كيف يمكنك البقاء على اطلاع دون السماح للأخبار بالتأثير على صحتك العقلية؟
و كيف تستطيع الحد من استهلاكك لـ الأخبار مع البقاء على الاطلاع على الأحوال العامة؟
مع وجود العالم في حالة من عدم اليقين و الشك ، فلابد و أن جمع المعلومات هو إحدى الطرق للشعور بالتحكم.
إلا أن الإفراط في استهلاك الأخبار - خاصة السيئة منها - قد لا يكون في صالح صحتك العقلية. من أجل ذلك ، كيف يمكنك الحد من تناولك للأخبار مع البقاء على علم بما يحصل ؟
لقد قمنا بالتواصل مع طبيبة الطب التكاملي في كلية الطب بجامعة هارفارد أديتي نيروركار Aditi Nerurkar ، الحاصلة على درجة الدكتوراه في الطب ، ودرجة الماجستير في الصحة العامة MPH
و في مقالنا هذا تشرح نيروركار السبب الكامن وراء اضطرار الناس إلى قراءة الأخبار الآن ، بالإضافة إلى أهم نصائحها للحد من استهلاك الأخبار المتعلقة بكوفيد19 COVID-19.
ما السر وراء انجذابك إلى الأخبار في وجود الأزمات ؟
يعتبر الحفاظ على الذات (و المعروف باسم الاستجابة للقتال أو الهروب) عملية طبيعية وبيولوجية.
و تقول نيروركار: " إننا كبشر ، نحتاج إلى أن نكون على علم بما حولنا من أجل حماية أنفسنا". و لهذا السبب في الغالب و حتى عندما تكون الأخبار سلبية ، نشعر بأننا مضطرون لقراءتها.
و مما لا شك فيه أن البقاء على اطلاع دائم أمر مهم ، ولكن عندما تبدأ في النظر إلى الأخبار لمدة ثلاث ساعات أو أكثر في اليوم ، فإن هذا سيؤدي بك إلى حالة سيئة من عدم التكيف ، مما يعني أن ما بدأ كأمر مفيد ، سيصبح فجأة شيئاً ضاراً.
و تقول نيروركار: "بإمكانك التفكير في الأمر تماماً كالتمرين ، فهو لابد و أنه جيد ، ولكن إذا قمت بالتدرب لساعات متتالية ، فإنه سيصبح أمراً غير صحي".
و وفقاً ل نيروركار Nerurkar فمن المحتمل أنك تتعرض فعلياً إلى حالات شديدة و قاسية من التوتر في الوقت الحالي ـ لذلك ، فإن استهلاك الأخبار المتعلقة بكوفيد19 COVID-19 بشكل زائد - بغض النظر عن تعريفك لذلك - سيزيد فقط من استجابتك للتوتر.
وتقول نيروركار : " لابد و أن إبقاء استخدامك لوسائل الإعلام تحت السيطرة سيساعدك على إبقاء توترك تحت السيطرة ، فإذا أصبح الناس مشغولين بالأخبار لمدة تتراوح من ثلاث إلى خمس ساعات في الوقت الحالي ، فمن المحتمل أن صحتهم العقلية ليست على مايرام ".
لذا ، كيف يمكنك الحد من تداولك للأخبار على نحو فعال؟
و يكون ذلك من خلال تطبيقك لمبدأ الأبوة على نفسك ، و ذلك من خلال الطريقة ذاتها التي تقيد بها وقت مشاهدة طفلك الزائد لشاشة التلفاز . و على الرغم من عدم وجود مقدار "صحيح" من الوقت تقضيه في استهلاكك للأخبار ، إلا أن ساعة واحدة في اليوم تعد أمراً معقولاً بشكل عام - على ألا تكون مجموعة بكاملها في جلسة واحدة.
