اسمحوا لي بأن أصحبكم معي في جولةٍ عن رحلتي الداخلية والتي قادتني إلى الوجهة النهائية في حب الذات .
"إن الحياة الخارجية التي تعيشها هي التعبير الظاهري عن رحلتك الداخلية "
ويل كريغ – كتاب "عش حياة الأبطال"
هل عقلك غارقٌ دوماً تحت وطأة الأفكار اللانهائية؟
هل تجد ذاتك دوماً نازعةً نحو اللاقيمة "الحقارة"؟
رحلتك الداخلية
إذا كنت غارقاً في شعورٍ كهذا، فقد حان الوقت لتتخفف من حملك.
فقط، استرخي.. و اعلم أنك لست وحدك من تصارع داخل هذه المعركة. فالكثيرون حولك يشبهونك، و يشبهونني، و جميعنا نبحر على نفس القارب المثقوب.
الوجهة النهائية لرحلتك الداخلية
اسمحوا لي بأن أصحبكم معي في جولةٍ عن رحلتي الداخلية والتي قادتني إلى الوجهة النهائية في حب الذات .
1- اكتشاف الذات
كان اكتشافي له هو أولى الخطوات التي أطلقت العنان لأفضل نسخةٍ مني.
من هو؟
لم يكن أنا. في ذلك الوقت.
كانت ذاتي الحقيقية تقبع هناك في أعماقي.
وهذا من شأنه أن يجعل اكتشاف الذات يعتبر الوثبة الأكبر في جميع الخطوات اللاحقة.
فقد أدركت أنني بحاجة إلى التخلي عن عقلي حتى يتسنى لي الولوج داخل روحي، بيد أنني كنت أبعد ما أكون عن هذه الخطوة. فلم أكن أعرف كيف يسير الطريق خارجاً.
و في النهاية، نحن بصدد الحديث عن الرحلة الداخلية، ولم أكن أعلم مطلقاً أن "الرحلة" تحتمل معنىً جديد كلياً.
إلى أي مدى ترى أنك تحيط علماً بمعنى كلمة "رحلة"؟
فلا ريب أننا جميعاً نرى كلمة "رحلة" ممتعةً، لكن تذكر أن الرحلة ليست مقتصرةً فقط على استكشاف العالم الخارجي.
فالحفلات البعيدة، الشواطئ المريحة، الأسفار الشاقة، - هذه كلها بعض ما تتضمنه الرحلات الخارجية.
لكن هل تشعر بالإثارة إزاء الرحلة الداخلية؟
ينقصنا جميعاً الشعور بهذه الإثارة، وكانت تنقصني أنا أيضاً.
إليك كيف تحول جهلي إلى حماسٍ لمعرفة ذاتي نعم هم قليلون أولئك الذين لا يتملكهم الخوف إزاء الموت، أما أنا فأنتمي إلى الغالبية التي تخاف منه.
فقد كان خوفي يشتد في كل مرةٍ أقرأ فيها عن الميتات المفاجئة إثر الحوادث المرعبة، أو الجرائم الوحشية، أو الأمراض المستعصية. لقد كان الأمر كما لو كان كل خبرٍ يترك كدمةً على عقلي.
بيد أنني كنت كلما قرأت أكثر عن هذه الأخبار، كلما ازدت مناعةً في مواجهة مخاوفي. ومع الوقت، أصبحت أدرك أنني أخاف مما هو أبعد من الموت؛ إنني أخاف من طبيعته المفاجئة.
وفقط حينما عكست الطريقة التي أتعامل بها مع الموت، تغيرت الطريقة التي أتعامل بها مع الحياة بأسرها. تقبلت عندها الحقيقة المطلقة للموت بكياسة، وتغلبت على الخوف الذي لطالما تحكم في حياتي.
لقد دفعني ذلك إلى فضولٍ، لمعرفة ذاتي، بعيداً عن أي شخص وأي شيء. فأردت حقاً أن أعرف الحياة قبل أن يأتي دوري في الموت.
و قد قررت أن آخذ خطوةً واعية، سواء كانت إيجابية أو سلبية، و بدأت في مراقبة أفكاري، و بدأت بالتعبير عنها و تدوينها كذلك أيضاً.
وقد كان هذا هو بداية دخولي للمستوى التالي.
2- الوعي بالذات
كانت تطول الفقرات التي أدوَنها في مذكراتي كلما ذهبت عميقاً في استكشاف ذاتي. وعندما كان اكتشافي لذاتي الحقيقية ينعكس في شكل تدوينٍ سريع لما يحدث، كنت أقلب الصفحات لأستعيد ما كتبته.
أوه .. لم يكن هذا وجهاً جميلاً.
اكتشفتُ مع الوقت أن السلبية لديّ كانت أكثر بكثيرٍ من الإيجابية، و هي التي كانت بدورها تختبيء بجبنٍ، في أعماقي. عندها أدركتُ أنني لم أستطع التعرف على وجهي، والذي كنت دائماً ما أتفاخر بجماله.
لم أكن معتاداً على التعامل مع حقدي، وقد سبّب هذا لي الإحراجَ بعض الشيء. و في الواقع كانت تلك مرحلة عصيبة، أن تكون عاجزاً عن أن ترى بطلاً في مرآة وعيك بذاتك.
وحينها أدركت فعلاً أن التحول ليس بالأمر الهيّن.
وعلى الرغم من عجزي عن الوقوف، كنت عازماً على السير، للوصول إلى أعماق السلبية.
لم أهرب، لكني راقبت بوضوحٍ أفكاري السلبية.
