إن العادات لها دور كبير في تغيير حياتك ، إلا أنها لا تضمن النجاح.
" إنما نحن ما نقوم به مراراً وتكراراً، إذاً فالتفوق ليس بعمل نقوم به ، بل هو عبارة عن عادة".
لا يمكن أن يتم تصنيف أي شخص على أنه متفوق أو إنسان عادي ، و ذلك لأن المكانة التي وصلت إليها في حياتك هي نتاج عاداتك ، و في هذا يقول المؤرخ والفيلسوف ويل ديورانت Will Durant:" إنما نحن ما نقوم به مراراً وتكراراً، إذاً فالتفوق ليس عملاً نقوم به ، بل هو عبارة عن عادة ".
و ينطبق هذا الشيء نفسه أيضاً على الوضع المعاكس لحالة التفوق و التميز ، فالوسطية هي نتيجة للعادات المتواضعة و العادية ، والخبر السار هنا هو أنه يمكننا الانتقال من الوسطية إلى التفوق عن طريق تغيير عاداتنا.
ولكن كيف يمكنك أن تفعل ذلك؟
قبل أن نصل إلى ذلك أود أن أوضح كلامي: إن العادات تغير حياتك ، إلا أنها لا تضمن النجاح. وهذا ما تخبرنا به المقالات والكتب عن "عادات المليونيرات" the habits of millionaires .
فمثلا ايلون مسك Elon Musk ينام ساعتين يومياً ، ومن ثم يتناول على العشاء تشيريوس Cheerios (نوع من أنواع رقائق الذرة) أو شيء من هذا القبيل.
لكن ما لم تذكره هذه المقالات هو أن العلاقة ليست سببية . إذ أن الاستيقاظ المبكر والعمل الجاد والاستحمام بالماء البارد لا تؤدي إلى النجاح ، وغالباً ما تتواجد تلك العادات لدى الأشخاص الناجحين.و بإمكانك أنت وحدك أن تقرر ما هي العادة الجيدة بالنسبة لك .
لذلك ، و عندما أتحدث عن العادات فإنني لا أتحدث عن النتائج . وإنما أتحدث عن تغيير سلوكنا الفعلي الذي بإمكانه أن يحسن نوعية حياتنا و جودتها .
والآن ، و بعد أن أنهينا التحدث عن ذلك ، إليكم أربع خطوات عملية خاصة بي ، وذلك في سبيل جعل عادات الحياة المتغيرة ثابتة.
الخطوة الأولى: حدد العادات التي تستحق العناء و التي لها أهمية بالنسبة لك .
أستطيع أن أتحدث إليكم عن العادات التي غيرت حياتي طوال اليوم ، ولكن هذا ليس مفيداً، إذ يمكنك أنت فقط أن تقرر ما هي العادة الجيدة التي تناسبك.
ففي الكثير من الأحيان ، نسمع عن شيء ما و نفكر قائلين لأنفسنا : "هل يجب أن أفعل ذلك !" حقاً؟ هل يجب أن أستيقظ مبكراً قبل ساعة؟ و هل يجب أن آخذ حماماً بارداً؟ وهل يجب أن آكل مثل شخص يعيش في الكهف؟ هل يجب علي الركض كل يوم؟
و من الممكن أن يكون الاستيقاظ المبكر مفيد بالفعل بالنسبة إليك. إلا أنني لا أدري عن ذلك .فبالنسبة لي ، و عندما أستيقظ مبكراً ، فإنني أتصرف مثل رجل عجوز غاضب يكره الناس – وهذا الأمر يقلل من جودة حياتي (وحياة من حولي).
من أجل ذلك فأنا لا أستيقظ مبكراً بصرف النظر عن عدد الأشخاص الذين يقولون لي إن ذلك سيجعلني شخصاً ناجحاً.
وقبل محاولة تبني عادة جديدة ، اسأل نفسك: "هل سيؤدي هذا إلى تحسين نوعية حياتي و جودتها ؟" . و ذلك لأنه ومن أجل التمسك بعادة جديدة نحتاج إلى سبب للتغيير ، ولا يمكن أن يكون هذا السبب مجرد سبب سطحي.
وقد تقول : " أريد أن أقرأ كتاباً واحداً في الأسبوع". ثم يتبادر إلى ذهنك السؤال التالي : لماذا ، ما الهدف و إذا كان بإمكانك أن تفعل ذلك فماذا بعد؟ ، هل سيكون ذلك ( قراءة الكتاب) مجرد تبجح و تباهي أو حتى للثرثرة أم أن هناك رؤية ( تصور) أو هدف من وراء ذلك ؟
إنني أقوم بقراءة كتابين في الأسبوع ، و ذلك لأنني مدرس / مدرب . كما أنني أحتاج إلى التعلم كل يوم حتى أتمكن من أداء وظيفتي بشكل أفضل .
وأقوم بممارسة تمارين القوة لأنني أقوم بالعديد من الأعمال الروتينية حول منزلي والمكتب . إنني أريد أن أصنع الأشياء وأصلحها . وأحتاج أن أكون في حالة بدنية جيدة لرفع الأشياء الثقيلة أو القيام بمهام شاقة.
