في هذا المقال سنطرح دليلاً -يكون في متناول اليد- يُمكِّنُك من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بدراية أكثر.
عندما حذفت الإنستغرام Instagram الخاص بي، شعرت وكان القوة التي أصابتني بالشلل طوال الوقت، قد تحطمت في النهاية و تخلصت منها.
ومن بعد حذفي لهذا التطبيق -الإنستغرام - جعلني ذلك، أكثر اهتماماً بما يجري في العالم الواقعي، بدلاً من قضاءٍ أربع ساعات في مشاهدة مقاطع الفيديو من نجوم الفاين Vine stars القديمة (عبارة عن خدمة استضافة فيديو قصيرة حيث يشارك المستخدمون مقاطع فيديو مدتها ست ثوان) التي رأيتها مراراً وتكراراً، هذا من جهة.
أما من جهة أخرى، فقد جعلني ذلك أرى الجمال الذي لطالما شعرت به، والذي لم اكن أصدق بأنه لدي و بحوزتي. كما أنني توقفت عن كره جسدي ومقارنته مع أجساد النساء الأخريات.
بالإضافة إلى أنني تمكنت من الكتابة أكثر، كما أنني تخطيت روتيناً مملاً من الاستيقاظ والذهاب إلى العمل والعودة إلى المنزل لرؤية قططي واستكشاف العالم الافتراضي، حيث أن هناك بالفعل عالم كبير يلتمس المغامرين.
وعلى الرغم من أن ضرر الانستغرام Instagram أكثر من نفعه، إلا أن هناك بعض الأشياء التي استمتعت بها من خلاله.
إذ التقيت من خلال الانستغرام بالكتاّب، والشعراء، والأشخاص المبتكرين على المنصة (عبارة عن مجموعة من التقنيات التي يتم استخدامها كقاعدة لتطوير التطبيقات). لقد أحببت عن طريقه ميزة القصص وتجريب مكوناتها المختلفة.
وكنت أحصل على متابعةُ محتوى مذهل، من أشخاص وماركات مثيرة للاهتمام، وكنت قادراً على تنظيم أفكاري لتوفير تحديثات شخصيه كلما توفر محتوى جديد.
قد أصارحك بأن جزءاً مني لا يندم على حذفي للإنستغرام من حياتي، ولكن جزءاً آخر يتمنى لو أنني واصلت استخدامه بشكلٍ مقصودٍ و دائم.
بالفعل لقد كان الإنستغرام ساماً بالنسبة لي لأنني سمحت له بذلك.
في الحقيقة يمكن أن تكون جميع وسائل التواصل الاجتماعي سامة إذا لم تكن حذراً باستخدامها.
ثقافة وسائل التواصل الاجتماعي السامة
لماذا تعد وسائل التواصل الاجتماعي سامة جداً؟
لقد أجرت بوابة الأبحاث Research gate دراسةً تقارن فيها العلاقة بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وصورة الجسم. ووفقاً للدراسة وجد علماء النفس أدلة قوية عبر الثقافات تربط استخدام وسائل التواصل الاجتماعي مع مخاوف صورة الجسم والنظام الغذائي ومراقبة الجسم (كيفية ظهور جسم الشخص في أعين الآخرين) والسعي إلى النحافة وإثارة الذات self-objectification عند المراهقين.
وهذا لا يعني بالضرورة أن وسائل التواصل الاجتماعي هي سبب كل هذه المشكلات لدى الشباب، لكن هناك فقط علاقة قوية بينهم.
إن المنصات المرئية مثل الفيسبوك Facebook والانستغرام Instagram والسناب تشات Snapchat تحتوي على أدوات يمكن للمستخدمين التحكم بها لتحسين ملامحهم، وجعلها تبدو مختلفة تماماً عما تبدو عليه بالفعل.
