يمكن أن يقلل السيروتونين Serotonin من شدة العدوى التي تسببها بكتيريا إي كولاي أو157 (E. coli O157).
و الذي يعتبر سبباً شائعاً للإصابة بـ التسمم الغذائي، وهذا ما يثير الاحتمال المثير للاهتمام ، وذلك أن الأطباء يمكنهم استخدام الأدوية التي تعمل على تعزيز مستويات السيروتونين.
مثل البروزاك Prozac ، الذي يستخدم في علاج الالتهابات البكتيرية في الأمعاء.
و يمكن أن يتسبب تناول الطعام أو الماء الملوث ببكتيريا Escherichia coli (E. coli) O157 في الإصابة بالتسمم الغذائي الحاد الذي قد يكون مميتاً في بعض الأحيان، و تشمل أعراضه الإسهال الدموي وآلام البطن والحمى.
وتقوم E. coli O157 وسلالات بكتيريا الإي كولاي E. coli الأخرى المسببة للأمراض، بإنتاج مادة سامة قوية تسمى شيغا Shiga.
و تقدر المعاهد الوطنية لأمراض الحساسية والأمراض المعدية National Institutes of Allergy and Infectious Diseases أن الإي كولاي E. coli المنتجة لسموم شيغا (Shiga ).
تسبب حوالي 265,000 إصابة بالتسمم كل عام في الولايات المتحدة، كما يقدرون أيضاً أن الإشريكية القولونية (الإي كولاي) O157 تتسبب في 36% من هذه العدوى.
لا تنصح منظمة الصحة العالمية (World Health Organization (WHO باستخدام المضادات الحيوية لعلاج عدوى E. coli O157،حيث تشير إلى أن المضادات الحيوية قد تجعل العدوى أسوأ وتزيد خطر حدوث مضاعفات.
و تشير الأبحاث في جامعة تكساس (UT) وجامعة ولاية كانساس Kansas State University في مانهاتن Manhattan،كانساس، إلى أن الأدوية التي تعزز مستويات السيروتونين.
مثل مضادات الاكتئاب البروزاك (فلوكستين fluoxetine)، يمكن أن تكون بمثابة علاجات محتملة تساعد في معالجة التسمم الغذائي.
حيث اكتشف العلماء والباحثين أن السيروتونين "يعيد برمجة" الإشريكية القولونية (بكتيريا الإي كولاي) O157، لكي تقوم بإنتاج عدد أقل من السموم، مما يقلل من شدة العدوى.
وتقول الدكتورة فانيسا سبيرانديو Vanessa Sperandio الحاصلة على درجة الدكتوراه، وأستاذة علم الأحياء الدقيقة والكيمياء الحيوية في مركز يو تي ساوث ويسترن الطبي UT Southwestern Medical Center، وكبير مؤلفي الدراسة الجديدة :
"من الممكن أن يكون علاج الالتهابات البكتيرية، وخاصةً التي تصيب الأمعاء أمراً صعبًا للغاية"
وتتابع قائلة أيضاً : "إذا استطعنا إعادة استخدام البروزاك أو أدوية أخرى في نفس الفئة، فقد يمنحنا هذا سلاحاً جديداً لمكافحة هذه العدوى التي من الصعب علاجها".
و الجدير بالذكر أن العلماء قاموا بنشر نتائج أبحاثهم الخاصة بالتسمم الغذائي في مجلة المضيف الخليوي و الميكروب (Cell Host & Microbe).
إحساس الأمعاء :
يعرف العلماء كيفية عمل السيروتونين في الدماغ، فهو يقوم بتمرير الإشارات بين الخلايا العصبية، و يساعد على تنظيم النوم و تحسين المزاج، و ذلك من بين وظائف أخرى.
إلا أن الأمر الذي لا يعرفه الكثير بخصوص هذا الموضوع هو أن القناة الهضمية تعتبر موطناً لـ 95% من السيروتونين الموجود في الجسم.
حيث تتحكم في حركة الأمعاء و تؤثر على الشهية كجزء من الجهاز العصبي المعوي.
وتوضح الدراسات أن التغييرات التي تحدث في الكائنات الحية الدقيقة الموجودة في الميكروبات، تؤثر على السلوك بشكل كبير وترتبط بالأمراض العصبية، مثل التوحد autism، وذلك وفقاً لمجلة المضيف الخليوي و الميكروب Cell Host & Microbe
و تعتبر الغالبية العظمى من الكائنات الحية الدقيقة التي توجد في الميكروبات بكتيريا "صديقة" مفيدة ولها فوائد صحية، كتعزيز المناعة، كما يؤثر البعض الآخر على مستويات الناقلات العصبية، بما في ذلك السيروتونين في الأمعاء.
