بكتيريا الأمعاء و تشخيص مرض السكري
أظهرت دراسة أجريت على أكثر من 4000 شخص أن بكتيريا الأمعاء تتذبذب و تتأرجح على مدار اليوم وأن هذا يحدث بدرجة أقل في الأشخاص المصابين بالنوع الثاني من داء السكري. و من المحتمل أن يستخدم الأطباء هذه الأنماط للتنبؤ بمرض السكري وتشخيصه .
و من المعروف أن الإيقاعات اليومية ، التي يشير إليها الناس أحيانًا باسم "الساعة البيولوجية للجسم Circadian rhythms " ، تقوم بتنظيم أنماط النوم واليقظة ودرجة الحرارة وضغط الدم ، من بين عوامل أخرى.
و من المحتمل أن تتطور هذه الإيقاعات البيولوجية اليومية لتنسجم مع الضوء وتوافر الغذاء ، ولكنها تنظم أيضاً عمليات الاستقلاب الغذائية الداخلية.
و تعتبر إيقاعات الساعة البيولوجية مهمة لصحة الإنسان ، و يعتقد الخبراء أن اضطرابها على المدى الطويل له عواقب سلبية مختلفة.
و تشمل الآثار الصحية المحتملة السمنة و داء السكري من النوع 2. كما تشير مجموعة متزايدة من الأدلة إلى وجود صلة بين الاضطراب اليومي للساعة البيولوجية ومقاومة الأنسولين insulin resistance.
بناءً على ذلك ، فقد أظهرت دراسة جديدة نشرت في مجلة المضيف الخليوي و الميكروب Cell Host & Microbe أن مرض السكر مرتبط أيضاً بالتغيرات في الإيقاعات اليومية daily rhythms لميكروبات الأمعاء .
و قد أظهر فريق من الباحثين الذين تقودهم الجامعة التقنية في ميونيخ Technical University of Munich في ألمانيا أن الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع 2 لديهم تقلبات و تذبذبات يومية أقل في بعض بكتيريا الأمعاء وأن هذه التغييرات قد تساعد في التنبؤ بالحالة و تشخيصها .
إيقاع الميكروبيوم :
عرف العلماء لسنوات عديدة ، أن الساعة البيولوجية ضرورية بالنسبة لعلم وظائف الأعضاء البشرية human physiology . ومع ذلك ، فهم لم يكتشفوا دورها فيما يتعلق بالميكروبيوم إلا مؤخراً ، و المعروف عن الميكروبيوم بأنه مجتمع من البكتيريا والفيروسات والفطريات التي تعيش في الناس وعلى الناس - على سبيل المثال ، على الجلد أو في الأمعاء.
و تظهر الدراسات الحديثة ، على سبيل المثال ، أن مجتمع بكتيريا الأمعاء يتقلب خلال النهار ، تماماً مثل العمليات اليومية الأخرى.
و يعتقد بعض الباحثين أن هذه التغييرات المنتظمة للميكروبيوم مفيدة على الأرجح وأن فقدان هذا الإيقاع اليومي يمكن أن يساهم في الاضطرابات الأيضية ، وربما يفسر العلاقة بين الإيقاعات اليومية ومرض السكري.
و للتحقيق في المزيد مما توصل إليه الباحثون ،فقد بدأ الفريق بتحليل الميكروبيومات لما يقرب من 2000 شخص على مدار 24 ساعة. حيث أكدت نتائجهم التذبذبات المنتظمة لبكتيريا الأمعاء.
ثم قاموا بالتركيز على الدراسة لتشمل فقط الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات في عمليات الاستقلاب الغذائية ، بما في ذلك السمنة (و التي تعرف على أنها مؤشر كتلة الجسم body mass index ، أو مؤشر كتلة الجسم BMI من 30 أو أعلى) ، و مقدمات مرض السكري prediabetes ، ومرض السكري من النوع 2 type 2 diabetes .