ويمكن للمستخدمين -كذلك- تغطية البثور التي تظهر عندهم وتبييض أسنانهم، و أن يكونوا أكثر نحافةً، أو أن يكون أكثر سمانة في مناطق محددة من الجسم، أو القيام بأي شيءٍ يعتبرونه مناسباً للتحسين من مظهرهم. ويقول الباحثون إن المستخدمين سريعي التأثر بالنقد، هم أولئك الذين يقضون معظم وقتهم في النشر والتعليق ومقارنة أنفسهم بالصور .
وقد وجدت إحدى الدراسات أن الطالبات الجامعيات اللاتي استخدمن تلك الأدوات لتحسين ملامحهم وغير ذلك، كُنَّ أكثرَ عرضةً لربط قيمتهن الشخصية بمظهرهن.
ومن المثير للاهتمام أنه بينما صرحت الفتيات بانزعاجهم من صورة أجسادهن و اضطراب الأكل لديهن، أكثر من الأولاد ، فقد أظهرت الدراسات أن كليهما (الفتيان والفتيات) يمكن أن يتضرروا بنفس القدر من خلال وسائل التواصل الاجتمـاعي.
تأثير زيادة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي
كما نعلم جميعاً فإن استخدام وسائل التواصل الاجتمـاعي social media قد ازداد تدريجياً خلال السنوات القليلة الماضية.
فعندما بدأ مركز بيو للأبحاث Pew Research Center في تتبع تبني وسائل التواصل الاجتماعي في عام 2005 ، وجد أن 5% فقط من البالغين الأميركيين استخدموا منصة واحدة من الوسائط الاجتماعية على الأقل، وبحلول عام 2011 ارتفعت هذه النسبة إلى نصف الأميركيين وفي الوقت الحاضر يستخدم 72% من الناس بعض وسائل التواصل الاجتماعي.
الأرقام لا تكذب: يمكننا تأكيد أن كل شخص -تقريباً- يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي في هذا اليوم وهذا العصر. ويعتبر الأمر مستهجناً إذا لم يكن لديك ملف تعريفي في أي من وسائل التواصل الاجتماعي المعروفة.
وهذا يعني أن مليارات الأشخاص قد تم تعريفهم بمحتوىٍ ُمستَهلَكٍ قابل للإعجاب، يمكن أن يستخدم بأية طريقة.
لقد أصبح الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي addiction to social media في الوقت الحاضر مشكلةً تهتم بها المجتمعات. حيث تحدد العديد من الدراسات التي تركز على إدمان وسائل التواصل الاجتمـاعي تأثيرها على الانتباه، واستراتيجيات المواجهة، والإرهاق العاطفي.
ما الذي يمكن فعله حيال الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي؟
من هنا يأتي الاستخدام المتعمد لوسائل التواصل الاجتماعي كجانب من الموقف.
إن الاستخدام المتعمد لوسائل التواصل الاجتماعي social media هو عندما يختار مستخدمها، بعناية، المحتوى الذي يرغب في رؤيته.
- فهم يخلقون تجربة اجتماعية صحية على منصات التواصل مثل، الفيسبوك والإنستغرام والسناب تشات مثلما فعلت ريتشل هوب Rachael Hope (كاتبة ومصممة ومديرة في وسائل التواصل الاجتماعي)
- ولا يتبعون حسابات لا تجلب لهم السعادة
- و يراقبون استخدام الوسائط الاجتماعية باستخدام تطبيقات مثل آب ديتوكس AppDetox و مومينت Moment
- ويقرأون حول إدمان وساـئل التواصل الاجتماعي.
إن مستخدمي وسائل التواصل المدركين لها، لا يرغبون في إضاعة الوقت في متابعة الحسابات التي لا يحبونها. وبالتأكيد ما هي الفائدة من اتباع شيء معين، وإعطائه اهتمامك إذا كنت لا تحبه؟
كيفية استخدام وسائل الإعلام الاجتماعي بطريقة متعمدة أكثر.
