ما هو النوم الصحي و ما هو المقدار الذي نحتاجه كل ليلة ؟
" إن متوسط مقدار النوم الذي يحتاجه الشخص العادي هو خمس دقائق إضافية."
من المعروف أن هذه الكلمات تعود للكاتب المسرحي ويلسون ميزنر Wilson Mizener وهي تمثل إجابة واحدة على اللغز :
ما مقدار النوم المطلوب يومياً لتحقيق الأداء الأفضل و صحة جيدة بشكل عام؟ .
و على الرغم من استمرار الخبراء في مناقشة تلك المسألة ، إلا أن الأبحاث تشير إلى أن سبع ساعات - وليس ثماني ساعات - قد تكون المعيار الذهبي الجديد.
و يشير الباحثون في دراسة نُشرت في يوليو 2020 على الإنترنت في مجلة Diabetologia إلى أن سبع ساعات من النوم يبدو أنها المقدار المناسب لتقليل مخاطر "الوفيات الناتجة عن جميع الأسباب" ،
لا سيما بين الأفراد المصابين بداء السكري .و قد أوضح الباحثون في الواقع ، أن مرضى السكري الذين ينامون مدة ثماني ساعات أو أكثر يواجهون مخاطر أكثر للإصابة بالسرطان ،
وأولئك الذين يبقون في الفراش لـ 10 ساعات أو أكثر لديهم فرص متزايدة أكثرللإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
و تتماشى النتائج التي توصلوا إليها مع الاستنتاجات السابقة التي توصل إليها العلماء في جامعة كاليفورنيا University of California ،سان دييغو San Diego بأن :
أفضل مقدار للنوم بين البالغين هو سبع ساعات كل ليلة ، وأن أولئك الذين أبلغوا عن نومهم لثماني ساعات أو أكثر أو ست ساعات أو أقل قد تعرضوا لخطر وفاة متزايد بشكل ملحوظ .
و يقترح باحثون آخرون أن المدة الأكثر صحة للنوم قد تكون مرتبطة بإيقاع الساعة البيولوجية للجسم circadian rhythm - تلك الساعة البيولوجية الداخلية والتي تنظم دورات النوم والاستيقاظ ، وترتبط بجينات الفرد ، وتختلف في كل فرد.
و لكن الخبراء يتفقون على أن المقادير غير الكافية من النوم مرتبطة بمجموعة متنوعة من المشاكل الصحية الجسدية و النفسية ، بما في ذلك:
- ضعف التفكير
- و مشاكل الاستدلال
- و قصور الذاكرة
- و الاكتئاب
- و اضطرابات المزاج
- و الأمراض العصبية ، مثل مرض الزهايمر
- و زيادة مخاطر ارتفاع ضغط الدم
- و أمراض القلب و الأوعية الدموية
- و السكتة الدماغية
- و حتى الموت المبكر .
كما تعتبر قلة النوم أيضاً سبباً رئيسياً لحوادث السيارات.
إذ تشبه القيادة وأنت ناعس حالة القيادة في حالة سكر.
وفي الوقت نفسه ، يشير مقال كان قد نُشر في ديسمبر 2018 في مجلة النوم Sleep ، إلى أن الشخص الذي ينام ، في المتوسط ، أربع ساعات فقط في الليلة ، يشيخ دماغه بمقدار ثماني سنوات.
ما نعرفه و ما لا نعرفه عن النوم
يتفق العلماء على أنه لا يزال يتعين علينا تعلم الكثير عن النوم ، على الرغم من سنوات من البحث.
و من المعروف أن الدماغ يستخدم النوم لإزالة الفضلات لإزالة الفضلات الأيضية من هياكله ، بما في ذلك اللوزة التي تلعب دوراً مهماً في تغيرات المزاج والذاكرة والعاطفة.
