وجهة نظر : رؤية العالم بـ نظرة موضوعية
وجهة نظر : رؤية العالم بـ نظرة موضوعية

لا يوجد شيء يسمى" نظرة موضوعية " لشيء ما

استخدم باحثون من جامعة جونز هوبكنز Johns Hopkins University سلسلة من التجارب المعقدة لاختبار فكرة فلسفية.

و قد وجدوا أنه يكاد يكون من المستحيل فصل الهوية الحقيقية للجسم عن تصور المشاهد لها.

حيث تعتبر قدرة الشخص على رؤية العالم بموضوعية ، منفصلة عن وجهة نظره ، موضوع نقاش حاد في الفلسفة وعلم الأعصاب.

فماذا يحدث عندما ينظر شخص إلى شيء يبدو مختلفاً عن طبيعته الحقيقية بسبب منظوره أو وجهة نظره تجاه هذا الشيء؟

فالعملة الدائرية  التي  تدور باتجاههم على سبيل المثال  ستظهر بشكل بيضاوي .

و تتمثل وجهة النظر الكلاسيكية في أن الدماغ يحول أو يبدل الصورة التي تصطدم بالشبكية و يحذف  وجهة نظرنا من الصورة (التوضيح).

و هذا يعني أن الدماغ يمثل الشيء أو الكائن في شكله الحقيقي - و هو يمثل في هذه الحالة دائرة.

إلا أن باحثون من مختبر العقل و الإدراك Perception and Mind Lab في جامعة جونز هوبكنز Johns Hopkins في بالتيمور ، و حاصلين على درجة الدكتوراه في الطب MD ، قاموا بقلب هذا الرأي رأساً على عقب.

حيث أجروا سلسلة من التجارب لمعرفة كيف يكتشف الناس الأشياء تحت ظروف مختلفة. و قد اقترحوا أن تمثيل الدماغ لجسم ما يتضمن كيفية إدراك الشخص له - وليس فقط الكيفية التي يبدو عليها في الحقيقة.

و استنتجوا أن الشخص لا يستطيع رؤية شيء بطريقة منفصلة تماماً عن وجهة نظره.

و بهذا فإن نتائجهم التي ظهرت في مجلة PNAS ، تتحدى الافتراضات السابقة في الفلسفة وعلم النفس وعلم الأعصاب حول مسألة الإدراك .

اختبار تجريبي لفكرة فلسفية :

يعتبر إدراك الشخص للعالم من حوله عملية معقدة تتجاوز إلى حد بعيد الأطوال الموجية للضوء التي تصل إلى الجزء الخلفي من العين.

و هو ينطوي على تحولات متعددة الأجزاء من قبل الدماغ وهو منحاز لنا لما كنا عليه كأشخاص في السابق وما يعرفون أنه صحيح حول العالم .

و تعتمد الطريقة التي يدرك بها الشخص الأشياء على رأيه و وجهة نظره. لذلك فإن ما يحدث عندما يشوه المنظور أو وجهة النظر شكل الجسم هو موضوع نقاش فلسفي طويل الأمد.

و كما تتساءل الصحيفة ، هل بإمكاننا أن نهرب يوماً ما من وجهة النظر (المنظور)الذي ننظر من خلالها إلى العالم؟

و يقول المؤلف الكبير تشاز فايرستون Chaz Firestone ، الأستاذ المساعد في علم النفس وعلم الدماغ ومدير مختبر الإدراك والعقل: "إن هذه المسألة حول تأثير منظور (وجهة نظر) المرء على الإدراك هو سؤال كان الفلاسفة يناقشونه منذ قرون".

ويقوم فايرستون Firestone وفريقه بالتحقيق فيما إذا كان الدماغ يتصور شيئاً ما بناءً على كيفية رؤية الشخص له (وجهة نظره) و كيفية تأثير هذا التصور ، حتى عندما يعرف الشخص أن الشكل الحقيقي للكائن (للشيء) مختلف.