- ابدأ بتجربة أيام ٍ أو حتى أسابيع بدون استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في حياتك.
- قرر مرة أو مرتين في الأسبوع عدم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على الإطلاق.
تعتبر المشاركة في التخلص من سموم وسائل التواصل الاجتماعي مفيدة و ممتعة. فعند انقطاعك عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ستحصل على مزيد من وقت الفراغ للتركيز على مشاريعك الشخصية، وإعادة الاتصال بالعالم الحقيقي إلى جانب تحسين الصحة العقلية mental health.
وفي هذا السياق تقول المدير التنفيذي والتي تعمل مع شركات التكنولوجيا والإعلان ليزا لابورت Lisa Laporte : "أن تنقطع عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، فذلك من شأنه أن يحسن من المسائل المرتبطة بالصحة العامة مثل القلق والاكتئاب.
إذ ان القلق والاكتئاب يقلان بشكلٍ كبيرٍ عندما لا يكون هناك ضغوط لتلبية المعايير التي تراها على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد يكون من الصعب أن تشعر بأن كل من حولك لديه حياة مثالية عندما يكون كل ما تراه هو منشورات وضعت على وسائل التواصل الاجتماعي بعناية ولأهداف محددة.
كما أن وقتاً أقل تقضيه على هاتفك، من شأنه أن يقلل -أيضاً- من مخاوف الصحة العقلية، ويساعد في تحسين نومك".
احذف التطبيقات
لقد لاحظ الكثير من الأشخاص الذين انقطعوا عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، بداية تغييرات طفيفة في حياتهم والتي أثمرت على المدى الطويل.
فإذا كنت أحد هؤلاء الأشخاص الذين يحتاجون إلى وسائل التواصل الاجتماعي لأي سبب من الأسباب (على سبيل المثال العمل) فدعها على جهازك في العمل، وفكر في حذفها من هاتفك على الأقل.
وبالتأكيد فإن عدم وجود تطبيقات لوسائل التواصل الاجتماعي على هاتفك:
- لن يلهيك و يٌضيع وقتك
- ولن يفرض عليك عدم فعل الأشياء التي يجب عليك القيام بها والذي من شانه أن يدفعك للمماطلة
- ولن يبقيك مستيقظاً حتى ساعات متأخرة من الليل، في محتوى سيبقى موجوداً حتى اليوم التالي...
إن حذف تطبيقات التواصل الاجتماعي من هاتفك الذكي سيفرض عليك الانتباه إلى ما يدور حولك و تعيش اللحظة.
لا تتبع الحسابات التي لا تجلب لك السعادة
هل هناك أي حسابات تتابعها، تنشر محتوى محبطاً ، أو لا يحفزك أو يشجعك ، أو أن ما تنشره هذه الحسابات دائماً ما يكون سلبي؟
هل تكره مشاهدة بعض الأشخاص ، وتعتب ذلك مضيعة للوقت ؟
إذا أجبت بنعم عن أي أو كل ما سبق ، فبادر بعدم المتابعة unfollow بالأمس.
لا تنسى أن يصدر عنك في وسائل التواصل، محتوىً نادر وقيّم.
يقول جون ويس John P. Weiss: "إن وسائل التواصل الاجتماعي تمتص الكثير من الوقت من يومك". و ربما "قد يكون الأمر ممتعاً ، وقد يكون من المفيد تسويق عملك أو فنك. لكنه يصرف انتباهك عن تحقيق نجاح شخصي أكبر. "
فإذا كنت تريد أن تحقق لنفسك شيئاً مهماً ، فتوقف عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تسحبك نحو إضاعة الوقت أو صرف الانتباه.
لا تقدم التبريرات و الأعذار حيال أي شيء يخص وسائل التواصل، فقط استخدمها للترويج لنفسك، والوصول إلى المكان الذي تريد الذهاب إليه في الحياة.