ قرار حكيم بشأن ذلك".
كما يقوم منتجو مشروبات الطاقة الرئيسيون بإدراج الكافيين و المنشطات الأخرى في منتجاتهم.
و مع ذلك، فإن الأمر يُترك للمستهلكين لفك شفرة القيم الغذائية وحدهم. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تختلف كمية هذه المواد بشكل كبير بين مشروبات الطاقة المختلفة.
تُوصف مشروبات الطاقة بشكل غير دقيق :
هل يمكن للمستهلكين الوثوق بما يقوله صانعو مشروبات الطاقة على ملصقاتهم حول محتوى الكافيين؟ . للأسف لا .
فقد وُجد وفقاً لدراسة أجريت اعتماداً على تقارير المستهلكين، أنه من بين 27 مشروب طاقة خضع للتقييم، قام 16 منها فقط بإدراج كمية الكافيين على الملصق. ومن بين هؤلاء، وُجد أن 5 من هذه المشروبات تحتوي في الواقع على كمية من الكافيين تفوق المدرجة على الملصق بنسبة 20%.
وواحد من هذه المشروبات يحتوي على حوالي 70% أقل من القيمة الحقيقية.
لذلك فإنه سيكون من العسير على المستهلكين تخمين كمية الكافيين في المشروبات الأخرى التي لم تكشف حتى عن كميته .
و هناك شاغل آخر و هو أن بعض مشروبات الطاقة قد لا تقوم بحساب الكافيين الموجود بداخل المكونات الأخرى، مثل مستخلص الجوارانا.
تحتوي مشروبات الطاقة على الكثير من السكر :
يمكن لمحتوى السكر في مشروبات الطاقة أن ينافس المشروبات الغازية و عصائر الفاكهة السكرية.
أي يمكن لكل زجاجة مشروب طاقة تزن 8 أوقيات (حوالي 224 غرام) أن تعادل حوالي 25 غراماً إضافياً ، أي ما يعادل 6 ملاعق صغيرة!
لذلك فإن المخاطر الصحية لاستهلاك السكر كثيرة جداً بحيث لا يمكننا أن نسردها هنا، ولكن بعضها يشمل القدرة على التعجيل بأمراض الشيخوخة، وتقوية الخلايا السرطانية، وزيادة الوزن، بالإضافة إلى الالتهابات المزمنة.
يمكن أن تؤثر مشروبات الطاقة على قلبك :
تظهر الأبحاث أن استهلاك أكثر من 200 مجم من الكافيين يمكن أن يؤدي إلى عدم انتظام دقات القلب (معدل ضربات القلب السريع بشكل غير طبيعي)، و تحتوي بعض المنتجات على كمية أكبر في كل زجاجة. و قد يؤدي شرب مشروبين أو أكثر من مشروبات الطاقة الأخرى التي تحتوي على أقل من 200 مجم لكل زجاجة إلى نفس النتيجة.
و قد وجدت دراسة جديدة في عام (2015) كانت قد أجريت على المراهقين الأصحاء أن 12 أوقية (حوالي 340 غرام) من مشروب ريد بول أدت إلى ارتفاع ضغط الدم، والذي ارتبط بارتفاع معدل ضربات القلب. وفي دراسة حديثة أخرى، قدم مؤلفو الدراسة 43 تقريراً عن الآثار الصحية السلبية لمشروبات الطاقة.
وذكروا أن معظم الحالات تنطوي على مشاكل في القلب، مثل عدم انتظام ضربات القلب.
لا تخلط مشروبات الطاقة بالمشروبات الكحولية :
إن الجمع بين مشروبات الطاقة والكحول أمر شائع، خاصة بين الشباب. غير أن الأفراد الذين يستهلكون مشروبات الطاقة ممزوجةً بالكحول يعرضون أنفسهم لخطرٍ عظيم.
و على سبيل المثال، فقد وجدت دراسة من جامعة فلوريدا أن الشباب الذين يجمعون بين مشروبات الطاقة والكحول كانوا أكثر عرضة للإفراط في تناول المشروبات بثلاث مرات، وأكثر عرضة للانخراط في سلوكيات متهورة (مثل القيادة أثناء السكر) أربع مرات أكثر من أقرانهم الذين لا يخلطون الكحول مع مشروبات الطاقة.
يمكن أن تؤثر مشروبات الطاقة على دماغك :
يمكن للمراهقين الذين يستهلكون مشروبات الطاقة بانتظام، حتى بكميات معتدلة، أن يواجهوا مشاكل تتعلق بالذاكرة، والتفكير، ومهارات حل المشكلات، و ذلك وفقاً لدراسة حديثة نشرت في مجلة الحدود في علم النفس (Frontiers in Psychology).
و قد أظهرت أبحاث أخرى أن مشروبات الطاقة قد تؤدي إلى الإصابة بالنوبات القلبية. وفي دراسة أُجريت بالمركز الطبي ومستشفى سانت جوزيف St. Joseph’s Medical Center and Hospital في فينيكس Phoenix بولاية أريزونا الأمريكية Arizona، أفاد الخبراء عن أربعة أفراد أصيبوا بنوبات في عدة مناسبات بعد استهلاك كبير لمشروبات الطاقة.
و بمجرد توقفهم عن شرب المشروبات، توقفت النوبات. كما أفاد القائمون على الدراسة أن "الاستهلاك الكبير لمشروبات الطاقة الغنية بالمستخلصات من الكافيين والتورين والجوارانا يمكن أن يثير هذه النوبات".
يمكن أن تضر مشروبات الطاقة بالأداء الرياضي :
على الرغم من أن مشروبات الطاقة قد تحسن أداء الرياضي في الملعب أو في صالة الألعاب الرياضية، إلا أن هناك ثمنٌ يجب دفعه. فقد وجدت دراسة نشرت في المجلة البريطانية للتغذية (British Journal of Nutrition) أن الرياضيين الذين استخدموا مشروبات الطاقة كانوا أكثر عرضة للإصابة بالعصبية، والتحفيز المتزايد، والأرق بعد ساعات من المباراة.
يمكن أن تؤثر مشروبات الطاقة على جودة نومك :
يتعرض الأفراد الذين يستهلكون مشروبات الطاقة لخطر المعاناة من تدني جودة النوم. و أفادت دراسة في مجلة النوم والتنفس (Sleep & Breathing) أن طلاب الجامعات الذين ابتاعوا مشروبات الطاقة والمنشطات الأخرى عانوا من ضعف جودة النوم وزيادة الاضطرابات أثناء النهار بسبب الشعور بالنعاس.
و حذر المؤلفون في عدد فبراير 2015 من مجلة ارتفاع ضغط الدم البشري (Journal of Human Hypertension)، من أن تركيز الكافيين في مشروبات الطاقة مرتفع وأن :"الاستهلاك المفرط يمكن أن يؤدي إلى الأرق و التهيج و الارتعاشات و مضاعفات القلب والأوعية الدموية بما في ذلك الموت المفاجئ".
لذلك ، و في نهاية المطاف ، يبدو أن جميع هذه الأمور تبلغ من الخطر حداً لا يجب الاستهانة به من أجل شحنة من الطاقة!
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
الكافيين و الذاكرة : هل فعلاً أن شرب القهوة يحسّن الذاكرة؟
الكافيين : الآثار الجانبية للكافيين و المشروبات التي تحتوي الكافيين