و أستطيع القول أن هذا هو السبب بالنسبة لي. أما بالنسبة لك ، فما هو دافعك و سببك ؟ أولاً أجب على ذلك ، ثم تبنى عادات تقربك من الأشياء التي تريدها في الحياة.
الخطوة الثانية: تكوين عادة واحدة في وقت واحد.
كنت منذ مدة قصيرة قد كتبت عن كيفية نجاحي في تكوين عادة أمارسها يومياً .و قد كانت شيئاً أحاول القيام به منذ سنوات. و كان هناك العديد من الأسباب التي تكمن وراء إخفاقي ، و قد كان أحدها هو أنني حاولت دائماً تكوين مليون عادة في نفس الوقت.
لم أكن أدري السبب وراء ذلك التصرف ، إلا أنني و في بعض الأحيان كنت أصاب بفورة من هذا التحسين الذاتي ، و كنت أشعر فيها بأنني أقرأ أكثر وأكتب أكثر وأعمل أكثر وأعيش بشكل أفضل وأتناول أكل صحي أكثر - سمها ما شئت.
فإذا تصاب بمثل تلك الحالة ، فأنت تدرك تماماً بأن هذا لا يؤتي ثماره أبداً . إذ أنك عادةً عندما ما تقوم بأشياء كثيرة في نفس الوقت ، ثم ينتهي بك المطاف إلى حالة من الفوضى .
ثم و في النهاية تعود إلى الوراء من حيث قد بدأت. إن هذا الأمر يبدو مألوفاً أليس كذلك ؟
و يعود أحد الأسباب التي تجعلنا نحاول القيام بأشياء كثيرة في نفس الوقت هو أننا نبالغ في تقدير أنفسنا . حيث أننا نعتقد أنه بإمكاننا أن نحقق الكثير في فترة قصيرة. و هذا ما يطلق عليه بمصطلح خطأ ( أو مغالطة ) التخطيط planning fallacy ، و هي خدعة شائعة .
ولكن إذا اخترت عادة واحدة والتزمت بها بالفعل ، فعندئذ يمكنك تحقيق الكثير على مدار فترة طويلة.
الخطوة الثالثة: ضع معياراً منخفضاً للغاية.
إننا غالباً ما نرغب في القيام بأشياء كبيرة ، وذلك دون فهم ما الذي يشارك في جعلها حقيقة واقعة . إذ يتطلب بدء عمل تجاري أو البحث عن فرص جهداً كبيراً، و في الحقيقة ، إن كل شيء يمتلك في الحياة قيمة على المدى البعيد يتطلب الكثير من العمل لتحقيقه.
من أجل ذلك ، و قبل أن تقوم بشيء كبير ، عليك أن تبدأ بالشيء الصغير، و قد صاغ ليو تولستوي Leo Tolstoy هذا بطريقة جيدة : حيث قال :
."الكل يفكر في تغيير العالم ، ولكن لا أحد يفكر في تغيير نفسه"
من أجل جميع ما سبق ، يتوجب عليك التركيز على الخطوات الصغيرة وبناء أساس قوي، إذ أنه وبدون هذا الأساس لا يمكننا أبداً تحقيق أي شيء ذو معنى.
1- هل تريد أن تركض يومياً ؟ ابدأ بالمشي.
2- هل تريد كتابة كتاب ؟ ابدأ بكتابة جملة واحدة.
3- هل تريد البدء بمشروع أو عمل تجاري ؟ ابدأ بالعمل مع عميل واحد.
4- هل ترغب في قراءة كتابين في الأسبوع ؟ ابدأ بقراءة صفحة واحدة في اليوم.
5- هل تريد الادخار للتقاعد الخاص بك ؟ لا تشتري القميص الذي ربما ستلبسه مرة واحدة فقط.
الخطوة الرابعة: استخدام قوائم المراجعة و التدقيق checklists .
تريد أن تفعل شيئاً ما ، ثم قمت بفعل هذا الشيء لمدة من الزمن، ثم نسيت أمره تماماً . لقد حدث ذلك و انتهى ، أليس كذلك ؟ حسناً إذاً ، لا تورط نفسك بفعل ذلك و لا تبقى عالقاً هناك .
لقد نسيت كل شيء . فقبل بضع سنوات بدأت عادة القراءة اليومية. و لقد كنت في البداية أفسد تلك العادة في كثير من الأحيان.
حيث كنت أقرأ لمدة خمسة أو ستة أيام على التوالي، ثم فجأة ، كنت أنسى الأمر تماماً . حيث أن الرغبة في القراءة أكثر كانت تختفي تماماً من رأسي .
من أجل ذلك ، فإن استخدام قوائم المراجعة هي أفضل طريقة لتذكير أنفسنا بما نحاول تحقيقه . إذاً و في النهاية ما علي إلا أن أنبهك إلى :
التحقق من عاداتك اليومية، إذ أنه و في يوم من الأيام ستنظر إلى الوراء وتتفاجأ بحجم تغير حياتك.