كما يؤكد بعض الخبراء أن النوم الجيد ليلاً قد يكون بمثابة ينبوع للشباب المتجدد من خلال الحفاظ على الخلايا الجذعية للشخص في حالة سكون واسترخاء.
و يقول علماء ألمان في تقرير نشر في مجلة الطبيعة Nature ، أن النوم غير الكافي يضع ضغطاً مستمراً على الخلايا الجذعية المكونة للدم ويعزز الشيخوخة المبكرة.
كما يمكن أن يؤدي إبقاء هذه الخلايا في مستويات عالية باستمرار من الإثارة والنشاط- مثل تشغيل ماراثون واحداً تلو الآخر- إلى انهيارها وفشلها في النهاية في إصلاح تلف الحمض النووي للخلايا.
و تحدث الشيخوخة عندما يتراكم تلف الحمض النووي في الخلايا الجذعية ويضعف قدرتها الطبيعية في الحفاظ على الأنسجة السليمة بداخل الدماغ.
لذا ، فقد يكون الاقتباس المنسوب إلى مسعود برزاني Mesut Barazany صحيحاً:
" مستقبلك يعتمد على أحلامك ، لذا اخلد إلى النوم." ( ويقصد أن حياتك تعتمد بشكل كامل على صحة النوم الذي تحصل عليه ) .
النوم يعتبرعملية طبيعية ، ولكن ماذا لو لم تستطع النوم؟
إذا كانت ساعات النوم المثالية متغيرة و تختلف بين الأفراد ، فربما لا ينبغي للمرء أن يركز بشكل كبيرعلى وضع مقدار محدد لها.
فالأشخاص الذين يلتزمون بجداول نوم منتظمة ، ويمارسون عادات نوم جيدة ويستيقظون منتعشين ومنتبهين، من المرجح أنهم سيحصلون على ساعات كافية من النوم.
و في الواقع ، يجب أن يعتمد تحديد كفاية النوم و جودته على استمراريته وبنيته الأساسية ، وكذلك يعتمد على عمر الشخص وجنسه وعرقه وثقافته ، وليس على رقم محدد لمقدار ساعات النوم.
و قد يؤدي البقاء في السرير ومحاولة إجبارالشخص نفسه على النوم لمجرد تحقيق عدد معين من الساعات ، بشكل متناقض ، إلى الإصابة بالأرق ،
و هي عدم القدرة على النوم أو عدم القدر على البقاء نائمين ، أو الميل للاستيقاظ مبكراً.
و على الرغم من أن الأسباب الكامنة وراء الأرق متعددة ، إلا أنه من الممكن أن يحدث هذا الاضطراب -على أساس نفسي بحت- عندما يفكر المرء في عملية النوم ، أو القلق بشأن البقاء نائماً لفترة محددة من الوقت ، أو يصبح قلقاً ومتوتراً بشكل متزايد مع اقتراب موعد النوم.
و مثل هذا التوتر يأتي بنتائج عكسية ويثبط عملية النوم ، مما يجعل الشخص واقعاً تحت وضعية القتال أو الهروب fight-or-flight mode .
و يعاني حوالي 30% إلى 35% من البالغين في الولايات المتحدة من نوبات أرق حادة (قصيرة المدى) ، والتي لحسن الحظ ، يتم التخلص منها بطريقة طبيعية في معظم الحالات . ومع ذلك ، يعاني 10% من الأرق المزمن.
و قد تكون هذه النسب أعلى الآن بسبب فيروس كوفيد19 COVID-19 .
فقد أبلغ العلماء الصينيون الذين كتبوا في مجلة الحدود في الطب النفسي Frontiers in Psychiatry في أبريل 2020 ، عن زيادات ملحوظة في القلق العام والأرق بين الطاقم الطبي الذي يعالج مرضى كوفيد19 COVID-19 خلال الوباء الحالي.
و يقول باحثون آخرون بأن الأمر نفسه ينطبق على عامة الناس ، الذين تعطل روتينهم الطبيعي والذين عانوا من العزلة الاجتماعية ، والشكوك ، والمخاوف الصحية والمالية بسبب الفيروس.
