هل تشعر بالارتباك والحيرة عند قراءة المقالات أو الكتب؟
هل حدث أن قرأت مقالاً ينصحك فيه أحد الأشخاص بالقيام بالأمر (س)، ثم لم تلبث أن قرأت مقالاً آخر يخبرك بوجوب تجنب القيام بـ (س) تحديداً.
وعوضاً عن ذلك، يجب أن تفعل (ص)؟ نعم، هناك الكثير من النصائح التي تتناقض مع بعضها البعض بما لا يدع لك مجالاً للاختيار.
و لا عجب في أن هناك الكثير من القراء والأشخاص الذين أعمل معهم و الذين غالباً ما يكونون مرتبكين عندما يقرؤون كثيراً.
و أذكر أن أحد القراء كان قد أرسل لي مؤخراً عبر البريد الإلكتروني يقول ما يلي :
" لقد بحثت كثيراً على الإنترنت فوجدت أن هناك العديد من المقالات التي تتناقض مع بعضها البعض .
حيث تعتبر بعض المقالات أن استخدام الهاتف الذكي أمراً صحياً لأنه مفيد للدماغ.
في حين أن آخرين يعتبرون استخدامه مضراً بسبب الأشعة الصادرة عنه."
و لا ريب أنك ستجد الآلاف من هذه الأنواع من التناقضات إذا بحثت عنها.
غير أن هناك بعض الأشياء المعينة التي لا تربطها أي علاقة ببعضها البعض. والمثال أعلاه يعد دليلاً على ذلك.
و قد يقول شخصٌ ما أن الهواتف الذكية تجعلك أكثر ذكاءً. هل ذلك صحيح بالفعل ؟ بالطبع.
فهناك العديد من الوسائل التي يمكنك من خلالها استخدام الهاتف الذكي لتدريب دماغك وتتعلم مهارات جديدة من خلالها .
ولكن هل هذا يعني أن الجهاز ذاته جيد؟ إنني أعتقد أن القائل لم يقصد هذا بقوله .
وفي الواقع، بوسع الهاتف الذكي أن يكون مشتتاً للانتباه كثيراً، هذا إن لم يكن ضاراً. و هكذا فإن الأمر يتوقف برمته على كيفية استخدامنا للشيء.
من المعلوم أن حياتنا باتت معقدة ، كما أن ثمة القليل فقط من الأشياء الواضحة فيها.
و في الواقع، فهناك الكثير من النصائح المتناقضة. لذا يجب أن تكون قادراً على النظر إلى الأشياء بموضوعية. بل دعني أخبرك ، بإيماني بضرورة أن تكون متشككاً.
لا تصدق كل ما تقرأه وتسمعه وتشاهده :
إنني أعتبر نفسي شخصاً متشككاً للغاية. فالناس ببساطة ليسوا صادقين على الدوام.
و لا يملكون كل الإجابات. و هناك العديد من الأمثلة على ذلك.
فقد قرأت مؤخراً عن رجل ألماني / هولندي كان قد ألهم الآخرين للتغلب على الاكتئاب.
وقد حاول هذا الرجل ذات مرة الانتحار، و فقد ساقيه في هذه المحاولة.
بعد ذلك، تسلل الضوء إلى قلبه، وقام بتأليف كتابين عن كيفية "تغلّبه" على الاكتئاب ولم يلبث أن بدأ في التبشير بالإنجيل.
إلا أن الخبر الصادم يكمن في أن هذا الرجل قد قام مؤخراً بقتل نفسه.
إنه لأمرٌ محزن. و أنا لا أشكك في إرثه و مساعيه. فربما ساعد الآخرين حقاً.
بيد أننا يجب أن نكون صادقين هنا، فالرجل الذي أنقد الآخرين من الانتحار؛ انتحر.
لذلك، لا يجدر بنا أن نقدس الأشخاص . لأنك و في الوقت الذي تصنع فيه للناس أصناماً و تعاملهم كآلهة، تفقد احترامك لذاتك.
