الضحك
لماذا نضحك ؟ و ما هو السر الذي يكمن و راء الضحك ؟

نضحك حتى قبل أن نتمكن من الكلام ، هل تساءلت يوماً عن السبب ؟  يمتلك العلم بعض الإجابات عن سر الضحك البشري ، وقد يفاجئك البعض منها .

في الأسبوع الماضي ، تحدثنا عن حبنا للسكر وشرحت بعض الأسباب التي تجعلنا نحن  البشر نطور بعض السمات التي تبدو مخالفة لبقائنا.

و كنت أعتقد  أننا في هذا الأسبوع سنبحث و بشكل أعمق في سبب تطويرنا بعض السمات و الصفات التي لا تتعارض مع بقائنا ولكن قد تبدو غير ضرورية. و لكنني أود أن أسأل وعلى وجه التحديد ، لماذا نضحك؟

مما لاشك فيه أن جميع الناس من جميع الثقافات يضحكون  ، و ذلك بالرغم من أننا قد نضحك على أشياء مختلفة. (قابلت مرة واحدة للحصول على وظيفة في هولندا Netherlands و لسوء الحظ لم تتبادر إلى ذهني أي نكتة أو طرفة .و هكذا لم أستطع الحصول على هذه الوظيفة.)

كما أن القرود تضحك أيضاً .و نحن نعلم ذلك لأن هناك علماء تتمثل مهمتهم في دغدغة الحيوانات. إنني لا أمزح حقاً. يا لها من حياة!

و قد تفاجئك حقيقة أن الأطفال يبدأون بالضحك مبكراً منذ الأشهر الثلاثة الأولى من حياتهم ، و ذلك حتى قبل أن يتمكنوا من التحدث.

و هذا صحيح حتى بالنسبة للأطفال الذين يعانون من الصمم أو المكفوفين. و قد اتضح أن لعبة بيكابو Peekaboo (و هي عبارة عن لعبة اختباء ،و هي شكل من أشكال اللعب لعبت في المقام الأول مع الطفل الرضيع. وللعب ، يخفي أحد اللاعبين وجهه ، ومن ثم يظهره فجأة و هو يقول بشكل مفاجئ بيكابو ! مما يتسبب في جعل الرضيع ينفجر ضاحكاً .)

ما هي إلا لعبة عالمية ممتعة تتمتع بحشد جماهيري كبير . ونحن نعرف ذلك لأن دراسة ضحك الأطفال هي وظيفة حقيقية أيضاً .

لذا ، فإن الطبيعة الواسعة الانتشار للضحك تشير إلى أنه يجب أن يخدم غرضاً معيناً ، و لكن ما هو بالضبط ؟

لماذا نضحك؟ إليكم بعض الأسباب العلمية الكامنة وراء ذلك :

يخدم الضحك بوضوح وظيفة اجتماعية معينة . و هو وسيلة لنا للإشارة إلى شخص آخر ما  في أننا نرغب في التواصل معه.

وفي الواقع ، وفي دراسة أجريت على آلاف الأمثلة لـ الضحك ،فقد  وُجد أن المتحدثين في محادثة ما عرضة بنسبة تصل لحوالي الـ 46% للضحك  أكثر من المستمعين.

و من المحتمل أيضاً أننا عرضة لأن نضحك أكثر بمقدار 30 مرة فيما إذا كنا ضمن مجموعة

وقد اكتُشف أن الأطفال الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين 2.5 و4 سنوات أكثر عرضة لـ الضحك بثماني مرات عندما مشاهدة أفلام الكرتون مع طفل آخر ، وذلك على الرغم من أنهم كانوا من المرجح أن يبلغوا عن أن الرسوم الكاريكاتورية أنها كانت مضحكة سواء أكانوا وحدهم أم لا.

وإذا تناولنا الموضوع من الناحية التطورية ، فمن المرجح أن إشارة الاتصال هذه  قد لعبت دوراً مهماً في مسألة البقاء على قيد الحياة.

فلدى مقابلتنا لشخص غريب ، فإننا نريد أن نعرف أشياء مثل : ما هي نواياك معي؟ و من هو الآخر الذي تنسجم معه أنت ؟

وقد قام العلماء في دراسة شملت 24 مجتمعاً مختلفاً وشملت 966 مشاركاً ، بإصدار صوت قصير لأزواج من الناس يضحكون معاً.