و الجواب هو…؟
إذن ، ما الحل من أجل الحصول على نوم أفضل؟
يقول الخبراء بأن عليك في الغالب أن تغيّر سلوكك ومنظورك للعالم ، و أن تتعلم الاسترخاء وتحاول التركيز فقط على ما يجعلك هادئاً وأكثر اتزاناً .
و قد كتب عالم الكمبيوتر و الرياضيات دونالد كنوث Donald Knuth قائلاً : "أن أصعب شيء هو النوم ليلاً وذلك عندما يكون هناك الكثير من الأشياء الملحة التي يجب عليك القيام بها " .
لذا ، استخدم ساعات النهار لإنجاز هذه الأشياء التي يجب عليك القيام بها وتوقف عن التفكير فيها مراراً وتكراراً عندما تستلقي على السرير لتنام.
والأهم من ذلك أنك أنت عزيزي القارئ أفضل مقياس لما يعتبر نوماً جيداً . إنها عملية طبيعية لا تستطيع أن تُجبر نفسك عليها.
حد تعبير دون بوسنر Donn Posner العضو المؤسس لجمعية طب النوم السلوكي Society of Behavioral Sleep Medicine : " إن الأشخاص الذين ينامون جيداً لا يبذلون أي جهد للنوم على الإطلاق" .
و بالطبع واذا واجهت ذلك ، وكما يوحي عنوان الفيلم "بلا نوم في سياتل" ، فهناك نصيحة مثالية عليك باتباعها :
- تجنب التمارين الرياضية أو الكحول أو الوجبات الدسمة قبل وقت النوم مباشرة
- و ضع جدولاً يومياً منتظماً للنوم و الاستيقاظ
- و حافظ على غرفة النوم الخاصة بك باردة ،
- و خفض الأضواء ،
- و أغلق الهاتف المحمول و الأجهزة الإلكترونية الأخرى .
و لكن إذا كنت قد فعلت كل ذلك وما زلت تواجه مشكلة في النوم ، فإليك بعض النصائح الإضافية :
- بعد حوالي 15 أو 20 دقيقة من الأرق ، انهض ، وغادر غرفة النوم ، وقم بممارسة نشاط مريح مثل القراءة أو الاستماع إلى الموسيقى الهادئة حتى تشعر بالنعاس وتكون مستعداً للعودة إلى السرير لتنام.
إذ أن الاستلقاء على سريرك قلقاً محاولاً أن تنام فقط سيزيد من الأرق .
و قد كتب ديل كارنيجي Dale Carnegie في هذا قائلاً :
" إنه القلق الذي ينال منك ، وليس قلة النوم." .
- توقف عن مراقبة الساعة و أوقف عد الساعات حتى يحين وقت الاستيقاظ . و لا تقم بالنظر إلى الساعة ولا تهتم بها على الأطلاق لكي لا تصيب نفسك بالقلق.
- إذا كنت قد عانيت في ليلة سابقة من قلة النوم ، فلا تذهب إلى الفراش في وقت مبكر من مساء اليوم التالي لتعويض ذلك.
إذ من المحتمل أنك ستستلقي هناك قلقاً وتتساءل لماذا لا تستطيع النوم. و ما عليك إلا أن تلتزم بجدولك المعتاد وروتينك اليومي .
و أخيراً....
تذكر أنك أنت أفضل حل لتلك الليلة السيئة التي عانيتها ،وأن قوة النوم الجيد متاحة بداخلك ، فقط تعلم كيف تستخدمها.
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
ديباك شوبرا - 5 عادات جوهرية حاسمة لـ النوم المريح
ساعات النوم الضائعة لا يمكن تعويضها نهاية الأسبوع
النوم السيئ لليلة و احدة قد يؤدي إلى زيادة مستويات بروتين ألزهايمر