وأدركت أن الغضب هو ذلك الشعور الذي كان يؤجج هذه السلبية بداخلي.
و حينها كنت عازماً على أن أعرف أكثر، أن أحفر أبعد لأستقصي سبب هذا الغضب الذي يتملكني. وقد صُدمت إزاء وصولي لهذا الحد.
لقد كانت روحي البائسة تصرخ عالياً من فرط الألم. وعندما لم يتمكن أحدٌ من الاستماع لهذا الصراخ، وصفوا هذا الشعور بالغضب anger.
و في الواقع لقد احتجت للقبول (لتقبل الأمر)، بيد أن مشكلتي الوحيدة كانت في أنني سعيتُ لنيله من الناس طيلة عمري.
3- التصالح مع الذات (قبول الذات)
عند هذا الحد تيقنت أني قد وصلت للمرحلة التي لا أستطيع عندها اصطناع أي شيء.
لقد رأيتُ ذاتي حقاً، وتكشّفت لي جميع الحقائق، وكذلك دُحضت جميع الأكاذيب. لقد كان ذلك الوقت الملائم لتقبل ذاتي كما كانت عليه.
"كيف يمكنني تقبل شخص لا أحبه في حياتي؟" –إن عجزي عن الإجابة عن هذا السؤال قد عرقل كلَّ سعيٍ للمضي قدماً.
وتحتم حينها أن أفعل شيئاً ما بسرعة. وكان ما فعلته مثيراً للاهتمام حقاً.
و عندما أضحى تقبل الحقيقة تحديّاً لي، استعنت بالمساعدة من كذبة. فقد كنت كلما أنظر في مرآة الوعي الذاتي أصطنع ابتسامةً، متبوعة بتحيةٍ مزيفة.
فتبدو كإيماءةٍ صغيرة، و لكن يجدر بك أن تكون حذراً بشأن هذا التحدي، وبخاصةٍ عندما تعكس هذه المرآة، صورة الشخص الذي لا تحبه.
بيد أني آمنت أنه إذا كنت قد استطعت اصطناعها مع الآخرين، فبالتأكيد يمكنني فعلها من أجلي أيضاً.
و من المؤسف -حقاً- أنني كنت قد أحرزت تقدماً كبيراً بشأن تقبل الآخرين، بينما تركت خلفي الشخص الأكثر احتياجاً للتقبل (إنه أنا). فقد كان الوقت قد حان، للرجوع، وتقديم التحية لنفسي بابتسامةٍ حقيقية.
وعلى الرغم من ذلك قد تطلُّب الكثير من الشجاعة والصبر في بداية الأمر، إلا أن الأمر أصبح عادةً مألوفة بعد ذلك بقليل. وكنت أستشعر وقتها الابتسامات المزيفة وهي تتحول إلى تحياتٍ قلبية خالصة.
كنت قد بدأت في أن أشكّل جزءاً متكاملاً من حياتي. فها أنا أستشعر تماماً إحساس بناء الذات. وبدأت في إدراك أنني لست على هذا القدر من السوء الذي كانت تصوره لي نفسي.
وأخيراً لقد بلغت الحد الذي لم أعد عنده قاسياً على ذاتي، بل لقد بدأت حتى في الإعجاب ببعض الأشياء التي لديّ.
لقد كنت من قبل ذا قيمة في نظر نفسي، أما الآن، فقد أدركت أن الوقت قد حان للوقوع في حب نفسي فقط ( حب الذات ). وبمجرد أن توغلت داخل تقبلي لذاتي، باتت كل الأشياء الرائعة تقود حياتي بسهولة.
وجهتك النهائية هي حب الذات Self Love
عند هذه المرحلة، كنت قد قررت ألا أنتقد نفسي من الآن فصاعداً..
لا أتفاخر بمميزاتي..
وألتمس العذر لأخطائي التي هي في النهاية أخطاءٌ بشرية.
تعاملت مع نقاط ضعفي وقوتي بنفس الطريقة من الحيادية. نظرت إلى السعادة والحزن على النحو نفسه. وتقبلت كلاً من الإيجابية والسلبية اندفاعاً من المنطلق ذاته.
لم أعد محملاً باللحظات التعسة التي أرهقت تفكيري في السابق. و ها أنا قد ودعتُ الأفكار المهينة للذات، وانتهت معها كذلك طريقتي السابقة في جلد ذاتي.
و أخيراً، تصالحت مع الحقيقة التي تقول: كلنا ممتلئون بالعيوب، ولا يمكن لأحد ادعاء الكمال، وهنا تحديداً يقبع جمال كل فرد.
فبالتأكيد إن التصالح مع الذات يقودنا إلى امتلاكنا للوعي، فقد كنت حقاً أشعر بتحسنٍ كبير.. كنت أكثر سعادةً، وأكثر اكتمالا بمضي الأيام. كما لم أعد -أيضاً- فريسةً للأفكار السلبية من حينها.
فهذا -كله- قادني إلى إدراكٍ ذاتي عظيم: أن السبب وراء معاناتي وعجزي عن الحب، هو أنني كنت متقوقعاً كثيراً داخل ذاتي.
وعند هذا الحد، عزمت على معاملة ذاتي الصغيرة كما لو أنها صديقي الحميم الذي يسعى للنصح.
و بدأت في تقدير كينونتي ومن ثمَّ، وقعت في حب مرآة الوعي الذاتي. و هذا هو السبيل الذي قصدته نحو الوجهة النهائية لرحلتي الداخلية وهي: حب الذات.