وفي بعض الحالات ، كان الزوجان صديقان حميمان ، أما في الحالات الأخرى ، فقد كان الزوجان غرباء عن بعضهما البعض . 

و قد طلب من المشاركين في الدراسة الاستماع إلى الضحك في وقت واحد وتحديد مستوى الصداقة المشتركة بين الضاحكين  .

و من خلال استخدام صوت الضحك فقط كإشارات ، يمكن أن يعرفوا الفرق بين الأشخاص الذين التقوا للتو والذين كانوا أصدقاء منذ زمن طويل.

ولا تشير هذه النتائج إلى الصلة بين الضحك الحقيقي والصداقة فحسب ، بل تشير أيضاً إلى أننا لا نستطيع أن نخدع أي شخص عندما نتظاهر بالضحك على مزحة شخص آخر.

قد يكون الضحك بديلاً للاعتناء بالآخرين

هناك نظرية أخرى ، و التي تأخذ بعين الاعتبار صلة شخص بشخص من خلال نقل الضحك إلى مستوى آخر ، وهي أن الضحك قد يكون بديلاً عن فعل اعتناء شخص بآخر .

إذ أن فعل الاعتناء بالآخر Grooming  هو سلوك يرى في فصيلة الرئيسيات primates. ويعد الاعتناء  بشخص آخر عملاً سخياً و كريماً من جانب واحد.

لأنه يتطلب ثقة واستثماراً في الوقت ، و هو ينشئ رابطة بين الذي يقوم بفعل الاعتناء و الشخص المعتنى به كأصدقاء.

و بسبب تزايد حجم مجتمعاتنا ، لم نتمكن جميعاً من الالتفاف حول بعضنا البعض و الاعتناء ببعضنا البعض  بغية تكوين روابط . لذلك ، لم يعد هذا هو الأسلوب المفضل لدينا لإظهار و إبداء عروض الصداقة.

(وربما هذا أمر جيد). و لكن مسألة الضحك هي، تماماً مثل الالتزام المقدم من خلال فعل الاعتناء ، يصعب تزويرها أيضاً ، إذ أن ذلك سيكون على الأقل أمراً واضحاً و مفضوحاً عند القيام به .

وعلى عكس فعل الاعتناء Grooming  ، يمكن أن يتم ذلك في مجموعة أكبر ويعطي انطباعاً فورياً أكثر.

فعندما نقوم بالضحك بشكل فعلي و حقيقي ، فإننا نشير إلى أننا نشعر بالراحة ونشعر بأننا ننتمي إلى المجموعة .

من فوائد الضحك..

وفقاً للأبحاث ، فهناك أيضاً العديد من الفوائد الصحية البدنية (جسدية) للضحك. إذ يمكن للضحك أن يزيد من كمية الأكسجين التي نستنشقها ، والذي بدوره يمكن أن يحفز القلب والرئتين والعضلات.

كما يقوم الضحك أيضاً بتحرير هرمون الإندورفين endorphins ، و هو عبارة عن مواد كيمائية جيدة تنتجها أجسامنا لتجعلنا نشعر بالسعادة إضافة إلى تخفيف الألم أو التوتر.

كما أن مسألة  زيادة وتقليل معدل ضربات القلب وضغط الدم من خلال الضحك هو أيضاً في النهاية يعمل على التهدئة وتخفيف التوتر.

ويمكن للضحك حتى تعزيز استجابة نظام المناعة immune system لدينا من خلال تحرير مضادات الذهان neuropeptides التي تقلل من الإجهاد و الأمراض.

و أخيراً … 

فإن الضحك يشير إلى التعاون ، وهو جانب رئيسي من جوانب تمكن الإنسان في البقاء على قيد الحياة ،كما أنه يعزز صحة الجسم .

لذلك فإن هذا أفضل عذر سمعت به على الإطلاق  للتأكد من قضاء بعض الوقت للاستمتاع ببضع الضحكات والمشروبات على العشاء مع الأصدقاء.

المصدر


الوسوم



المؤلف

هدفنا إغناء المحتوى العربي لأن القارئ العربي يستحق المعلومة الصحيحة والمفيدة، و التي تنشر الآن في أهم المواقع العالمية ،


التعليقات

    • الأن