و لاختبار هذه الفكرة تجريبياً ، أجرى الباحثون تسع تجارب منفصلة ، حيث كانت أول سبع تجارب تتضمن أجساماً تم إنشاؤها بواسطة الكمبيوتر ، بينما استخدمت التجربتان الأخيرتان كائنات (أشياء)من العالم الحقيقي تم عرضها في ظروف طبيعية.

بيضاوي أم دائرة؟

أظهرت معظم التجارب عملات معدنية إما كانت تظهر دائرية وجهاً لوجه (تم  التعرف عليها على الفور على أنها دائرة) ، أو تظهر بيضاوية وجهاً لوجه (تم التعرف عليها على الفور على أنها بيضاوية) ، أو عملة دائرية تدور بطريقة تبدو مشابهة لتلك العملة البيضاوية.

جرب التجارب: تتوفر أمثلة للتجارب التي تم إنشاؤها بواسطة الكمبيوتر و مقطع فيديو للتجارب الواقعية، يمكنك استعراضها هنا.

و قام الباحثون في التجربة الأولى ، بإظهار سلسلة من الصور للمشاركين  وطلبوا منهم تحديد أي عملة منها البيضاوية.

و قد كانت العملة البيضاوية الممثلة بوجه العملة الذي يحمل الصورة  موجودة في جميع الصور ، في حين ظهرت العملة الدائرية إما وجهاً لوجه أو استدارات بمقدار 45 درجة.

و شملت التجارب الأخرى عملات معدنية  ( بأحجام، و دورات ، وعدد عملات ، وحركة العملات ) مختلفة . كما تضمنت التجارب الأخرى اختلافات حول هذا الموضوع  من خلال استخدام أشكال مختلفة.

و في التجارب النهائية ، جلس المشاركون أمام عرض حقيقي يحتوي على عملات خشبية ، وطلب منهم الباحثون تحديد مكان العملة البيضاوية.

لا يمكننا تجاهل وجهة نظرنا  :

أظهرت النتائج أنه عندما عرض الباحثون للمشاركين عملات معدنية دائرية مائلة في نفس وقت عمل العملات البيضاوية ، تباطأت أوقات استجابتهم بشكل ملحوظ.

و قد كان هذا هو الحال سواء أكانت العملات المعدنية ساكنة أو تتحرك ، وما إذا كان المتطوعون قد رأوها على شاشة الكمبيوتر أو في الحياة الواقعية.

و تشير حقيقة أن الأشخاص الذين تم تشتيت انتباههم بواسطة الدوائر المائلة إلى أن أدمغتهم كانت تمثل بالفعل العملة المائلة على أنها ذات شكل بيضاوي ، بدلاً من كونها ذات جسم ذو شكل دائري في الواقع. و قد أنتجت جميع التجارب نتائج تتوافق مع هذه الفكرة.

و أشارت النتائج إلى أن الأشخاص لا يمكنهم فصل الهوية الحقيقية للكائن (للشيء) عن الكيفية التي يرونه عليها .

و يقول المؤلف الرئيسي خورخي موراليس Jorge Morales ، زميل ما بعد الدكتوراه والفيلسوف المقيم في مختبر الإدراك والعقل:

" إن نهجنا الذاتي تجاه العالم يبقى معنا ، و حتى عندما نحاول إدراك العالم على الصورة التي يتواجد فيها بالفعل (كما هو)  ، فإننا لا نستطيع تجاهل وجهة نظرنا تماماً."

و تظهر هذه الدراسة أيضاً أنه يمكن للباحثين اختبار الأفكار الفلسفية بشكل تجريبي، وهي تعتبر الأولى من بين العديد من التجارب التي يعمل عليها المختبر لفهم الإدراك البشري بشكل أفضل.

عزيزي القارئ

لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.

 كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.    


ننصحك بقراءة المقالات التالية :

الدونية و الشعور بالنقص - فاديم زيلاند

طريقك الحقيقي - فاديم زيلاند

المرآة و العالم .. فاديم زيلاند


المصادر



المؤلف

هدفنا إغناء المحتوى العربي لأن القارئ العربي يستحق المعلومة الصحيحة والمفيدة، و التي تنشر الآن في أهم المواقع العالمية ،


التعليقات

    • الأن