و لكن العلماء لا يعرفون سوى القليل عن كيفية تأثير السيروتونين على بكتيريا الأمعاء المسببة للأمراض.
ولمعرفة المزيد، قام الباحثون بزرع الإي كولاي E. coli المسبب للتسمم في أطباق بتري المسطحة Petri dishes في المختبر وتعريضهم للسيروتونين، وتم اكتشاف أن الناقل العصبي يثبط سرعة بعض الجينات في البكتيريا، مما يقلل من قدرتها على التسبب في العدوى.
و قد أظهرت بعض التجارب الأخرى أن الإي كولاي التي تم علاجها بالسيروتونين كانت أقل قدرة على إتلاف الخلايا البشرية التي تنمو في المختبر.
فئران البروزاك :
كانت الخطوة التالية هي التحقيق في كيفية تأثير السيروتونين على ضراوة البكتيريا في العائل (المضيف) الحي، وللقيام بذلك قام العلماء بتعديل الفئران وراثياً لإنتاج الكثير من السيروتونين في أمعائهم ومقارنتها بالفئران التي لم يتم تعديلها وراثياً .
ثم قاموا بنقل العدوى ببكتيريا (C. rodentium) لكلا النوعين من الفئران ، وهي تعادل الإي كولاي E. coli في الفئران.
و أوضحت النتائج أن البكتيريا كانت أقل استيطاناً في الفئران التي أنتجت السيروتونين بشكل مفرط ، أو أنها تسببت في حدوث التهابات أخف . وعلى النقيض من ذلك ، فقد كانت الفئران التي لم تنتج الكثير من السيروتونين أكثر عرضة للإصابة بالعدوى الشديدة ، وتوفي الكثير منها .
وعندما قام الباحثون بإعطاء الفئران التي تتمتع بالصحة جرعات من الفلوكستين من أجل زيادة مستويات السيروتونين، ظهر أنه يحميهم من عدوى الإصابة بالبكتيريا من نوع الـ C. rodentium.
و قد حددت الجولة الأخيرة من التجارب أن السيروتونين يرتبط بمستقبل بروتين يسمى CpxA في كل من E. coli و C. rodentium.
فعندما يرتبط السيروتونين بـ CpxA ، فإنه يعمل كمفتاح ، ويوقف سرعة تدفق الجينات الخبيثة في البكتيريا.
و لاحظ الباحثون في مذكراتهم أن العديد من أنواع بكتيريا الأمعاء، بما في ذلك مسببات الأمراض مثل (السالمونيلا، Yersinia enterocolytica ، و Shigella disenteria )، تمتلك أيضاً مستقبلات CpxA، لذلك فقد يساعد السيروتونين في ترويضهم وعلاجهم أيضاً.
و تخطط سبيرانديو Sperandio وزملاؤها للتحقيق في كيفية استخدام الأطباء للعقاقير الأخرى التي تغير مستويات السيروتونين كعلاجات جديدة للعدوى البكتيرية المعوية.
محور الأمعاء و الدماغ :
يضيف عمل الباحثين دليلاً على أن البكتيريا تلعب دوراً مهماً و محورياً في محور الأمعاء و الدماغ ، حيث أن الاتصال المتبادل بين الدماغ و الجهاز الهضمي ثنائي الاتجاه، و بالتالي تؤثر البكتيريا على صحتنا البدنية والعقلية.
و يعد المستقبل CpxA أيضاً المستقبل لجزيء يسمى الإندول indole الذي تستخدمه البكتيريا لإرسال رسائل إلى بعضها البعض.
و يتشابه الإندول والسيروتونين هيكلياً، ولكن تشير بعض الأبحاث إلى أن الإندول الذي تنتجه بكتيريا الأمعاء يمكن أن يتراكم في الدماغ، مما يؤثر على المزاج والسلوك.
و اختتم المؤلفون في أوراق بحثهم قائلين :
" الأهم من ذلك، إن حقيقة أن البكتيريا لديها مستقبلات للناقلات العصبية، تفتح مجموعة واسعة من الاحتمالات حول كيفية عمل محور الأمعاء والدماغ كطريق ذو اتجاهين بين الميكروبات و مضيفيها من الثدييات."
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
كل ما تريد معرفته حول التسمم الغذائي