و وجد الباحثون أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة والسكري من النوع 2 كانوا قد فقدوا الأنماط الإيقاعية لبكتيريا الأمعاء الخاصة بهم . كما لاحظوا تغييرات معينة في بكتيريا الأمعاء لدى مرضى السكري.
أداة تشخيصية جديدة؟
باستخدام مجموعة بيانات تعود لـ 2039 شخصاً ، بدأ الفريق في الكشف عن تغييرات معينة في الميكروبيوم يمكن أن تعمل كمؤشرات حيوية لتشخيص مرض السكري من النوع 2.
و يقول سيلك كيسلينج Silke Kiessling ، مؤلف مشارك في الدراسة : "عندما لا تقوم بعض بكتيريا القناة الهضمية باتباع إيقاع الليل والنهار ، و إذا لم يتغير عددها ووظيفتها على مدار اليوم ، فقد يكون هذا مؤشراً على الإصابة ب [مرض السكري من النوع 2]"
فقد وجد الباحثون 13 نوع من البكتيريا لم تتغير خلال النهار لدى مرضى مصابين بالسكري.
و قد استخدموا هذه البكتيريا لتدريب نموذج رياضي لاكتشاف ما إذا كان الشخص مصاباً بمرض السكري.
تقول ساندرا ريتميير Sandra Reitmeier ، الكاتبة الأولى لهذا البحث أن : " النماذج الرياضية تظهر أيضاً أن توقيع المخاطر الميكروبية هذا الذي يتألف من بكتيريا غير متجانسة يساعد في تشخيص مرض السكري".
و عندما قام الباحثون باختبار النموذج على مجموعة جديدة من 699 شخصاً ، وجدوا أن النموذج كان قادراً على التنبؤ ليس فقط بمن تم تشخيصهم بداء السكري من النوع 2 ولكن أيضاً من هم عرضة لخطر الإصابة بالحالة أو تطويرها.
و قد كان النموذج أكثر فعالية عندما تم ربطه مع مؤشر كتلة الجسم ، مما يؤكد أهمية السمنة في ظهور مرض السكري .
و يضيف الأستاذ الدكتور ديرك هالر Dirk Haller أنه و : "بصرف النظر عن البكتيريا واختلافاتها على مدار اليوم ، تلعب العوامل الأخرى المتغيرة في التجربة ، مثل مؤشر كتلة الجسم [BMI] ، دوراً في القدرة على التنبؤ بشكل أفضل بالحالات الطبية المستقبلية للشخص".
سبب أم تأثير؟
تظهر النتائج حتى الآن ارتباطاً واضحاً بين الاختلافات اليومية في الميكروبيوم و السكري من النوع 2 ، إلا أنها لا تعترف بأي شيء عن سبب ارتباط الاثنين.
و قد حاول الباحثون في الجزء الأخير من دراستهم ، الإجابة عن هذا السؤال من خلال النظر في التغييرات في عملية الاستقلاب الغذائية. حيث وجدوا 26 مساراً استقلابياً مرتبطاً بنقص الإيقاع الميكروبي.
كما اكتُشف أن العلاقة ذاتها موجودة بالنسبة لـ 19 من هذه المسارات (73%) في مجموعة منفصلة من الأشخاص المصابين بالنوع 2 من داء السكري. حيث تضمنت هذه المسارات العديد ممن يعرف بأنها تؤثرعلى حساسية الأنسولين.
و تشير هذه المسارات الأيضية الشائعة إلى أن الحالتين متصلتان وظيفياً ،و ذلك على الرغم من أنه من السابق لأوانه القول ما إذا كان الميكروبيوم المعطل يسبب بالفعل مرض السكري.
و في حين أن العلماء لا يفهمون تماماً العلاقة الكائنة بين الميكروبيوم ومرض السكري ، إلا أن نتائج هذه الدراسة تشير إلى أن درجة المخاطر الميكروبية يمكن أن تكون طريقة جديدة لتشخيص ظهور أو بداية مرض السكري من النوع 2 والتنبؤ به.
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
فهم مرض السكري من النوع 2 Type 2 diabetes