و هنا سأقول لك شيئاً هاماً : بغض النظر عن خلفيتك أو عرقك أو جنسك - لا أحد أفضل منك.وأنت لست أفضل من الآخرين كذلك .
إنني أرى الحياة على هذا النحو. ولهذا أيضاً لا أصدق ما أراه. فالناس يكذبون طوال الوقت لإظهار أنهم أفضل من الآخرين.
كيف يمكنك التعامل مع النصائح بشكلٍ عام :
بغض النظر عما إذا كان الناس يحبون الاعتراف بذلك أم لا؛ فإن معظم النصائح و الأبحاث و النظريات ما هي إلا مجرد آراء.
و كما قال الفيلسوف الشهير فريدريك نيتشه:"لا توجد هناك حقائق، و إنما هناك تأويلات."
و لا ريب أن هناك القليل من الحقائق الصادقة في الحياة. والحقيقة الواحدة التي لا يمكن دحضها هي أننا سنموت جميعاً .
والشيء الآخر أننا ينبغي ألا نتجاهل قوانين الفيزياء. لأنني إذا قمت بالقفز من سيارة تسير بسرعة 90 ميلاً في الساعة، لن أبقى على قيد الحياة. هكذا فإنه من الصعوبة بمكان أن يجادل أحدٌ في ذلك.
ولكن عندما يتعلق الأمر ببدء حياة مهنية، والبقاء سعيداً، والتطوير من ذاتك، وإدارة عمل تجاري، وكل الأشياء الأخرى التي تخضع للجدال والنقاش، فلا يعدو كل ما يتعلق بهذه الأمور أن يكون مجرد آراء فردية أو جماعية.
فأنا أتذكر ذلك دائماً عندما أقرأ مقالات مثل هذه، أو أطالع كتباً غير خيالية، أو استمع إلى ملفات صوتية، أو أجري محادثات مع أشخاص آخرين. فهم مثلنا – لا يملكون كل الإجابات، ويسعون لإماطة اللثام عن الأشياء.
و حتى لو اعتقدوا أنهم يعرفون كل شيء، فهم لا يعرفون.
و خلاصة القول..
إذا أردت أن تظل عاقلاً و تفعل الصواب؛ فلا تصدق ما تراه على نحو أعمى . بل انظر إلى موقفك الشخصي و اكتشف ما يناسبك وحدك. و اعلم أنه بصرف النظر عن الحقائق الثابتة في الحياة، فإن معظم الأشياء ذاتية.
فلا توجد إجابة مباشرة للتعامل مع هذا التحدي ، كما أن تناقض النصائح ليس بالضرورة أمراً سيئاً. وإنما تكمن الأهمية في كيفية ترجمة هذه النصائح إلى العالم الحقيقي.
لذا ، فإن كل ما عليك فعله هو: الولوج إلى قلب الأشياء ورؤية الصورة الأكبر.
وهذا هو في الواقع الشيء الرئيسي الذي استفدته من الحصول على شهادة أكاديمية.
إذ أنني لا أتذكر أي شيء من النصائح التي قدموها لي باستثناء أن أنظر إلى كل مشكلة من وجهات نظر مختلفة وأن أُخضع كل شيء للاختبار.
وحتى إذا فعلنا كل ذلك، فلا يمكننا أبداً أن نعرف أننا على صواب بنسبة 100%.
ولكن طالما أننا نبقى منفتحين على النظريات ووجهات النظر الجديدة، فسنستمر في التعلم.
واعلم أن هذا لن يجعلنا أقل انغماساً في الأخطاء فحسب، بل إنه سيجعل الحياة أكثر متعة أيضاً.
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
تطوير الذات : 7 من أفضل النصائح في التنمية الذاتية
حقق توازن الشخصية : 3 أنواع من الكمالية (السعي لـ الكمال) - فقط واحدٌ منها جيد