و في سبيل مساعدتك على تقسيم استهلاكك للأخبار ، توصي نيروركار Nerurkar بأسلوبين مختلفين : أحدهما يعتمد على الوقت و الآخر يعتمد على المصدر:
1- على أساس الوقت: لممارسة الأسلوب المعتمد على الوقت في تناول الوسائط الاجتماعية، فإنني أنصحك عزيزي القارئ أن تقوم بضبط المؤقت على هاتفك في كل مرة تجلس فيها لقراءة الأخبار أو مشاهدتها.
و اختر مقداراً معيناً من الوقت - سواء أكان ذلك 20 دقيقة ، أو ثلاث مرات يومياً ، أو 15 دقيقة ، أربع مرات يومياً - ثم التزم بذلك .
و تفيدنا نيروركار : "مرة أخرى ، إن هذا يتطلب ممارسة أساليب الأبوة على نفسك ".و تضيف : "إنني أعلم تماماً أن التوقف سيكون أمراً صعباً و شاقاً و خاصة عندما ينفجر مؤقت الهاتف معلناً نهاية حصتك اليومية من الأخبار ."
2- القائم على المصدر: لممارسة الأسلوب القائم على المصدر في تناولك للوسائط الاجتماعية ووسائل الإعلام ، عليك أن تختار منصتين من أجل القراءة ، والتزم بهما - و هنا أنصحك ألا تنحرف إلى المنافذ الأخرى لوسائط الإعلام .
و عادة ما تتم ممارسة هذا الأمر بشكل أفضل مع الوسائط المكتوبة ، إذ من الممكن أن يكون من الصعب إيقاف تشغيل التلفزيون.
و تقول نيروركار : " لابد و أن هذا من أصعب الأمور في مثل هذه الأوقات ، و ذلك لأنك تريد حقاً أن تكون على دراية بما يحدث في العالم".
لذلك ، و من أجل الحصول على مصادر معلومات متنوعة في الوقت الحالي ، فقد تكون القيود المستندة إلى الوقت قابلة للتنفيذ بشكل أكبر.
و هناك طرق أخرى لتقليل استهلاك الوسائط الاجتماعية والإخبارية ، وهي تتضمن :
1- قم بنقل هاتفك إلى خارج غرفة نومك. وهنا تقول نيروركار: "لا تنم بوجود أي أجهزة في غرفتك، و قم بوضعها في الحمام أو في غرفة المعيشة حتى لا تشعر بالإغراء لقراءة الأخبار بمجرد أن تستيقظ."
و من ثم ابدأ يومك بشيء من الاسترخاء ، مثل تمارين التمدد، أو التأمل ، أو خذ الوقت الكافي لإعداد وجبة إفطارك .
2- إزالة هاتفك من مساحة العمل الخاصة بك. تقول نيروركار : "من الممكن أن يكون إنشاء فصل أو عزل مادي عن مصدر الأخبار الخاص بك أمراً مفيداً".
3- قراءة الأخبار في وقت مبكر من المساء ، وليس قبل النوم. و تفيدنا نيروركار : "إن الحصول على ما يكفي من الوقت للقيام بشيء يبعث على الاسترخاء بعد قراءة الأخبار يمكن أن يساعد في تهدئة استجابتك للتوتر. و لذلك يمكنك ممارسة الرياضة أو اليوجا أو أن تقرأ كتاباً."
و خلاصة القول ….
على الرغم من أن الأخبار ذات قيمة كبيرة للغاية ، إلا أن قراءة الكثير منها في الأوقات العصيبة يمكن أن يؤثر على الصحة الجسدية والعقلية - وهو بالضبط ما نريد حمايته الآن.
وتختتم نيروركار قائلة : "هناك العديد من الطرق التي يمكننا من خلالها حماية صحتنا في الوقت الحالي،مثل التحدث مع الأصدقاء عن شيء آخر غير الوباء ،و الضحك ،و التمرين ، إضافة إلى الحد من - وليس الامتناع عن - مشاهدة الأخبار".